أحمد شعبان
مع ازدياد التضخم السكاني لمناطق شمال شرق سوريا وعدم وجود بنية تحتية مجهزة بالقدر الكافي أمام هذا التضخم الهائل من الطلبة لكن #الإدارة الذاتية# لم تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك بل عملت على زيادة عدد المدارس المرممة والمجهزة لاستقبال الطلاب وازداد معها عدد المدرسين لكافة المراحل الدراسية.
ومن الواضح أن هناك بعض العوائق للعملية التعليمية والتربوية في كل مناطق شمال وشرق سوريا عامةً ومنبج خصيصاً، فعلى الرغم من تهيئة المدارس إلا أن العدد غير كافٍ للكم الكبير من الطلاب لكن عدم وجود مدارس في المناطق غير المنظمة أو التي لم تدخل بتنظيم المدينة، كان سبباً في تأزم التعليم، فمثلاً في مدينة منبج كل الضواحي أو الأحياء التي حول أطراف منبج لا توجد بها مدرسة مثل: الأسدية- الأربعة كيلو- المازرلية ووصولاً لدوار الشرعية ودوار الكتاب.
وإذا أخذنا القضية من زاوية أخرى فأن المشكلة والعائق الكبير هو في تنقل الطلاب بين هذه الأحياء باعتبار أن المدارس أغلبها ضمن المدينة الأمر الذي يؤدي إلى تسرّب كبير من التعليم لانعدام وجود مدارس في تلك الأحياء ولصعوبة الوصول للمدينة خاصةً في فصل الشتاء، وأيضاً هناك عدم وجود توجه من المنظمات الإنسانية والتعليمية مثل: اليونسكو لدعم العملية التعليمية والتربوية للأطفال في مناطق شمال شرق سوريا وكأن هناك شيئاً خفياً لإيجاد وخلق جيل جاهل وإبقاء مظاهر الجهل منتشرةً في المجتمع لا بل إبقاء الشعب في هذه المنطقة بدون أي مساعدة في قطاع التعليم.
وحتى لا نضع اللوم كله على الجهات المعنية فهناك لا يزال العديد من المعلمين غير مؤهلين للتعليم نتيجة قلة المجازين وذوي الاختصاص والخبرة لأن ذلك يتعارض مع الهدف الإنساني من التعليم وهو تأدية أمانة ورسالة وليس فقط من أجل إلهاء الطلاب وتقطيع بعض الوقت وقبض الراتب، والبعض الآخر من نسميهم بضعاف النفوس لا يقوم بواجبه على أكمل وجه بالمدارس العامة لكنه أن كان بمعهد خاص يبذل قصارى جهده لإيصال رسالة العلم لطلابه وهذه من المفارقات العجيبة والتي لا يجب أن تحصل من مربي الأجيال، وما من شك نتحدث هنا عن بعض المعلمين وربما عليهم ضغوطات الحياة كبيرة ولكن بشكلٍ أو بآخر ينعكس ذلك على الطلاب، وهذا يقتضي النظر إلى أجور المعلمين وإعداد دراسة وافية من قبل المعنيين ولأجل أن يتفرغ المعلم للطلاب والعملية التربوية والتعليمية دون أن ينشغل بتأمين معيشته وحياته على حساب العلم والتعليم.
ومن الجلي أن عدم إتباع أساليب وطرق التعليم الحديثة للطلاب يؤثر في سوية التعليم لعدم وجود الوسائل والتقنيات الحديثة أو لضعف الإمكانات التي لا تتوافر إلا في المدارس الخاصة التي يستطيع الأهالي تحمل أعبائها بعدما أثقلت الحياة كاهلهم ولديهم عدة أطفال ضمن المدارس فيما المصاريف تزيد من أعبائهم من مواصلات إلى مصروف يتعلق بالكتب واللباس المدرسي إلى ما هنالك من مستلزمات تعليمية وإذا أضفنا لها ضغط المعلمين على الطلاب وعدم تعليمهم بشكل جيد يتجه الأهالي إلى تسريب أبنائهم من المدارس والتحصيل التعليمي، بالإضافة إلى ارتفاع رسوم المدارس الخاصة والمعاهد الجنوني وكأن العملية التعليمية أصبحت تجارة للأسف الشديد أو أنها احتُكرت لفئة معينة.
إن العبء ثقيل على الإدارة الذاتية برغم من كل الصعوبات والحروب والضغوطات التي تبذلها بأقصى ما يمكنها لتأمين العملية التعليمية والتربوية والقضاء على الأمية والجهل والسعي لمساعدة الأجيال الشابة ومواكبة العلم والتعليم إلا أن ذلك ينبغي إعادة النظر في السياسة التربوية والتعليمية من حيث يجب تكثيف دورات وصقل الخبرة لكل المعلمين واطلاعهم على كل ما هو حديث ومتطور في الطرق التدريبية والتعليمية لإيصال المعلومات وتبسيط الأفكار لدى الطلاب وأهمها هو الجانب النفسي بعد كل ما تعرضت له سوريا من دمار وحرب.
وأخيراً يجب التعامل مع الطلاب بطريقة علمية حديثة وتوجيههم إلى الطريق الصحيح حتى نضمن لهم مستقبلاً جيداً ومشرقاً ويكونوا نواة حقيقيين للوطن والشعب إذ يجب تسليط الضوء على هذه العراقيل والعوائق التي تعترض العملية التربوية والتعليمية والأخذ بها دون تأخير أو مماطلة وإلا سنكون أمام عظة القول المأثور “إذا أردت تدمير مجتمع ما، فابدأ بالتعليم”.[1]