روزالين بكر
#مهسا أميني# المعروفة باسمها الكردي (جينا أميني ) ذات 22 ربيعاً، هي شابة كردية تنحدر من مدينة (سقز) التي تتبع محافظة كردستان نشأت ضمن عائلة كردية مثقفة وعاشت حياتها في مسقط رأسها المدينة التي تعرضت للكثير من سياسات القمع الإيراني خلال فترات تاريخية متتالية وصولاً إلى يومنا الراهن. خلال شهر أيلول المنصرم تم احتجاز مهسا من قبل شرطة الأخلاق بتهمة مخالفة قانون العقوبات الإسلامية بموجب المادة (638 )التي تفرض إلزامية الحجاب للمرأة وخلال فترة الاحتجاز توفيت جينا بسبب تعرضها للضرب العنيف وخاصة على رأسها علما أن هذا القانون ينص على حجز المرأة من عشرة أيام إلى شهرٍ ودفع فدية مالية و(74)جلدة كعقوبة. حدثت وفاتها بعد انقضاء مدة قصيرة من اعتقالها وتم تبليغ ذويها بذلك مما أثار سخط الرأي العام وخاصة المرأة في إيران اللواتي سرعان ما خرجن إلى الساحات مطالبين بفتح تحقيق بما حصل مع مهسا لأن شرطة الأخلاق أنكرت موضوع التعذيب الذي تعرضت له الفتاة. لتنتشر الاحتجاجات في مختلف أرجاء إيران التي واجهت الانتفاضة بالقمع الأمرُ الذي زاد من حدتها وتوسعها جغرافيا وارتفاع نسبة المشاركة المجتمعية فيها لتشمل الرجال والنساء ومختلف فئات ومكونات المجتمع من مثقفين وشخصيات إعلامية وسياسية وشخصيات ذات تأثير في المجتمع الإيراني الذين أبدوا رأيهم المناهض للقمع الذي يديره الحرس الثوري عبر ضرب المحتجين والتفريق القسري لهم وإجراء حملة اعتقالات واسعة لكل فئات المشاركين والمؤيدين من نساء ورجال أي المجتمع ككل.
هذا وقد نشر تقرير إعلامي للحرس الثوري بأن أغلب المعتقلين خلال الاحتجاجات هم الفئة الشابة وقد تجاوز عدد المعتقلين الآلاف بحسب تقرير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية وعدد القتلى (185) شخصاً من مختلف مدن البلاد ومختلف القوميات العرقية نساءً ورجالاً وهناك تقرير للاتحاد الدولي للصحافيين بأن هناك (22) صحفياً معتقلاً حتى الآن وبخصوص العدد النهائي للمعتقلين حتى الآن غير واضح بسبب استمرار الثورة وتوسعها يوماً بعد يوم ويبدو أن المرأة الإيرانية استطاعت تحريك المجتمع ضد ظلم السلطة في البلاد مطالبين بالحرية وربط حرية المرأة بحرية المجتمع كون المرأة هي من بدأت هذه الاحتجاجات وبزخم كبير ولكن سرعان ما ساندها مجتمعها بذلك حسب آراء وتصريحات بعض الإعلاميين الواردة من الداخل الإيراني ولوحظ أن الشعار الرئيسي للمتظاهرين مرأة …. حياة …. حرية … وهو شعار الجميع ككل نساء ًورجالاً وهذا الشعار يُطلق لأول مرة في الساحة الإيرانية وهو غريب لهم ولكن بالنسبة للمرأة في شمال وشرق سوريا ليس بالغريب فهو جزء من مفهوم الأمة الديمقراطية في قضية المرأة وتحررها ومطالبتها بالحرية والمساواة ضمن المجتمع ويبدو أن المرأة الإيرانية بفضل تأثرها بالمحيط الكردي تحاول لعب دورها في فتح آفاق الحرية داخل مملكة القمع، ويبدو أنها هزت حكم الجمهورية الإسلامية فخوف سلطة البلاد واضح جداً من صرخة المرأة المطالبة بحريتها وظهر ذلك في تصريح علي خامنئي في إطار تخفيف الاحتقان بأنه حزين لوفاة مهسا أميني بهذه الطريقة ولكن يبدو أن رأي خامنئي العاطفي لم يكن له تأثير على الشعب المنتفض حيثُ رفعوا شعاراً آخر وهو الموت لخامنئي لأنه هو صاحب الكلمة النهائية في البلاد وشعار آزادي …آزادي …آزادي أيضا مسيطر وعنوان لهذه المظاهرات مطالبين بتغيير النظام كما يبدو أن الشعب الإيراني متعطش للحرية فهذه ليست المرة الأولى التي ينتفض فيها الشعب ضد حكم الجمهورية الإيرانية الإسلامية لكنها الأوسع والأشمل من ناحية مشاركة مكونات البلاد وفئات المجتمع وأيضا جذب الرأي العالمي نحوه كون المرأة هي من تدير هذا الحراك واستخدمت العديد من الناشطات والشخصيات السياسية منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهن بقص خصلات وضفائرمن شعرهن وحرق الحجاب للرد على القمع المتواصل من قبل حكومة خامنئي وأمثاله وأقيمت العديد من الفعاليات لمؤسسات المجتمع المدني على المستوى الدولي والإقليمي داعمة ومساندة الاحتجاجات وظهرت تقارير رسمية بهذا الخصوص رافضين ما تتعرض له المرأة داخل إيران ولكن هنا من الجدير بنا التنويه بأن قانون فرض نمط حياة معينة على المرأة جسديا موجود أيضا في السعودية وأفغانستان وطبعاً إيران هي الأكثر تطبيقاً لهذا القانون وهو المقتبس من عقيدة الحسبة التي تأتي من الاحتساب وهو قيام المسلم بعمل طالباً به الثواب من الله إن هذا الواقع المفروض على المرأة في القرن الحادي والعشرين ليس خيالاً بل هو حقيقة واقعية فالمرأة في بعض المجتمعات وقبل خروجها من المنزل سواءً إلى العمل أو الدراسة أو التسوق والتنزه جلّ ما تهتم به هو التأكد من إخفاء شعرها وإحكام تغطية ذراعها وساقها مثال حال المرأة في إيران خوفاً من عقوبات قد تطالهن وطبعا هو مطبق كعرف إسلامي ببعض المجتمعات الأخرى ويمكن أن يكون مخفياً أكثر تحت ستار العادات والتقاليد الدينية أكثر منه كقانون صادر في البلاد بشكل رسمي رغم كل الضغوطات الاجتماعية الدينية السياسية على المرأة بهدف إبعادها عن المطالبة بحريتها لم تنجح أي جهة بذلك حتى الآن لأن فطرة المرأة وشغفها بالحرية تولد معها ودليل ذلك ما نشاهده اليوم المئات من النسوة داخل سجون الأنظمة المستبدة لأسباب عديدة منها سياسية ومنها ايديولوجية وبعضها دينية وأخرى اجتماعية خاصة في الشرق الأوسط ولا تزال المرأة مستمرة في مناداتها بالحرية والمساواة وتحرر مجتمعها. ربما يستطيع النظام الإيراني إخماد نار الاحتجاجات الحالية والسيطرة عليها لعدة عوامل منها إن الاحتجاجات الشعبية لم تحظَ على الدعم المطلوب داخليا من قبل رجالات الدين و السياسية والشخصيات المؤثرة وأيضا غياب موقف دولي صارم ضد هذا القمع الذي يظهر بالداخل الإيراني كل هذه العوامل الموضوعية ربما ستكون سبباً كما السابق في إخماد الثورة الشعبية في إيران بالرغم من أنها الأقوى خلال هذه السنوات الأخيرة والأشمل . بالمحصلة استطاعت المرأة الإيرانية طبع بصمتها في طريق الحرية ولفتت أنظار المجتمعات ودول العالم لنضالها وريادة مجتمعها إن درب حرية المرأة هو الدرب الذي لن يتوقف يوماً عن السير والتاريخ النسوي الخفي شاهد على هذا إلى يومنا الراهن وحتى الآن تاريخ المرأة لم يكتب وينتظر من يكتبه .[1]