يتردد صدى كلمات: المرأة، الحياة، الحرية، خلال الاحتجاجات التي تشهدها إيران وفي بعض المدن العالمية منذ أسابيع عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية #مهسا أميني#، لتصبح هذه الكلمات شعاراً للثورة والتغيير. وسرعان ما تصدر هذا الشعار عناوين الصحف والمجلات حول العالم، وظهر الشعار باللغة الفارسية على قمصان ارتدته النساء حول العالم من بينهم ميغان ماركل، زوجة الأمير هاري، تضامناً مع النساء في إيران. ولكن ما أصل هذا الشعار، ومَن استخدمه لأول مرة؟ استخدمت النساء الكرديات هذا الشعار قبل حوالي 20 عاماً، في تركيا أثناء خروجهن في مظاهرات واحتجاجات للمطالبة بالحقوق القومية للأكراد في تركيا مثل التعليم باللغة الكردية والمساواة وإطلاق سراح السجناء السياسيين الأكراد. لكن الشعار لاقى صدى واسعاً حول العالم عند احتدام المعركة بين تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية والقوات الكردية في مدينة كوباني، شمالي سوريا في عام 2014. عندما اجتاح التنظيم الأراضي السورية وسيطر على مساحات واسعة في الشمال السوري، حيث يعيش غالبية الأكراد السوريين، خاضت النساء معركتين، واحدة من أجل الدفاع عن الأرض، والأخرى لحماية المرأة ومنع وقوعها تحت رحمة التنظيم المتطرف الذي تكون النساء أولى ضحاياه. مهسا أميني: الشابة الإيرانية التي ذهبت في رحلة عائلية وعادت جثة إلى مدينتها الحجاب: إيرانيات يخلعنه علنا وينشرن فيديوهات لهن على مواقع التواصل مهسا
قتل العشرات في المظاهرات التي اجتاحت إيران احتجاحاً على وفاة مهسا أميني.
تقول دلشا عثمان، وهي ناشطة سياسية كردية سورية، وعضوة منسقية مؤتمر ستار النسائي في أوروبا، لبي بي سي عربي: إن النساء الكرديات في سوريا المنضويات في حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، عملن بهذا الشعار منذ عام 2013، لكن الرجال في الحزب لم يوافقوا على اعتماده كشعار عام، إلا أن النساء تمسكن به وبذلن جهوداً كبيرة حتى تم العمل به وتم تبنيه في مؤسسات المجتمع المدنية والعسكرية في المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال السوري. وتضيف عثمان: اليوم وصل صدى شعارنا إلى نساء العالم، وإلى نساء إيران عبر جسد الشابة الكردية جينا أميني، فبات يُردد بلغات مختلفة ومن قبل أعراق وأديان وخلفيات اجتماعية مختلفة. وتتابع: الآن، مقاومة المرأة في إيران تتقدم، فقد أصبحت حياة المرأة وحريتها هي هوية للنضال، بل وتعويذة التمرد ضد القهر والقمع وعدم المساواة.
كيف وصل إلى إيران؟
أظهرت المقاتلات الكرديات في شمال سوريا مقاومة شديدة خلال تصديهن لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية على المناطق الكردية وكن يرددن كلمات جين، جيان، آزادي عند التوجه إلى جبهات القتال للتأكيد على أنه لا حياة حرة كريمة للإنسان ما لم تكن المرأة حرة، ولا مجتمع حر بدون تحرر المرأة. خاضت المقاتلات معركتهن الدامية والطاحنة ضد التنظيم ما بين عامي 2014 و2019 إلى أن تم إلحاق الهزيمة به. كان الانتصار بالنسبة لهن هزيمة لقوى الظلام التي تحاول استعباد المرأة واضطهادها، ورسالة لكل نساء العالم فحواها أن المرأة قادرة على تحقيق كل ما تطمح إليه إذا كانت تتمتع بالإرادة الحرة. وظهر الشعار بقوة من خلال مقاطع الفيديو التي انتشرت على نطاق واسع لمقاتلات كرديات أثناء قتالهن ضد داعش ليس في الصفوف الأمامية فحسب، بل في قيادة أشرس المعارك، مثل معركة تحرير الرقة. وباتت المقاتلات محط إهتمام المخرجين والفنانين حول العالم وانتجت العديد من الأفلام والوثائقيات عن هذه التجربة. كما تم تحويل شعار جين جيان أزادي باللغة الكردية، إلى عنوان كتاب طُبع باللغتين الكردية والإيطالية، وكان الشعار يرفع خلال المسيرات الاحتجاجية للأكراد في روما في عام 2017، واحتفالات يوم المرأة العالمي، وأصبح عنواناً لمقالات وأغاني وقصائد شعرية عديدة. كما أدت الممثلة الإيرانية المعروفة غولتشيفتاه فرحاني دور المقاتلة القائدة في وحدات حماية المرأة في فيلم أنتج في عام 2018، حمل عنوان بنات الشمس (Girls of the Sun ). المستوحى من تجربة المقاتلات الكرديات في شمال سوريا. وخلال مراسم تشييع ودفن الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني، في مسقط رأسها في مدينة #سقز# التابعة لمحافظة كردستان، ردد الحضور نفس الشعار وأصبح فيما بعد الشعار الذي يتردد صداه بين المتظاهرين داخل البلاد وفي الشتات باللغة الفارسية: زن، زندكي، آزادي. مظاهرات إيران: نشطاء يفيدون بقمع قوات الأمن للمحتجين في مدينة سنندج الكردية مقاتلات كرديات في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية نبذة: قوات وحدات حماية الشعب الكردي
تُرجم الشعار إلى لغات مختلفة وانتشر على المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي ليصبح الشعار رمزاً للثورة والتغيير. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سيلاً من الهاشتاغات التي تحمل اسم مهسا أميني، وشعار زن زندكي أزادي، شارك من خلالها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المقاطع المصورة للاشتباكات الجارية بين الشرطة والمتظاهرين منذ أكثر من أربعة أسابيع.[1]