عمر هيواني
من وسط الأفكار اليارسانية، ذلك التيار الفلسفي المعارض الذي ظهر قبل 1000 عام في جبال إيران، نظمت الرباعيات النسائية في #الأدب الكردي#، الرباعيات المعاصرة لرباعيات الخيام في الأدب الفارسي.
$مجالس الطنبور$
عاشت جلالة خانم في #لورستان# خلال القرن الخامس الهجري، أجادت العزف على الطنبور، والآلات الموسيقية التي تصاحب طقوس اليارسانية. وفي مجلسها المشهور، الذي عرف بمجلس «نور الإله». التقى أهل الأدب والمعارف، وتكمن أهمية جلالة خانم في تهافت الناس على مجلسها والاعتقاد بأنها أنجبت «شاخوَشين»، الذي يعدّه أتباعه إلهاً، أو ظلاً للإله، مع اعتبار والدته جلالة، إحدى الملائكة على الأرض. تقول في إحدى الرباعيات: هو الفارس الذكي شاخوَشين، ما هو إلاَّ وحي السماء السابعة. ولا ينتقص في أنهم يعدّونه لقيطاً. ولدته جلالة ابنة ميرزا أمان الله. توثّق هذه الرباعية، قصةَ ميلاد إله اليارسانية «شاخوشين»، من هذه الشاعرة، حيث ادَّعت أن خصلة من شعاع الشمس، أودعت رحمها نطفة «شاخوشين/نبتة الشمس».
$أسطورة الوردة والبلبل$
في رباعية أخرى، توثق جلالةُ خانم، أسطورةً البلبل والوردة؛ المنتشرة عند العديد من شعوب الشرق، تقول الأسطورة بأن البلبل والوردة ملائكة في تخوم مَنْهَلٍ من مناهل الجنة، وقطعت الوردة، عهداً للمنهل، بألّا تتزوج من أحد سواه، لكنها وقعت، بعدئذ في حب البلبل، ووجدت أن ميثاق عهدها مع المنهل، يحول دون زواجها من البلبل، فوعدته، أنها ستزوجه من ابنتها «عبير»، التي تحمل بها من المنهل، لكن، شرط ألاّ يفشي بالسر لأحدٍ، فأقسم البلبل على ذلك، وفي المساء، عادت الوردة إلى المنهل، وقالت له بأنها وعدت البلبل أن تزوجه من ابنتها عبير، فاستحسن المنهل الأمر قائلاً: ولِمَ لا؟
عند انتهاء مدة الحمل، تهيأت الوردة، بعد أن جاءها المخاضُ، فعرف البلبل الأمر، وحضر حالاً، وبدأ التغريد فرحاً، لكن الوردة رغم آلام المخاض، لم تنسَ أن تنبهه بين الحين والأخر بلمحة من عينيها، كي يكفَّ عن التغريد، لئلّا يفتضح أمره وينكشف سره، غير أن البلبل العاشق، لم يعرْ انتباهاً لتحذيراتها، فظل يغرد حتى الفجر، حيث اقتربت الوردة من وضع حملها، وعندما سمع النسيمُ تغريدَ البلبل من بعيد، علم بأن ثمة أمراً بليغاً سيحدث، إذ كان هو الآخر مغرماً ب عبيرٍ، منذ زمن طويل، فجاء إلى المكان، ليجدَ البلبل غاطاً في نوم عميق، متعباً من الانتظار والتغريد، فانتهز النسيمُ الفرصة السانحةَ، وخطف عبيراً، وعندما استيقظ البلبل، سأل الوردةَ عن عبيرٍ، فأخبرته بما حدث، ولامته، قائلةً: «أَلَمْ أحذّرك أن تكفَّ عن التغريد». فاضطر أن يجددَ العهدَ مرة أخرى، غير أنه ظلَّ على طبعه، مما سبب في معاقبتهما وطردهما من الجنة سويةً، ولايزال البلبل على الأرض، دون أن يبلغَ مرادَه. فتقول جلالة خانم، في رباعيته: يا معشر الأحبة، شاركوا البلبل بكاءه لفقدان عبير، ألا أيها البلبل المغرد، أنا الوردةُ، جئتكَ مجددةً العهدَ بتزويجكَ من عبيرٍ.
هيجان النهر وهموده
تعتبر ريحان خانم لورستاني من المقرّبات ل «شاخوشين»، وقد خصَّصت معظم قصائدها له، عاشت في القرن الخامس الهجري. كانت عازفة بارعة على الطنبورة، والآلات المصاحبة لحلقات ومجالس اليارسانية، ومن رباعياتها الشهيرة، المتداولة إلى الآن: أيا خوشين، أيا خوشين، أدرت رأسي، ليلة أمس بخمرة شوقك، ولازلتُ ثملةً، أنا الآن قادمة إليكَ، محملةً بالورد والريحان، صحبةَ عامة الناس وخاصتهم من المؤمنين بكَ نورٌ للإله. وتقصد ريحانه خانم بالورد والريحان، جلالة خانم وكاكه ردا، اللذين توليا رعاية خوشين من الصغر.
وتقول في رباعية أخرى: كنتُ شاهدةً لدى عرش الكيان «مقر خوشين»، المطلِّ على مجرى نهر ماتيان، فشاهدتُ النهرَ في هيجانه ثم هموده، ولعله بذلك أسلم روح إيمانه إلى خوشين. ونهر «ماتيان»، هو الاسم القديم لنهر «ماديان» الحالي، الواقع بين «كودشت»، و«مه لاي خورم».[1]