روناهي/ قامشلو
تجاوزتِ الاحتجاجاتُ والمظاهراتُ، التي تجتاح إيران حادث مقتل الفتاة الكرديّة جينا أمينيّ على يد السلطات الأمنيّة، والتي تحوّلت إلى رمزٍ وحّد ملايين الإيرانيين؛ منددين بممارساتِ السلطةِ القائمة، ومطالبين بالتغييرِ والحريات، وإخراج المرأة من قواقع الإقصاء والتهميش، والقمع بذريعةِ أحكامِ الدين، وكان لافتاً الزخمُ الكبيرُ في حجم المشاركة الشعبيّة في التظاهرِ، ليضعَ مجمل النظام السياسيّ والدينيّ، والأمنيّ أمام اختبار البقاء.
الظلمُ والقمعُ طريقا التغيير
تُولد الثوراتُ الشعبيّةُ من رحمِ واقعِ الشعوبِ، التي تعاني الظلمَ والقمعَ، ونتيجة التراكمِ والضغطِ، فيتفجر الغضبُ الشعبيّ، الذي ينتظر لحظة الصفر، أو يتحول حدثٌ استثنائيٌّ إلى متنفسٍ يفجّر الاحتقان المتراكم نتيجة سياسة السلطة المستبدة.
وهذا حال معظم الثورات بالتاريخ الحديث منه، والقديم، ويصبح حدث، أو شخصٌ بعينه سببَ أيقونة الثورةِ ورمزها، ويجسد معاناة الشعب، ومحرضاً لتحدّي السلطة المهيمنة، ومثال ذلك البوعزيزي، الذي أحرق نفسه في تونس احتجاجاً على الظلم، فكان الشرارةَ التي أشعلت الثورة في تونس، ومنها انتقلت العدوى لباقي بلدان ثورات ما يسمّى (الربيع العربي)، وفي سوريا كان إقدام فتيةٍ على كتابة عباراتٍ تنادي بالحرية سببَ اعتقالِ السلطات الأمنيّة لهم وتعذيبهم، لتقدح الشرارة الأولى التي سرعان ما تحولت إلى حراكٍ شعبيّ في عمومِ سوريا وخرجتِ المظاهراتِ المطالبة بالتغيير والمطالبِ المحقّة والمنددة بكلِّ سلوكيات الاستبداد والقمع التي تراكمت على مدى عقودٍ مضت.
أشعل حادث مقتل جينا أميني الفتاةُ الإيرانيّة الكرديّة الأصل على يد قوات الأمن الإيرانيّ، الاحتجاجاتِ في معظم أرجاء إيران، وتجاوزت حالة التضامن، وتلقف الشعب الإيرانيّ الخبر ليفجّر تلقائيّاً غضبه، بوجهِ سلطة الولي الفقيه المستبدة والظالمة على مدى عقود مضت (43سنة)، وهذا حال معظم الثورات، التي لا تنطلقُ من فراغ، فالظلمُ الممارسُ من قبل السلطاتِ القمعيّة المستبدة، ليس فرديّاً، ولا يميّز بين عامة الشعب، وهو الأمر الوحيد، الذي تقومُ السلطة المستبدة، بالعدل في توزيعه على شعبها.
تلجأ السلطاتُ المستبدة عادةً، إلى إلقاء اللومِ في ارتفاعِ أصواتِ الاحتجاجات ضدها، على جهات خارجيّة في محاولةٍ لزرعِ الفتنةِ بين حشودِ المحتجين، واتهامهم بالعمالة وأنّهم مجردُ أدواتِ زعزعةِ استقرارِ البلدِ، ولكن السؤال المطروح؛ هل القمعُ والاستبدادُ أدواتٌ لمواجهةِ الأخطارِ الخارجيّةِ؟ أليست العدالة والحرية وكرامة الإنسان وتحسين الوضع المعيشيّ عوامل أساسيّة في زيادةِ مناعةِ المجتمعاتِ وقوتها؟ من المؤكد أنّ العلاقات السياسيّة للدول ليست مستقرة، ولكلِّ دولةٍ أعداء وأصدقاء، إلا أنّه بمجرد أن ترفعَ الشعوبُ صوتها مطالبةً بحقوقها وتحسين المعيشة والخدمات يُوجّه لها الاتهام بالعمالة!
الانتفاضة من بعد رقاد
أثار خبر اعتقال الفتاة الكرديّة جينا أميني، ومقتلها في مركزِ الاحتجاز تحت التعذيب موجةَ احتجاجاتٍ واسعةً عمّتِ البلادَ، واندلعت مواجهاتٌ عنيفةٌ بين الأمنِ الإيرانيّ، والمتظاهرين، ولم تقتصرِ المظاهراتُ المنددة بالجريمةِ داخلِ إيران، فخرجت مظاهراتٌ منددةٌ بجريمةِ قتلِ “جينا” ومتضامنة مع المطالبةِ بحقوقِ المرأة الإيرانيّة، في معظم الدولِ الأوروبية وأمريكا، وحتى شمال شرق سوريا، وارتفعت في إيران هتافات مثل (الموت للديكتاتور) المقصود به (المرشد الإيرانيّ علي خامنئي)، وشعار “الحرية للمرأة”، وأُحرقت خلالها أغطية الرأس، وقصَّ المتظاهرات شعرهن، تعبيراً عن رفضِ القمع والتسلط، والعبوديّة المفروضة على المرأة الإيرانيّة، وحلق بعضُ الرجالِ لحاهم، ورأى المتظاهرون في “جينا” الصورة المعبرة عن معاناتهم وقهرهم، وأنّ ظروف اعتقالها، ومقتلها على يد الأمن والشرطة الدينيّة، تمثل مصير أيّ إيرانيّ يختلفُ مع نظام الملالي.
خلال المظاهرات كانت المرأة الإيرانيّة المحرك الأساسيّ، التي حركت الشعب، رغم قمع السلطات، والسؤال الذي يطرحُ نفسه هل تستطيع المظاهرات، والاحتجاجات الأخيرة تحقيق طموحاتِ الشعب الإيرانيّ، بتغيير النظام الإيرانيّ وتحقيق حرية المرأة؟ وبالتالي حرية الشعوبِ الإيرانيّة، الإجابة صعبة بالوقت الحالي فمازال النظام الإيرانيّ متمسكاً بالسلطة، وعلى رأسها، منذ وصول الملالي إلى حكمِ البلاد عقب سقوط حكم الشاه، ورَفعت شعارات شكّلت أرضيّة أساسيّة للنظام، وهي العداء لأمريكا، وإسرائيل، وتصدير الثورة الإسلاميّة إلى الخارج، وتطبيق الشريعة الإسلاميّة، ويعد التفريط والتنازل عن أيّ من هذه الشعارات تغييراً في قواعد النظام وأسسه الصلبة، التي بنى هيمنته الداخليّة، والخارجيّة عليها، وكذلك تراجعاً للوراء، وهذا أمر مستبعدُ الحدوثِ.
هذه الاحتجاجات على عكس، التي سبقتها، فمعظم الاحتجاجات السابقة كانت مطالبها، معيشية، اقتصادية، واحتجاجاً على الغلاء، ومظاهرات طلابية، وانتفاضات الأقاليم، التي تنتمي إلى غير الفارسية، مثل إقليم الأحواز، والأقلية البشتونية، ومحافظة كردستان للمطالبة بحقوق ثقافية، هذه المرة الأمر مختلف حيث تشارك كل فئات المجتمع الإيرانيّ، وأطيافه، وأعراقه، وترفع مطالب حقوقية وتغيير النظام الدينيّ ورموزه وتحرير المرأة، فقوة الاحتجاجات تكمن ببقائها سلمية، وعدم تسلق الأحزاب، والشخصيات السياسيّة على المطالب الشعبية لتحقيق مكاسب لها، وعدم الانزلاق الى العنف، والتسلح هذا إن حصل فسيعطي النظام فرصة للإفراط في استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.
مصادرة الخميني للثورة الإيرانيّة
لم يكن وضع إيران أيام الشاه أفضل حالاً، وقد قامت الثورة ضد نظام الشاه؛ بسبب عدة ممارسات، منها محاولة قسريّة لصبغ البلاد بصبغة غربيّة علمانيّة، الأمر الذي رات فيه التيارات الإسلاميّة، بأنه اتباع الشاه بصفته حاكم دولة مسلمة للغرب، بالإضافة إلى أن البلاد كانت تعاني من أزمات اقتصادية ناتجة عن السياسات الخاطئة، لم تقتصر المشاركة في الثورة عل التيار الإسلاميّ، الذي كان ينظر إلى الصراع مع الشاه، من منظورٍ دينيّ طائفيّ بتشبيهِ الشاه بيزيد بن معاوية، وتشبيهِ الخميني بالحسين بن علي المدافع عن شيعته ضدَّ استبدادِ الطاغية، وشاركت فيها كلُّ أطياف المجتمع الإيرانيّ من ليبراليين، وشيوعيين، وعلمانيين، وكان للمرأة الإيرانيّة مشاركة لافتةً في الثورةِ التي كانت تعاني من ظلم، وتهميش نظام الشاه رغم المحاولات لتلميع صورته عبر منع الحجابِ وعدم إلزاميّة ارتدائه.
بعد سقوط نظام الشاه، حاول الخمينيّ التفرد بالحكم وإقصاء كلّ منافسيه، واحتكار الحكم وكان قد صرح بأنّ أعضاء الحكومة يجب أن يكونوا 100% شيعة، وتم منح صلاحيات واسعة للخمينيّ، وتمت تسميته القائد الأعلى، وتم تعزيز سيطرته على الأجهزة الأمنية والعسكريّة، وفرض شرط حصول تعيين المسؤولين في الدولة كافة على موافقة الخميني.
بعد نجاح الثورة، قام الخميني بمصادرتها وإبعاد كلّ خطر يهدده، واحتمال قيام انقلاب ضده، بداية بإعدام 200 جنرالٍ كبيرٍ، ومسؤولين كبار في عهد الشاه، وحتى ملاحقة المسؤولين السابقين الذين فروا بعد الثورة، واغتيالهم، فتم اغتيال 63 مسؤول في الخارج، منهم شابور بختيار رئيس الوزراء السابق، بالإضافة إلى استخدام أسلوبِ التكفير ضد معارضيه، واتهامهم بالردة، ودعا إلى تحريم استخدام كلمة ديمقراطيّة على أنّها بدعةٌ غربيّةٌ.
بعد أسبوعين من ثورة 1979، أصدر مكتب الخميني رسالةً في 26/2/1979، أعلن فيها، أنّ “تطبيق قانون حماية الأسرة قد توقف في جميع المحاكم”، ووفقاً لصحيفة كيهان، 4/3/979 مشروع اللائحة لإلغاء قانون الخدمةِ الاجتماعيّة للمرأة “، وافق عليها اجتماع لمجلس الوزراء للحكومة الثوريّة المؤقتة بتاريخ 27/2/1979.
وأفادت صحيفة «كيهان» في #07-03-1979# خبر تجمع آلاف النساء في العاصمة طهران في مبنى العدلية للاحتجاج على الحجاب القسريّ، وأعلنت أنَّ في الاجتماع احتجت النساء على إلغاء قانون حماية الأسرة. وقُمعت هذه المظاهرة السلميّة بوحشيّة من قبل القوات المحرضة من قبل الحكومة الجديدة، وأصدرت منظمة مجاهدي خلق بياناً في 12/3/979 أعلنت فيه، أن أيَّ فرضٍ للحجابِ قسراً على النساء غير عقلانيّ، وغير مقبولٍ
وواجهت السلطات الأمنيّة تظاهرة نسائيّة عام 1981 بالرصاصِ لتفريقهن، وشنّت حملات اعتقال وتعذيب ونفذت أحكام الإعدام
مدافعات عن حقوق المرأة رهن الاحتجاز
من بين المدافعات العديدات عن حقوق المرأة، اللاتي يتحلين بالشجاعة، وبرزن في تحدي قوانين الحجاب الإلزاميّ بإيران نسرين ستوده، المحامية والحقوقية البارزة، ففي آذار 2019، حُكم عليها بالسجن لما مجموعه 38 سنة، وستة أشهر، وبالجلد 148 جلدة، وذلك عقب إدانتها في محاكمتين منفصلتين بالغتي الجور، ومن بين التهم الموجهة إليها، “التحريض على الفساد والبغاء”، نتيجة عملها كمحاميةٍ تمثلُ نساءً، قُبض عليهن لاحتجاجهن ضد قوانين الحجابِ الإلزاميّ، ولمعارضتها هي نفسها للحجابِ الإلزاميّ، ولنزعها غطاءَ رأسها في السجن، وعليها أن تقضي 17 سنة من الأحكام الصادرة بحقها في السجن.
وفي نيسان 2019، وعقب فترة وجيزة من صدور الحكم بحق نسرين ستوده، قبض على ياسمين آرياني، ووالدتها منيرة عربشاهي، وعلى موجغان كشاورز، وجميعهن عقب نشر شريط فيديو على شبكة الإنترنت في “يوم المرأة العالمي”. حيث يشاهدن في شريط الفيديو، وهن يسرن في ممرات أحد قطارات مترو الأنفاق في طهران دون غطاء الرأس، ويقدمن الزهورَ للنساء في عرباتِ المترو.
وقبض على زوج نسرين ستوده، رضا خاندان، في أيلول 2018، عقب نشره رسائل على فيسبوك حول انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، بما في ذلك مقاضاة النساء اللاتي قمن بالاحتجاج ضد قوانين الحجاب الإلزاميّ، وفي كانون الثاني 2019، حكم عليه، وعلى فرهاد ميثمي بالسجن لدعمهما حركة حقوق المرأة المناهضة للحجاب الإلزاميّ، وأدينا، كلاهما، بتهمتي “نشر دعاية مناهضة للنظام والتجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن القوميّ”، وحكم عليها بالسجن ست سنوات.
وسمعت منيرة عربشاهي تقول: “أن يأتي اليوم، الذي لا تُجبر فيه النساء على المعاناة من أجل حقوقهن”، بينما كانت ياسمين آرياني تسلّم زهرة لامرأة ترتدي الحجاب، وتقول إنها تأمل في يوم من الأيام أن تسير جنباً إلى جنب في الشارع: “أنا بدون الحجاب، وأنت بالحجاب.” وتقول المصادر أنه بسبب هذا الفيديو، فإن كل من ياسمين آرياني، ومنيرة عربشاهي تواجهان تهماً تشمل “نشر الدعاية ضد النظام” و” التحريض على الفساد والبغاء”.
وحكم على ويدا موحدي بسنة في السجن؛ بسبب احتجاجها السلميّ ضد الحجاب الإلزاميّ، وهي مسجونة منذ احتجازها في تشرين الأول 2018، عندما قامت باحتجاج منفرد عبر الوقوف دون حجاب، فوق هيكل قبة كبيرة وسط ميدان انقلاب (الثورة) في طهران، ولوّحت ببالونات ملونة في يديها، وكانت ويدا موحدي أيضاً من بين العديد من السجناء، الذين منحهم المرشد الأعلى لإيران عفواً احتفالاً بالذكرى الأربعين لثورة 1979 في شباط 2019، لكن سلطات السجن رفضت الإفراج عنها.
واُعتقلت نرجس محمدي الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ونائبة رئيس مركز المدافعين عن حقوق الإنسانِ عدة مرات من قبل السلطات الإيرانيّة، أول مرة 1998، وحكم عليها بالسجن لمدة عام، وفي عام 2010 اعتقلت على خلفيّة عضويتها بالصليب الأحمر الإيرانيّ، وأُفرج عنها بعد دفعها 50ألف دولار وفي عام 1011 اعتقلت بتهمة العمل ضد الأمن القوميّ، وحكم عليها بالسجن 11 سنة، وفي عام 2014 أُفرج عنها لتعتقل مجدداً عام 2015.
بهارة هدايت، ناشطة إيرانيّة في مجال حقوق المرأة اعتقلتها السلطات الإيرانيّة عدة مرات، فاعتقلت 2007 ليُخلى سبيلها بكفالةٍ، وتعتقل مرة أخرى عام 2008 وحُكم عليها عام 2010 بالسجن تسع سنوات ونصف.
وجاء تقرير منظمة العفو الدوليّة الصادر بتاريخ 28/5/2019 أنّه بموجبِ قوانين الحجابِ الإلزامية النافذة في البلاد، تجبر النساء والفتيات، حتى من لم يتجاوزنَ منهن السابعة بعد، على إخفاء شعرهن خلف غطاء الرأس، شئن أم أبين، وتعامل الدولة من لا يفعلن ذلك على أنهن مجرمات.
المرأة في منظور النظام الإيرانيّ
تعيش المرأة الإيرانيّة، في ظل سلطة الملالي في إيران، وضعاً مأساويّاً يتجلى في عدة ممارسات بحقها، تنزع عنها بالنهاية صفة الإنسان المتمتع بالحقوق، والواجبات، ولم تترك حرية المرأة في اختيارها للحجاب، وفرضت السلطة جلباباً أسود تلتزم به النساء عموماً، لتغطية كامل جسد المرأة، بحكم أنّها عورة، حسب النظرة الذكوريّة الدينيّة المتسلطة، فتزداد معدلات الانتحار في صفوف النساء الإيرانيّات، وتزداد حالات زواج القاصرات دون سن 13 عاماً بشكل قانونيّ، وارتفاع معدلات العنف الممارس ضد المرأة.
يعد قانون (الحجاب السيئ) الذي مضى على صدوره (40 عاماً)، المرجع والحجة القانونية الأساسية، لاعتقال النساء والفتيات الإيرانيّات، بحجة عدم التزامهن باللباس الشرعي الإسلاميّ، الذي فرضته الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة، عقب سيطرتها على مقاليد الحكم في إيران، ويطبق هذا القانون على النساء المسلمات، وغير المسلمات حتى إن بعض الجامعات والدوائر، تفرض على النساء ارتداء (الجلباب).
تم تكليفُ الوزاراتِ والهيئات المختلفة في إيران، بتحملِ مسؤوليتها، في فرضِ الحجابِ على الموظفاتِ وطالبات المدارس والجامعات، وأُطلقت يد الشرطة الدينيّة بتسيير الدوريات، لمراقبة مدى التزام النساء باللباس المطابق للمعايير، التي يفرضها الملالي، وكذلك مراقبة الإدارات والمؤسسات التابعة للنظام في مراقبته للموظفات، وإن حدثت مخالفة يُفصل المخالفون من العمل بما في ذلك المسؤول عن الجهةِ المخالفة.
وفرض النظام الإسلاميّ في إيران عدة قيود على حرية المرأة، وطبق الشريعة الإسلاميّة عليها، وفرض العقوبات مثل الجلد، والرجم حتى الموت، وتسليط الشرطة الدينيّة، لفرض قانون اللباس المحتشم على النساء الإيرانيّات عام 1979 بعد نجاح الثورة الإسلاميّة في الوصول لحكم البلاد، حيث يتم احتجاز النساء المخالفات لساعات، وفي بعض الأحيان تصل إلى أيام، وإجبارهن على كتابة تعهد بعدم تكرار مخالفة اللباس الشرعي، وزادت الشرطة الدينيّة من قسوة ممارساتها وصولاً للضربِ والتعذيبِ. وفيما فرض قانون اللباس الشرعيّ، بشكل أساسيّ على النساء، فقد أُلزم الرجال بلباسٍ معين، ومنعوا من ارتداء ربطات العنق وشُرع إطلاق اللحى.
الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً على عكس، التي سبقتها، فمعظم الاحتجاجات السابقة كانت مطالبها، معيشية، اقتصادية، واحتجاجاً على الغلاء، ومظاهرات طلابيّة، وانتفاضات الأقاليم، التي تنتمي إلى غير الفارسيّة، مثل إقليم الأحواز، والأقلية البشتونية، ومحافظة كردستان للمطالبة بحقوق ثقافية، هذه المرة الأمر مختلف حيث تشارك كل فئات المجتمع الإيرانيّ، وأطيافه، وأعراقه، وترفع مطالب حقوقيّة وتغيير النظام الدينيّ ورموزه وتحرير المرأة، فقوة الاحتجاجات تكمن ببقائها سلميّة، وعدم تسلقِ الأحزاب، والشخصيات السياسيّة على المطالبِ الشعبيّة لتحقيقِ مكاسب لها، وعدم الانزلاقِ للعنف، والتسلح، لتمنح النظام ذريعة الإفراط باستخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.[1]