حاجي علو
يخطأ من يقول أن النشوء الديني قد بدأ في 300 ألف سنة أو40ألف سنة أو 8000 سنة قبل الميلاد أو 1250سنة فقط قبل الميلاد ……., هذه نقاط مرحلية في تطور الدين وليس نشوءه, فعندما نقول نشوء يعني البدء من الصفر (لم يكن فكان) فتكون ذرة منه ثم ذرتان وثلاث و و و …..إلخ , أساس الدين كتعريف شامل هو إدراك أو تحسس المخلوق للخالق, هذا أبسط تعريف قبل أن يتطور إلى التزهد وقتل النفس (الرياضة الروحية) ثم العبادات المختلفة والقرابين المتنوعة ثم الجهاد بالسيف في سبيل الله,
كيف نشأ الدين ؟
منشأ الدين هو النفع بمعناه الواسع , الدفء هو نفع , الغذاء هو نفع, النجاة من الأسد أو الغرق أو النار هو نفع ………
متى نشأ الدين ؟
لا نقول أنه نشأ مع الحجيرة (الكائنات الحية المجهرية) لكنه بالتأكيد نشأ مع النبات ولا يُمكن إنكار ذلك بأية حجة, فالنبات الذي تضعه في غرفة مظلمة فيها فتحة واحدة تسمح بدخول حزمة من ضوء الشمس, ستجده يتجه إلى تلك الحزمة الضوئية وإن تهيّأت له الظروف الكافية سيتمدد حتى يصل الفتحة وتخرج أوراقه منها , ولا يُمكن لبشر أن ينكر ذكاء هذا النبات وتحسسه للضوء وإدراكه نفعه لحياته ومن وجّهه إلى الهدف مهما كان مقدار هذا الذكاء ومكانه الذي يُرجح أن يكون جرثومة البرعم .
الغرائز التي تنتقل بالوراثة وتعتمد عليها الحيوانات البدائية كالحشرات مثلاً, إنما هي ذكاء وعلم مخزون في الكروموسومات الوراثية , ومع ذلك فهي تستخدم ذكاءها البسيط لكنه موجود, فالذباب تراه في أشهر الشتاء تجثم على الجدران التي تسقط عليها أشعة الشمس لتتدفّأ, فقد أدركت أن هناك شمس ودفء يزودها بالحياة وفهمت نفعها واهتمت بها وبذكائها عرفت أن تختار اللجوء إلى الحائط المشمس الدافئ وليس إلى الحائط البارد الذي في الظل, والنفع يؤدي إلى الإهتمام والإهتمام بالشيء يتطور إلى الإعتناء ثم التمسك به والخوف عليه من فقدانه حتى تنتهي إلى التقديس والعبادة والصلاة وتقديم القرابين, إنه مسلسل فكري طبيعي بدأ مع الخليقة وتطور وما يزال يتطور حتى اليوم ولن يتوقف طالما هناك عقل يفكر في دماغ المخلوق, هكذا نشأ الدين لدى جميع المخلوقات الحية البدائية قبل تطورها, حتى المتطورة جداً والتي ليست بحاجة إلى دفء الشمس فهي بحاجة إلى ضوئها لا حياة بدون ضوء الشمس ودفئها, لذلك فالشمس هي أول دين وقد بدأ مع الخليقة كأول معبود.
إذن فالدين كان توحيدياً بإله واحد هو الشمس منذ الخليقة وحتى إكتشاف النار قبل 40 ألف سنة في شمال العراق وهكذا أصبح الدين ثنوياً في شمال العراق الشمس وممثلها النار, حتى الثورة الزراعية وفي شمال العراق أيضاً قبل عشرة آلاف سنة قبل الميلاد وكان المخلوق قد تطور إلى إنسان وقد بلغ مرحلة متقدمة جداً من التطور الفكري فبرزت عوامل وأسباب فشل أو إزدهار المحاصيل تعزى إلى قوى غيبية مختلفة فكانت مرحلة تعدد الآلهة بدون ضوابط حتى دخل الثور خط الدين بإعتباره أهم عامل للزراعة, وبدأ التفكير في الخالق اللاهوتي الأعظم والملائكة والعبادات المختلفة , والصراعات البشرية ساهمت كثيراً في تذليل وتعظيم الآلهة المختلفة بعد تعددها بغير حدود, وبرز أناس هنا وهناك كنساك وكهنة ثم أنبياء ثم رسل يدعون إلى العودة إلى التوحيد ثانيةً بدءاً برسالة موسى 1250 قبل الميلاد بعد فشل كل تكهناتهم حول معرفة الخالق والخليقة والكون وما إلى ذلك من التفسيرات الدينية الروحية التي لم تنته إلى نتيجة حتى إستخدموا السيف ولا يزال الحبل على الجرار.
متى ظهر أول إنسان ؟
كان هذا تعقيباً على مقال للدكتور خيري الشيخ ولما طال إرتأينا نشره كمقال مستقل ونرجو أن ينال رضاه ورضا القراء الكرام. المقياس الذي حدده المؤرخون لتمييز الإنسان عن الحيوان هو الإنتصاب, الحيوان الذي يمشي منتصب القامة هو إنسان بغض النظر عن مقدار الذكاء , وهكذا إعتبر تاريخ ظهور أول إنسان مليون وستمئة ألف عام وهو تاريخ أقدم إنسان منتصب القامة عثروا على هيكله في كينيا أفريقيا وبالتأكيد هناك من سبقه بكثير, ثم تم العثور على إنسان جاوة في جزيرة جاوة الإندونيسية في حدود 300 ألف سنة قبل الميلاد وبعده عثر على هيكل إنسان نيا نيدرتال في ألمانيا , وأخيراً عثر على هيكل إنسان كرومانيون الذي لا يختلف عن الإنسان الحالي, في أكثر من مكان منها شمال العراق, فسموه جد الإنسان الحاضر ويعود تاريخه التقديري إلى 50 ألف سنة ق م على الأقل, وهو الذي إستخدم الأسلحة الحجرية والخشبية والعظام وإكتشف النار. أي من إنسان المراحل السابقة لم ينقرض لكن بالتطور تغيرت ملامحه لدرجة يختلف عن سابقه بشكل ملحوظ وهو نسله المتطور وقد لوحظ في التغييرات كبر الحجم وطول القامة وإختزال الشعر ونمو الذكاء وبصورةٍ مطردة.
أي من إنسان المراحل السابقة لم يدفن موتاه ولا حفر قبراً , بعد الإسقرار النسبي في الكهوف والقرى الزراعية البدائية في شمال العراق, خاصة بعد الثورة الزراعية في ال15 ألف سنة الأخيرة عمدوا إلى إبعاد والتخلص من الموتى بشتى الطرق أولها رمي الجثة في الحفر التي تصنعها الطبيعة كالمياه والإنهيارات ثم ردمها بالأحجار وما يتوفر من الأتربة فلم تكن هناك عدد للحفر, إلا في وقت متأخر جداً, بينما في الجنوب الذي زحفت إليه الحضارة من الشمال بعد عدة آلاف من السنين, حفروا القبور بكل سهولة بأبسط عظمة كون الأرض رسوبية سهلة الحفر, ويبدو أن الإيرانيين قد لجأوا إلى القبور الصامتة العالية للتخلص من موتاهم وإبعادهم عن الأنظار قد إخترعوها كطريقة مثالية لعدم قدرتهم على حفر القبور في ذلك الزمن . ثم أصبحت مبدأً دينياً لا يُمس حتى بعد توفر عدد الحفر, وفي الحقيقة لا توجد طريقة أفضل من الأخرى فكلها ليست طبيعية .
إذن فالدين هو جزء من المخلوق وبالنسبة للإنسان هو سجل تاريخه الفكري وأدبه وإن لم يكن دينه مكتسباً فهو تاريخه القومي والوطني وكل شيء في الشعب قد تخلَّد في الدين وهذا هو الذي ينطبق على #الئيزديين# الداسنيين عبدة الشمس والنار والثور حتى اليوم ولا يزالون يعيشون على الأرض التي إكتشفت النار وإهتدت إلى الزراعة .[1]