فارس عثمان
صدر مؤخرا الجزء الثاني من #كتاب الكرد# في سوريا، الذي يقع في 290 صفحة من الحجم المتوسط، والغلاف من تصميم لوران ليلي، التصميم الفني مامد ميرزا. وهو من منشورات ديوان الأدب في شمال شرق سوريا 2022.
في الجزء الأول من هذا الكتاب ( الكرد في سوريا) تم تسليط الضوء على الوجود الكردي في سوريا ولا سيما في المناطق الداخلية من البلاد، والدور الوطني الكردي خلال مرحلة الانتداب الفرنسي على سوريا بين عامي 1920 – 1946، وفي هذا الجزء تم التركيز بشكل رئيسي على سياسة التهميش والإقصاء التي مورست ضد الكرد منذ بداية العهد الوطني بعد الاستقلال ومن ثم القمع والاضطهاد، والمشاريع العنصرية، والإجراءات الاستثنائية التي طبقت بحق الكرد في ظل الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم من عام 1946 ولغاية وفاة الرئيس حافظ الأسد 2000.
يرتكز هذا البحث بشكل رئيس على وضع وواقع الكرد في سوريا والقضايا والإجراءات المتعلقة بهم، مع تمهيد قصير أو مدخل تاريخي مكثف لتوضيح وتحليل أو تفسير الإجراءات أو السياسات المتبعة حيال الكرد، وقد تم تقسيم العمل إلى عناوين أو فصول.
الأول يعتبر مدخل للكتاب يتطرق إلى وضع سوريا بعد الاستقلال وأهم الصعوبات التي واجهت الدولة السورية الفتية والتنافس السياسي بين الأحزاب السياسية في البلاد ودور الكرد خلال هذه المرحلة.
وفي المحور الثاني تم تسليط الضوء على الانقلابات العسكرية الثلاث ( انقلاب حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب الشيشكلي ) والتوقف بشيء من التفصيل على انقلاب حسني الزعيم لأنه من الأصول الكردية والاتهامات التي سيق ضده بعد اغتياله برغبته بتأسيس دولة كردية، ليس بقصد تبرير الانقلاب وما قام به حسني الزعيم خلال فترة حكمه القصير، الذي لقي قبولا جماهيريا وسياسيا في بداياته، إنما لتسليط الضوء على الأضاليل التي سيقت ضده وضد فترة حكمه فقط لأنه من أصول كردية.
في المحور الثالث تم التطرق إلى العهد الوطني خلال الفترة الممتدة بين عامي 1954- 1958، بعد انتهاء سلسلة الانقلابات العسكرية والهدوء والاستقرار النسبي حوالي خمس سنوات، وعودة الأحزاب السياسية إلى ممارسة نشاطها العلني، ومعها عودة الحياة الدستورية والديمقراطية إلى البلاد، التي مهدت الطريق لتأسيس أول تنظيم سياسي كردي في سوريا باسم الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ” البارتي “، وظروف تأسيس هذا الحزب وأهم المبادئ التي وضعها لتامين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الكردي في سوريا، كما تم التطرق إلى ازدياد التوتر بين تركيا وسوريا نتيجة تحسن العلاقات بين سوريا والاتحاد السوفياتي، ولجوء تركيا إلى حشد قواتها على طول الحدود السورية، والتلويح باجتياح سوريا، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والتي تراجعت بسبب الموقف الحاسم للاتحاد السوفييتي.
وفي المحور الرابع يدور حول مرحلة الوحدة السورية – المصرية وتوقف الحياة السياسية في الاقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة، والاستبداد والاعتقالات التي رافقت الوحدة ومن بينها حملة الاعتقالات التي طالت الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ” البارتي ” والتهم التي وجهت للمعتقلين الكرد، وحريق سينما #عامودا# عام 1960 التي أدت إلى استشهاد 283 طفل وشاب من الكرد في مدينة عامودا دعما للثورة الجزائرية.
وفي المحور الخامس تم التوقف على حكومة الانفصال التي سميت بهذا الاسم نتيجة قيام مجموعة من الضباط بانقلاب عسكري واعلان الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة، الذين رفعوا الشعارات القومية والوحدوية لتضليل الرأي السوري والعالمي لتبرير الانفصال، ومن بينها الادعاء بوجود تهديد كردي على سوريا وعروبتها ومن ثم القيام بالإحصاء الاستثنائي في عام 1962 وتجريد أكثر من 150 ألف مواطن سوري من الجنسية السورية بالإضافة إلى 75 ألفا لم يرد أسماؤهم في السجلات الحكومية كمواطنين أو كأجانب الذين سموا بالمكتومين، وكيف أصبح الكردي بموجب هذا الإحصاء والإجراءات المطبقة حياله مواطنا من الدرجة الثانية وأحيانا الثالثة في وطنه، بعد أن جرد بشكل تعسفي من كافة حقوقه المدنية والسياسية.
المحور السادس يبحث وضع الكرد وانقلاب حزب البعث في 8 آذار 1963 وتطبيق الأحكام العرفية لنصف قرن تقريبا وإعلان قيادة حزب البعث للدولة المجتمع، وفي هذه المرحلة تم التخطيط لمشروع الحزام العربي على الحدود السورية – التركية، والسورية – العراقية، لتجريد الكرد من أراضيهم بعد تجريدهم من جنسيتهم، حيث تم تسليط الضوء بشيء من التفصيل على هذا المشروع، ومراحل التخطيط له ومن ثم تنفيذه عام 1974.
وفي الفصل قبل الأخير الذي حمل عنوان الكرد في عهد حافظ الأسد تم التطرق إلى واقع الكرد والحركة الكردية في عهد حافظ الأسد وموقف الكرد من انقلابه وموقفه من بعض الحركات الكردستانية في سوريا في تلك الفترة .
في الفصل الأخير الذي أخذ حيزا كبيرا من هذه الدراسة تم التطرق بالتفصيل إلى سياسات الاضطهاد والتمييز والاجراءات الاستثنائية وحملات التعريب التي طالت مئات البلدات والقرى الكردية وصولا إلى فصل العمال والطلاب من المدارس والمعاهد وغيرها من الإجراءات الخاصة بالكرد والتي طبقت فقط في #المناطق الكردية#.
أعتقد أن المرحلة 1946 – 2000 من تاريخ الدولة السورية التي تم تناولها في هذا الكتاب بحاجة إلى أكثر من بحث ودراسة وتسليط الضوء على الكرد و#الواقع الكردي# في سوريا.
وفي الختام لا بد لي من توجيه الشكر لكل من ساهم في صدور هذا الكتاب، وفي المقدمة الدكتور أحمد بركات الذي قدم بعض الاقتراحات والملاحظات المهمة خلال مراجعة هذه الدراسة التي تغطي أكثر من نصف قرن من تاريخ سوريا، كما أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للأستاذ حسن جنكو الذي تفضل بتدقيق ومراجعة الكتاب لغويا، وصوب الكثير من النقاط والهفوات التي وردت في الكتاب، وشكر خاص للأستاذ آلان أحمد أوصمان الذي صمم غلاف الكتاب بجزأيه الأول والثاني.[1]
قامشلو :
25 تشرين الأول 2022
المصدر: مدارات كرد