بشار العيسى/ سوريا
فتح المؤرخ #معروف خزندار#، عبر كتابه تاريخ #الأدب الكردي#، بوابة واسعة لفهم هذا العالم المتشعّب، وذلك التاريخ الطويل لأدب الأكراد، مُوثقاً وراصداً ومُحللاً.
صدرت الموسوعة في أربيل، (دار آراس 2006)، وجاءت في سبعة مجلدات، ترصد ألف عامٍ من الأدب الكرديّ. ورغم أنها وثّقت وعرّفت بشعراء مثل حاج قادر كويي، وفقي طيران، ومولوي ونالي، والسليماني الكبير؛ إلا أنها توقّفت عند عام 1975. ليستكمل خزندار بعدها مشروعه التأريخي بكتاب موجز تاريخ الأدب الكرديّ المعاصر.
وبحسب خزندار، فإن عصر الكتابة الحديثة افتُتح مع المجددين من مثل عبد الله كوران، الشاعر الذي انقلب على المُؤسسين، برفقة شيخ نوري شيخ صالح، الذي يعدّ منظراً لحركة التحديث الكرديّة. فكان كوران وصالح صاحبي الشرارة الأولى المعاصرة التي شكّلت ما يُعرف بشعراء الحداثة الأولى، وامتدّت حتى أوائل سبعينيات القرن الماضي.
موجة الحداثة الثانيّة، كما يُثبتها الشاعر والمترجم عبد الله طاهر برزنجي في مقدّمة أنطولوجيا الشعر الكردي الحديث، تأخّر ظهورها في الشعر الكردي إلى السبعينيات لأسباب متعلّقة بالشاعر وظروفه الموضوعيّة والاجتماعيّة والسياسيّة. ويبيّن برزنجي أن الحداثة الثانية أرادت في خطوتها الجادّة تجنّب الركود.
وسمت الفوضى الحداثة الثالثة التي كانت نتيجة الانفصال الذاتي
وربما يكون ديوان مشروع انقلاب سريّ للشاعر أنور شاكلي، (بغداد 1973)، ممثلاً لرأي برزنجي. فقد قدّم شاكلي ديوانه بمقدّمة مقتضبة لكنّها غاضبة: بكلّ فخر واعتزاز تتوجّه قصائدي نحو القرّاء وتاريخ أدبنا، وتعلن عن نفسها كريادة لمرحلة تتجاوز مرحلة عبد الله كوران، وتحدّد معالم شعر الحاضر والمرحلة الراهنة في كردستان.
لم يأتِ انقلاب شاكلي من طرفٍ واحد، فقد أصدرت جماعة روانكة الأدبيّة، في الوقت نفسه، بياناً ثورياً أبطاله الشاعر الراحل شيركو بيكه س، والقاص كاكه مم بوتاني، والشاعر جلال ميرزا كريم، والقاص جمال شاربازيري. والتقى مانفيستو روانكه مع ما أعلنته جماعة 69، أو جماعة كركوك العراقيّة التي ضمت سركون بولص وجان دمو ومؤيد الراوي وفاضل العزاوي، من رفض لأنماط الكتابة السائدة، والبحث عن أشكالٍ إبداعيّة جديدة.
وفي التسعينيات من القرن الماضي، انطلقت الحداثة الثالثة، والتي لم تُخلق مغايرة حقيقيّة بل كانت نتيجة من نتائج واقع الانفتاح السياسيّ، والتبدلات التي طرأت على المصير الكرديّ الجديد في العراق، لا سيما بعد الانفصال الذاتي في العام 1991. وبحسب برزنجي، فإنّ شعراء هذه الحداثة كثرت انزياحاتهم فعمّت الفوضى (...) وكتبت نصوص كونكريتيّة.
وربما يمكن القول إن هناك موجة حداثيّة جديدة رابعة في الشعر الكرديّ المعاصر، بانت ملامحها البكر بعد عام 2003، وبرزت في ظلّ ركود أدبي مزعج، مع شعراء مجددين لعلّ أبرزهم طيب جبار.[1]