تحت شعار “باقون لآخر قطرة حبر.. ولآخر قطرة دم” انطلقت في الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، فعاليات #مهرجان روج آفا# الثامن للثقافة والفن في مقر اتحاد مثقفي “روج آفايي #كردستان#” (#HRRK#) بمدينة #القامشلي# بمشاركة 134 أديباً وشاعراً وكاتباً وفناناً تشكيلياً وبتنظيم مباشر من (HRRK) ورعاية هيئة الثقافة وشركة آرسيل للاتصالات، وسط حضور متواضع اقتصر على عدد من الشخصيات الثقافية والفنية وعدد من الفنانين والشعراء والمثقفين والكتّاب وممثلين عن المؤسسات المدنية في الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة، في إشارة ودلالة واضحة على أنّ المجتمع المحلي لا يهتم بهكذا تفاصيل، أو ربما باتت المهرجانات بشكلٍ عام تُضجر المجتمع في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
مشاركات دون إقصاء
عن المهرجان وبرنامجه، صرح محمود عبدو عضو اللجنة التحضيرية للمهرجان وعضو الهيئة الإدارية في الاتحاد لنورث برس قائلاً: “تمَّ تنظيم المهرجان هذا العام بشكل شامل، حيث تم دعوة كل الأصوات الكردية والأقلام من كل مكان في شمال شرقي سوريا، بدءً من كوباني وعفرين والحسكة وعامودا والقامشلي وانتهاءً بديرك وتربسبية، دون أن يتم إقصاء أي كاتب أو شاعر أو فنان من حضور المهرجان، ولم يتم إهمال أي كاتب يرغب بالمشاركة أياً كان توجهه الكتابي، سواء الذين يكتبون باللغة الكردية أو العربية مع مراعاة التوزع الجغرافي”.
وعن التحضيرات يقول “عبدو”: “كان قرار المؤتمر العام أن ينعقد المهرجان منذ ستة أشهر ولكن تم تأجيله، لأن المهرجان خلال العام الفائت انعقد في الشهر السابع وكان المناخ الصيفي يشكل عائقاً، لذلك ارتأينا أن ينعقد في أجواء مناخية مناسبة”.
ويضيف: “هناك نقاط قوة لهذا المهرجان، فقد بات طقساً سنويَّاً، وتظاهرة عامة ينتظره المتابعون والكتَّاب، فهذا المهرجان يساهم في تسليط الضوء على الكثير من التجارب المهمَّشة، ومصرّ على أن يضم فوق منصَّته كل الأصوات على اختلاف مشاربها السياسية والثقافية، كما أن كل الاتحادات موجودة بأسمائها الرسمية ومنتجاتها الأدبية والإبداعيَّة”.
هفوات مستمرَّة
وعن النواقص الموجودة في نسخة العام 2022 من مهرجان روج آفا للثقافة والفن، يقول “عبدو”: “لا يمكن الإيمان بوجود عمل كامل، وتبقى هناك بعض النقاط والهفوات، ولكنها تندرج تحت بند الأمور اللوجستية، ولها علاقة بالخبرات الإدارية لهكذا أنواع من المهرجانات، بالإضافة إلى المكان غير الملائم، ولكن هناك محاولات حثيثة لتلافي هذه النواقص”.
جوان تتر، شاعر ومترجم، ومن ضمن المشاركين في ندوة حوارية حول واقع الترجمة في شمال شرقي سوريا، يقول لنورث برس: “المهرجانات ظاهرة أدبية وثقافية وفنية مهمة، ولكن بشريطة أن تكون هناك إدارة جيدة للموارد الثقافية الموجودة، وما التمسته من خلال الحضور، هناك خبرة قليلة غير ناضجة، ومن المفترض أن تكون ناضجة، فهذه النسخة هي الثامنة، وهو عدد كبير لا يستهان به”.
ويعلل “تتر” كلامه السابق بالقول: “السبب وراء ذلك هو عدم التفات المنظّمين لتجارب سابقة في بلدان أخرى والاستفادة من خططها التنظيميَّة، وباعتقادي هو أمر في غاية السهولة، لكن يبدو أنّ المنطق السائد في شمال شرقي سوريا هو البقاء في الخطوة الأولى سنين طويلة دون محاولة المضيّ نحو الأمام، أو على الأقلّ تثبيت الخطوة الأولى لتكون نموذجاً يحتذى به”.
إعلام غير مهتمّ
شمس عنتر كاتبة حضرت المهرجان بأيامه الأولى تقول لنورث برس: “مهرجان روج آفا للثقافة والفن محل تقدير واحترام لكل شخص يحترم الثقافة والفن، والجميل فيه أنه يحتوي كل الأطياف السياسية بتنوع توجهاتهم وانتماءاتهم، ووجود عدد كبير من النساء المثقفات من شاعرات وكاتبات، ولكن ما جعل المهرجان غير متكامل هو وجود فعاليات صباحاً ومساء، ومن الصعب جداً الحضور ومتابعة الأنشطة والفعاليات لمدة ثلاث ساعات صباحا ومثلها مساء، ولا سيَّما بالنسبة للقادمين من أماكن بعيدة”.
وتضيف: “كان من المفترض أن يتم تسجيل فعاليات ونشاط كل مشارك في المهرجان ليكون هناك قدرة على متابعة ما يفوت، كما رأينا بأنَّ فريق الإعلام للمهرجان غير مهتم بالمستوى المطلوب بالمشارك لا تصريحات ولا صور خاصة، ودور الإعلام أيضاً بشكل عام كان متواضعاً فلم يقدم المشارك نشاطه بأريحية بسبب الأصوات المرتفعة والأحاديث الجانبية من قبل الحضور، على أمل أن يتم تلافي هذا النقص في الدورات المقبلة”.
وتشير “عنتر” إلى أنه “كان من المفترض أن يتم عقد المهرجان في مكان أكثر اتساعاً، بعد بذل كل هذا المجهود المعنوي وتكاليف المهرجان بمعنى انعقاد المهرجان في مكان مناسب، ناهيك أن التجمعات الكبيرة تجلب الأمراض المعدية في ظل الأوضاع الصحية التي يعيشها العالم بشكل عام”.
وكان لاتحاد الكتاب الكرد في سوريا ممثلاً ب قادر عكيد، رأياً في انعقاد مهرجان الثقافة بدورته الثامنة، وقال لنورث برس إنه “لا يمكن إنكار ما بذلته اللجنة التحضيرية من جهود حثيثة لإنجاح المهرجان منذ شهور، ولكن العمل كان يفتقر لبعض النقاط حتى يكون في مستوى أفضل”.
أول هذه النقال هي “مكان الانعقاد الذي لم يكن موفَّقاً أبداً، فالقاعة ضيقة ولا تكاد تكفي للأعضاء، وقد تمَّ إرسال الدعوة لعدد كبير من الناس، أحياناً لا يوجد مكان للجلوس بسبب الازدحام وأحياناً تكون القاعة والكراسي كلها فارغة، ثمة فوضى في القاعة بسبب مجيء الضيوف ومغادرة بعضهم الأخر، وهذا يشكل عدم ضبط للقاعة وعدم تأمين المناخ المناسب للإصغاء والاستماع وخصوصاً أصوات الكراسي وهي تتحرك!”.
والأمر الثاني هو مستوى الأعمال المقدمة من قبل المشاركين، “لأنَّ اللجنة اعتمدت الكم على حساب النوع، فتوجيه دعوة لأكثر من 150 مشارك عدد ضخم جداً، وباعتقادي لو أنهم اختاروا 50 مشارك أصحاب منتوجات أدبية قيَّمة كان أفضل من هذا العدد الهائل وبمستويات مختلفة اختلط فيها الجيد والمتدني”.
يضيف “عكيد”: “عدد أيام المهرجان 10 أيام فترة طويلة جداً، حيث نشعر بالتعب ولا يمكننا الحضور في كل أيام المهرجان، لدينا أعمالنا ومشاغلنا حتى المهرجانات الدولية والكردستانية تنعقد 3 أيام فقط كمهرجان دهوك الذي انعقد مؤخراً في باشور كان من المفترض أن يبقى 5 أيام فقط، كما أنَّ فكرة تكثيف المحاضرات والمسرحيات 7 ساعات فكرة غير موفَّقة، الأمر الذي يؤدي إلى اختلاط الفعاليات وخلق نوع من الإرباك”.
من جانبه قال خالد عبد الكريم (35 عاماً) من مدينة القامشلي وهو متابع للمهرجان ومهتم بالشأن الثقافي، لنورث برس: “في كل عام أرى نفس الهفوات، وتعد اللجنة التحضيرية كل عام بأنَّها سوف تتلافى تلك الهفوات ولكن دون جدوى”.
وأضاف: “لكن حبي للأدب الكردي وتعلقي به يجعلني أكون زائراً مستمراً، فقط ما يحز بنفسي هو افتقار هذا المهرجان لأمرين هما أدب الطفل وهو مهم جداً، وانعدام وجود محاضرات وأبحاث وكتب نقدية ضمن نشاطات المهرجان، كلنا ندرك أهمية النقد الأدبي الذي يطور الأدب ويرفع من مستواه، نحن في أمسّ الحاجة في الوقت الرَّاهن إلى أقلام هادفة ومحتوى أدبي يجذب الجمهور”.
ويستمر المهرجان حتى الغد الموافق ل العشرين من هذا الشهر، بفعاليات ثقافية متنوعة تتمثل بندوات ومحاضرات ومسرحيات وعروض سينمائية وأمسيات شعرية وقصصية باللغتين الكردية والعربية وسينتهي كطقس معتاد بالإعلان عن جائزة (HRRK) المخصصة للإبداع لعام 2022.
إعداد: لورين صبري[1]