قامشلو/ علي خضير
يعشقون الكلمة الجميلة، والحرف العذب، يتذوقون الحديث الطيب، والحرف الرخيم، يطربون لشدو قصيدة، ويرقصون على وقع أهزوجة قلب، ثم يصدحون من جديد بعذب القول، وجميل الكلم، وتفيض قرائحهم بنمير اللغة نثرا وشعرا، قصة ورواية وبحثاً، وكذا هو الحال مع الشاعر، والكاتب، والعاشق، والباحث في التراث والفلكلور الكردي، #صالح حيدو#.
وُلِدَ صالح حيدو في قرية “حسي أوسو” التابعة لمدينة عامودا عام 1957، منذ طفولته لديه شغف خاص بالتراث وباللغة الكردية، كتب أول قصيدة شعر، وهو في الثانية عشرة من عمره، ترعرع “حيدو” ضمن عائلة وطنية مهتمة بالأدب والفن، في قرية “حسن أوسو” من عشيرة “كابارا”، وبعد إتقانه الكتابة الكردية، قام بتدريسها سراً لبعض الشبان في الحسكة.
الحفاظ على تراث الأجداد من الضياع
عاش “صالح حيدو” حياته متنقلاً بين القرى والمدن في أجزاء بلاده كلها، باحثاً عن الفلكلور، الذي يميز كل منطقة، وأحاجي الأطفال والكبار، التي كانت تُروى في القرى قديماً، هو من القلائل، الذين كان لهم دور كبير في تدوين تراث الآباء والأجداد والحفاظ عليه من الاندثار والضياع.
بدأ حيدو مع الفلكلور بجمع الأغاني القديمة باللهجات كلها، وانتقل بعدها إلى جمع الأحاجي والقصص، إضافة إلى الأمثال الشعبية الشائعة بين الناس، ومن ثم بدأت رحلته في التقاط الصور للزي في أجزاء #كردستان# كلها، كما تمكن خلال مسيرته من جمع 1500 أغنية وتحليلها، عدا عن جمع 75 كتاباً عن التراث والفلكلور الكردي، كما كان للشعر نصيب من عطائه فأصدر ثمانية دواوين.
محرك البحث الكردي…
وإضافة إلى ذلك، فهو يمتلك موهبة فنية لا تقل شأناً عن الشعر، كونه يتقن العزف على العديد من الآلات الوترية، كما سبق أن قام برسم الكثير من الشخصيات والرسومات، التي ترافق شروحاته في الكتب والمراجع.
صالح حيدو، الذي يعرف بين أهالي روج آفا بمحرك البحث الكردي، ألّف 75 كتاباً طبع 43 منها، وجمع سبعة آلاف صورة للزي الكردي من أجزاء كردستان الأربعة، وله عشرة دواوين شعرية قومية، اجتماعية وتربوية، وقصائده تتحدث عن القيم والكوردياتي وعن الإنسانية، إلا اثنين من دواوينه، فهما عن الحب.
عن بداياته في الكتابة قال حيدو: “عندما بدأت بالكتابة كنتُ في الصف السادس الابتدائي وكانت قصيدة قومية”.
وأوضح حيدو “كتبتُ ديوانين عن الحب، من أصل عشرة دواوين شعر، والبقيَّة جميعها قومية، اجتماعية وتربوية، وقصائد عن القيم والكوردايتي وعن الإنسانية وألّفت ديوانين موضوعهما الحب”.
وعن حبّه للزيّ الكردي وتعلقه به، قال حيدو: “أحب #الزي الكردي# فكل قومية تُعرف بزيها، هذا الزي، الذي أرتديه خاص بمنطقة السليمانية، يطلقون عليها اسم “مرادخاني”، حيث يوجد في السليمانية ثلاثة أنواع من الزي الكردي، هورامي –مرادخاني، وستارخاني”، لكنه يفضّل زي منطقة بوطان؛ لأنّه “جميل وقديم وراقٍ”.
أعمال الكاتب المختلفة
حبه للزيِّ الكردي جعل منه رحَّالاً يتنقل بين قرى ومدن كردستان بأجزائها الأربعة ليجمع سبعة آلاف صورة، يحدثنا من خلالها عن خصوصية الزي الكردي لكل منطقة، وجمع الأغاني الأمثال والقصص الفلكلورية، وجمع أربعة آلاف مثل كردي، ضمّها في كتاب يقول إنه سيطبعه “في الوقت المناسب، سأطبعهم الواحد تلو الآخر بالتسلسل، لدي 32 كتاباً لم تطبع بعد”.
ويبين حيدو: “أي شيء يتعلق بالكردايتي، والتاريخ و#التراث الكردي# كان محط اهتمامي وعملي، لقد جمعت أسماء جبال كردستان بأجزائها الأربعة، فضلاً عن أسماء المدن والقرى، التي استطعت الوصول إليها، وكذلك أسماء العشائر والتراث الكردي في الأجزاء الأخرى من كردستان”.
صالح حيدو متعلق بالحسكة، ومهما زار من أماكن، فلا بدّ له من العودة إلى الحسكة، حيث يرى أنّ مستقر المثقف هو بين شعبه وأهله، ويقول: “أحب الحسكة كثيراً لأنني تربيت وترعرعتُ هناك، قريتي تابعة لمنطقة عامودا، لكنني عشت في الحسكة، وعملي ومعارفي هنا، أهل الحسكة وطنيون”.
يقول عن سبب عزوفه عن الهجرة: “إنَّ الذي يهاجر إلى مكان بعيد، يبتعد عن روح التراث واللغة والثقافة الكردية، ويبقى مجرد غلاف فارغ”، ويضيف: “لا يستطيع الإنسان العيش بدون الحب، وإذا لم تحب وطنك، لن تستطيع الكتابة”.
ورسالة حيدو للمثقَّفين، الذين هاجروا بعد العام 2011 ولم يعيشوا بين شعبهم هي: “عندما أقول الوطن وقضية الوطن، ولن أترك ترابي وسأستشهد من أجله، وأحمل السلاح يجب أن أكون بحجم المسؤولية.
عندما أترك الوطن وأهاجر لن تبقى لي قيمة ولا شخصية ولن أكون وفياً لوطني ولشعبي ولثقافتي”.[1]