ررفيق إبراهيم_
من جديد تنطلق رياح الحرية لترفض الاضطهاد والقمع والظلم، الذي ترتكبه الطغمة الحاكمة في قم وطهران، على الرغم من جبروت وطغيان النظام الحاكم في إيران، حيث تتعاظم رغبة الشعب الإيراني بمختلف انتماءاته يوماً بعد يوم في السعي للحرية والخلاص من ديكتاتورية الملالي، التي تستمر في قمع صوت الحق والحرية، صوت الديمقراطية والحقوق المغتصبة، وبات الشعب الإيراني والكرد بشكلٍ خاص يرفضون الارتهان والذل والخنوع للنظام الإيراني القائم على أساس القمع والظلم والاستبداد.
ولعل الأحداث الأخيرة التي حدثت تؤكد بأن الشعوب الإيرانية ماضية بالحصول على حريتها مهما كانت الأثمان، وكان السبب في انطلاقة شرارة ثورة جديدة تقودها المرأة تلك الفتاة الكردية #جينا أميني#، التي قُتلت بدمٍ بارد على يد ما تُسمى بشرطة الأخلاق، بسبب أن ارتدائها للحجاب لم يكن مناسباً حسب ادعائهم، لتصبح بعد استشهادها منارة للحرية، وأيقونةً للنضال والمقاومة، ومن ثم ليخرج عشرات الآلاف بمظاهرات حاشدة رافضةً هذه الأعمال الوحشية التي لا ترتكبها حتى البهائم، وهذا إن دلَّ إنما يدل على أن الشعوب الإيرانية وفي مقدمتهم الكرد، يعلنون عن تمسكهم بالحياة الحرة والكريمة، رافضين ما يقوم به النظام من انتهاكات وجرائم بحق الشعب بشكلٍ عام والمرأة بشكلٍ خاص.
لقد عانى الإيرانيون من الأنظمة الفاشية المتعاقبة منذ نظام شاه إيران، ولكنهم لم يتظاهروا ولم يرفضوا حكمه، على الرغم من السيئات الكثيرة التي كان يكتنفها، ففي أيام الشاه كان السافاك اليد الضاربة لكل من يفكر مناهضة الحكم آنذاك، ومع ذلك لم يثور الإيرانيون كما يثورون الآن، النظام في إيران يستخدم كل أنواع القمع ضد شعبه، ومع ذلك لا يتوانى الشعب الإيراني في الدفاع عن حقوقه المسلوبة، مهما كانت الأثمان باهظة.
وعندما جاء الخميني لقيادة ما سُميت بالثورة فَرِحَ الإيرانيون للتخلص من حكم الشاه في نهاية حياته، حيث التف الإيرانيون حوله، وكلهم أمل بقيام نظام مختلف عن نظام الشاه، يكون فيه المواطن الإيراني عزيزاً كريماً حراً، وحينها استطاع الخميني القيام بما سُميت الثورة وانتصرت تحت مسمى الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية، وعندما انتصر الخميني كان جلُّ الإيرانيين يتطلّعون إلى قيام نظام تعددي ديمقراطي حر فيه دستور جديد يحفظ حقوق جميع الإيرانيين من دون تهميش وإقصاء لأحد.
ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الإيرانيين، وخُذِل الشعب الإيراني، من حكم الخميني ومن جاء من بعده وصولاً للرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، الذي لم يفكر بخيارات الحل، لكنه تصدى بكل قمع للثورة الشعبية التي تقودها الآن المرأة الكردية، لإخماد ثورة المرأة الحرة التي دكت قصور الفاشية الإيرانية، ولقنت الديكتاتورية دروساً في التضحية والفداء.
النظام في إيران دائماً ما يشغل الشارع بما يجري في الخارج، وهناك شواهد كثيرة على ذلك والحرب الإيرانية العراقية خير مثال، وأيضاً الآن مسألة الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، لعل أن يعفيه المواطن الإيراني من كل ما يجري في الداخل، ولكن عندما يغيب الرجال عن الساحة تظهر النساء الثوريات اللواتي لا يقبلنَ الظلم والاستعباد، لقيادة الثورة الجديدة عبر جينا أميني التي زلزلت الأرض تحت أقدام النظام الإيراني الفاشي.
حيث شملت الثورة ثلاثين محافظة، لتؤكّد بأن الشعب الإيراني لم يعد يخاف آلة القمع الإيرانية مهما كانت النتائج، ونظام إبراهيم رئيسي إن أراد البقاء في السلطة، عليه تغيير النمطية التي يتعامل بها مع الشعب، وتحقيق مطالبهم ومن أهمها إلغاء حكم الإعدام، وإن لم يتم تغيير الذهنية في التعامل مع الشعب ستكون هناك ثورة عارمة قد تقلب الأوضاع رأساً على عقب، وهو ما لا يتمناه النظام الإيراني.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، كيف سيتعامل الغرب وبخاصةٍ الولايات المتحدة الأمريكية، مع الأحداث التي تتطور في إيران يوماً بعد آخر؟ لأنه حتى الآن ليس هناك موقف واضح مما يجري على الساحة الإيرانية، على المستوى الدولي بشكلٍ عام، فهل المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا عاجز عن إيجاد أي حل لما يجري؟
وهل سيتخلى بايدن عن الإيرانيين الآن كما تخلى سلفه أوباما عن الثورة الخضراء إبّان حكمه لأمريكا، أم سيكون له كلام آخر؟ فلننتظر الأيام القليلة القادمة.
أعتقد بأن الولايات المتحدة تستطيع القيام بعملٍ كبير من أجل الإيرانيين الذين يتصدون كل مرة لنظام الملالي، ولكن جهودهم تبوء بالفشل كل مرة، نتيجة تقاطع المصالح مع النظام الإيراني، وإدارة بايدن تعلم بأن الشعب الإيراني يتعرض لأقسى أنواع الظلم، ونحن مُدركين بأن الكلمة الأخيرة ستكون للشعب الإيراني في نهاية المطاف، لأننا ندرك تماماً بأن الحق سينتصر في النهاية على الباطل، والحياة ستنتصر على الموت.
المرأة الإيرانية بشكلٍ عام والكردية بشكلٍ خاص قالت كلمتها اليوم، لتتقدم صفوف الثوار في كل المدن الإيرانية، حيث باتت الآن أيقونة الثورة وقيادتها، وجينا أميني أصبحت المسمار الأخير في نعش نظام الملالي في إيران.
[1]