يقول دبلوماسي أميركي سابق إن أفضل طريق لخروج العراق من الركود السياسي الحالي هو إجراء انتخابات أخرى، واصفاً الموقف الأميركي من القصف الذي طال أربيل بأنه صدم الكثيرين.
وعن التنافس على منصب رئيس جمهورية العراق، يقول أندرو بيك إن من حق الحزب الديمقراطي الكوردستاني التمسك بمرشحه نظراً للأصوات التي حصدها الحزب.
وأشار النائب الأسبق لمساعد وزير الخارجية الأميركي، أندرو بيك، في حوار خاص مع شبكة رووداو الإعلامية إلى أن القرارات الأخيرة التي أصدرت مؤخراً بخصوص نفط وغاز إقليم كوردستان كانت في الغالب للضغط على أربيل، وأن الحل لهذه المسألة يكمن في الرجوع إلى الخلف بنحو سنة من الآن.
وكان أندرو بيك يشغل خلال الفترة (2019-2020) منصب مدير عام شؤون الدول الأوروبية في مجلس الأمن القومي الأميركي، وشغل قبل ذلك في الفترة (2017-2019) منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق وإيران، حيث كان يتابع الوضع في العراق والسياسة الأميركية في العراق والحوار بين أربيل وبغداد، ويعمل بيك حالياً باحثاً في قسم الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي للولايات المتحدة، وهو مركز أبحاث ذو نفوذ في مجال الشؤون الدولية ويُعد منتدى للزعماء السياسيين الدوليين ورجال الأعمال والمثقفين. يُدير المجلس 10 مراكز إقليمية وبرامج عملية لها علاقة بالأمن الدولي والازدهار الاقتصادي العالمي.
وأدناه نص الحوار الذي أجرته شبكة رووداو الإعلامية مع النائب الأسبق لمساعد وزير الخارجية الأميركي، أندرو بيك:
رووداو: تواجه العملية السياسية في العراق أزمة كبرى نتيجة فشل الأطراف السياسية العراقية في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة. هل تعتقدون أن الأطراف السياسية العراقية ستتمكن قريباً من الاتفاق على خارطة طريق جديدة يتفقون عليها ويشكلون الحكومة وفقاً لها؟
أندرو بيك: لا أعتقد ذلك. أنا أرى أن العملية السياسية العراقية تواجه الآن ركوداً وموعد الخروج منه غير معلوم. يمكن للمرء أن يلمس ذلك الركود من المنشورات التي تنشر في بغداد، وخاصة من بيانات القوى الشيعية وبالأخص تلك التي يصدرها مقتدى الصدر. أنا أعتقد أن أفضل حل يمكن أن يأمله الجميع حالياً هو إجراء انتخابات جديدة والعمل على أن يكون هناك قانون جديد للانتخابات.
رووداو: كيف ينبغي أن يتعامل الكورد مع الوضع الراهن؟ لكون أغلب المشاكل هي بين الأطراف الشيعية نفسها وليس مع الكورد؟
أندرو بيك: في الحقيقة، للكورد دور مهم. فكما نعلم، يجب أن يكون رئيس الجمهورية كوردياً، والكورد هم من يقرر من الذي يريدون أن يصبح رئيس الجمهورية ويحل محل برهم صالح. من الصحيح أيضاً أن الأطراف السياسية الكوردية أيضاً ليست متساوية، فمقاعد الحزب الديمقراطي الكوردستاني أكثر بكثير من مقاعد الاتحاد الوطني الكوردستاني، وبفضل هذه النتيجة والاستحقاق الانتخابي يجب أن تكون للحزب الديمقراطي الكوردستاني كلمته في تحديد من سيكون الرئيس الجديد لجمهورية العراق. كذلك، فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يشك في خطوات إيران، ونتيجة لمواقف الصدر الأخيرة من إيران، أصبح الاثنان شريكين طبيعيين في العملية، ولهذا سيكون للحزب الديمقراطي الكوردستاني دور مهم في مستقبل العملية السياسية.
رووداو: أشرتم إلى مقتدى الصدر، فكيف تجدون تزايد قوة الصدر في السنوات الأخيرة وهو الآن معروف بمعارضته للنفوذ الإيراني في العراق؟
أندرو بيك: كان لمقتدى الصدر وجوده على مدار 20 سنة الأخيرة في كامل الخريطة السياسية العراقية، وبدون الأخذ بكونه مع أو ضد إيران. كان قومياً، ثم أصبح سياسياً حليفاً لإيران وخامنئي وحصل مقابل ذلك على المال والسلاح لضرب القوات الأميركية. هكذا كانت له مواقف مختلفة في الفترة الماضية. لكني أراه رغم ذلك لاعباً سياسياً ذكياً، وقد شعر في 2019 وربما قبل ذلك بأن النفوذ الإيراني في العراق وسيطرة طهران على العراق من خلال الميليشيات قد توطدت لدرجة تعيق تقدم العراق، بينما يفتقر الشباب العراقي إلى فرص عمل والحكومة عاجزة عن اتخاذ قرارات صحيحة تصب في مصلحة العراقين. والآن يرى الصدر تلك الفرصة السياسية في تلك الزاوية (معاداة إيران) وهو إلى جانب ذلك عراقي حقيقي وهذا هو سر قوة مكانته.
رووداو: ليس لإدارة بايدن الآن دور قوي في العراق، ولا تشغل نفسها كثيراً بحديث عن الأحداث السياسية العراقية. ما سبب ذلك؟
أندرو بيك: كانت سياسية الابتعاد عن العراق من جانب أميركا خاطئة للغاية. أنا أفهم لماذا تنتهج هذه السياسة، فهم داخل الإدارة يرون أن تدخلهم يلحق الضرر بأصدقائهم وحلفائهم داخل العراق ويلحق الأذى فقط بالمعارضين لإيران. لكن هذا رأي سيء، لأن العراقيين يرون فقط المشكلة في النظام السياسي لبلدهم وأن إيران متواجدة في كل ركن ببلدهم، ويتساءلون عن الطرف المستفيد من ذلك النظام وعن الذي يعارضه؟ لمسنا هذا في آذار الماضي عندما استهدفت أربيل بصواريخ قادمة من إيران. عندها لم نلمس موقفاً يذكر من جانب أميركا، وهذا في الواقع صدم الكثير من الأطراف أن تقوم دولة بقصف جارتها بالصواريخ ولا تحرك أميركا ساكناً. اللافت للنظر بدرجة أكبر، هو أن أي وفد أميركي رفيع المستوى لم يزر العراق أو كوردستان الذي هو إقليم آمن جداً. أعتقد أن مواصلة هذه السياسية ستضر أميركا، لأن بإمكانها أن تعمل على تحديد النفوذ الإيراني وتقول للعراقيين إنها تتابع التطورات في العراق بدقة.
رووداو: أشرتم إلى الحزبين السياسيين في إقليم كوردستان، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، ويوجد بينهما الآن خلاف كبير على منصب رئيس الجمهورية. ماذا تقول عن هذا المنصب؟
أندرو بيك: نتيجة التوازن السياسي القائم بين الحزبين، لا أظن أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يستطيع أن يقول لمؤيديه: أجل، لقد فزنا في الانتخابات بفارق كبير، ولكننا سنتخلى عن منصب رئيس الجمهورية. سوف أستغرب إذا تشكلت حكومة جديدة ومقتدى الصدر مشارك فيها، وأن يقبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة برهم صالح للجمهورية. مع ذلك ربما لن يحسم منصب رئيس الجمهورية كما يريد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وسيبقى برهم صالح في المنصب في حال اتفق ائتلاف نوري المالكي والاتحاد الوطني الكوردستاني وجمعا الأصوات اللازمة. كما أعتقد أن من حق الحزب الديمقراطي الكوردستاني التمسك بمرشحه للمنصب.
رووداو: كيف ترى دور ومساعي رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، لتوحيد وجهات النظر؟
أندرو بيك: أعتقد أن الرئيس نيجيرفان بارزاني هو خير رئيس لإقليم كوردستان، وأعتقد أنه سيكون رئيساً جيداً جداً للعراق. بصورة عامة، أعتقد أنه دبلوماسي وسياسي قدير وشخصية ممتازة لتمثيل إقليم كوردستان على مستوى العالم.
رووداو: بحكم المنصب الذي كنت تشغله، تعاملت مع المسؤولين في إقليم كوردستان وفي بغداد أيضاً. برأيكم ما هو أفضل حل للخلاف طويل الأمد بين إقليم كوردستان والعراق حول مسألة السيطرة على نفط وغاز إقليم كوردستان؟
أندرو بيك: أعتقد أن مطلب أربيل يجب أن يكون العودة إلى طريقة الإدارة القائمة حالياً، أي الرجوع إلى حالة النفط والغاز التي بدأت قبل هذه العملية السياسية. أرى أنه يمكن القول إن قانون النفط والغاز الحالي الجديدة هو نتيجة للسياسة وجرى العمل به لأن الأحزاب التي كانت ضد تحالف الأغلبية قررت ممارسة الضغط. كما أن علاقة النفط والغاز بين أربيل وبغداد ليست انعكاساً للأوضاع الاقتصادية والسياسية لعشرين سنة الأخيرة.[1]