#قامشلو#/ دعاء يوسف –
آلام التهجير، ومآسي الاحتلال ومرتزقته، وما خلفاه من دمار وبؤس، ومن شقاءٍ وغربة، كانت عبقاً لحبر كاتبات، وأديبات، وشاعرات مميَّزاتٍ، خطَّت أقلامُهنَّ واقع القهر والاحتلال، إلى جانب المعاني الرومانسية السامية، التي عجَّت بها كتبهنَّ، التي زيّنت رفوف معرض هركول، في دورته السادسة للكتاب.
واجهات مزدانة بمئات الكتب، تلفت أنظار الوافدين ل#معرض هركول للكتاب# بنسخته السادسة، الذي احتضنته مدينة قامشلو، وتروي متاهاته المكتظة بآلاف العناوين فضول المتعطشين للقراءة.
فنجد كتباً للمرأة، تتألق في دور النشر بين ثنايا المعرض، ترضي شغف الزوار بعناوين من مختلف المجالات “قصص، وروايات، وشعر” تتنوع بين السياسة والثقافة، والتاريخ وكتب للأطفال، ويجمع فيها قلم المرأة بين النضال والشغف والقوة، ومن هذا المنطلق أدت المرأة دوراً ريادياً في المعرض من خلال مشاركتها المميزة.
“أساور” ديوان لشاعرة بزمن داعش
وبين ردهات المعرض التقت صحيفتنا “روناهي” امرأة تتجول في زوايا المعرض، تقرأ العناوين بشغف، فتنتقي منها بعض الكتب ذات عناوين جذبت الشاعرة، التي في داخلها، حيث تحملت مشقة الطريق من الرقة إلى قامشلو، لشغفها للكتابة، والأدب، هكذا أبدت الشاعرة جلاء حمزاوي سعادتها بمعرض هركول بدورته السادسة.
تسطر وتقص بقلمها تعابير أدبية جذابة، وتسرد الأحداث خلال شعرها بأسلوبها الخاص، فارضة نفسها على الساحة الأدبية من خلال ما يبدع قلمها، مستمتعةً بما تكتبه، وتدونه على صفحات كتاباتها، فتفرغ ما بجعبتها، وتلقي كلماتها على شكل حروف وعبرات فتتجمع الكلمات مشكلة قصيدة.
ومن هذا المنطلق بينت لنا جلاء حمزاوي معاناتها في ظل احتلال مدينة الرقة من قبل مرتزقة داعش من خلال الشعر: “ما شاهدته عيناي في تلك الفترة، لم يكن يحتمل، فيسير قلمي بجانب لساني متعثراً بالمصاعب، والتحديات متغلباً على كل الصعاب التي واجهتها في كتابتي للشعر”.
وزادت جلاء: “لقد كان قلمي سباقاً لوصف الواقع والمعاناة، التي عانت منها المرأة في ظل احتلال مرتزقة داعش للرقة، فالمرأة قُتلت، واُغتصبت، وقُمعت لتصبح سلعاً مباحة لجميع مرتزقة داعش، فكان على قلم الأديب التحرك، ويدون الأحداث ليرويها وتبقى خالدة في الأذهان”.
وعن الديوان الشعري بعنوان “أساور” الذي شاركت فيه جلاء في معرض الكتاب قالت: “تمت كتابته من 2008 حتى2011 لكنه لم يرَ النور إلا عام 2022، بسبب سيطرة مرتزقة داعش على مدينة الرقة والقمع، الذي عانت منه المرأة في ذلك الوقت، وملاحقة الفنانين والكتاب والأدباء كونهم يمثلون الإلحاد وحكم عليهم بالقصاص”.
الكتابة أداة تعبير
قد تمت طباعة كتاب أساور عن طريق دار النشر شلير في قامشلو، وتم توقيعه في مدينة الرقة، وأبدت جلاء سعادتها بهذا العدد الكبير من النساء المشاركة في المعرض: “خلال تجولي بين أروقة المعرض، كنت أرى أسماء كاتبات كثيرة زينت أغلفة الكتب، بأنواع كثيرة من الأدب وبلغات عدة، وأن دلت هذه المشاركة على شيء، فإنها تدل أن المرأة أعلنت خروجها اليوم من أسوار القمع بجدارة”.
وتحدثت جلاء عن ديوانها الشعري: “هو كتاب يتحدث على لسان الرجل والمرأة، وقد حوى نوعاً من العتاب، وقصائد عن الحب، والحرية والمساحة التي تعيشها المرأة في ظل حكومة دمشق، والقصائد، التي كتبت في نهاية الديوان كانت في ظل مرتزقة داعش وسيطرتها على الرقة ومعاناتها من الإرهاب والتعنيف، والاغتصاب والقصاص في هذه الفترة”.
أشارت جلاء إلى أن الكاتبة تكتب بجوارحها، فتعبر عما بداخلها عن طريق الكتابة أو الرسم، وخاصةً ما حدث في الرقة تجاه المرأة والاستبداد، الذي عانت منه المرأة أيام الدكتاتورية، وتطرقت إلى ديوانها القادم: “سيكون الديوان القادم يتحدث عن حرية المرأة ونضالها الذي سطرته بالقوة والألم”.
تمنت الشاعرة جلاء حمزاوي في ختام حديثها لهذا المعرض الاستمرار والانتشار على مستوى سوريا وجميع أنحاء العالم.
كتب تحمل في ثناياه معاناة الاحتلال
وبغصة تتذكر الكاتبة والشاعرة والرئيسة المشتركة لاتحاد المثقفين بإقليم الجزيرة “أناهيتا سينو”، مدينتها #سري كانيه# في كتاباتها، فرغم التهجير، الذي عصف بروحها جراء الاحتلال التركي، لم يتوقف قلمها عن وصف واقع المهجرين ومعاناتهم قبل التهجير وبعده.
تعبر بين طيات كلماتها عن ألم دفين في نفسها، حملته أناهيتا لتطلقه للعنان بكلمات اخترقت فؤاد القارئ، وعن مشاركتها في المعرض قالت أناهيتا: “هذا المعرض له وقع كبير في داخلي، فهنا أرى نتاج قرون، كلمات حفرت فيها المعاني كلها، كتاب متعددون، ودور نشر كثيرة، عرضت أعمالها في معرض هركول للكتاب”.
وقد شاركت أناهيد بأربعة كتب باللغة العربية، وقد بينت أن الكتب الأربع تحمل بين أوراقها ثورة دامت عشر سنوات من هجرة وانتصارات معاناة وفرح، قصص شهداء زُفوا إلى تراب الوطن، فأصبحوا جذوراً تثبتنا على النصر، هكذا وصفت أناهيدا كتبها.
وعن كتابها الأخير “على ذمة الزيزفون” الذي سينشر في دمشق قالت أناهيد واصفة الكتاب: “لقد استوحيت عنوانه من مدينتي سري كانيه، ففيها يكثر الزيزفون، ومحور الكتاب قصص لم تروَ عن مهجرين همشوا في الحياة، وعن أناس دُفنوا في الأنقاض، وعانوا المعاناة مضاعفة”.
واختتمت أناهيتا سينو حديثها بالقول: “إن الجيل الجديد يبتعد عن الكتب بشكل ملحوظ فقط أصابه الهوس بالإنترنيت وشاشات الهاتف والحاسوب، إلا أننا من خلال هذا المعرض نعيد الروح للكتب، وكلي أمل بجيل المستقبل لأنه جيل منفتح يسعى لحياة أفضل، ونحن بدورنا كمثقفين نسعى لأن نضع الأساس لهم رغم الصعوبات كلها”.
ويذكر أنه تم افتتاح معرض الشهيد هركول في دورته السادسة في 22 تشرين الأول الجاري ليستمر حتى تاريخ 29 الشهر ذاته بمشاركة 51 دور نشر، و13 ألف عنوان، 130 ألف كتاب وتحت شعار “الكتب ثروة العالم”.[1]