*فايننشال تايمز
تحت هذا العنوان ، كتب الصحافيان أندرو إنغلاند ولورا بيتل في صحيفة فايننشال تايمز أن الدور العسكري والمدني المتزايد لأنقرة في شمال سوريا يوفر لها جسراً لمحاربة #حزب العمال الكردستاني#، إلا أن ذهابها أبعد من ذلك قد يثير لها مشاكل دولية.
يرى محللون أن هناك عدة عوامل وراء إعلان #أردوغان# عن حملة جديدة، منها شعور أن روسيا والغرب منشغلون بحرب أوكرانيا ومحاولة تعبئة قاعدته في الانتخابات العام المقبل والوضع الاقتصادي الصعبوفي تحقيق ميداني، روى الصحافيان أنه عند غروب الشمس تتحول نقطة الحدود في بلدة أونجو بينار في منطقة كلس، ازدحاماً خانقاً مع عودة الشاحنات التي دخلت محملة بالبضائع إلى الأراضي السورية فارغة إضافة لعودة المسؤولين الأتراك والموظفين الذين يمثلون كل مؤسسات الدولة وحتى الرياضة إلى نقطة الحدود ومنها إلى مدنهم، بعد يوم عمل.
ويقول مسؤول تركي: كل مؤسسة تخطر ببالك (في تركيا) هي هناك. ويقدر أن حوالي 300 عامل تركي و200 شاحنة تقطع النقطة الحدودية وهي واحدة من ثماني نقاط على الحدود التي تمتد بطول 900 كيلومتر.
ويعكس هذا المشهد الدور المتزايد لتركيا في تشكيل مستقبل سوريا بعد العمليات العسكرية التي قامت بها لمنع المسلحين الكرد الذين تعتبرهم إرهابيين. ومنذ تقدمت الدبابات التركية أول مرة قبل ستة أعوام، أصبحت العملية العسكرية مهمة ولامست كل مظاهر الحياة المدنية والأمنية في الجيوب الثلاثة التي يعيش فيها مليونا سوري. وتعكس هذه المهمة أكبر تأثير لتركيا في دولة عربية منذ انهيار الخلافة العثمانية عام 1918 وربما تتوسع إذا نفذ الرئيس رجب طيب أردوغان وعيده بحملة عسكرية جديدة. إلا أن ذلك سيثير القلق أكثر حيال استراتيجية تركيا طويلة الأمد ودور القوى الخارجية في النزاع السوري الذي مضى عليه عقد من الزمان.
تشرذم
وبات تشرذم سوريا خلال العامين الماضيين أمراً واقعاً.
وتقول دارين خليفة، المحللة بشؤون سوريا في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل: لا أحد يريد الحديث بصراحة لأنه مثير للجدل السياسي، والأمريكيون لا يريدون الشعور بأنهم يسهمون بهذا وتركيا لا تريد أن يتحدث أحد عنه، و لكن الواقع هو أن ديناميات النزاع ورهاناته تحفز القوى الأجنبية على البقاء في سوريا. وطالما بقيت فسيظل الانسداد الحالي ويشبه حالة تقسيم فعلي للبلاد.
وفي المناطق الثلاث التي تديرها تركيا يتعلم تلامذة المدارس اللغة التركية ويعالج المرضى في المستشفيات التي بنتها تركيا وتضاء أنوار المنازل والشوارع بالكهرباء من تركيا. وباتت الليرة التركية العملة السائدة في التجارة، ويتم استخدام البريد التركي لتحويل رواتب العاملين السوريين وفيه تودع أموال المجالس المحلية. ويشرف حكام المناطق الحدودية على عملية تعيين وعزل الموظفين في المناطق السورية المتاخمة. وفي المجال الأمني، تقوم تركيا بتدريب ودفع رواتب أكثر من 50 ألف مقاتل سوري ونشرت قواتها في داخل سوريا وأقامت قواعد عسكرية ضخمة على الجبهات وجداراً بطول 873 كيلومتراً. والهدف الرئيسي لأنقرة في المنطقة هو إضعاف المقاتلين الكرد الذين استغلوا النزاع ودورهم الحيوي في مكافحة داعش وقاموا بترسيم مناطقهم الخاصة. وأقاموا إدارتهم المدنية في منطقة غنية بالمصادر الطبيعية من النفط والغاز والأراضي الزراعية.
لكن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن حرباً داخل تركيا. وصنفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المنظمة كإرهابية. واعترف المسؤولون الأمريكيون بعلاقتها مع وحدات حماية الشعب.
لكن واشنطن أغضبت أنقرة ووقفت إلى جانبهم حيث اعترفت بدورهم في قتال داعش.
منطقة آمنة
وخطط أردوغان لإنشاء منطقة آمنة لترحيل اللاجئين السوريين وعددهم 3.7 مليون نسمة حيث بات وجودهم في البلاد مصدرا للتوتر. ولكن العمليات العسكرية وضعت الجنود الأتراك في محاور حرب أجنبية وكلفت أنقرة مليارات الدولارات ووترت علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية وأثارت اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان وتهدد باندلاع مواجهة عسكرية مع الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه من الخارج. لكن أردوغان أخبر نواب البرلمان في يونيو (حزيران) أنه يخطط لمرحلة جديدة من هدفه بناء محور آمن بعمق 30 كيلومتراً من الحدود وبهدف إخراج المقاتلين الكرد من مدينة منبج، غرب الفرات وبلدة أخرى وهي تل رفعت الواقعة بعيداً في الغرب. وقال: سنطهر تل رفعت ومنبج من الإرهابيين وسنعمل نفس الشيء مع بقية المناطق، خطوة، خطوة.
ويلفت الدبلوماسيون إلى أنه لا أدلة كثيرة على أن العملية العسكرية قريبة، في وقت حذرت فيه روسيا وإيران والولايات المتحدة من توغل عميق في الأراضي السورية بشكل سيؤدي إلى نزاع عسكري أوسع. إلا أن القادة الأتراك في داخل سوريا أبلغوا سلطات المعارضة المحلية بضرورة تحضير المقاتلين من الجيش الوطني السوري وفقاً لمدير المكتب السياسي للجيش الوطني السوري محمود الليطو. وأضاف أن تركيا نشرت قوات وأسلحة على طول الحدود وحتى الشهر الماضي كانت تركيا جادة بشأن العملية.
ومع ذلك هناك تباين في مواقف السوريين عندما يتحدثون عن الحياة في ظل الحماية التركية، فرغم شعور الكثيرين بالامتنان لتركيا لكن هناك تظلمات اقتصادية وأمنية. فقد فرت أسماء من منطقة حلب قبل عامين إلى البلدة الحدودية أعزاز ولكنها تقول: لا يمكنني القول إننا نشعر بالأمن الكامل في أعزاز، لكن لو قارنتها بمناطق أخرى فهي أكثر أمنا.
وأضافت أن البلدة التي كانت صغيرة تكبر يوماً بعد يوم ولكنها تشتكي من قلة الوظائف وحجم التأثير التركي على السلطات المحلية ومعظم الناس يعتقدون أن وجود تركيا هنا هو من أجل مصالحها وليس لصالح السوريين. لكن لو انسحبت تركيا فسنشعر بالخوف لأن تركيا هي الخيار الوحيد لنا والأسد وروسيا سيأتون كما تقول أسماء.
الغرب منشغل بأوكرانيا
ويرى محللون أن هناك عدة عوامل وراء إعلان أردوغان عن حملة جديدة، منها شعور أن روسيا والغرب منشغلون بحرب أوكرانيا ومحاولة تعبئة قاعدته في الانتخابات العام المقبل والوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر فيه تركيا.
لكن أنقرة كما تقول خليفة ترى في وحدات حماية الشعب تهديداً لا يتعامل مع أحد بجدية.
وسواء وافقنا أم اختلفنا على دولة منفصلة إلا أن الجميع في أنقرة، سواء كان أردوغان أم قيادة أخرى ستفكر بهذا وتتحرك بناء عليه.[1]