بقي شيروان رفقة آخر لوحةٍ رسمها لأكثر من يومين إلى أن تمكّن من إنهائها، يرافقه لساعات طوال، المنديل وقلم الرصاص والممحاة، وبعض الأدوات الهندسية.
شيروان محمد سعيد حسين، لاجئ كوردي من روجافآي كوردستان (شمال شرق سوريا)، يبلغ من العمر 28 عاماً، ويقيم منذ عام 2012 في مخيم دوميز التابع لمحافظة دهوك بإقليم كوردستان.
شَغِف شيروان الرّسم منذ صغره، إلا أنه بدأ برسم اللوحات متأخراً بعد كبره، وتحديداً منذ بدء ظهور جائحة كورونا في العالم قبل سنتين وفرض حظر التجوال، لكن الدقّة والإبداع في لوحاته، يدلّان على بذله لمجهودٍ وطاقة كبيرين للوصول إلى مستوى متقدم.
يقول شيروان لشبكة رووداو الإعلامية: لم أجد شيئاً يلهيني عن الضجر والملل وهدوء المخيم الذي لم أعتده فترة كوفيد 19، فخطر لي محاولة الرسم، وهذه الرغبة لم تأتِ من فراغ، إذ لدي شقيقتان رسّامتان، وبشكل عام عائلتي تحب الرسم والفنون.
تنقّل اللاجئ الكوردي بين مخيمات إقليم كوردستان بعد نزوحه، حتى استقرّ في النهاية بمخيم دوميز، الذي يعدّ أكبر مخيم لاستقبال الكورد اللاجئين من غرب كوردستان روجآفا، في اقليم كوردستان وعموم العراق.
يتقن الشاب الأعزب الذي شارف على دخول عقده الثالث، رسم البورتريه بالرصاص والفحم، إضافة إلى قلم الحبر الذي يعد من أصعب أساليب الرسم، إذ لا مجال للخطأ فيه، بحسب شيروان.
لم يكن التطور في مستوى شيروان نابعاً من موهبة ربّانية، إنما يستغرق أحياناً 10 ساعات في الرّسم يومياً، وهو ينهمك على الصفحة البيضاء لتصوير التفاصيل الصغيرة للوحته بشكل متكامل، فيقول: تعليمي كلّه كان ذاتياً وطورته من خلال الممارسة المكثفة.
ويعيش في إقليم كوردستان أكثر من 250 ألف لاجئ كوردي من مدن كوردستان سوريا روجافا، بالإضافة إلى المدن السورية الأخرى، لجأوا إليه بعد اندلاع الحرب في سوريا 2011، ويسكنون في مدن أربيل و السليمانية ودهوك، كما يسكن قسم منهم في المخيمات بأرياف المدن الثلاثة.
شيروان، ينحدر من مدينة عامودا بروجافآ، التي تقع حالياً ضمن نطاق سيطرة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، وتعرف محلياً بمدينة الشعراء والأدباء.
تترجم بعض لوحات شيروان لحظات ومشاعر النزوح واللجوء الصعبة، من خلال رسمه لطفل يبكي أو ملامح حزينة لامرأة مسنّة.
لم يشارك شيروان، العاطل عن العمل حالياً، في أي معرضٍ حتى الآن، لكنه كشف لرووداو عن عقده النيّة لعمل معرضٍ في مخيم دوميز قريباً.
ورغم أن المجتمع الكوردي محب للمواهب ومثقف، برأي شيروان، لكنه أكّد أنه لم يتلقى دعم أي جهة رسمية أو غيرها، لا في روجآفا ولا حتى إقليم كوردستان أو أوروبا.
وفيما إذا كان يعمل على بيع لوحاته ويقتات منها أجراً، ذكر شيروان لرووداو أن الطلبات تأتيه من أوروبا، لكن سعر الحوالة المضاعف، يصعب عليه إرسالها إلى هناك، مبيناً أنه إذا توفّرت طريقة للشحن دون تضرر اللوحة، فسيعمل بلا شك على بيعها وإرسالها حسب الطلب.
وحول الصعوبات التي تعترض طريقه حالياً، عدّد بعضاً منها، وهي صعوبة تأمين ورق الرسم، وغالبية الأدوات تكون غير متوفرة، وإذا انوجدت فسعرها غالٍ، مما يضطره إلى استيراد بعضها من الخارج.
شيروان، يعتبر الرّسم منقذه وعالمٌ آخر يحيا فيه، خصوصاً وهو يعيش بعيداً عن عائلته التي تقيم في أوروبا، دون أن يخفي رغبته في الالتحاق بهم إذا تهيأت له الظروف. [1]