أوضح الخبير في #الأسلحة الكيماويّة#؛ الدكتور عباس منصوران أنّ المشاهد المصوّرة المتعلّقة باستخدام الأسلحة الكيماويّة ضدّ #الكريلا# تشير إلى استخدام الجيش التركي لقنابل كيماويّة مختلفة منها قنابل السيانوجين السامة، وغاز التونغستن المعدني الثقيل، ، وقال: لتحديد أنواع قنابل الغاز والمواد الكيماويّة المستخدمة؛ يجب معاينة وضع المصابين عن كثب، وفحص كل شيء من التربة إلى بقايا القنابل المستخدمة وحتّى الملابس.
أجرينا حواراً مع الدكتور عباس منصوران الذي زار شمال وشرق سوريا مرّتين للتحقيق وفحص أدلّة استخدام الأسلحة الكيماويّة من قبل الدولة التركية خلال هجماتها على كلّ من #عفرين# و#سري كانيه# و#كري سبي#؛ حول الجرائم التي ترتكبها الدولة التركية بالأسلحة الكيماويّة. وكان الدكتور عباس منصوران قد زار سوريا.
لقد شهد الدكتور عباس منصوران الذي عمل خلال الحرب العراقيّة –الإيرانيّة في الثمانينات في قسم إصابات الحروق على مشاهد مروّعة لجرائم الحرب.
وأوضح الدكتور عباس منصوران أنّ انتشار المشاهد والدلائل المتعلّقة بالهجمات التي تُشنّ على مناطق الدفاع المشروع والتي تعدّ دليلاً واضحاً على ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة زادت من حقد وغضب الجميع.
وأكّد الدكتور عباس منصوران استخدام الدولة التركية الأسلحة الكيماويّة في مناطق الدفاع المشروع على وجه الخصوص وقال: عند النظر إلى مشاهد الجرائم هذه من منظور طبّي، يمكن القول إنّهم هاجموا الضحايا بغازٍ سام له تأثير قاتل على الجهازين العصبي والتنفّسي.
وذكّر منصوران بأنّ الجيش التركي يستخدم الأسلحة الكيماويّة المحظورة بحقّ مقاتلي ومقاتلات حركة التحرر الكردستانيّة منذ عام 1993 وأشار إلى أنّ الهجمات التي شنّها خلال الأشهر الأخيرة لا تشبه سابقاتها.
وكشف منصوران أيضاً أنّ الدولة التركية تستخدم بحقّ المدنيين والمقاتلين جميع أنواع القنابل الكيماويّة وذكر أنّ هذا أسفر عن مقتل المئات من المدنيين والمقاتلين في حركة التحرر الكردستانيّة وقال: تركيا نفسها منتجة للقنابل الكيماويّة. وهي تستخدمها في القرى والمدن والجبال والبيئة إذ تسمّم البيئة. إنّ هذا يعدّ جريمة حرب، إبادة وجريمة ضدّ الإنسانيّة والبيئة.
آثار الأسلحة الكيماويّة
وقال الدكتور عباس منصوران: خلال السنوات الأخيرة؛ أصبحت ممارسات الحرب الكيماويّة وهجمات الغاز سمةً من سمات حرب الدولة التركية. ورغم اكتشاف النازيين للغازات العصبيّة في ثلاثينيات القرن الماضي (1930)، إلّا أنّهم يقولون إنّها لم تُستخدم في ساحات الحرب يوماً. يُعتبر غاز السارين سلاح إبادةٍ الجماعيّة. إذ يقتل الشخص بشكلٍ مؤلم. فهو يسبّب للشخص اختناقاً قبل أن يؤدّي إلى وفاته. ويستمر إنتاج السارين كسلاح منذ عام 1993 على الرغم من حظره. وللسارين تأثيرٌ خطير على الجهاز العصبي والعضلات المتحكّمة بالعرق واللعاب، والتنفّس والحركة.
الأسلحة الكيماويّة التركيّة
وأوضح منصوران أنّ تقنيّة الدولة التركية كافية لإنتاج الغازات السامة والقنابل الكيماويّة المحظورة وتابع حديثه قائلاً: لا يمكن إنكار أنّ الجيش التركي يستخدم الأسلحة الكيماويّة. فلا يمكن إنكار استخدام (VX) الذي يُعدّ واحداً من أفتك الأسلحة الكيماويّة. فبعد استنشاق هذا الغاز تنقبض عضلات الجهاز التنفّسي فجأةً وتفقد الضحيّة القدرة على التنفّس. إذ تتصلّب العضلات وبعد حبس النفس يشعر الضحيّة بألمٍ شديد نتيجة الاختناق.
يجب التحقيق في الأدلة في موقعها
وعلّق منصوران على المشاهد المصوّرة التي تتناول استخدام الدولة التركية للأسلحة الكيماويّة مشيراً إلى أنّ هناك احتمال كبير على استخدام الجيش التركي للقنابل الكيماويّة المختلفة مثل السيكلوسارين (GF)، الكلوروفين، وكبريت موستانت (SM)، التابون (GA)، السارين (GB) والفوسفور الأبيض، إضافةً إلى التونغستن المعدني الثقيل، وقنابل السيانوجين السامّة.
وأشار منصوران إلى أنّه يجب تحديد نوع القنبلة الغازيّة السامة بشكلٍ صحيح وفحص المواد الكيماويّة المستخدمة عن كثب وقال: يجب فحص تربة وموقع استخدام هذه القنابل وجميع بقاياها. وليس من الصعب تحديد تركيبة القنابل.
لا يولون الأمر اهتماماً كبيراً
أوضح الدكتور منصوران أن الأمم المتّحدة ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى تتجاهل هذه الجرائم وتشجّع الدولة التركية بشكلٍ ما على ارتكابها.
وتابع منصوران حديثه قائلاً: إنّ تركيا عضوة في الناتو وهو بدوره أهم عضوٍ في الأمم المتّحدة. وبسبب العلاقات الرأسماليّة فهم ينتهجون سياساتٍ اقتصاديّة ولاإنسانيّة للحفاظ على السلطة والهيمنة السياسيّة. إنّ القوى الرأسماليّة العالميّة ترتكب جميع أنواع الجرائم من أجل مصالحها في هذه العلاقات. إنّهم يرتكبون كل أنواع الجرائم من أجل الحصول على المزيد من الأموال ورؤوس الأموال. ففي عملية أزمة رأس المال، تكون الحرب والفاشيّة والجرائم ضد الإنسانيّة من بين الحلول للسيطرة على الأزمة. لا يمكن للرأسماليين حلّ هذه الأزمات يوماً يمكنهم فقط التحكّم فيها لفترة بمساعدة الجرائم التي تصبح أعمق وأعنف. كما أنّ تصنيع الأسلحة وبيعها وخلق الحروب كلّها من بين هذه الإجراءات.
هناك أدلّة لكن لا يتمّ محاسبة أحد
وبخصوص جريمة استخدام الفوسفور الأبيض في عملية احتلال سري كانيه في شهر تشرين الأول عام 2019؛ أشار عباس منصوران إلى أنّ هناك أدلّة عديدة على ارتكاب الدولة التركية لجريمة حربٍ آنذاك.
وأوضح الدكتور منصوران أنّه لا يتمّ محاكمة الدولة التركية ومحاسبتها على هذه الجرائم رغم وجود الوثائق والأدلّة التي تدينها وقال: إنّ استخدام هذه الأسلحة يعدّ انتهاكاً للمعاهدات الدوليّة واتفاقيّات مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة. وتشير الأدلّة، المشاهد المصوّرة، الصور والوثائق وغيرها من الدلائل إلى استخدام تركيا لهذه الأسلحة في ريفي ناحيتي سري كانيه وكري سبي. وقد تمّ الإعلان عن التقرير المفصّل المؤلّف من 19 صفحة والذي أعدّته مبادرة روج آفا للمدافعين عن حقوق الإنسان في باريس في ال 27 من كانون الثاني ثمّ تمّ إرساله إلى المفوضيّة الدوليّة لحقوق الإنسان في ال 10 من كانون الثاني عام 2020. وكشف الفحص المخبري الذي أُجري سويسرا أنّ تركيا قد استخدمت الفوسفور الأبيض خلال هجماتها الاحتلاليّة على سري كانيه في شهر تشرين الأول عام 2019.
الوثائق الدوليّة
وتحدّث منصوران عن بعض الأدلّة التي تمّ الحصول عليها قائلاً: لقد تمّ توثيق وعرض تقارير الإعلام الدولي عام 2019 في جميع أنحاء العالم. بما في ذلك تقارير التحقيقات الطبيّة ونتائج الفحص المخبري في سويسرا، المقابلات والمشاهد المصوّرة وأسماء الضحايا القتلى منهم والمصابين وأشكالهم، وخبر الصحفي أنتوني لويد في جريدة التايمز اللندنيّة (The Times of London) وغيرها الكثير. لقد قدّمنا العديد من الوثائق كفريقٍ طبّي وممثلٍ عن اللجنة الأولى للدفاع عن حقوق روج آفا وقدّمنا طلباً رسميّاً لمنظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة (OPCW). فردّوا علينا كتابةً فقط، بأنّ الفوسفور الأبيض هو سلاح كيماويّ محظور وفقاً لهذه المنظّمة.
ورغم هذه الوثائق الواضحة لم تتّخذ الأمم المتّحدة والمنظمات التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان خطوةً بسيطةً حتّى لإدانة الحكومة التركية ومنع استمرار هذه الجرائم.
وأشار منصوران إلى أنّ جرائم الدولة التركية لا تقتصر على شمال وشرق سوريا فقط، فهي ترتكب الجرائم ذاتها وتكرّرها على أراضي باشور كردستان أيضاً وذكر أنّ هناك سياسات ومصالح مشتركة خلف جميع أشكال التحالف.
وذكّر منصوران بأنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يسمح للجنة الأوروبية في ال 27 من شهر أيلول المنصرم بزيارة قرية هروري في كاني ماسي للتحقيق في استخدام الدولة التركية المحتلّة للأسلحة الكيماويّة في باشور وقال: إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يرغب بأن يفتخر به الكرد والشعوب المضطهدة والرأي العالم والتاريخ، عليه أنّ يحمل السلاح ويمدّ يد السلام والصداقة والأخوّة للكرد والجماعات العرقيّة الأخرى. ومن المتوقّع أنّ يتركوا اسماً يُفتخر به في التاريخ.
وذكر منصوران أنّ الوفود أرادت زيارة المنطقة مراتٍ عديدة لكنّهم يُمنعون من ذلك في كلّ مرّة وقال: أظهرت تجربتنا أنّه بدون تعاون السلطات المحليّة في هولير لا يمكن أن يجري الخبراء زيارة للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماويّة المحظورة. إذ يجب أن تكون هذه اللجنة مع خبراء الأمم المتّحدة ومنظمات حقوق الإنسان وخبراء (APCW) لأجراء تحقيقٍ مستقلٍ من أجل المؤسسات المعنيّة. بدون مثل هذا الضمان لا يمكن تحقيق النتيجة المرجوة. ومن جهةٍ أخرى، فإنّ الأمم المتّحدة والمنظمات المعنيّة الأخرى تلتزم الصمت وتغضّ الطرف عن هذه الجرائم. لقد طُلبت هذه الوفود عدّة مرات لكن الأمم المتّحدة تجاهلت واجبها بطريقةٍ ما.
وحثّ منصوران على ضرورة توجّه وفدٍ من الأمم المتّحدة إلى مناطق الدفاع المشروع حيث تُستخدم الأسلحة الكيماويّة وتابع حديثه قائلاً: يجب استدعاء منظّمة مستقلّة لتوثيق جرائم استخدام الأسلحة الكيماويّة في باشور كردستان. نحن نطالب المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة والمجتمع الدولي والمحاكم الدوليّة الحرّة والمستقلّة بعدم التزام الصمت حيال هذا الموضوع.
على الأمم المتّحدة ضمان سلامة اللجنة
وأشار الدكتور منصوران إلى أنّه يجب على الحزب الديمقراطي الكردستاني عدم الوقوف في طريق اللجنة مرّةً أخرى وذكر أنّ على الأمم المتّحدة ضمان سلامة اللجنة وتابع حديثه قائلاً: يجب تشكيل لجنة خبراء دوليّة للتوجّه إلى المنطقة، وعلى هذا الوفد أنّ يتألّف من أطباء من منظمة أطباء بلا حدود، مفوضيّة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة وأطباء وخبراء في علم الأمراض والطب الشرعي. ويجب أنّ تضمن الأمم المتّحدة سلامة هذا الوفد. بدون مثل هذه الضمانة فإنّ الحصول على إذن للسفر وزيارة المنطقة ورؤية الحقيقة ليس أمراً سهلاً. إنّ مشاركة الأمم المتحدة والمنظمات المماثلة لها ضرورية بلا شك. يجب تشكيل لجنةٍ دوليّة لإيقاف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانيّة التي ترتكبها الحكومة التركيّة وشركاؤها.
يجب إنشاء محكمة بيرتراند راسل فوراً
وأوضح الدكتور عباس منصوران أنّه يجب إنشاء محكمةٍ كمحكمة بيرتراند راسل فوراً لمحاكمة الدولة التركية وتابع حديثه قائلاً: نتمنّى ألّا يلتزم كلٌّ من المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي والمحاكم الدوليّة الحرّة والمستقلّة الصمت حيال هذه الجرائم. على المحكمة الجنائية الدوليّة ومحكمة العدل الدوليّة تولّي مسؤولياتها وإجراء تحقيق مفتوح. والقيام بالإجراءات اللازمة ضد الدولة التركية وحلفائها. كما يجب الضغط على تركيا لإيقاف القصف. ولحشد الرأي العام والمدافعين عن الحرية في العالم، يجب إنشاء محاكم كمحكمة بيرتراند راسل التي أُنشئت في السبعينيات ضدّ جرائم الحرب الأمريكية، لمحاكمة مجرمي الحرب. على العالم اتّخاذ موقفٍ حيال هذا. وعلى الحكومة التركية التراجع عن تدخّلها العسكري في العراق وسوريا واحتلالها لأراضيهما.
محكمة بيرتراند راسل
أُنشئت المحكمة الدولية لجرائم الحرب والتي تُعرف غالباً باسم محكمة بيرتراند راسل بقيادة الفيلسوف الإنجليزي بيرتراند راسل للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها الولايات المتّحدة الأمريكية في فيتنام وكشفها للعالم. وأُنشئت المحكمة عام 1966 وعقدت محاكماتها عام 1967 في ستوكهولم وكوبنهاجن. وكانت محكمة راسل تضمّ ممثلين عن 18 دولة، ورغم أنّها جذبت اهتماماً كبيراً على الساحة الدوليّة فقد اعتبرتها الولايات المتّحدة الأمريكية مؤسسةً منحازة وحاولت تجاهلها.
من هو الدكتور عباس منصوران؟
الدكتور عباس منصوران هو مواطن سويدي وخريج قسم الصحّة العامة وعلم الأوبئة والأحياء الدقيقة في كليّة الطب في جامعة بهلوي (شيراز) في إيران. وعمل كباحثٍ في مجال علم الفيروسات والمناعة بجامعة ستوكهولم. وعمل في السويد على طرق تشخيص الالتهابات البكتيرية.[1]
(ر)
ANHA