الكرد شعب شاءت الظروف التاريخية القديمة والجديدة والتحالفات الدولية أن تفرق كيانة بين اقطار ودول العالم بعيدا عن وطنه الأصلي كردستان، وهي أرضه الوطنية والشرعية، قُسمت بالقوة لتصبح فيما بعد أقاليم مجزئة لسيادات الدول المجاورة. فقضية الكرد هي اسيرة للتوازنات والنزاعات الاقليمية، وتبقى القضية الكردية هي قضية إنسانية للشعب الكردي المصاب على مر العقود بالتمزق والتلف الجغرافي والاجتماعي والسياسي والنفسي الذي احدثته اتفاقيات دولية سلب حقوق المشروعة وحقه في تقرير المصير، وهو ما يُعتبر في إطار أحكام القانون الدولي “جريمة” بإمتيار ضد الانسانية، ويبقى الحل بعيد المنال وصعباً للغاية، ورغما عن ذلك ليس هناك مستحيل في عالم السياسة القائم على التحول والتبدل وما ضاق به الماضي والحاضر ربما يكون مستقبلاً . ولن ننسى بأن هناك هجرات قسرية على الشعب الكردي ببعض الدول الى يومنا هذا ومحو الديمغرافية الكردية ، فمبدء تقرير المصير لأي شعب له قضية إنسانية مؤثر في تحقيق الأمن والسلام وهو مبدء مقدس في العلاقات الدولية وتاريخنا الاردني في الاصرار على تقرير مصير الشعوب وتاكيد حقوقهم هي كلمة مقدسة وشعار لنا.
اذا بدأنا للمراحل التاريخية للكرد في الاردن، سنجد بأنها تاريخية من الجذر التاريخي للمنطقة في الربع الاخير من القرن التاسع عشر الميلادي والذين قدموا من حي الاكراد دمشق وحلب ومنطقة الجزيرة وماردين وديار بكر وأذكر ما قبل المرحلة الأيوبية و بدءً من المرحلة الأيوبية والتي مرت بمراحل حيث كانت الاردن مسرحاً للصراع الأيوبي الصليبي عندما حاصروا قلاع الافرنجة في الشوبك وبعدها انطلقت بقواتها من الاراضي الاردنية لمهاجمة قلاع الافرنجة في فلسطين ووسطها وفي مواقع الهوى ونابلس والقدس لتبقى القلاع شاهدة على حضارة الايوبيين . وكما إبان العهد العثماني ،والنزوح الى فلسطين وانتهاء الانتداب الفرنسي في سوريا ومرحلة الاستقلال وتنصيب الملك فيصل ملكاً على العراق وعلاقته بكردستان العراق ،حيث شهدت تلك المراحل أستقرار لعائلات من اصول كردية في مدن وقرى وريف الاردن ولعب الكرد بالاردن دوراً هاماً في بناء الدولة الاردنية وتطوير مؤسساتها الادارية والعسكرية ولا زالوا الى يومنا هذا.
وقد شكل الكرد في حملة صلاح الدين الايوبي محلة في السلط للمرابطة والمعيشة حيث سكن الجيش الكرد الهكاريين بين عام 1189\1177 م وما زالت الى اليوم تعرف بإسمهم وهي حي الاكراد او وادي الاكراد التي تقوم على السفح الجنوبي الغربي من قلعة السلط وهذا ما تناوله الرحالة السويسري بيركهارت السلط عندما زار السلط عام 1812م كتب عن مسلمي السلط بأنهم يتألفون من ثلاث عشائر هي الاكراد والقطيشات والعواملة .وكان الكرد يشكلون نسبة عالية في الجيش والدرك التركي المنتشر في مراكز شرق الاردن وقد أستقر الكثير منهم بعد ذلك في الاردن .
واذا استعرضنا الوجود الكردي في الاردن الذي ترافق مع وصول المغفور له جلالة الملك عبد الله الاول حيث رافقه الضابطان الكرديان خليل بكر ظاظا ونور الدين البرزنجي وكان في شرف استقباله في عمان الوجيهان سيدو الكردي وعلي الكردي ومعهم رشيد المدفعي .ولن ننسى ان رشيد المدفعي الذي من كبار قادة الجيوش الثورة العربية وشارك في تأسيس الجيش العربي وكان اول وزير دفاع في حكومة توفيق ابو الهدى عام 1939 في عهد الامارة الاردنية كما شغل منصب وزير داخلية وشغل منصب رئيس الوزراء الاردن سعدمحمد جمعة والذي شكل حكومة في 23 ابريل عام 1967م وحازت لاول مرة في تاريخ الاردن على الثقة بالاجماع من مجلس النواب الاردني فضلاً عن ذلك عشرات الأسماء البارزة التي شاركت بجميع مراحل تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية في جميع المجالات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية منهم يوسف الذهني وصلاح محمد جمعة ووليد مثقال عصفور وسعد الدين جمعة واشرف علي سيدو ومحمد مثقال عصفور وعمر اشرف الكردي وخير الدين الزركلي وعرف من رجال الادارة محمد طاهر افندي بدر خان 1909م ومحمد سعيد شمس الدين متصرف للواء السلط 1868-1872م .وهناك الأسماء الكثير التي لعبت دوراً مهماً في السلك الدبلوماسي.
بدأت العلاقات الاردنية الكردية قديماً وبدأت بالتواصل ما بين الزعيم الراحل مصطفى بارزاني والمغفور له الملك حسين بن طلال رحمه الله والذي كان له مواقف واضحة ومعروفة وإيجابية من القضية الكردية وخصوصاً العراق ومن العلاقات العربية الكردية عموماً وتطورت هذه العلاقات الدبلوماسية من خلال الزيارات وخاصة الرئيس السابق لأقليم كردستان مسعود بارزاني والرئيس الراحل جلال طالباني .ومن المعروف أن المغفور الملك حسين بن طلال والراحل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هما من القلائل الذين توسطوا مراراً بين كردستان والعراق للتحقيق السلام وتحقيق رؤية ومبادرات ذاتية لصداقات العلاقات العربية الكردية .
وتواصلت اللقاءات الى اليوم بين جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس نيجيرفان بارزاني والتي تؤكد دائماً حرصهما على العلاقات الثنائية وحرصهما على تعزيزها في كافة المجالات وتعزيز العلاقات التاريخية الثنائية المتينة ،
وهذا ان دل على شيء دل على حكمة الدور السياسي والريادي والسياسة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني وتمكينه من المحافظة على علاقاته المتينة مع الجميع بما يحقق مصالح الاردن الوطنية.
وكان الاردن اول بلد عربي يفتتح قنصلية بأربيل وكانت الخطوط الجوية الاردنية السباقة في تسيير رحلاتها من عمان الى اربيل والسليمانية .
تاريخ طويل وبارز للكرد الاردنيين سواء من جاء بقصد التجارة والعمل او النسب او التعليم او العصر الأيوبي او الجيش العثماني أو النسب وكان منها مع الاسرة المالكة .
الاردن يشكل نسيجاً وطنياً غنياً بالثقافات والقوميات المختلفة، يسعى أبناء الكرد كغيرهم الى إبراز لونهم وكيانهم وهم من يحملون تاريخاً حافلاً من الانجازات والوجود الزمني لهم على هذه الارض المباركة لأن تاريخهم ليس بسيطاً ولا قريباً من الناحية الزمنية والكرد اندمجوا وانصهروا مع الاردنيين في كثير من الصفات والعادات والتقاليد والكرد يعيشون على شكل عشائر صغيرةولكن العشيرة تحمل اسم كردي وهناك من انتسبوا الى اسماء عائلات لا اعرف السبب لها فمثلا كان هناك عائلات بالسلط (فلان الكردي الحياصات)وقرأت هناك فلان الكردي لأسماء لعائلات بدوية حسب قراءاتي للجداول الانتخابات والوثائق الحكومية وحسب جداول غير الرسمية .
والكرد يشتركون بالمشابهات العربية فمنهم البدوي والفلاح والمدني وهذه تقسيمات العالم العربي ويتمتعون بالشهامة والمرؤة والمحافظة على الارض والعرض وحماية الدخيل وساهموا بالكثير من القضايا التي تخص العرف العشائري .
فالكرد في الاردن هم اردنيين من الدرجة الاؤلى بالمواطنة والدرجة الاؤلى بالوجود الزمني .
يحملون في قلوبهم الولاء والانتماء على هذه الارض الطيبة وولائهم الى الهاشميين ولكنهم ايضاً يحملون حبهم لقوميتهم وذلك بالمحافظة على لغتهم وثقافتهم من أجل الاجيال القادمة وهذا هو أحد انواع الثقافات التي يجب أن يساهم الجميع من أجل وجود التنوع الثقافي في الاردن وكل انحاء الارض .
أما الاكراد الاردنيين في الاردن وتعدادهم حوالي 70 الف نسمة لعام 2008م لاحصاءات غير رسمية ، يسكنون في مناطق مختلفة من الاردن ويحمل منهم اسم الكردي او الكرد او أسماء العشائر المختلفة وهذا بعض منهم : الايوبي – زيباري – سيدو الكردي – بابان –الرشواني – الشيخاني –جلعو- بدر خان – اليكي – آل رشي -ظاظا- بكداش- سعدون – هشلمون – القيمري – نيروخ- الملا – قرةشولي –قرجولي- اورفلي – مارديني- هكاري – الايزولي – كمركجي- الجاف- برزنجي – الدقوري –اوميري- شمدين – مراد – آغا _وهناك الكثير من الأسماء .
إن الاردن وما ينعم به من تعايش بين مختلف مكونات الشعب الاردني ومن مختلف الاصول والمنابت هي تجربة يجب النظر والتعرف اليها في التعايش وهذه هي ما كانت إلا بفكر الهاشميين واخيراً يبقى أن نقول أن كل الاصول والمنابت هم اردنيين ولهم حقوق بالتساوي وولائهم للهاشميين ولا يفصلهم عن بعض الا عادات وتقاليد وبعضهم اللغة ولكننا اردنيين حتى النخاع ولدنا على هذه الارض ونموت بها ولأجلها .حمى الله الاردن وادام الهاشميين .
#أمل محي الدين الكردي.# [1]