هيثم هورو
-1-
ارسلت نازلي المقيمة في إحدى قرى مدينة #عفرين# الى أخيها ريفان صرة مليئة باوراق العنب الخاصة لطبخ اليبرق وهي الأكلة التراثية الشهيرة والمفضلة لدى تلك المنطقة .
وصلت تلك الصرة عن طريق ابن حماها لنازلي والذي كان يملك سيارة بيك آب من النوع هيونداي يعمل عليها لنقل البضائع والخضروات الموسمية الى السوق الهال الكائن في وسط مدينة حلب، وبينما كان صاحب البيك آب وريفان يحتسيان القهوة، اصر سيامند على أبيه بأن يصطحبه ذاك الضيف معه الى قرية عمته الحنونة للتنزه فسمح له والده، ولا سيما كانت فترة عطلة المدارس .
وفي القرية اقترحت العمة على سيامند وقالت بني ما رأيك ان تأخذ الجدايا وتسرح بهم اشارت له عند ذلك الجبل، ففرح سيامند كثيراً فتشجع للعمل املاً بأن تكرمه عمته ببعض من المال، أو تشتري له ثياب جديدة لقاء عمله في رعي الجدايا، وعلى الفور وبشوق عالي ذهب سيامند وهو يدفع بالجدايا صوب الجبل، وهناك بدأت الجدايا الصغار تقضم الأعشاب الندية الخضراء تارة واغصان شجيرات البلوط الناعمة تارةً أخرى، وبينما كان سيامند جالس ومتكئاً على عصا جاءت فتاة فقيرة الهيئة، رائعة الجمال وهي الأخرى تسرح بالخراف الصغار، ومرت بالقرب من جدايا عمة سيامند، واختلطت الخراف مع الجدايا وانضمت للمشاركة في سباق قضم اوراق اشجار القطلب الطرية المنتشرة هناك بكل شهية، حينها توقفت الفتاة عن المسير، وسلمت على سيامند وجلسا على تلة بالقرب من شجرة البطم، وهما يراقبان السباق الذي بدأ تواً بين فريق الجدايا، وفريق الخراف، وتخللها التعارف بين كوليزار وسيامند، ودار الحديث فيما بينهما عن طبيعة الحياة في القرية .
عند غروب الشمس عاد سيامند وكوليزار الى القرية وهما يدفعان بالخراف والجدايا معاً حتى وصلا مركز القرية، وبعد ذلك اتجه كل واحد مع قطيعه نحو بيته .
-2-
تكررت هذه اللقاءات بين سيامند وكوليزار على مدى شهر من الزمن ونشأت بينهما علاقة غرامية والمزين بالإعجاب بين الطرفين، وفي احد الايام بينما كانا جالسان تحت ظل شجرة سنديانة كثيفة الأغصان أما الجدايا والخراف كانت مشغولة في الرعي، استغل شيطان سيامند الخلوة العارمة باللعب بغريزته الجنسية وساءت نيته اتجاه كوليزار، ولا سيما هما يعيشان أوج فترة المراهقة، ولم يتما السادسة عشر عاماً، حينها ثارتْ غريزة سيامند وخرج عن سيطرته، وتجرأ اولاً بتناول قُبلة من خد كوليزار خلسةً، وهي الأخرى أحمرت وجنتيها خجلاً التي لم يحذرها شيطانها الأخرس من العواقب الوخيمة التي ستأتي لاحقاً، أما سيامند تابع حفلته الرومانسية وتحرضت رغبته الجديدة والجامحة في وسط تلك الطبيعة، ولم يتمكن من كبح شهوته التي وصلت لديه الى ذروتها، ولا سيما أثناء الزحف على بدن كوليزار، ولا تريد مقاومة سيامند، حتى وصلا الى حد الإشباع الجنسي، وعلى اثر ذلك فقدت كوليزار عزريتها تحت ظل تلك الشجرة، وقبل غروب الشمس كالمعتاد عاد سيامند وكوليزار الى القرية برفقة قطيع الجدايا والخراف وهما يتبادلان الحديث عن لحظات المتعة التي عاشاها في ذلك المكان .
في المساء شعر سيامند بأنه ارتكب خطيئة كبرى لذا طلب من عمته الإذن بالمغادرة صباحاً الى بيته في مدينة حلب حينها تفاجئت العمة سائلةً هل ازعجك احداً من القرية ؟ رد عليها سيامند لا، فقط اريد العودة الى منزلي أجابت العمة كما تشاء يا بني .
-3-
بعد مرور ثلاثة أيام تأكدت كوليزار أن سيامند قد توارى عن الأنظار وتركتها وحيدة في تلك الورطة الكبيرة، وبدأ يساورها القلق والتوتر الشديد ولم تستطع البوح لأحد، لأنها ارتكبت خطأً قاتلاً، ولذا كان يراودها دائماً فكرة الإنتحار لكنها لم تتجرأ فعل ذلك ثم أخذت تفكر بالبحث عن الشخص القريب من قلبها كي تستنجد به فلم تجد سوى جدتها اللطيفة التي كانت تعيش معها في نفس المنزل، فقامت واخبرتها عن ارتكابها غلطة فظيعة، عندها أصابت الجدة بصاعقة الورطة التي جنت على نفسها كوليزار، ونعتها بالغبية وقذفها بكلمات نابية من جراء فعلتها التي لا تغتفر، ثم صفنت الجدة طويلاً ونطقت قائلةً : بنيتي لقد وقع الفاس بالراس لذا أطلب منك أن تبقي هذا الأمر طي الكتمان ولا تبوحي لأي شخص كان ريثما اجد حلاً لهذه المصيبة الكبيرة، وبعد مرور يومين من تفكير الجدة ليلاً ونهاراً التي خشيت ايضاً ان تكون كوليزار قد أصبحت حامل من سيامند فتلك هي الفضيحة الكبرى التي لا يمكن تسترها بتاتاً، لذا غادرت بمفردها الى مدينة حلب، وهناك التقت بوالد سيامند واخبرته ما فعله ابنه سيامند بحفيدتها كوليزار هو الآخر جن جنونه، وانصدم بالبلاء الذي حلّ عليه بشكل خاص وعلى سمعة العائلة بشكل عام بين اهل قريته والقرى المجاورة لهم، فقام حالاً بالتحقيق مع ابنه سيامند بعد أن صفعه صفعتين على وجه كي يقر على فعلته، وفي نهاية تحقيقه تأكد ريفان بأن ابنه سيامند مذنب في مس شرف كوليزار وهو يقول في قرارة نفسه هذه الفتاة المسكينة اخطأت، وابني ارتكب الخطأ الأكبر لو علم والدها سيضطر الى قتلها غسلاً للعار الذي الحق به وتنفيذاً للعرف في تلك المنطقة حينها أكون مشاركاً في جريمة القتل وبعد التفكير بحكمة قرر ريفان أن يحل هذه المشكلة بطريقته الخاصة والغير مسبوقة في ذلك الزمن، ثم قال: لجدة كوليزار سيدتي الكريمة أقدم اعتذاري الشديد على الذنب الذي ارتكبه ابني سيامند لذا الحل الوحيد هو كالتالي اولاً : سنتقدم لخطبة كوليزار وسندع الامور تسير بشكل طبيعي وفق عاداتنا المألوفة، ثانياً : نقيم حفلة العرس خلال الأسابيع القادمة ومن الآن سأقوم بالتحضيرات اللازمة قدر المستطاع، حينها برزت علامات السرور والطمأنينة على وجه جدة كوليزار بهذا الحل المنصف والذي سينقذ حياة حفيدتها من غسل العار وهو القتل المحتم.
- أما المفاجئات التي تنتظرها في الحياة الزوجية لا يعلمها إلا القدر .[1]