حبُّ الطبيعة البِكر بكل تفاصيلها ومكوناتها، حب متجذر في #الكرد# منذ الأزل، وهم أبناء تلك الطبيعة البررة الذين طالما حاولوا رد الجميل لها، باعتنائهم بها وحمايتها بل وتقديسها في بعض الأحيان وتمجيدها في بعض دياناتهم ومذاهبهم.
الكرد الأوائل من الكوتيين كانوا من أوائل من زرعوا الجبال التي أقاموا فيها، وتبعهم في ذلك، السومريين والايلاميين الساكنين في مرتفعات لُرستان وسهول خوزستان، ومن ثم القبائل السامية والكردية الساكنة في أرض بابل، وهم العموريين واللولويين والكاشيين والكدانيين (قبائل عموري السامية ولولو الكردية وكاشي الكردية وكلدي السامية)، ومن البابليين انتقل إلی الآشوريين، فالأغريق وسواهم من شعوب الأرض.
أشجار “الصنوبر” أو ما كانت تُسمى بالكردية “كاج ، Kaj” كانت من أهم الأشجار التي تزرع في الجنائن، وخاصةً عند الكرد الميديين والساسانيين، واعتبرت شجرة الصنوبر من الأشجار المقدسة ولقبت ب “شجرة الحياة” أو “شجرة الخلود”.
بابل مفتاح العالم
تعود مدينة بابل الحالية فهي إلى عهد الملك نبوبلاسر، وهي ليست مدينة بابل الأولى “التي كانت عاصمة الإمبراطورية البابلية القديمة التي اشتهر بها الملك حمورابي 1792ق.م – 1750 ق.م”، والتي فقدت مكانتها السياسية بعد استيلاء الحيثيين عليها ونهبها وحرقها في هجمة خاطفة سنة 1595ق.م ، ثم انسحبوا الحيثيين سريعاً من بابل، وذلك بسبب قيام تمرد داخلي على الملك الحيثي (سوباليولوس) في مملكته اضطره للرجوع وترك بابل بعد حرقها و سرقة كنوزها، وقد تأسست الدولة الحيثية سنة 1800ق.م ،
ثم قام الكرد الكيشيون القادمون من لُرستان (جنوب شرق كردستان) سنة 1550ق.م ، بقيادة الملك (آكو آكوم الثاني) بالسيطرة علی بابل ، وملئ الفراغ الذي أوجده الحيثيين ، وأسس الملك (آكو آكوم الثاني) فيها السلالة الكردية الكاشية ، التي دامت حوالي 400 سنة (1580ق.م 1157ق.م) ،
تناوب الكرد والآشوريون على حكم بابل والسيطرة عليها، وحكمها الكرد الايلاميين لغاية 1027 قبل الميلاد، واستقبلت موجات هجرة من الخليج لقبائل آرامية استوطنت الأهوار، وأسسوا إمارات صغيرة، وكان ذلك بداية ظهور للكلدان الساميين، في جنوب وادي الرافدين.
استعادت مكانتها وعاشت عصرها الذهبي بعد تأسيس دولة بابل الكلدانية سنة 626ق.م ، واشهر ملوكها الملك نبو بلاس الذي تحالف مع الكرد الميديين في إسقاط مملكة آشور، وكذلك ابنه الملك نبوخذ نصر الثاني، وبعد تناوب المحن عليها دخلها الإسكندر المقدوني بعد معركة “أربيل عام331قبل الميلاد” وقال مقولته الشهيرة “الآن أصبح العالم في قبضتي”.
الجنائن المعلقة في بابل
تزوج ملك بابل نبوخذ نصر 634 ق.م 562 ق.م ، من أميرة من مملكة ميديا (ماد) الكردية، اسمها آميت، وهي ابنة الملك الكردي كاوا (كیاكسارز كيخسرو، ثالث ملوك مملكة ماد الكردية)، الذي أسقط الآشوريين وأحرق عاصمتهم نینوی بعد تحالفه مع البابليين.
شعرت الأميرة الكردية الميدية آميت بالكآبة في بابل، بسبب اختلاف الطبيعة في بابل عن تلك التي في جبال كردستان (مملكة ماد) التي تلتف بالخضرة والماء وجمال الطبيعة الآسر، فقام الملك البابلي نبوخذ نصر، بإنشاء جنائن معلقة لها، كي لا تشعر بالغربة.
واعتُبرت الجنائن المعلقة في بابل، والتي أًنشأت من أجل الأميرة الكردية، إحدى عجائب الدنيا السبع، وذلك لعظمتها، فقد كانت عبارة عن قصر عجيب بناه الملك البابلي نبوخذ نصر، الذي حكم 43 سنة، لزوجته (آميت أماني) ابنة الملك الكردي الميدي (كاوه كیخسروا)، ولأنها من سكنة جبال كردستان، فقد أراد الملك نبوخذ نصر أن يوفر لها مناخاً شبيهاً بمناخ الجبال، فبنى قصرها هذا من عدة طوابق، وكل طابق فيه مكسو بالحدائق والأشجار، وسحب المياه لسقيها بطرق غاية في البراعة والإبداع، وأكثر تفاصيل هذه القصة أتت من المؤرخ الشهير، تيتوس فلافيوس جوزيفوس 37م 100م، الذي ذكر أنه اعتمد على مصادر سابقة، ولم يتم العثور حتى الآن على آثار مؤكدة لتلك الجنائن، ولكن بعض المؤرخين يعتقدون أن ما عثر في بابل نبوخذ نصر أثبت أن الجنائن المعلقة كانت عبارة عن حدائق ملاصقة للقصر الملكي الجنوبي وهي تقع على نهر الفرات.
وقد حاول بعض المؤرخين الحديثين نفي حقيقة جنائن بابل المعلقة، واعتبروها من نسج الخيال، وأنها لا وجود لها أصلاً، وذلك بحجة عدم العثور على آثار لتلك الجنائن في بابل، أو أنها في مكان آخر خارج بابل، وكأنهم مترددون في اتخاذ القرار، وتندرج تلك المحاولات ضمن الجهود التي تهدف للتقليل من عظمة حضارة بابل وشأنها، أو نسبها لجهات أخرى.[1]