د.آزاد أحمد علي
يصادف هذه الأيام مرور 99 سنة على معاهدة #لوزان# بتاريخ 24 تموز/ يوليو 1923، وهي معاهدة وقعت في مدينة لوزان السويسرية بين القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، والمتصارعة على تقاسم تركة الإمبراطورية العثمانية المهزومة.عرف الاتفاق رسمياً بمعاهدة “حل معضلات الشرق الأوسط”، اذ جرت مفاوضات صعبة وطويلة في الفترة الواقعة بين (1 -11- 1922 وحتى 24 – 7- 1923)، جرت المفاوضات بين الإمبراطورية العثمانية من جهة وكل من الدول التالية من الجهة الأخرى: بريطانيا العظمى، فرنسا، إيطاليا، اليونان، رومانيا، صربيا، كرواتيا.
تم المناقشة والاتفاق على 143 بند درجت في نص المعاهدة، لا يتطرق ولا بند واحدة منها الى المسألة الكوردية. هذا وقد ترأس الوفد التركي الشخصية السياسية توأم أتاتورك الفكري ذات الأصول الكوردية عصمت اينونو.
لقد كان مؤتمر لوزان أحد أطول المفاوضات الأخيرة بين الدولة العثمانية والدول التي تختلف معها على قضايا عديدة: كترسيم الحدود والتبادل السكاني، فضلاً عن قضايا سياسية وكولونيالية مشتركة…
وكنتيجة مختزلة، يمكن اعتبار أن أهم وأخطر مخرجات هذه المعاهدة انصب على وضع نهاية لنتائج الحرب العالمية الأولى، وطي صفحة مؤتمر السلام الذي عقد في الضاحية الباريسية سيفر، الذي اختتمت أيضاً بمعاهدة تنهي عملياً السلطنة العثمانية وتشرعن عملية تفككها وتوارثها بين الشعوب المنضوية تحت لواءها. وكانت خاتمة مفاوضات سيفر يوم (10 -8 -1920).
لقد تم بموجب معاهدة لوزان القفز فوق مقترح اجراء انتخابات حول حق تقرير المصير السياسي ل#كوردستان# العثمانية بناء على اتفاقية سيفر. لذلك انتصرت تركيا من هذه الزاوية بشكل حاسم وتم دفن مشروع استقلال كوردستان والانتقال الى مشاريع فرعية لتقسيم كوردستان وإزالة ثقافة شعب كوردستان وطمس هويته.
من حيث الجوهر شكلت معاهدة لوزان أحد أهم المحطات القبيحة للتسوية السياسية وتقاسم النفوذ في الشرق الأوسط، والتي تم بموجبها التمهيد لبناء (جمهورية تركيا) بحدودها الراهنة، وجعلها دولة قابلة للحياة، بعد ان اختزلت السلطنة العثمانية في ثلاث ولايات داخلية من اناضول الغربية. لكن القوى الأوربية المنتصرة توافقت مع تركيا وبالتنسيق – بصيغة ما – مع روسيا السوفيتية على تأمين مصالح كل الدول الموقعة على المعاهدة، في ظل غياب تام لممثلي كوردستان وأرمينيا والبلاد العربية.
لقد مهدت معاهدة لوزان لصعود كمال أتاتورك، وساهمت في التأسيس للكمالية (العلمانية) وتم تنصيب جمهورية ذات طابع قومي عنصري عدواني بمساعدة أوربية، حيث كان شعارها ومازال (شعب واحد، لغة واحدة، علم واحد). لذلك جرت بمساعدة أوربية عمليات تبادل سكاني وتغيير ديمغرافي هائلة لصالح تكثيف العنصر التركي في الأناضول.
اليوم، وبمناسبة مرور 99 سنة على توقيع هذه المعاهدة الكولونيالية الغادرة يمكن القول بموضوعية، أن كل شعوب الشرق الأوسط قد تضررت منها، وتوصيفها بإيجاز شديد:
معاهدة لوزان 1923 غير مشروعة ولا تمتلك الشرعية القانونية ولا الاخلاقية وقد طمست حق شعوب المنطقة وخاصة حق شعب كوردستان في تقرير مصيرها السياسي.
شكلت تلك المعاهدة بداية الغدر بالكورد ومهادنة لعملية تذويب لهويتهم وثقافتهم، بل ساعدت حكومة تركيا للسير على منهج سياسات الإبادة الجماعية.
أحد نتائج هذه المعاهدة الغادرة تنفيذ العديد من المجازر بحق مجتمعات كوردستان، كانت أحد أكبرها من نصيب الجزيرة الفراتية، فقد نفذت في عام 1925 مجزرة بحق قرويي منطقة آليان، وتم تجميع الأهالي العزل في قرية آلا قمش. وجرت عملية قتل جماعي وحرق حوالي 1450 شخص من الرجال والنساء والأطفال مع عدد من المصاحف التي كانت في أيادي بعض السكان للحماية بالكتاب المقدس ودرء خطر القتل… واستمرت هذه المجازر واعمال العنف ضد شعبنا بصيغ مختلفة حتى يومنا هذا.
التأكيد على أن كل الأطراف الموقعة مع الطرف التركي على هذه المعاهدة هم شركاء ومشاركين في تلك الجرائم الموجهة ضد الإنسانية وضد شعب كوردستان بشكل خاص. وخاصة حكومات: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
يجب المطالبة من الجهات الدولية على انهاء هذه المعاهدة والتعويض عن الأضرار التي لحقت المجتمعات والأفراد جراء تطبيقها.
لقد جرت خلال عشرة أشهر التي مهدت لمعاهدة لوزان الكثير من المفاوضات والبازارات، حصل كل طرف بموجبه على ما يريده، فقط وفقط حرم #الشعب الكوردي# من كامل حقوقه وتعرض لحملة إبادة طول قرن من الزمان… تظل معاهدة لوزان معاهدة الغدر والاجرام الكولونيالي، ويظل يوم التوقيع يوما للغدر بالشعب الكوردي المسالم.[1]