مع اعتدال درجات الحرارة، بدأ مزارعو ناحية #عامودا# التي تتميز بساتينها بإنتاجها الوفير من الخضراوات، بزراعة الخضروات الخريفية والشتوية المتنوعة، وذلك في مسعى منهم لتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم، في ظل تعرّض المنطقة لحصار خانق.
تتوزع حول ناحية عامودا في مقاطعة #قامشلو#، والتي تُعرف بأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية العذبة الصالحة للزارعة ومناخها المعتدل، البساتين التي تُزرع بمختلف أنواع الخضروات الفصلية، ما يلفت نظر كل من يمر أو يزور الناحية والقرى المجاورة لها.
وفي هذه الفترة من السنة، يبدأ مزارعو المنطقة بزراعة أنواع مختلفة من الخضار (كالفليفلة، والباذنجان، والبطاطا، والملفوف، والخس، والفجل وغيرها من الخضروات) التي تتميز بالإنتاج الوفير، ما يساهم في دعم الإنتاج المحلي، فهي أكثر ما تستهلكه الأسر في حياتها اليومية.
في رقعة من الأرض، غرب ناحية عامودا، يعمل المزارع “ويسي أحمد سليم” وبعض العاملين في الزراعة لرعاية أصناف من الخضروات مع قدوم موسمها، كالملفوف (الكرنب) والخيار والفجل، في مساحة زراعية تقدر ب 25 دونماً.
محاصيل أثمرت وأخرى تتم زراعتها
بفضل عمله الدؤوب، أثمرا الخيار والباميا في بستانه وأعطيا محصولاً جيداً تم تسويقه إلى أسواق الناحية، فيما بدأ مؤخراً بزراعة الملفوف والفجل مع اعتدال درجات الحرارة في المنطقة.
الخريف فصل معتدل تنخفض فيه درجات الحرارة مع بعض موجات الصقيع العابرة، وهذا يرشحه ليكون من الفصول التي تصلح لزراعة أصناف وأنواع كثيرة من الأعشاب والخضراوات، كالخضروات الجذرية والبقوليات والخضروات الورقية، كما يمكن زراعة بعض المحاصيل الصيفية في الخريف أيضاً، كالبندورة والفليفلة والباذنجان إذا توفرت لها الظروف الملائمة.
أشار المزارع سليم إلى مراحل زراعة الخضروات، قائلاً: “نجهز الأرض كأول مرحلة لزراعة خضرواتنا، وهذا يُطبّق على جميع الخضروات في الفصول الأربعة، ثم نزودها بالسماد أو بقايا روث الحيوانات الذي يستخدم كسماد عضوي، وتصبح الأرض بعد ذلك صالحة للزراعة؛ لكن بلا شك هي تحتاج إلى رعاية كبيرة من ناحية تزويدها بكميات المياه المخصصة لها، وتنظيف المحصول من الأعشاب الضارة بين الحين والآخر”.
كنز البستان لا يكون إلا بالعمل والشغف
“كنز البستان يكون بالعمل الدؤوب وحب الزراعة”، بهذه الكلمات أكد المزارع سليم أن أراضي المنطقة خصبة لا تحتاج إلى العمل الكثير من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي للأهالي وتوفير كافة أصناف الخضروات الطبيعية للمنطقة.
وأوضح: “خضرواتنا تسوّق إلى معظم أسواق إقليم الجزيرة، من عامودا وقامشلو وصولاً إلى الحسكة والدرباسية وتل تمر”، وعلى الرغم من الحصار المفروض على شمال وشرق سوريا، والانخفاض الكبير في منسوب مياه نهر الفرات نتيجة حبسها من قبل دولة الاحتلال التركي، ونقص المياه الجوفية نتيجة شح الأمطار، لا يزال أهالي المنطقة يسعون إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لهم، من خلال الاعتماد على الإنتاج المحلي ورفد السوق بأكبر كمية من المنتجات الزراعية.
الاكتفاء الذاتي يُحقّق المنفعة للمنطقة
الاكتفاء الذاتي يعود بالمنفعة على المزارعين المساهمين في تحقيق الأمن الغذائي للمنطقة، ومن هذا المنطلق أكد سليم أن الاعتماد على الزراعة المحلية في المنطقة يساهم في حصول المواطن على احتياجاته من الخضار بأسعار مناسبة؛ ويقلل من الاستيراد من خارج وداخل سوريا الذي تضاف إليه كلفة النقل.
ويضيف: “ثمار أرضنا أفضل من منتجات غيرنا، فخضرواتنا لها قيمة غذائية أكبر وألذ طعماً من الخضروات الخارجية التي تكون أغلبها مزروعة باستخدام الهرمونات الصناعية (مواد صناعية تضاف إليها مواد كيميائية)”، مُعبراً عن أهمية ذلك بالقول: “أرضنا ملائمة جداً لزراعة أصناف عديدة من الخضار والفواكه، فخلال الأعوام الأخيرة توجه بعض المزارعين في المنطقة إلى زراعة محصول البطاطا أيضاً”.
زراعة البطاطا في إقليم الجزيرة تتكلّل بالنجاح
زراعة محصول البطاطا في شمال وشرق سوريا كانت تقتصر على مساحات قليلة جداً في بعض المناطق كالشهباء، لكن في الأعوام الأخيرة، بدأ بعض المزارعين بزراعتها في إقليم الجزيرة وعلى مساحات واسعة، وتكللت بالنجاح وتم رفد السوق بكميات كبيرة منه.
أوضح المزارع “محمد سعيد إسماعيل”، من قرية سنجق خليل بناحية عامودا، أنه يزرع محصول البطاطا في مساحات واسعة منذ ما يقارب خمس سنوات، بعد أن كان يزرعها في مساحات صغيرة، مؤكداً: “إن زراعتها تحتاج إلى خبرة ورعاية كبيرة وأرض خصبة”.
تعتبر البطاطا من الخضروات التي تتم زراعتها في فصل الخريف، إذ تبدأ زراعة العروة الخريفية أواخر شهر آب، ويبدأ موسم جني المحصول اعتباراً من بداية تشرين الثاني ويستمر لغاية شباط.
دعم المزارعين بمادة المازوت
أشار المزارع إسماعيل إلى مراحل زراعة البطاطا، قائلاً: “تتم زراعتها على موسمين في السنة، عروة الربيع وعروة الخريف، ففي البداية يتم إعداد الأرض جيداً وتسميدها بالأسمدة العضوية المتخمرة، من ثم زراعها بالآليات الخاصة بها وريّها بالمياه كل عدة ساعات”.
وأضاف في ختام حديثه: “زرعت 1000 دونم بمحصول البطاطا في عروة الربيع، ولكن في عروة الخريف قمت بزراعة 850 دونماً فقط، نتيجة نقص مادة المازوت”، مؤكداً على ذلك: “تربتنا خصبة صالحة للزراعة، ولكن كمية المازوت التي يتم توزيعها علينا لا تكفي، نتيجة اعتمادنا في سقاية المحاصيل الزراعية على الآبار البحرية”.
وتمتد زراعة الخضار الصيفية والخريفية في ناحية عامودا على مساحة 7325 دونماً، في حين تمتد مساحة محصول البطاطا في الناحية على 2340 دونماً، حسب ما أكده مكتب الزراعة في عامودا لوكالتنا.
الخطة الزراعيّة
وتعليقاً على مطالب المزارعين بزيادة الدعم، أوضح عضو مديرية الإنتاج النباتي التابعة لهيئة الزراعة والري في إقليم الجزيرة “مسعود محمد” أنهم خصصوا خطة زراعية جديدة لمحاصيل الموسمين، الشتوي والصيفي، وبحسب هذه الخطة يتم توزيع مادة المازوت على المزارعين بالتنسيق مع المحروقات.
وحسب محمد، فإن الخطة الزراعية الجديدة كالتالي: “للمحاصيل الصيفية؛ تم تخصيص مساحة 70% للقمح، و10 % للبقوليات، وللخضار الشتوية خصصت فقط 2%، أما الخضار الصيفية فقد تم تخصيص 15% للقطن و3 % للخضار الصيفية”.
وتابع محمد “بموجب هذه النسب يتم توزيع مادة المازوت على المزارعين، فيما يتم وضع تنظيم زراعي لهم بموجب الرخصة التي حصلوا عليها من هيئة الزراعة والري، أما بالنسبة لمازوت الآبار فيتم تحديد الكمية حسب عمق البئر والكمية المطلوبة”.
مؤكداً في ختام حديثه، أنهم يخصصون الخطط الزراعية لكل عام حسب حاجة المنطقة، وعن الحلول التي اقترحتها مديرية الإنتاج النباتي للمزارعين لتفادي مشكلة نقص مادة المازوت، قال مسعود محمود: “يستطيع المزارع دمج مساحة الخضار بين المحاصيل الأخرى كالقطن وغيره إذا أراد”.
وكالة هاوار[1]