بيار روباري
سادسآ، علاقة مدينة هموكاران بالسومريين والإيلاميين:
العلاقة بين مدينة “هموكاران” الأثرية العريقة والسومريين والإيلاميين والكاشيين في جنوب النهرين علاقة وثيقة للغاية، لا بل هي ثقافة وحضارة واحدة، كونهم جميعآ ينتمون للشعب الخوري أسلاف كل هؤلاء إضافة للميتانيين، الهيتين، الميديين والكرد الحاليين. كيف ذلك؟
لقد توصلت البعثة الأثرية السورية – الأمريكية المشتركة المنقبة في الموقع، ومعها كل الباحثين المحليين والعالميين، الذين درسوا تاريخ هذه المدينة الفريدة والرائعة وأثارها، توصلوا إلى إستنتاج واحد موحد لا غير هو: “أن نشوء الحضارة وتطورها بدأت في مدينة “هموكاران” بالتحديد، ثم إنتقلت جنوباً الى بلاد الرافدين، كما أن هذه المدينة كانت واحدة من أهم المواقع في كردستان، ومنطقة الشرق الأوسط، لا بل في كل العالم القديم”.
وهذا صحيح ويتماشى مع تاريخ أسلاف الشعب الكردي ألا وهو الشعب الزاكروسي “الگوتي” الذي كان يعيش في هذه المنطقة منذ عشرات ألاف السنيين قبا الميلاد، مع الزمن وإكتشاف الزراعة نزل أبنائه إلى السهول المحيطة بهم للعمل والعيش والإقامة الدائمة فيها، وخاصة على ضفاف الأنهار حيث الماء الوفير والأراضي الزراعية الخصبة، وتطور أدوات الزراعة والوعي الإنساني. وبسبب كثرة الأراضي، وقلة
الناس توزعت الناس في مجموعات، وكل واحدة منها أقامة ما يشبه مملكة أي مدينة لها، ووضعت حاكمآ عليها، وبعضها توجهت جنوبآ بإتجاه الخليج الإيلامي، وبعضهم توجه نحو الغرب أي بإتجاه
البحر المتوسط، ولكن بقيا هناك روابط تربطهم جميعآ، مثل اللغة، الألهة، العبادات، الطقوس الدينية، العادات، وبقيوا لفترة طويلة جدآ مرتبطين بمركز ديني واحد، وحكومة مركزية كان يمثلها ملك الملوك، ولكن كل مدينة كانت تتمتع بحرية كبيرة في إدارة شؤونها الخاصة الداخلية. بكلام أخر كانت شبه دويلات مستقلة على الطريقة الفيدرالية في زماننا الراهن.
وعندما إتخذ هذا الشعب من إله “خور” إلهآ لهم وباللغة الكردية الحالية نسميها (رو) أي الشمس، أطلق إسم الخوريين على هذا الشعب أي أنهم أتباع الإله “خور”. ومن هنا تجد أن لغة السومريين والإيلاميين والكاشيين والأوگاريتيين والألاخيين والشمأليين والگرگاميششين يتحدثون ذات اللغة الخورية المستخدمة في مدينة “هموكاران، أوركيش، واشوكاني، الهسكه، .. ” ومعظم مفرداتها باقية لليوم في اللغة الكردية الحالية.
كما كان لمدينة “هموكاران” علاقات وثيقة بكل المدن الخورية – الميتانية – الهيتية، التي كانت موجودة في ذاك الزمان في المنطقة المحيطة بها مثل: مينة أوركيش، واشوكاني، نوزي، الهسكه، رقه، گربراك، وغيرهم من المدن الكثيرة التي تعج بها المنطقة. كما ذكرنا أسماء بعضها أنفآ هم أبناء شعب واحد، ولهم لغة واحدة، ويتبعون نفس الألهة، ويمارسون نفس الطقوس الدينية والأعياد، وحتى طريقة دفن موتاهم كانت بنفس الطريقة الخورية المعروفة، أي وجه الميت نحو الشرق بإتجاه شروق الشمس. وللمعلومات في كل المدن الخورية – السومرية – الميتانية – الهيتية، لم يعثر العلماء على الأوثان، لأن هذا الشعب لم يعبد الأصنام ولا يوم في تاريخه، وهو ما يميزه عن جميع شعوب الأرض قاطبة. ولا شك كان لمدينة “هموكاران” علاقات تجارية مع بقية المدن والممالك الخورية المحيطة بها.
وبقيت المدينة مأهولة حتى المرحلة السلوقية أي حوالي (200) عام قبل الميلاد، لكن آخر فترة سكن فيها الكرد في هذه المدينة التارخية العريقة كان حوالي (700) بعد الميلاد أي في المرحلة الإسلامية الأموية. ومن ثم فرغت من سكانها بفعل الحروب وعمليات التهجير القصرية، التي تعرض لها سكان المدينة من الكرد على يد المحتلين المجرمين العرب.
سابعآ، أصل تسمية مدينة هموكاران ومعناها:
مجددآ لقد حاول المستعربون العرب كعادتهم، البحث عن حيلة سخيفة وكذبة ما، ليتلاعبوا بمعنى وأصل تسمية المدينة، وهذه المرة فعلوها مع مدينة “هموكاران”، دون أي خجل وحياء ومراعاة لقواعد البحث العلمي والحقائق التاريخية.
مع العلم هم أنفسهم أقروا بأن هذه المدينة هي منبع الحضارة المدنية في العالم بأسره، ومنها إنتشرت إلى الجنوب الخوري، حيث كان يسكن السومريون والإيلامييون، ومركز حضارتهم كانت مدينتهم “أوروك”. وجميع المهتمين بتاريخ المنطقة يعلمون بأن في وقت نشوء هذه المدينة، لم يكن للأشوريين، البابليين، الأكديين، الأراميين، أو غيرهم أي وجود في هذه المنطقة ولا في جنوب النهرين، ولا في شمالهما، ولا في منطقة الجزيره الفراتية على الإطلاق.
السؤال هنا: كيف يمكن لباحث مختص بالأثار أن يتفوه ويقول: أن أصل تسمية مدينة “هموكاران” تعود للغة الأشورية أو الأرامية؟ دون أن يملك أي ممتسك ودليل واحد على ذلك، لا لغوي ولا تاريخي!!!!!! البعض الأخر من المستعربين العرب، أقر وقال أن معنى كلمة “كار”، تعني العمل وأضافوا إلى ذلك قائلين: أن كلمة سومرية قديمة، وفي الأساس تعني مكان العمل الذي ينظم شؤون العاملين. ولكنهم أضافوا وقالوا: أن السومرية لغة سامية!!!!!
هذا فعلآ أمر مخزي ومخجل، ولا يمكن لباحث يملك ذرة إحساس بالمسؤولية والأمانة التاريخية والعلمية أن يتفوه بمثل هذه الترهات والخزعبلات، ويكذب في وضح النهار. الهدف من كل ذلك التدليس والكذب المفضوح، هو طمس الهوية القومية للمدينة، ونسبها لأنفسهم وخلق مزيف تاريخ لهم عبر الأكاذيب، ومن خلال خداع الناس وسرقة أرض الكرد والتاريخ، ولكنهم نسوا أن للأخرين أيضآ عقول ويفكرون ولا يقلون علمآ ومعرفة منهم بالتاريخ.
سوف نقوم بشرح حقيقة تسمية هذه المدينة ومعناها وأصلها باللغتين الكردية والعربية لضرورات علمية ولغوية. الحقيقة أن تسمية مدينة “هموكاران” أو هموكار، هي تسمية مركبة من لفظتين الأولى: (همو) وتعني الكل أو الجميع، ولليوم تستخدم هذه الكلمة في الكردية، والثانية (كار) وتعني العمل، ومنها إشتقت كلمة (كارگه) أي معمل. وهي كلمة قديمة للغاية وتعود لعهد الخوريين والسومريين الكرد. وفي اللغة الكردية، هناك تسمية أخرى للمعمل وهي (كارخانة)، والتي أعطاها العرب معنآ سلبيآ مقيتآ لها وهي غير صحيحة. لأن كلمة خاني تعني البيت، وهنا الكلمة كلها تعني بيت العمل، أو المكان الذي يعمل به المرء. ومن كلمة (كار)، إشتق الكرد كلمة “كاركر” وتعني العامل، و”كاردار” وتعني صاحب العمل، و”كارمند” وتعني الموظف. وهناك العديد من الكلمات الأخرى التي إشتقت من لفظ (كار). الفرس، والعرب والأتراك أخذوا هذه عن اللغة الكردية ويستخدمونها بكثرة وخاصة الأتراك والفرس، ولكنهم ينكرون أصلها الكردي لأسباب سياسية وعنصرية مقيتة.
وبالتالي تسمية “هموكاران”، تعني جميع المهن أو كل الحرف. السؤال الطبيعي الذي يتبادر للذهن، لماذا أطلق الخوريين هذه التسمية على المدينة. الجواب البسيط والمباشر هو أن المدينة، كانت مركز لجميع الحرف الزراعية والصناعية والتجارية والعمرانية التي كانت معروفة في تلك الحقبة الزمنية، أي قبل أكثر من (7000) سبعة ألاف عام. وحتى مدينة هلچ (حلب) الحالية، نطلق عليها أحيانآ تسمية “باژاريه هزاركاري”، أي مدينة ألف كار لكثرة المهن اليدوية فيها. لأن كل ما تحتاجته كنت تجده في مدينة هلچ (حلب). بالطبع لم يقم أحد بعد كافة المهن، وإنما هي تسمية مجازية، ونفس هذا الشيئ ينطبق أيضآ على مدينة “هموكاران” الأثرية. بالطبع عدد المهن في ذاك الوقت كان أقل بكثير من الوقت الراهن، لأن الحياة تتطور يومآ بعد يوم ولا وجه للمقارنة بين الزمنين.
ثامنآ، الوجود الكردي في مدينة هموكاران:
وجود الشعب الكردي في هذه المنطقة من خلال أسلافه، أي في منطقة الجزيره وعموم غرب كردستان (سوريا الحالية) وشمال كردستان وجنوبها وشرقها، وخاصة في منطقتي جبال زاكروس وطوروس، يعود إلى عشرات الألاف من السنيين قبل الميلاد، أي قبل ظهور المدن والحضارة المدنية بألاف السنين، نحن هنا فقط ندرس تاريخ الوجود الكردي، بعد ظهور الحضارة المدنية وبناء المدن والقرى وممارسة الزراعة والتصنيع والتجارة والفن والعمارة، الموسيقى، الكتابة، … إلخ.
ان تاريخ إنشاء هذه المدينة التاريخية العريقة، كما أكدت البعثة السورية – الأمريكية المشتركة (التي لم يكن فيها ولا شخص كردي) المنقبة في الموقع نفسها قالت: أن تاريخ بناء المدينة يعود إلى أكثر من (5000) خمسة ألاف عام قبل الميلاد، وإستمر الحياة فيها إلى ما بعد الميلاد بحوالي (700) عام أي إلى أيام العصر الاسلامي المبكر. ونحن نعلم علم اليقين مثل غيرنا، أن في الوقت من الزمن، لم يكن يعيش في هذه المنطقة سوى أسلاف الشعب الكردي من الخوريين.
الأن ماذا يعني هذا الكلام أو الشهادة التي قدمها اولئك الباحثين عن هذه المدينة الذين نقبوا في الموقع ودرسوا أثارها وتاريخها لسنوات طويلة؟
هذه الشهادة لوحدها تؤكد وبشكل قاطع أن الشعب الكردي، هو صاحب هذا الأرض ومتجذرٌ فيها منذ عشرات ألاف السنيين، ويفند جميع أكاذيب المحتلين العرب العنصريين، بأن الكرد في غرب كردستان مهاجرين وقدموا من تركيا. وهل كان هناك دولة في التاريخ إسمها تركيا قبل مئة عام؟؟ إن إسم المدينة لوحدها، يثبت وبشكل لا لبس فيه، أن المدينة كردية الروح والجسد وليومنا هذا. وتأكيدآ على كلامي وكلام البعثة الأثرية، شهادة الوزير الأسدي والبعثي السابق “مصطفى أسعد”، الذي شهد بالحق في لقاء تلفزيوني في برنامج “الذاكرة السياسية” الحلقة الرابعة على قناة العربية عندما قال حرفيآ:
“لقد زرت محافظة الحسكة وتجولت فيها كوزير وشهدت الظلم الذي تعرض له الإخوة الكرد، وخاصة بعد تعريب مناطقهم وتعريب أسماء مدنهم وقراهم. وأضاف قائلآ في معرض حديثه: إستغربت كثيرآ إطلاق إسم القحطانية على مدينة ديريك وتسألت في نفسي وقلت: ما علاقة قحطان بهذه المنطقة، نعم لقد وقع ظلمٌ كبير على الإخوة الكرد”. ورابط الفيديو ستجدونه ضمن قائمة المصادر والمراجع في نهاية هذه الدراسة.
وإذا نظرنا إلى عموم منطقة الجزيرة بمدنها العريقة الأثرية منها والتاريخية مثل: مدينة الرقه، دير الزور، الهسكه، أوركيش، واشكاني، گربراك، وعشرات المدن الأثرية الأخرى التي يعود تاريخها إلى ألاف السنين قبل الميلاد، ستجدها خورية – سوبارتية – ميتانية – هيتية – ميدية – كردية خالصة، ونفس الشيئ ينطبق على منطقة ساحل البحر الأبيض وخليج إيلام وشمال غرب كردستان (الأناضول)، أما بخصوص اولئك المستوطنين العرب أو الأشوريين في المنطقة، ليسوا سوى محتلين ومعتدين، ومجرمين بحق الشعب الكردي ولصوص، سرقوا كل شيئ والأن يريدون سرقة تاريخنا أيضآ، وأصلآ وجودهم في هذه الأرض غير شرعي، ولا يملكون أي شبر أرض فيهاعلى الإطلاق، والربع الخالي في إنتظارهم.
من هنا يجب على القيادات السياسية الكردية، قراءة تاريخهم ومعرفته جيدآ، ولا يتفون بما لا يلمون به، وترك الأمر للمختصين في التاريخ الكردي وتاريخ المدن الكردستان التاريخية والأثرية، وإستشارتهم قبل أن يتفوه بما لا يعلمونه ويجهلونه تمامآ، كم فعل ذلك بعض قيادات الأنكسة، عندما تبجحوا وقالوا دون أي معرفة بالتاريخ: ماذا تفعل قوات “قسد” في مدينة الرقه ودير الزور والطبقة، وتهجموا دون أي على الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية!!!
وهذا ينطبق على كافة السياسيين الكرد وفي الأجزاء الأربعة من كردستان، وعليهم أن لا يفتون بالإمور التي ليست من إختصاصهم ولا يفقهون بها. وعليهم في مثل هذه القضايا التاريخية والجغرافية، إستشارة المؤرخين الكرد والجغرافيين، وفي قضايا الحدود الكردستانية أيضآ، أما في القضايا القانونية فعليهم إستشارة القانونيين الكرد وهكذا.
تاسعآ، الحياة الإقتصادية في مدينة هموكاران:
قبل الحديث عن الحياة الإقتصادية في مدينة هموكاران وسكانها الخوريين، دعونا نلقي الضوء على كيفية تبلور المجتمعات الزراعية والحضرية، وكيف كانت البدايات وأين كانت؟ وما هي العوامل الضرورية لتشكل تلك المجتمعات.
لا شك إن توفر العوامل الثلاثة التالية: “الماء، التربة الصالحة، المناخ” في أي مكان من العالم، ستجد أن الزراعة فيها متجذرة وراسخة، ومجتماعاتها مستقرة وتعيش في ذات المنطقة ولا تغادرها، وهي سنة الحياة منذ إكتشاف الزراعة قبل عشرات ألاف الأعوام قبل الميلاد في مدينة “نوزي” بالقرب من مدينة كركوك بجنوب كردستان.
إن خارطة أركيولوجية عصور ما قبل التاريخ لمنطقة الشرق الأوسط حيث وطن “الخوريين” أسلاف الشعب الكردي، التي تضم كل من الكيانات المصطنعة التالية: (سوريا، لبنان، العراق، ايران، تركيا) ومعها المعطيات التاريخية، يشيران بوضوح أنه عند سفوح جبال زا گروس وطوروس، وجبل شنگال،
تأسست أولى التجمعات البشرية المنظمة، التي مارست الزراعة وتدجين الحيوانات البرية. وبدليل تلك الآثار العديدة التي إكتشفت في المدن الخورية الأثرية ومنها مدينة “هموكاران”، وكذلك تلك الأدوات التي كانوا يستخدمونها، وفي هذا الإطار أشار العالم “جاك كوفان” المختص بعصور ما قبل التاريخ عن هذا الانتشار الحضري والاستقرار البشري الزراعي ما يلي:
“تشكل في آن واحد القوس الشمالي للسهول الشمالية العليا من بلاد الرافدين وسفوح جبال زاگروس وهي منطقة ملائمة للزراعة الجافة، بقدر ملائمة النواة المشرقية، والسهول شبه الجافة، التي يزداد قحلها كلما نزلنا بإتجاه الجنوب، ويشكل الجفاف حاجزآ عظميآ أمام الحياة الحضرية.
ويضيف الباحث “جاك كوفان” ويقول: “جذور الحياة القروية موغلة في القدم في هذه المنطقة وتعود إلى عشرة ألاف سنة تقريبآ، وقد تكون بحسب السهول المحيطة بجبل شنگال والهضاب الشمالية لها أحد أول الينابيع العمرانية الريفية الإجتماعية المستقرة والمستدامة على وجه الكرة الأرضية.
ثم يتابع ويقول: مجمل الدراسات ذات الصلة ترجح أن نشاط المجتمعات الزراعية المستقرة قد تركزت شرق نهر الفرات باتجاه سهول الجزيرة الفراتية حتى مشارف سفوح جبل شنگال الجنوبية، حيث تكيفت هذه المجتمعات مع البيئة الجغرافية، وثم إنتشرت المجتمعات البشرية الأولى شرقآ وغربآ، شمالآ وجنوبآ لتأمين شروط أفضل للتكيف مع البيئة الحاضنة، وذلك قبل حوالي (15.000) خمسة عشر ألف عام.
وبالقرب من مدينة “أورفا” كان المجتمعات القروية أكثر تنظيمآ وتماسكآ وإستمر ذلك لآلف السنين، حتى إنتقل مركز ثقل هذه المجتمعات إلى “گريه نافوكيه” أي (گول تبه)، نحو منابع نهر الخابور بجوار مدينة “سريه كانية” الحالية، في موقع “گوزانه”.
حتى بلغت هذه المجتمعات المنظمة أوج إزدهارها في أواسط الألف السادس قبل الميلاد. وقد أسست المجتمعات المنسوبة لمدينة “گوزانه”، أول وأهم مجتمع زراعي واسع ومنظم. وكذلك كان أكبر منتج للفخار في الحقبة الواقعة بين (6000-5500) قبل الميلاد. وتمددت هذه الحضارة بإتجاه سفوح جبال شنگال وزاگروس، وإكتشفت أهم المواقع التابعة لهذه الحضارة الزراعية الواسعة الأولى، في مواقع محيطة بجبل شنگال مثل (يارم تبه، وتبه كاورا) وكذلك موقع “هموكار” الذي يقع في سهول شمال جبل شنگال الشمالية.
ان وجود العشرات من المدن الأثرية التي بمجملها تتربع على سطح التلال، تعد أحد أهم الدلائل الحسية على وجود مجتمعات منظمة في العهود القديمة التي يعود تاريخها إلى أزمنة سحقية عابرة، وخصوصآ في مرحلة الخوريين، وإعتمادآ على حقيقة هذا الإرث الحضاري الملموس والتاريخي، كل ذلك يؤكد أن المنطقة ورثت كثافة سكانية كبيرة نسبة لذاك الوقت، ومجتمعآ زراعيآ منظمآ مستقرآ، مرتبطا بالأرض منذ تلك الأزمنة الموغلة في القدم، وصولا إلى المراحل المتأخرة.
حتى في العهود التالية التي تعرضت فيها جنوب وطن الخوريين عند أطراف المناطق السهلية، للغزوات والهجمات العابرة وللحكم الإمبراطوري الوافد من الجنوب، عمومآ حافظت المنطقة على كثافتها السكانية وهذه الكثافة كانت تزداد وتتراجع حسب جملة من الظروف، التي كانت تحيط بالمنطقة، منها العسكرية ومنها الأوبئة. لكن من المؤكد أن سهول الجزيره الفراتية، كانت موطنآ أصيلآ لحضارة أسلاف الكرد من الخوريين، ومن ثم تعاقبت عليها مع الزمن العديد من الحضارات الغازية.
وفي هذا المجال أكد المؤرخ الدكتور “جمال رشيد أحمد”:
“ان إقليم الجزيره الواقع في غرب كردستان، منذ فجر التاريخ إشتهر بمستوطناتها الزراعية، التي سُجلت أخبارها في الألواح الهيتية والبابلية القديمة، وكان من أشهرها مستوطنة “نيلابشينو” ويمكن قراءتها ليلابسينوم والأن تعرف بإسم (تل براك)، وكان طبوغرافيا في إتصال مباشر مع كل من مملكة أوركيش الخورية، التي نشأت في وادي نهر الخابور، ومقاطعة أشناككوم (شهربازار) وكخات (تل بري)، وكلها كانت تحيط ببلاد عرفت في هذه الألواح ببلاد الكورد على نهر الخابور بشمال الهسكه.
من هنا ندرك جيدآ، لماذا في موطن الخوريين – كردستان بدأ الإستقرار البشري مبكرآ وأنتج حضارات عظيمة ومتطورة. لأن المناخ وكثرة المياه والأراضي الخصبة وفرت الظروف الملائمة، لبناء مجتمعات زراعية منظمة ومدن حضرية مستقرة. من هنا كان إقتصاد مدينة أو مملكة “هموكاران”، مثلها مثل بقية المدن الخورية القديمة، تعتمد بشكل أساسي على الزراعة وتربية المواشي والصناعة، وبعض التجارة التي كان تتبادلها مع المدن الخورية الأخرى القريبة منها والبعيدة.
وذلك بفضل خصوبة أراضي المحيطة بالمدينة وتوفر المياه التي يمدها بها الأنهار، وهطول كمية لا بأس بها من الأمطار كل سنة، كانت تساعد في الزراعات البعلية خاصة. وبسبب توفر المراعي في
الجوار تمكن الأهالي من تربية المواشي والحيوانات الكبيرة كالأبقار والأحصنة. وكل ذلك دفع الناس في المنطقة ومعهم سكان المدينة يطلقون تسمية “هموكاران” على المدينة، لأن أهلها كانوا يمارسون كل المهن التي كانت معروفة حينذاك.
كما إن المدينة عرفت العديد من الصناعت، مثلما كشفت أعمال التنقيب في الموقع، حيث تم العثور على أدلة تشير إلى تطور بعض الصناعات فيها، مثل صناعة الزجاج، الأفران، القنابل، الجلود، الصوف،
الألبسة وحتى الخمور، بالاضافة الى وجود شبكة من الطرق لتسهيل عملية التجارة بينها وبين بقية المدن الخورية، الواقعة في محيطها من الجهات الأربعة.
إن التنقيب الذي تم في مدينة هموكاران، التي دمرت نحو (3500) قبل الميلاد، أظهر بقايا أثرية تشير إلى مكانة المدينة كمركز لصناعة الزجاج البركاني والنصول وذلك قبل (4500) قبل الميلاد. وهذه الإكتشافات سمحت للعلماء بتشكيل تصور أوسع، حول الفترة الانتقالية في العصور القديمة التي شهدت إزدهار المدن الأولى في التاريخ، مثل التخصص في العمل، تقسيم المجتمع إلى طبقات، وأخيراً ظهور الكتابة الأولى.
وبسبب ثراء وطن الخوريين بجميع مناطقه، وعلى رأسها منطقة الجزيره وجنوب النهرين وتراكم الثروة وتوفر الخيرات المادية الناتجة عن الانتاج الزراعي وإستثمار الحيوانات وتدجينهما، جعلت من سهول وهضاب الجزيره الفراتية هدفآ للغزاة وجاذبة للبشر منذ أمد بعيد، وذلك قبل ألاف السنين من ولادة عيسى. كون المنطقة كانت تحتوي على سلة غذائية كبيرة ومتنوعة وما تزال للأن. ولولا توفر عنصر الأمان والإستقرار لما تمكن الخوريين تحقيق كل ذلك النجاح الحضاري. ولكن لم يدم ذلك بفعل الغزوات والحملات الإجرامية والبربرية من قبل الشعوب السامية الهمجية والوحشية على المنطقة. وإزداد الوضع سوءً مع بداية الإحتلال العربي الإستيطاني السرطاني لكردستان، وتوافد البدو أليها، الذين لا يمتون للحضارة بشيئ ولا زالوا كذلك اليوم. حيث يكرهون العمل بشكل عام، وفي الزراعة على وجه التحديد.
ونتيجة لكل ذلك تغيرت البنية الزراعية والاجتماعية والإقتصادية والثقافية للمجتمع الكردي المنتج والمحب للعمل والأرض، وظهرت أشكال مقرفة في المنطقة، وإزدادت مظاهر إفلاس الفلاحين بين أفراد الشعب الكردي بسبب ذلك، والسياسات العنصرية، التي مارسها نظام البعث الإجرامي والأسدي الطائفي الحقير.
ونتيجة لتراجع الأمان في المنطقة بسبب دخول الغرباء من الغزاة والمحتلين إليها، إنهارت تدريجاً النظم الاجتماعية والإقتصادية والسياسية، والمراكز العمرانية المحلية في الجزيره الفراتية سنة بعد أخرى، لتتحول المنطقة تدريجيآ إلى منطقة شبه خالية من السكان خلال خمسة قرون تقريبآ (14-19)، حيث إقتصرت الحياة الإجتماعية فيها على الرعي والبداوة، وتعلقت حياة السكان عضويآ بوفرة الماء، والعيش على ضفاف الأنهر، وخاصة نهر الخابور والفرات في الجزيره السفلى، وذلك وفق الكثير من الوثائق والبحوث التاريخية التي تناولت هذا الموضوع بشكل مفصل.
ونتيجة لكل هذا التراجع الديمغرافي والعمراني في المنطقة، تراجع إقتصاد المنطقة أيضآ، بعد أن كانت منطقة الجزيره تغذي كل غرب كردستان وتمدها بالحبوب، اللحوم، القطن، الخضار، الصوف، مشتقات الحليب، الجلود وغير ذلك. وفي هذا المجال قالت الباحثة “آن بلنت”: ”
“يمكن أن نقول خلال قرنين من الزمان، أنه لم يعد يوجد في المنطقة أي محراث، أحدث أخدوداً في شطآن نهر الفرات. فالحقول قد هجرت وتحولت إلى مراع للبدو، بينما الأراضي المنخفضة التي هي معرضة للغمر السنوي قد أصبحت أدغالاً من أشجار الطرفاء”.
عاشرآ، الخلاصة:
في نهاية هذه الدراسة التاريخية المقتضبة، التي تناولنا فيها تاريخ وهوية مدينة “هموكاران” القومية، يمكننا إستخلاص أربعة نقاط رئيسية برأي وهي:
النقطة الأولى:
هذه المنطقة تقع فيها مدينة “هموكاران”، والتي سماها الكرد الخوريين منذ ألاف السنين “جي – زيره”، هي موطن الكرد ومسقط رأسهم ومنبتهم، والمقصود بذلك كل منطقة الجزيره، ومعها منطقة شنگال وجبال زاگروس وجبال طوروس، وجبل الكرد “الكرمانج” غربي نهرت الفرات. وبدليل ذاك الكم الهائل من المدن الخورية – السومرية – الميتاني – الهيتية الأثرية، التي يحتضنها المنطقة، والتي نقبت جمعيها تقريبآ، وكلها أكدت من خلال أثارها والواحها الطينية، أنها موطن الخوريين، أسلاف الشعب الكردي. وهذا الوجود يعود عمره إلى أكثر من عشرين الف عام قبل الميلاد.
النقطة الثانية:
هي أن هذه المنطقة تشكل قلب كردستان من الناحية التاريخية، الجغرافية، الروحية والثقافية، وجميع تلك المجاميع البشرية الغير كردية في منطقة الجزيره هي بقايا الإحتلال الأشوري، العربي، التتري، المغولي
العثماني والفرنسي. وكل حديث المستعربين العرب عن عروبة الجزيره مجرد أكاذيب ولا صحة لها من الأساس، وهي مجرد محاولة رخيصة ومفضوحة، الهدف منها سرقة الأرض والتاريخ الكرديين على حدٍ سواء.
النقطة الثالثة:
إن ثراء وغنى وطن الشعب الكردي وخاصة منطقة الجزيره بالماء والكلأ والمعادن والأراضي الزاعية والغابات، ووجود الثرة الحيوانية الضخمة، كلها كان سبب أطماع القوى الشريرة فيه وغزوه وإحتلاله. والطماعين كانوا كثر جدآ من الجنوب والشرق والشمال والغرب، ولم يكن بإمكان الشعب الكردي وأسلافه مقاومة كل تلك القوى الشريرة البربرية التي غزت بلادهم، ودمرت كل شيئ في طريقها وقتلت مئات الألاف من الشعب الكردي، عدا تهجير أضعاف أضعاف ذلك من مناطقهم وقراهم ومدنهم، كما يحدث الأن. والطامعين مازالوا موجودين لليوم، وبدليل أربعة دول تحتل كردستان، أي أن ذاك المسلسل الإجرامي لم يتوقف وينتهى بعد. حتى ينتهي يجب أن يقوى الكرد كي يستطيعوا أن يحرروا بلدهم ويبنون قوة عسكرية وقبلها قوة إقتصادية قوية، كي يستطيعون إيقاف هذا المسلسل البغيض والإجرامي ضد الكرد وكردستان مرة وإلى الأبد.
النقطة الرابعة:
إن تخلل الديمغرافية الخورية – الكردية لمنطقة الجزيره الفراتية الكردستانية، سببها الغزوات البربرية للمنطقة وعموم كردستان، وعمليات الإحتلال الأجنبي الإستيطاني السرطاني وعلى رأسهم الأشوري ومن ثم العربي والتتري (التركماني) البغيض، وأخير الإحتلال العثماني وتوطين الشركس فيها، وغزو الجماعات البدوية الهمجية لها، وأخير وليس أخر التعريب الذي تعرضت له الجزيره الكردية على يد نظام البعث العنصري والأسدي الطائفي الإجرامي. هذا إلى جانب التغيرات المناخية التي ضربت منطقة الجزيره وتسببت بالجفاف، هذا إضافة إلى قطع الدولة التركية المياه عنها بإستمرار، وسياسات حافظ الأسد الإجرامية التي هدفت إلى تفريغ المنطقة من سكانها الكرد أصحاب الأرض. وفي المحصلة قامت الحكومات السورية المتعاقبة بتوطين أكثر من عشرين آلف من العائلات العربية في الجزيره الكردية لتحقيق هدفين:
الهدف الأول: هو تعريب منطقة الجزيره، وزرع فاصل ديمغرافي بين أبناء الشعب الكردي في كل من غرب كردستان وشمالها.
الهدف الثاني: وضع يدها على ثروات المنطقة ونهبها وإفقار سكانها الكرد، وذلك من خلال حرمانهم من تلك الثروات الطبيعية الهائلة. وكلنا يعلم أن اللص والمجرم حافظ الأسد سرق النفط الكردي، على مدى أربعين عامآ هو عائلته المافيوية، وعصابة أل مخلوف شركاء الأسد في النهب والسرقات والإجرام.
ختامآ، في مقابل كل ذلك الإجرام التي تعرضت لها منطقة الجزيره، المطلوب اليوم من القيادات الكردية الحالية التي تحكم المنطقة، أن تتخلى عن وهم إخوة الشعوب، هذا مجرد وهم وكذبة كبرى. لا يوجد شيئ إسمه إخوة الشعوب لا اليوم ولا في السابق ولا في المستقبل.
الشعوب كلها تاريخها تعادي بعضها البعض وتتحارب، من أجل المصالح والنفوذ وبسط السيطرة، هذا ما علمنا أياه التاريخ البشري الطويل. وعليكم التفكير عدم التخلي عن مدينة “دير الزور” كونها مدينة كردية هي الأخرى مثل جرابلس وحلب وإدلب ودارزاه والباب.
والتوقف نهائيآ عن إستخدام مصطلح مدن عربية عند الحديث عن هذه المدن، وإستخدام الأسماء الأصلية لها وكلها أسماء كردية. والتحضير لإعادة العرب إلى مناطقهم في البادية وتدمر، أي من حيث جاؤوا. وإعادة أملاك المواطنيين الكرد لهم، التي سلبها النظام منهم ومنحها لعرب الغمر، وإلغاء الحزام العربي عمليآ وقانونيآ. وعلينا ككرد أن نراكم عوامل القوة بمعناها الواسع، وعلى رأسها ترتيب البيت الكردي الداخلي.
إحدى عشر، المصادر والمراجع:
1- مئة وخمسون عامآ من البحث الأثري في الجزيره السورية – محافظة الحسكة.
المؤلف: عبد المسيح بغدو.
– المديرية العامة للأثار – مركز باسل للبحث والتدريب الأثري، دمشق 2009.
الناشر: مطبعة الهيئة العامة السورية للكتاب.
2- تل حموكار – الموسوعة العربية، المجلد الثامن (ث – ج).
تأليف: مجموعة من المؤلفين.
الناشر: مؤسسة الموسوعة للنشر والتوزيع – الطبعة الثانية، دمشق عام 2003.
3- حموكار- الحوليات العربية السورية.
المؤلف: ماغواير جيبسون.
المترجم: عمر العظم.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – المجلد (45-46)، عام 2002 – 2003.
4- الإتجاهات العامة للإستيطان في حوض الخابور الأعلى الغربي.
– من العصر الحجري النحاسي وحتى الإسلامي “النتائج الأولية للمسح”.
المؤلف: ليونيه بيرتيل.
ترجمة: د. عبد المسيح بغدو.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – وثائق الأثار السورية 1 – عامد 2002.
5- الأقاليم الجغرافية السورية.
– البيئة الجغرافية للجزيرة السورية وإستيطانها.
المؤلف: عادل عبد السلام.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – وثائق الأثار السورية 1 – عامد 2002.
6- أصول أقدم الحضارات الزراعية في شمال شرقي سورية وتطورها.
المؤلف: نيكولاي ميربرت، رؤوف منشايف.
ترجمة: هالة مصطفى.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – الحوليات العربية السورية – المجلد (43) عام 1999.
7- مذكرة عن خمسة مواقع من اول الدور الحجري الحديث في سوريا.
المؤلف: فان وكونتانسون لير.
ترجمة: عدنان البني.
الناشر: الحوليات السورية – المجلد (13) عام 1963.
8- الالوهية والزراعة ثورة الرموز في العصر النيوليثي.
المؤلف: كوفان، جاك.
ترجمة: موسى الخوري.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – الحوليات السورية – دمشق، 1999.
9- سورية في عصور ما قبل التاريخ.
– معرض الاثار السوري الاوربي..
المؤلف: سلطان محيسن.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – دمشق، 1996.
10- الأنهار والبوادي – التراث الحضاري للجزيرة السورية وما حولها.
المؤلف: دومينيك وناتز وآخرون.
ترجمة: هلا عطورة.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف – الحوليات العربية السورية، دمشق عام 1999.
11- ظهور الكرد في التاريخ – الجزء الأول والثاني.
المؤلف: الدكتور “جمال رشيد أحمد.
الناشر: دار أراس للطباعة والنشر – الطبعة الثانية، أربيل عام 2005.
12- أريا القديمة وكوردستان الأبدية.
– الكرد أقدم الشعوب.
المؤلف: صلوات كولياموف.
ترجمة: إسماعيل حصاف.
الناشر: مؤسسة بحوث والنشر موكرياني- مطبعة روزهلات هولير، الطبعة الأولى عام 2011.
13- مهد البشرية، الحياة في شرق كردستان.
المؤلف: دبليو.أي. ويكرام وادكار. تي. أي. ويكرام.
ترجمة: جرجس فتح الله.
الناشر: دار أراس للطباعة والنشر – الطبعة الرابعة، أربيل عام 2010.
14- قبائل بدو الفرات عام (1878).
المؤلف: الليدي آن بلنت.
ترجمة: أسعد الفارس ونضال معيوف.
الناشر: دار الملاحة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى دمشق – عام 1991.
15- تقارير البعثة المنقبة في مدينة هموكاران في مواسم التالية: 1999 2000 2001.
المؤلف: ماكوير جيبسون.
الناشر: جامعة شيكاغو – أمريكا.
16- المسح الأثري و دراسات المشهد الطبيعي في منطقة تل حموكار 1999-2001.
المؤلف: جيسن أور.
ترجمة: سلام القنطار.
المصدر: الحوليات الأثرية العربية السورية.
العدد: المجلد 48، العدد 2005 -31 كانون الأول 2005.
الناشر: المديرية العامة للآثار والمتاحف -2005-12-31 .
17- الألوهية والزراعة، ثورة الرموز في العصر النيوليتي.
المؤلف: جاك كوفان.
تقديم: د.سلطان محيسن.
ترجمة: موسى ديب الخوري.
الناشر: منشورات وزارة الثقافة السورية – دمشق، عام 1999.
18- من البحر المتوسط الى الخليج – عبر حوران والبادية السورية وبلاد الرافدين.
المؤلف: ماكس فون اوبنهايم.
ترجمة: محمود كبيبو.
مراجعة وتقديم: ماجد شبر.
الناشر: شركة دار الوراق للنشر المحدودة- لندن لعام 2009.
19- البنى الاقتصادية والاجتماعية في المشرق العربي على مشارف العصر الحديث.
المؤلف: ايرينا سميليا نسكايا.
ترجمة: يوسف عطا لله.
الناشر: دار الفاربي بيروت – الطبعة الأولى، عام 1989.
20- الجزيرة الفراتية بين الصراع الفارسي والبيزنطي.
المؤلف: د.عفاف سيد صبرة.
المصدر: المجلة التاريخية المصرية – العدد 43 – القاهرة، عام 2005.
الناشر: الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
21- الأحوال الزراعية في إقليم الجزيرة الفراتية في العصر الأموي.
المؤلف: فؤاد عبدالرحيم الدويكات.
الناشر: المجلة الأردنية للتاريخ واللآثار – المجلد 7، العدد الأول لعام 2013.
22- تاريخ طور عبدين.
المؤلف: أفرام برصوم.
ترجمة: بولس بهنام.
الناشر: دائرة الدراسات السريانية – بيروت، عام 1963.
23- حضارة الفرات الأوسط “البليخ”.
المؤلف: محمد العزو.
الناشر: دار الينابيع – الطبعة الأولى، عام 2009.
24- وادي الفرات مدن فراتية – القسم السوري.
المؤلف: عبد القادر عياش.
الناشر: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع – 1989.
25- فيديو.
https://www.youtube.com/watch?v=Azpte-77b74
المؤلف: المؤرخ التركي ذو الأصول العربية : أحمد أغير أقجة.
الناشر: قناة الحمراء التركية – برنامج من ذاكرة إسطنبول.
26- فيديو.
https://www.youtube.com/watch?v=h-Td6t2LhZE
المؤلف: الوزير السوري السابق “أسعد مصطفى”.
الناشر: قناة العربية – برنامج الذاكرة السياسية.
27/ Jason A. Ur. 2010. Urbanism and Cultural Landscapes in Northeastern Syria: The Tell Hamoukar Survey, 1999-2001. Chicago: University of Chicago Oriental Institute. Open Access Publisher’s VersionAbstract
28/ Jason A Ur. 2002. “Settlement and Landscape in Northern Mesopotamia: The Tell Hamoukar Survey 2000-2001.” Akkadica, 123, Pp. 57-88.Abstract
29/ Jason A Ur. 2002. “Surface Collection and Offsite Studies at Tell Hamoukar, 1999.” Iraq, 64, Pp. 15-44.
30/ Jason A Ur. 2012. “Spatial Scale and Urban Evolution at Tell Brak and Hamoukar at the End of the 3rd Millennium BC.” In Looking North: The Socio-Economic Dynamics of the Northern Mesopotamian and Anatolian Regions during the Late Third and Early Second Millennium BC, edited by Nicola Laneri, Peter Pfälzner, and Stefano Valentini, Pp. 25-35. Tübingen University.
31/ Jason A Ur. 2010. “Cycles of Civilization in Northern Mesopotamia, 4400-2000 BC.” Journal of Archaeological Research, 18, Pp. 387-431.
32/ Jason A Ur. 2002. “The Collapse of an Early Urban Center in Northern Mesopotamia: The Case of Tell Hamoukar.” American Schools of Oriental Research Newsletter, 52, Pp. 8-9.
33/ Jason A Ur. 2002. “Settlement and Landscape in Northern Mesopotamia: The Tell Hamoukar Survey 2000-2001.” Akkadica, 123, Pp. 57-88.
34/ Jason A Ur. 2002. “Surface Collection and Offsite Studies at Tell Hamoukar, 1999.” Iraq, 64, Pp. 15-44.
35/ Climate and Ancient Societies.
By: Susanne Kerner, Rachael. Dann and Pernille Bangsgaard
© 2015 Museum Tusculanum Press and the authors
Composition and cover design: Erling Lynder
Set with Arno Pro and printed by Tarm Bogtryk – ISBN 978 87 635 4199 2.
36/ Zeder, M. A. 2003. “Food Provisioning in Urban Societies: A View
from Northern Mesopotamia.” In M. L. Smith (ed.), The Social Construction of Ancient Cities, Smithsonian Institution, 156-183. Washington,
D.C. and London.
37/ Wright, H. T., E. S. A. Rupley,]. A. Ur,. Oates and E. Ganem. 2006-2007.
“Preliminary Report on the 2002 and 2003 Seasons of the Tell Brak Sustaining Area Survey.” LesAnnales Archeologiques Arabes Syriennes 49-50:
7-21.
38/ Carlo Colantoni and Jason A Ur. 2011. “The Architecture and Pottery of a Late 3rd Millennium BC Residential Quarter at Tell Hamoukar, Northeastern Syria.” Iraq, 73, Pp. 21-69. Publisher’s Version
39/ Wilkinson, T. Ji C. French,]. A. Ur and M. Semple. 2010. “The Geoarchaeology of Route Systems in Northern Syria.” Geoarchaeology 25: 745-771.
40/ Wilkinson, T. LE. Wilkinson, J. A. Ur and M. Altaweel. 2005. “Landscape
and Settlement in the Neo-Assyrian Empire.” Bulletin of the American
Schools of Oriental Research 340: 23-56.
41/ Akkermans, P. M. M. G. and G. Schwartz. 2003. The Archaeology of Syria:
From Complex Hunter-Gatherers to Early Urban Societies (ca. 161 000-300
BC). Cambridge University Press. Cambridge.
42/ Algaze, G. and ]. Pournelle. 2003. “Climatic Change, Environmental
Change, and Social Change at Early Bronze Age Titri§ Hoyiik.” In
Ozdogan, H. Hauptmann and N. Ba§gelen (eds.), From Village to
Towns: Studies Presented to Ufuk Esin, Arkeoloji ve Sanat, 103-128. Istanbul.
43/ Archi, A. and M. G. Biga. 2003. “A Victory over Mari and the Fall ofEbla.”
Journal of Cuneiform Studies 55: 1-44.
44/ Bar-Matthews, M. and A. Ayalon. 201i. “Mid-Holocene Climatic Variations Revealed by High-Resolution Speleothem Records from Soreq
Cave, Israel and their Correlation with Cultural Changes.” Holocene 21:
163-171.
45/ Bintliff,]. L. and A. M. Snodgrass. 1988. “Off-Site Pottery Distributions: A
Regional and Interregional Perspective.” Current Anthropology 29: 506-
513.
46/ Charles, M. and A. Bogaard. 2ooi. “Third-Millennium BC Charred Plant
Remains from Tell Brak.” In D. Oates, ]. Oates and H. McDonald
(eds.), Excavations at Tell Brak1 Vol. 2: Nagar in the Third Millennium BC,
McDonald Institute for Archaeological Research and the British School
of Archaeology in Iraq, 301-326. Cambridge and London.
47/ Colantoni, C. and]. A. Ur. 201 i. “The Architecture and Pottery ofa Late 3rd
Millennium BC Residential Quarter at Tell Hamoukar, Northeastern
Syria.” Iraq 73: 21-69.
48/ Coombes, P. and K. Barber. 2005. “Environmental Determinism in Holocene Research: Causality or Coincidence?” Area 37: 303-31 i.
49/ Courty, M.-A. 1998. “Soil Record of an Exceptional Event at 4000 BP in the
Middle East.” In B.J. Peiser, T. Palmer and M. E. Bailey (eds.), Natural
Catastrophes during Bronze Age Civilisations, BAR International Series
728, Archaeopress, 93-108. Oxford.
50/ Courty, M.-A. 2001. “Evidence at Tell Brak for the Late EDIII/Early Akkadian Air Blast Event (4 kyr BP).” In D. Oates,]. Oates and H. McDonald
(eds.), Excavations at Tell Brak1 Vol. 2: Nagar in the Third Millennium BC,
McDonald Institute for Archaeological Research and the British School of
Archaeology in Iraq1 367-372. Cambridge and London.
51/ Courty1 M.-A.1 and H. Weiss. 1997. “The Scenario of Environmental Degradation in the Tell Leilan Region1 NE Syria1 During the Late Third
Millennium Abrupt Climate Change.” In H. N. Dalfes1 G. Kukla and
Weiss (eds.)1 Third Millennium BC Climate Change and Old World Collapse1 Springer Verlag1 107-147. Berlin.
52/ Danti1 M. 2010. “Late Middle Holocene Climate andN orthernMesopotamia:
Varying Cultural Responses to the 5.2 and 4.2 kaAridification Events.” In
B. Mainwaring1 R. Giegengack and C. Vita-Finzi (eds.)1 Climate Crises
in Human History1 American Philosophical Society1 139-172. Philadelphia.
53/ Deckers1 K.1 M. Doll1 P. Pfalzner and S. Riehl. 2010. Development of the Environment1 Subsistence and Settlement of the City of Urkes and its Region. Studien zur Urbanisierung N ordmesopotamiens Serie A Band 3. Harrassowitz. Wiesbaden.
54/ Eidem1 J.1 I. Finkel and M. Bonechi. 2001. “The Third Millennium Inscriptions.” In D. Oates1 J. Oates and H. McDonald (eds.)1 Excavations at Tell
Brak1 Vol. 2: Nagar in the Third Millennium BC1 McDonald Institute for
Archaeological Research and the British School of Archaeology in Iraq1
99-120. Cambridge and London.
55/ Geyer1 B.1 and Y. Calvet. 2001. “Les steppes arides de la Syrie du Nord au
Bronze ancien ou ‘la premiere conquete de l’est’.” In B. Geyer (ed.)1 Conquete de la steppe et appropriation des terres sur les marges arides du Croissant
fertile1 Maison de l’Orient Mediterraneen-Jean Pouilloux1 55-68. Lyon.
56/ Hole1 F. 1997. “Evidence for Mid-Holocene Environmental Change in the
Western Khabur Drainage1 Northeastern Syria.” In H. N. Dalf es1 G. Kukla
and H. Weiss (eds.)1 Third Millennium BC Climate Change and Old World
Collapse1 NATO ASI Series I Vol. 491 Springer Verlag1 39-66. Berlin.
57/ Hole1 F. 1998. “Paleoenvironment and Human Society in the Jezireh of
Northern Mesopotamia 201000-61 000 BP.” Paleorient 23: 17-29.
58/ Kuzucuoglu1 C .1 and C. Marro (eds). 2007. Human societies and climate change at the end of the Third Millennium: Did a crisis take place in Upper Mesopotamia? (Societes humaines et changement climatique a la fin du Troisieme
Millenaire: une crise a-t-elle eu lieu en Haute Mesopotamie?)1 Varia Anatolica
XIX1 IFEA (Istanbul) and de Boccard (Paris).
59/ Marro1 C.1 and C. Kuzucuoglu. 2007. “Northern Syria and Upper Mesopotamia at the End of the Third Millennium B.C.: Did a Crisis Take Place?”
In C. Kuzucuoglu and C. Marro (eds.\ Societes humaines et changement
climatique a la fin du troisieme millenaire: une crise a-t-elle eu lieu en haute
Mesopotamie?1 Varia Anatolica 191 Institut Franc;ais d’ etudes anatoliennes Georges-Dumezil1 583-590. Istanbul.
60/ Mcintosh1 R.J.iJ. A. Tainter and S. K. Mcintosh. 2oooa. “Climate1 History1
and Human Action.” In R. J. Mcintosh1 J. A. Tainter and S. K. Mcintosh
(eds.)1 The Way the Wind Blows: Climate1 History1 and Human Action1
Columbia University Press1 1-42. New York.
61/ Mcintosh1 R.J.J A. Tainter and S. K. Mcintosh (eds.). 2ooob. The Way the
Wind Blows: Climate, History1 and Human Action. Columbia University
Press. New York.
62/ Oates1 D.1. Oates and H. McDonald1 2001. Excavations at Tell Brak, Vol. 2:
Nagar in the Third Millennium BC. McDonald Institute for Archaeological Research and the British School of Archaeology in Iraq. Cambridge
and London.
63/ Riehl1 S. 2009. “Archaeobotanical Evidence for the Interrelationship of
Agricultural Decision-Making and Climate Change in the Ancient Near
East.” Quaternary International 197: 93-114.
64/ Ristvet1 L. 2005. “Settlement1 Economy1 and Society in the Tell Leilan
Region1 Syria1 3000-1000 BC.” PhD dissertation1 University of Cambridge.
65/ Roberts1 N.1 D. Brayshaw1 C. Kuzucuoglu1 R. Perez and L. Sadori. 2oua.
“The Mid-Holocene Climatic Transition in the Mediterranean: Causes
and Consequences.” Holocene 21: 3-13.
66/ Roberts1 N.1 W. J. Eastwood1 C. Kuzucuoglu, G. Fiorentino and V. Caracuta. 2011b. “Climatic, Vegetation and Cultural Change in the Eastern
Mediterranean During the Mid-Holocene Environmental Transition.”
Holocene 21: i47-162.
67/ Rosen1 A. Miller. 2007. Civilizing Climate: Social Responses to Climate Change in the Ancient Near East. Altamira Press. Lanham1 Maryland.
68/ Rosen1 A. Miller1 and S. A. Rosen. 2001. “Determinist or Not Determinist?
Climate1 Environment1 and Archaeological Explanation in the Levant.”
In S. R. Wolff (ed.)1 Studies in the Archaeology of Israel and Neighboring
Lands in Memory of Douglas L. Esse1 Studies in Ancient Oriental Civilization 591 Oriental Institute Publications1 Oriental Institute of the University of Chicago1 535-549. Chicago.[1]