وصلت أمس الأربعاء، جثث سوريين غرقوا في الشواطئ الجزائرية، إلى مسقط رأسهم حيث دفنهم ذويهم بجانب أقاربهم.
في مساء الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر، أبحرت أربعة قوارب من شواطئ وهران خلسةً، حملت فوق طاقتها من المهاجرين، حيث قالت مصادر لنورث برس، إن استيعاب القارب 8 أشخاص بينما ركب فيه 15شخصاً أملاً بالوصول إلى أوروبا.
هذه القوارب، وصل منها واحد إلى #إسبانيا#، فيما غرقت البقية، ونجا منها شاب وحيد، وبلغ عدد من عُثر عليهم جثثاً 18، فيما لا يزال مصير 6 شبان من #كوباني# مجهولاً.
أحلام لم تكتمل حمل هؤلاء الشبان بعض المستلزمات والكثير من الأحلام واختاروا طريق الهجرة لكن البحر الهائج أعادهم إلى ذات الطريق، ليستقبل سكان كوباني جثامينهم بالدموع والحزن.
وعملت لجنة شكلتها الإدارة الذاتية من ممثلياتها وعبر قنواتها الدبلوماسية، على إعادة عشر جثث لسوريين غرقوا في الشواطئ الجزائرية، هذه اللجنة نسقت مع السفارات الجزائرية والسورية واللبنانية. أثمرت الجهود بإعادة عشر جثث ل 8 شباب من كوباني وشاب من اللاذقية وآخر من منبج شمالي سوريا. تأخر وصول الجثث لوجود عراقيل وإجراءات روتينية اتخذتها الجزائر، خاصة أنها لمهاجرين غير شرعيين، دخلوا خلسةً إلى أراضيها. وتشهد شمالي شرقي سوريا بشكل خاص، وسوريا عموماً، موجة هجرة كانت ذروتها في العام 2015، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد وعدم تحقيق الاستقرار. وتكلف طرق التهريب أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي والكثير من المخاطرة، لذلك بات سكان يبيعون ممتلكاتهم من عقارات وسيارات، ويهاجرون بثمنها، إما بحراً أو براً.
وسلك ضحايا القوارب الجزائرية الطريق إلى لبنان ومنها إلى ليبيا لدخول الأراضي الجزائرية تمهيداً للانتقال إلى دول الاتحاد الأوربي، أملاً بتحسين واقعهم المعيشي وتحقيق الاستقرار. وساهم وجود جالية سورية كبيرة وخاصة لاجئين من كوباني في الجزائر، بتمكن ذوي الضحايا من معرفة مصير أقاربهم والتعرف على جثثهم وإثبات ذلك بالصور، لكن هؤلاء لم يستطيعوا التصرف بالجثث، بسبب عراقيل وإجراءات أمنية مشددة من قبل الحكومة الجزائرية. وبعد توالي الأنباء تعالت مناشدات ذوو الضحايا بإعادة جثث أبنائهم إلى مسقط رأسهم، وشكلت الإدارة الذاتية لجنة، وتكفلت بمصاريف إعادة الجثث على نفقتها. واستجابة للمناشدات، قال محمد شاهين الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي في إقليم الفرات، إنهم سعوا عبر قنوات دبلوماسية لاستعادة الجثث أثمرت عن تشكيل اللجنة.
كيف أُعيدت الجثث؟ في نهاية الشهر الماضي، قال محمد عارف علي، وهو طبيب من كوباني وأحد أعضاء اللجنة المكلفة بإعادة الجثث، إنهم مستمرون في إجراءات الإعادة تمهيداً لنقلهم إلى ذويهم، في حال عدم حدوث أي طارئ.
لكن طارئاً حدث، حينها، لم يحصلوا على موافقة السفارة اللبنانية بسبب انشغال السفير بحضور مؤتمر القمة العربية التي بدأت جلساتها مطلع الشهر الجاري.
واستمرت اللجنة بالتنسيق ومتابعة الإجراءات القانونية في سفارة لبنان بالجزائر، وتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني، لاستلام الجثث في لبنان وإيصالها إلى سوريا. والسبت الفائت قال محمد عارف علي، إن عشر جثث لضحايا القوارب، ستصل إلى لبنان، مساء الثلاثاء القادم، حيث ستقلع قبل ذلك بيوم، بطائرة من الجزائر إلى قطر ومنها إلى لبنان. والاثنين، أقلعت الجثث من الجزائر إلى قطر، بالتزامن مع تنسيق الإدارة الذاتية مع الصليب الأحمر اللبناني، الذي سيستلمهم في مطار بيروت، ويسلّمهم إلى الهلال الأحمر السوري.
ومساء الثلاثاء الفائت، وصلت 10 جثث إلى مطار بيروت، حيث استلمها الطليب الأحمر اللبناني وسلّمها عند بوابة العريضة الحدودية، للهلال الأحمر السوري، الذي نقلهم إلى مشافي حلب. وصباح أمس سارع ذوو الضحايا لمشفى الفرات في منبج لانتظار جثث ذويهم، والتي وصلت ظهراً، في أجواء حزينة تعالت فيها أصوات البكاء على شباب لاحقوا أحلامهم وعادوا جثثاً. ورافق محمد شاهين أهالي الضحايا الذين حضروا إلى منبج لاستلام الجثث، حيث سينقلونهم إلى كوباني، وتوجّه بالشكر للهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر اللبناني على تعاونهم وإسهامهم بتعجيل إجراءات نقل الجثث إلى مسقط رأسهم. لكن بقيت جثتان لشابين من كوباني، لم يتم إعادتهما بسبب إجراءات قانونية، وأخرى تتعلق بالتعرف عليهما مؤخراً.
بين العودة الخوف من المصير بحسب مصادر لنورث برس في الجزائر، هناك المئات من شباب مدينة كوباني في الجزائر، ممن لم يعبروا البحر حتى الآن ويريدون العودة إلى مدينتهم، لكن صعوبات عدة أبرزها دخولهم بطرق غير شرعية تعيق محاولات العودة. وناشد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، العالقين في الجزائر بالعودة إلى بلادهم معرباً عن استعدادهم لتقديم كافة التسهيلات اللازمة ل “عودتهم الكريمة والآمنة”. ويتخوف السوريون العالقون في الجزائر، أن يتم تسليمهم في حال العودة إلى حكومة دمشق.
ويشير تقرير لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في أبريل/ نيسان الماضي، إلى ارتفاع عدد ضحايا الهجرة غير النظامية عبر المتوسط والأطلسي إلى 3 آلاف شخص خلال العام الماضي فقط. وفي الآونة الأخير، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، قيل إنها لشبان سوريين رحّلتهم الجزائر إلى صحراء النيجر، ويعانون أوضاعاً مأساوية. وتقول المفوضية إن اللاجئين والمهاجرين لا يملكون سوى خيارات قليلة خلال رحلاتهم بعيداً عن الاعتماد على المهربين وخاصة في الصحراء الكبرى، مما يعرضهم لمخاطر عالية من الانتهاكات، يحاول الكثيرون عبور البحر من ليبيا وتونس باتجاه إيطاليا أو مالطا في أغلب الأحيان.
إعداد وتحرير: أحمد عثمان[1]