رفيق ابراهيم
للإعلام دور هام وأساسي في إيصال الحقائق لجميع أنحاء العالم، وهي التي لعبت دوراً مفصلياً في تغطية الأحداث التي تلت ما سمي بالربيع العربي، و#روج آفا# – شمال وشرق سوريا لم تكن بعيدة عن واقع المنطقة ككل، حيث استطاع الإعلام وعبر وسائله القليلة آنذاك وبعد 15 آذار عام 2011 أن تلعب دوراً بارزاً في التعريف بصدى ثورة شعوب شمال سوريا إلى المنطقة والعالم الخارجي، ووضعت على عاتقها التصدي لحملات التشويه والتشهير والتضليل التي مارستها الجهات الإعلامية التي استهدفت مكتسبات ثورة الشعوب في روج آفا – شمال وشرق سوريا.
$الوقوف في وجه الإعلام المعادي$
كان لا بد من توجه إعلامي حقيقي للوقوف في وجه آلة الإعلام التي صنعتها الأنظمة الحاكمة والقمعية التي عملت على تغيير مفاهيم الثورة في روج آفا – شمال وشرق سوريا، وما أن انطلق الحراك السوري في 15 آذار عام 2011 التي أدت إلى انخراط الشعب الكردي وبقية الشعوب والمكونات للمشاركة بفعالية فيها، من خلال لونهم الخاص بهم منذ 19 تموز 2012م وكان الخط الثالث الذي اختاروه للحفاظ على قيم الثورة ومكتسباتها، والحفاظ على حالة الأمن والأمان التي سادت فيها. وتطلب هذا الحراك الثوري الحاجة الماسة إلى تطوير الحراك الإعلامي ليواكب منجزات ومكتسبات الثورة، ويكون لسان حالها وعينها التي ترصد الأحداث وأذنها التي تسمع، ولتكن من مهامها أيضاً تعبئة الجماهير وتعريفها بأهداف ثورتها، وضرورات المرحلة تحتمت بوجود إعلام بديل لأن الساحة السورية أصبحت ساحة مفتوحة لتدخل الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية وكلٌ يسعى لتحقيق اجنداته ومصالحه في سوريا من خلال هالة إعلامية كبيرة دُعمت بمبالغ ضخمة من المال استطاعوا من خلالها التحكم بمسار الثورة في سوريا. وهذه الأطراف بغالبيتها تعارض التحول الديمقراطي الحقيقي على المستوى السوري، لأن ذلك يعادي مصالحهم وأهدافهم، كما أنهم وضعوا على عاتقهم محاربة الشعب الكردي وقضيتهم العادلة. والقوى الديمقراطية والثورية والوطنية في روج آفا – شمال وشرق سوريا، وفي مقدمتها الشعب الكردي تنبهت لهذا الواقع وأدركت أن هناك من يستهدفهم ويستهدف مشاريعهم، وأسست لحراك إعلامي حر يمثل إرادة شعوب ومكونات المنطقة، ليقف بالضد للحملات الإعلامية الشعواء التي حاولت النيل من الثورة، وليكون إعلاماً هادفاً يحقق طموح ومطالب شعوبها المتمثلة في الحرية والديمقراطية من خلال الإدارة الذاتية الديمقراطية.
ومن أجل هذه الأهداف والأماني، بدأ الحراك الإعلامي بالتزامن مع الحراك السياسي والشعبي، بحيث غدا الإعلام وجهاً رئيسياً من وجوه الحراك الثوري في روج آفا – شمال وشرق سوريا، ومن ثم كبر القطاع الإعلامي في روج آفا مع الانتصارات التي تحققت للثورة الشعبية، وازدادت المؤسسات الإعلامية بسرعة كبيرة، وأصبحت ثورة الإعلام ثورة حقيقية انتشرت في زمن قياسي. واستطاعت المؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها تصويب المسار الثوري نحو الأهداف المنشودة لشعوب روج آفا، وهذه الوسائل الإعلامية تصدت رغم عمرها القصير لكل محاولات تشويه إرادتها ومحاولة جرها إلى مستنقع الحرب الأهلية والنزاع المسلح والاقتتال الطائفي، وفرملت الحملات التي استهدفت شعوب المنطقة وأرادت الانزلاق إلى حرب الأخوة في الوطن والتراب.
$الإعلام .. الأمثلة والتضحيات الجسام$
هنا لا بد من الاستشهاد بنماذج من الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، لقد كانت من الأحداث البارزة على الساحة الإعلامية في روج آفا تأسيس فضائية روناهي، والتي اعتبرت كأول فضائية، حيث تمكنت من نقل الأحداث وحقيقتها على أرض الواقع وكانت بحق خطوة إعلامية ناجحة من حيث الكادر الإعلامي ونقل حقيقة الحدث، دون مواربة أو تحريف.
ومن المنابر الإعلامية الحرة التي تأسست مع بداية الحراك الثوري في روج آفا صحيفة روناهي التي تعتبر خطوة هامة ونوعية حيث تم تأسيسها في روج آفا، وهي مستمرة في عطائها حتى الآن، وهي تصل إلى يد أكبر شريحة من القراء باللغتين العربية #والكردية#، حيث تمكنت هذه الصحيفة وخلال مسيرتها القصيرة نسبياً من تأسيس كادر صحفي محترف في مختلف المجالات وهي تصدر خمس مرات في الأسبوع (ثلاث أعداد الكترونية واثنان ورقية مطبوعة)، والصحيفة لديها الآن العشرات من المراسلين والمحريين والفنيين كما أن لها مكاتب وفروع في العديد من مدن مقاطعات روج آفا وشمال وشرق سوريا.
صحيفة روناهي
وفي إطار الإعلام المسموع تأسست العديد من المحطات الإذاعية للمرة الأولى في تاريخ روج آفا، من بينها (جودي، أوركيش، وآرتا وغيرها من الإذاعات) والتي ساهمت أيضاً في هذه النهضة الإعلامية الكبيرة.
وكانت افتتاح وكالة أنباء هاوار الخطوة الأبرز إعلامياً بالتزامن مع حاجة المنابر الإعلامية إلى استقاء الخبر والمعلومة من مصادرها الحقيقية، كأول وكالة أنباء كردية في روج آفا وسوريا، حيث نشرت شبكة من المراسلين في جميع مدن ومناطق روج آفا وسوريا، وباتت المصدر الأهم والأول للأخبار في شمال وشرق سوريا. بالإضافة إلى هذه المنابر الإعلامية الكبيرة، تصدر في روج آفا وشمال وشرق سوريا حالياً العشرات من المجلات والصحف، منها المستقلة ومنها ناطقة باسم مختلف القوى السياسية والمؤسسات المدنية والثقافية والنسائية منها، وكذلك التي تخص شأن الشباب.
والثورة الإعلامية في روج آفا وشمال سوريا لم تقتصر على نقل الخبر بشفافية وصدق بل ضحت بكوكبة من الاعلامين في مختلف المجالات الإعلامية، اثناء تأدية واجبهم الإعلامي في نقل الحقيقة وما يجري في روج آفا شمال شرق سوريا، إلى الرأي العام العالمي، وكان من أبرزهم (دليشان إيبش وهوكر محمد ورزكار دنيز ومصطفى محمد)، وهناك أعداد أخرى من إعلاميي المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة.
$الثورة الإعلامية.. دور ريادي$
وللمؤسسات والوسائل الإعلامية في روج آفا – شمال وشرق سوريا دور كبير في الثورة التي حققت قفزات نوعية في كل الاتجاهات، والاعلام كانت واحدة من أهم هذه القفزات النوعية، وهذه الثورة الإعلامية من خلال التزامها بأهداف ثورة روج آفا – شمال وشرق سوريا، والعمل على إظهار الصورة الواقعية على الأرض، شكلت الدرع الحصين للتصدي للمحاولات الإعلامية المضادة في تشويه الثورة وأهدافها التي جاءت من أجلها. والثورة الإعلامية أصبحت صوت المقاومة والحق، وصوت الانتصارات التي تحققت بفضل دماء أبناء روج آفا – شمال وشرق سوريا، وكان صوتهم وندائهم الذي وصل إلى كل مكان من العالم حيث تغنى الجميع بتلك الانتصارات والبطولات، وكانت بحق السبب في تحويل مقاومة وانتصارات وحدات حماية الشعب وحماية المرأة، وقوات سوريا الديمقراطية، إلى مثال حي تم تداوله عبر مختلف الوسائل الإعلامية العالمية، وكانت صوت الإرادة الحرة لشعوب المنطقة بعربهم وكردهم وسريانييهم وبقية الشعوب الأخرى، والتي ألهمت العالم القوة والجسارة.
إن الثورة الإعلامية لا تختلف عن ثورة السلاح والفكر والمجتمع والسياسة، فالجميع كل يكمل الآخر، وربما تكون الثورة الإعلامية هي التي تقع على عاتقها أن تلعب دور الريادة، لما لها من أهمية بالغة في تثبيت الحقائق ونقل الأخبار الصحيحة بأمان ودقة، هدفها بذلك الحقيقة وليست غيرها. لتكون حقاً قوة لا يستهان بها، كسلطة رابعة كما يسمونها أو القوة الأولى كما أصبح يطلق عليه مؤخراً.
$موقع وكالة هاوار للأنباء$
معوقات التطور الإعلامي
لذلك وفي ظل السنوات القليلة الماضية من عمر الثورة أعترض طريق ثورة بعض المنغصات والنواقص والمعوقات التي أدت إلى تأخر تحقيق جميع الأهداف التي وضعت للسمو بالإعلام إلى مصاف البلدان المتقدمة إعلامياً، ولا بد من تجاوز هذه العوائق التي تقف في طريق الثورة الإعلامية لتواكب المجالات الأخرى. وكانت من أبرز العوائق: قلة الكوادر الاحترافية، ومن ثم عدم توفر الإمكانات المادية الكافية نظراً للظروف المحيطة بروج آفا – شمال وشرق سوريا، وما تعيشه من حصار من جميع الاتجاهات، والتهديدات التركية المتكررة والمستمرة للمنطقة واحتلالها لمدن عدة كعفرين ومن ثم سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) في الآونة الأخيرة، وهذا ما يؤثر على جلب المعدات والتقنيات الحديثة وكافة المستلزمات الأخرى، التي تساهم في تقدم الإعلام في روج آفا – شمال وشرق سوريا وتخطو خطوات كبيرة باتجاه تحقيق كامل الأهداف التي يمكن تحقيقها، ولتجاوز المشاكل التي تقف في طريق تقدم الاعلام لا بد من تغير المفاهيم والأساليب المتبعة، وتوفير متطلبات العمل الإعلامي والعمل بحرفية وصدق ومثابرة، والابتعاد عن الأنا والمحسوبيات، والاشارة إلى مواضيع الخلل ونقدها بشكل بناء وبصورة تخدم شعوب المنطقة، والكادر الإعلامي في روج آفا – شمال وشرق سوريا، بات لديه الخبرة من خلال سنوات العمل الماضية، الآن بحاجة إلى من يرشده إلى مكامن الخلل ليعمل على تصحيح المسار، والثورة الإعلامية حققت الكثير خلال سنين الثورة، وبالمزيد من الجهد والعمل وتحمل المسؤولية في نقل الحقيقة الكاملة لثورة ومقاومة روج آفا، ستصل الثورة الإعلامية إلى الغاية والهدف.[1]