حاجي علو
لقد أصبح الجهل والدجل سمة الثقافة الدينية الئيزدية وسرطاناً أصاب أقلامهم, لقد أصبحت المغالات وضرب الأخماس بالأسداس منهجاً شاملاً للجميع, ومع ذلك فقد تأكد لنا أن شعبنا هو أعرق شعب وأسبق الناس إلى الحضارة و ديننا هو أقدم الأديان وأدومها على الإطلاق لكن يجب أن يكون البحث فيه بالطرق العلمية الطبيعية فديننا الشمسي هو دين الطبيعة أولاً وأخيراً وشعبنا هو شعب كوردستان شمال العراق منبع الحضارة الأول الذي بدأت فيه قبل السومريين بكثير: أولاً بإكتشاف النار قبل 40 ألف سنة ق م , وفيه بدأت الزراعة قبل 15 ألف سنة ثانياً , وتدجين الحيوان قبل 12 ألف سنة ق م ثالثاً وبنى المآوي والبيوت والقرى البدائية قبل 10 ألاف سنة ق م رابعاً, وصنع أواني الفخار وطبخ وخبز خامساً, ومنها بدأ زحف الحضارة جنوباً حتى وصل بلاد سومر قبل 5 آلاف سنة فقط ق م حيث نضجت وتمخضت عن التدوين وتخليد الحضارة السومرية في 2900 سنة ق م , هذه حقائق لا يُمكن لأحد إنكارها , لكن بسبب النقص في وثائقنا التاريخية نتيجة الإضطهاد العنيف المستمر, وعجزنا عن إثبات عراقتنا وتلهُّف شبابنا لسد العجز, جعلهم يتبارون في التطرف وإختلاق شتى الإجتهادات لإكتشاف تاريخهم العريق المطمور ورفع معنويات الثقافة الئيزدية وإن كانت بطرقٍ غير علميّة.
من هذه المحاولات ما قدمه أحد الشباب الغيورين قبل أيام من مقترح حول تقويم ئيزدي, إنه إندفاعٌ مشكور لكنه جهدٌ يُصرف سدىً, فالزمن ليس في يدنا والمُدد هي من وضع الطبيعة ولا يُمكن التلاعب بها في تحديد الفترات والوحدات الزمنية المختلفة مهما كان, الطبيعة هي التي حدّدت مُددها وسرعتها ومقدارها, الإنسان فقط يُحاول جاهداً أن يُنظم حياته بموجبها فيسمي الوحدات الزمنية ويُقسمها في جداول وتقاويم على مر العصور, هو يستطيع أن يقيس لكنه لا يستطيع أن يُحددها على مزاجه, فهولا يستطيع أن يُحدد الزمن الذي يستغرقه كوكب الأرض حول الشمس أو حول نفسه ولا دوران القمر حول الأرض كلها بيد الطبيعة, وقد سبق للبشر أن قدّم عشرات بل مئات التقاويم لضبط وتحديد تلك الفترات سرعان ما تظهر بعد حين أنّها ليست مُطابقة للطبيعة فتزحف المواقيت التي عينها عن مواقعها من العام , فيتراحع ويُعيد حساب الشهور والأيام في تقويم جديد وسرعان ما يكتشف خللاً آخر فيكون تعديلاً آخر وهكذا عشرات المرات كان آخرها تعديل البابا كريكوري قبل خمسة قرون فقدم الشهر 13يوماً لتغطية كسورالسنة الطبيعية فكان التقويم الغربي الحالي الذي لم يتبعه الأرثدوكس الشرقيون كما هو الآن, فلا البابا ولا غيره يتمكن من تغيير سرعة دوران الأرض حول الشمس البالغة 365 يوم وخمس ساعات و48 دقيقة وعدد من الثواني قد يقل أو يزيد في بعض السنين, أي أقل من ربع اليوم بقليل فكان الحل البشري في حساب السنين هو إضافة يوم كل أربعة سنين وهذا أيضاً غير دقيق ففي كل 120 سنة يفيض يوم واحد (1440) دقيقة حاصل ضرب الدقائق المضافة لتكملة ربع اليوم ( 12×120 ) ولذلك توجَّب أن يكون كل عام يقبل القسمة على 120 بدون باقي تكون الكبيسة فيه ملغاة, هذا علم فلك وليس مزاج إنسان كي يجعل الكبيسة كل ست سنوات أو أو أربع سنوات أو أنَّ 2000 كبيسة و2100 بحذف الأصفار ليست كبيسة , نحن نسخر من أنفسنا بهكذا حسابات ضد الطبيعة , ومع ذلك صوم الفقراء يبقى سابقاً صوم المركه بأسبوع دائماً وهذه في حد ذاتها معجزة أخرى تستوجب تفسيراً آخر, فكيف يُمكن أن يسير التقويمان بالتوازي أحدهما يكبس السنة كل ست سنوات والآخر كل أربع سنوات دون أن تلتقيان وتتباعدان بمقدار كبير؟ إنها مجرد مقترحات تفتقر إلى المنطق بل وحتى خرافية نشوه بها تاريخنا ونشطب المصداقية .
في بداية السبعينات من القرن الماضي كنت معلماً في قرية ماميسي/ كرسي وكنت أعلم أنّ تقويم المركًه ليس تقويماً ئيزدياً أبداً وكنت أبحث عمن يرينا تقويماً غيره ولما سمعت أن الفقراء يتبعون غيره فرحت كثيراً آملاً أن يكون هو التقويم الخاص بنا وحاولت زيارة قرية ملّك القريبة مصدر تقويم الفقراء مستعيناً ببعض المعارف من سكنة ماميسي لكنهم صدوني عن ذلك قائلين هو نفسه تقويم المركًه , حدث في أحد المرات أن أخطأ الحسيبدار في تحديد حلول شهر كانون الأول الشرقي الذي يتبعه المركًه فقال : بهذه الخرقة الجمعة القادمة هي من كانون وسيحل العيد وكان تشريناً يسبق المركًه بسبعة أيام وساروا على ذلك النهج حتى اليوم دون عدد السنين ولا أساس تاريخي, حتى الكبيسة هي ليست ست سنوات كما يدعون بل كلما تقارب عيدا الفقراء والمركه ليصادفان نفس اليوم يعمدون إلى تقديمه أسبوعاً ويحسبونه تكبيساً وهذا شيءٌ غير صحيح وخطأٌ فظيع مُخل بقانون توقيت العيد أن يكون أول جمعة من شهر كانون وليس آخر جمعة من تشرين هذا لا يجوز أبداً ولا يمكن أن يُعتبر تقويماً يُعتمد عليه .
و نحن بدورنا حاولنا تقديم مقترح تقويم مستحدث قبل عدة سنوات آخذين في الإعتبار مواقيت أعيادنا مثبّة باليوم المحدد في الأسبوع والشهر لا يتغيّر على مدار السنين لكنه لم يُلق آذاناً صاغية من الئيزديين فتركته, التقويم يُقسّم السنة الشمسية إلى 13 شهر ب28 يوم لكل منه , تبدأ السنة فيه من يوم الأربعاء المقدس 1 /1 / دائماً , تكون السنة كبيسة بأسبوع 35 يوم للشهر الأخير عندما تقبل القسمة على سبعة أو على 29 تفادياً لتأرجح العيد وتكملة لربع اليوم في السنة , على أن يبدأ تعداد التقويم من يوم وضع الحد والسد والشهادة للدين الئيزدي في 630 ه, والآن أنا لا أُفضّل هذا التقويم لأن الصحيح والحقيقي هو التقويم الميدي الكوردي يوم تأسّست الدولة الميدية وأنتخب دياكو أول زعيم بإتفاق (ريش سفيدان) باستان إيران, وكان ذلك في 728 سنة قبل الميلاد في عيد السرصال وليس 700 سنة المعمول به الآن في كوردستان , المعتمد على التقريب بسبعة قرون وهو ليس دقيقاً , كان المفروض أن يكون هذا العام 2750 كوردي وليس 2722 .[1]