هيفيدار خالد_
في الأول من تشرين الثاني عام ألفين وأربعة عشر، تضامنت شعوب العالم، واتّحدت معاً لمساندة مدينة #كوباني#، التي ذاع صيتُها بالمقاومة التاريخية، التي سطّرها أبناؤها ضد داعش، واستطاعوا توجيه ضربةٍ قاضيةٍ لهؤلاء المرتزقة، الذين أرهبوا العالم بما ارتكبوه من فظائع وانتهاكات.
في هذا اليوم الذي تحوّل إلى رمزٍ تاريخي، خرج الملايين من المتظاهرين، من مختلف الدول، وبقومياتهم وانتماءاتهم كافة، وأعراقهم وأديانهم وثقافتهم، إلى الميادين والساحات، ورفعوا أعلامَ وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وردّدوا شعاراتٍ تُندّد بهجمات داعش على كوباني، وتُمجّد مقاومة أبطال الكرد ضدَّ إرهاب داعش، وطالبوا المجتمع الدولي بالتدخل واتّخاذ التدابير العاجلة لمُساندة مقاومة الشعب في روج آفا.
داعش، الذي ارتكب جرائمَ وانتهاكاتٍ ضدّ الإنسانية، حاول من خلال هذه الممارسات اللاأخلاقية تدميرَ الشعوب الأصلية، وتحطيم طموحاتهم وأحلامهم في الحرية والحياة الكريمة، انهزم في مدينة كوباني السورية على أيدي مقاتلين كرد، حاربوا ببسالةٍ ومقاومةٍ تاريخية لا مثيلَ لها، نيابةً عن الإنسانية جمعاء، وخلقوا بذلك جسوراً من التضامن والمحبة بين الشعوب المتعطّشة للحرية، والتي تؤمن بالإنسانية والسلام والعدالة في العالم، بذلك سقط داعش، وسقط الداعم له، ولم تسقط كوباني بل أصبحت قلعةً شامخةً لا تهاب شيئاً.
فالمقاومة الملحمية، التي سطّرها الأبطال الكرد في كوباني، وخاصةً مقاومة وحدات حماية المرأة، أثبتت للجميع، أن #الشعب الكردي# لم يتخلَّ أبداً عن الحياة الحرة، ولن يرضخَ للعبودية، وضحّى أبناؤه بأرواحهم، دفاعاً عن كرامة وهوية شعوب العالم، لتدخل هذه المقاومةُ التاريخَ بأحرفٍ من الذهب، وتحتلّ مكانةً مرقومةً بين صفحاته.
في كوباني قدّم الشعب الكردي وأصدقاؤه المستحيل، في سبيل النصر على ظلم داعش، وأبدوا مقاومةً أسطوريةً استمرت لأشهر، وانتهت بهزيمة داعش وشركائه على أيدي الكرد.
حيث لفت هذا الانتصار التاريخي، الذي كان بقيادة الشعب الكردي، وخاصةً #المرأة الكردية#، انتباهَ العالم أجمع، ما دعا أصحاب جائزة نوبل للسلام، والأكاديميين والمثقفين والكّتاب، والمنظمات الاجتماعية الديمقراطية، للإعلان في الأول من تشرين الثاني عام ألفين وأربعة عشر عن يوم التضامن العالمي مع كوباني.
نعم من هنا نستطيع القول: إن مقاومة كوباني ضد أعتى تنظيمٍ إرهابيٍّ عرفته الإنسانية، خلقت أملاً لحرية الشعوب المضطهدة، ومن خلال المقاومة، التي أبدتها الشهيدة آرين ميركان، ضدَّ هجمات داعش العنيفة، أصبحت مقاومةُ المرأة الكردية، مثالاً لنضال النساء في الشرق الأوسط والعالم ضدّ المحتلين، وخيرُ مثالٍ على ذلك، والذي بدا جلياً وواضحاً في الانتفاضة الشعبية التي تقودُها المرأة الكردية في #شرق كردستان# وإيران، التي اندلعت شرارتُها إثرَ مقتل الشابة الكردية جينا أميني، واستمرت بشعار “jin jiyan azadî” أي “المرأة، الحياة، الحرية”، هذا الشعار الذي صدحت به حناجر النساء، وأصبح صرخة الحرية على شفاه نساء العالم.
وذلك كله؛ نتيجةً للجهود الجبارة التي تبذلُها المرأة الكردية ضدّ الهجمات كافة، التي تستهدف وجودَها.
وستكون المرأة الكردية المنظمة، القوةَ الوحيدة، التي تستطيع أن تكون سدّاً منيعاً في وجه الهجمات، التي تحاول النيل من المكتسبات التي حققتها، بفضل تضحياتٍ جِسام، قدّمتها المئاتُ من البطلات على هذه الأرض.[1]