عُرف الشهيد يلماز بانتمائه الوطني الذي كبر معه، ما أثر في صقل شخصيته الثورية والنضالية، وآمن بأن تحرير الوطن والعيش فيه بحرية وكرامة يحتاج إلى التضحية. تعلم منذ صغره، التمسك بتراب الوطن والدفاع عنه واشتهر بمقولته وطننا ينادينا لنلبِ ندائه اذاً.
مع انطلاق شرارة ثورة #روج آفا# التي شهدت ملاحم بطولية ومقاومة قلّ نظيرها في التاريخ، هبّ الشبان والشابات والأسر الوطنية للمشاركة في هذه الثورة، ولم يبخلوا حتى بأرواحهم فداءً للوطن.
الشهداء هم من نقلوا ثورة روج آفا إلى المحافل الدولية، وحوّلوها إلى رمز ثوري يحتذى به، من خلال الملاحم البطولية التي سطروها بدمائهم.
عانى الشعب الكردي الويلات لقرون في دوامة صراع السلطات، وحاولت الأنظمة المحتلة تحويل الكرد إلى ضحايا الصفقات المعقودة بينها في سبيل مصالحها، لكن إدراك الشعب الكردي لمخططات الإبادة التي تحاك ضده حال دون ذلك.
وحقق الشعب في شمال وشرق سوريا انتصارات عظمية خلال سنوات الثورة، فيما يسعى المحتل التركي إلى استهداف هذه الثورة بشتى الطرق والوسائل منها الحرب الخاصة، مستدرجاً بعض الخونة للعمل كجواسيس وعملاء لضرب الإنجازات والمكتسبات التي حققتها ثورة شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية.
وفي 27 أيلول الفائت، استهدفت دولة #الاحتلال التركي# عبر طائرة مسيّرة الرئاسة المشتركة لمكتب شؤون العدل والإصلاح في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة، زينب محمد ويلماز شرو، ما أدى إلى استشهادهما.
يلماز شرو، الاسم الحركي: شيرو، من مواليد 1988، أبصرت عيناه النور في حي قناة السويس، شرق مدينة #قامشلو#.
ينحدر الشهيد يلماز من أسرة وطنية، تعرفت على حركة حرية كردستان وعلى أفكار وفلسفة القائد #أوجلان# في عام 1986، عن طريق كوادر حركة الحرية الذين كانوا يناضلون في روج آفا آنذاك، وتأثرت بشخصياتهم، وعاهدت بالسير معهم في درب النضال عن طريق تعريف الشعب بفكر حركة الحرية ومبادئها وتوزيع المنشورات.
الشهيد يلماز هو الأخ الأكبر ل 7 أشقاء وشقيقات، لم يكمل تعليمه بسبب الظروف المادية التي كانت تعاني منها الأسرة، وحمل مع والده أعباء الأسرة وعمل في مجالات كثيرة، منها التعهدات والعمل كسائق على سيارة أجرة. تزوج الشهيد يلماز عام 2015، وأنجب طفلين.
عُرف منذ صغره، بروحه النضالية وحبه للوطن وطباعه وأخلاقه الهادئة والنشاط، كما كان مرتبطاً بوالديه وأسرته وأصدقاء طفولته بشكل كبير، كل هذه الصفات أكسبته محبة المحيط دائماً.
مع انطلاقة ثورة 19 تموز 2012، انضم الشهيد إليها، وعمل إلى جانب عدد من الأشخاص في تأسيس قوى الأمن الداخلي، واستمر بتنظيم هذه القوات 7 سنوات، انتقل بعدها للعمل في إدارة عدد من السجون (علاية، وتل معروف، ونافكر)، ليصبح بعدها الرئيس المشترك لمكتب شؤون العدل والإصلاح في إقليم الجزيرة، وخضع خلال هذه الفترات لعدة دورات فكرية وعسكرية.
وعن شخصية الشهيد وصفاته، قال والده، شيرو محمد كان يحب العلم كثيراً، ودقيق الملاحظة، كان يرفض أن يخطئ في أي مهمة أوكلت إليه، وخلال إدارته للسجون كان يسعى إلى توعية السجناء وإعادة تأهيلهم من جديد، فكسب محبة واحترام الجميع.
وطننا ينادينا.. فلنلبِ النداء
وتابع مع بدء الحراك الثوري في روج آفا، عمل على توعية الشباب والشابات بأهمية الثورة للشعوب، كان يقول لي علمتمونا منذ الصغر على التمسك بتراب الوطن والدفاع عنه، واليوم وطننا ينادينا لنلبِ ندائه إذاً.
وشجب والد الشهيد يلماز تعاون بعض الأشخاص مع العدو ضد وطنهم وترابهم، وقال كيف يمكن لشخصٍ ما، تعمل على حمايته وحماية أسرته، أن يخون وطنه ويصبح عميلاً من أجل المال، ويتسبب باستشهاد أبناء جلدته، وتابع متألماً لا يمكن لنا تقبّل هذه الفكرة، وسيُسقى كل ساقٍ مما سقى، وسيدفع ثمن أفعاله، سنعمل على كشف هؤلاء الأشخاص وسنحاسبهم.
الأمل أكبر من النصر
وفي ختام حديثه، عاهد والد الشهيد يلماز، شيرو شرو، بتصعيد النضال ومتابعة طريق ولده، وقالعندما نقول إن الشهداء أحياء، يجب علينا إدراك معنى هذه الكلمات جيداً، فالشهداء أحياء بمواصلة طريقهم وذكر أسمائهم في التاريخ والانتقام لهم.
وأضاف ليطمئن شعبنا وليرقد شهداؤنا بسلام، فنحن لن نتخلى عنهم وسنواصل مسيرتهم وننتقم لهم حتى الوصول إلى النصر، ولنكن واثقين بأن الامل أكبر من النصر.
أصبح منارة تضيء سماءنا
وتستذكر والدة الشهيد يلماز، مولودة شرو، حديث الشهيد معها أثناء ذهابها إلى دمشق بسبب المرض قال لي كيف يستطيع بعض الشبان ترك أهلهم والذهاب إلى الدول الأوروبية، لو أستطيع لأصبحت فداء لك ولوالدي.
وتتابع والدة الشهيد هناك 9 شهداء في أسرتي، استشهدوا في سبيل حرية الوطن، ويلماز التحق بهم وأصبح منارة تضيء سماء وطننا كردستان.
تضحياته لن تنسى ولن تزول
واستقبلت أسرة الشهيد يلماز، خبر استشهاده بكل فخر واعتزاز، يقول شقيقه دجوار شرو الطريق الذي سلكه يلماز وجميع الشهداء، هو طريق الحقيقة والحرية والشرف ونحن نفتخر به.
وبيّن تعلمت من الشهيد يلماز بأن الوطن يحتاج إلى التضحية، وأعاهد بالسير على هذا الدرب؛ تلبية لمتطلبات شعبنا في الحرية وصد هجمات الأعداء.
واختتم دجوار حديثه بعد استشهاد يلماز، أنجب عمي طفلاً ومن قبله خالي وأسماهما يلماز، فالدرب الذي سلكه يلماز سيبقى، والسلاح الذي حمله يلماز لن يسقط، واسمه لن ينسى ولن يزول.
وودع الآلاف من أهالي مقاطعة قامشلو والقرى التابعة لها، الشهيد يلماز في مزار الشهيد دليل ساروخان بتاريخ 28 أيلول المنصرم.[1]
(آ)
ANHA