#مصطفى عبدو#
مع تفهمي لشكوك الكثيرين بأنه من الصعب أن يتفق السوريون على رأي واحد لإيجاد حل للأزمة السورية المعقدة، بعد كل ما جرى ويجري حالياً، ومع التساؤلات العديدة للبعض: هل من سبيل لإنقاذ سوريا من الهوّة التي انزلقت إليها؟ وكيف يمكن معالجة الضغوط المستمرة على المواطن السوري والحد من تمزق وتفكك المجتمع السوري؟
نعم لقد أصبح المواطن السوري عاجزاً عن تأمين مستلزماته الأساسية براتبه الذي لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية في أحسن الأحوال، ويؤكد الخبراء الاقتصاديين إن الدخل الشهري للأسرة السورية يجب أن يكون 2 مليون ليرة سورية على الأقل لتتمكن من تأمين أبسط احتياجاتها.
في تقديري فأن الحالة السورية تستحق مراجعة ووقفة متأنية وليس هناك من خلاف على أن سوريا تعيش أزمة سياسية عميقة إلى جانب أزمة اقتصادية، وأن الأوضاع بدأت تضغط أكثر على الناس الذين يريدون مخرجاً يرفع عنهم أعباء الحياة ويعيد لهم الأمن الذي افتقدوه وينقذ البلد من الفوضى ومن مخاطر التفكك أكثر مما هو عليه.
لابد من الإشارة إلى أن عدم تقبل الآخر والصراعات الدموية أضاعت فُرَصَاً ثمينة أمام السوريين منذ بدايات الأزمة وفتحت المجال لتدخُّل أجندات خارجية بدأت بتنفيذ أطماعها التوسعية وأثارت نزعات طائفية وزعزعت الأوضاع وأحدثت المزيد من الإرباك في المشهد السياسي السوري.
وما يجري الآن يستدعي الإسراع في إيجاد حل ينهي معاناة المكونات السورية، وأولى الخطوات المطلوبة هو رفض فكرة التخوين وحفظ حق الاختلاف والتوافق والإجماع في المواقف وتوحيد الصفوف والالتفاف حول رؤية موحدة.
ومن يتوفر فيه كل هذه المقومات هو مشروع الإدارة الذاتية وهو الحل الأوفر حظًا والأكثر قابلية للتطبيق على أرض الواقع مقارنة مع حلول أخرى قد يجدها البعض مناسبة.
وهذا من جانبه يستدعي الحوار للعبور نحو التسوية لتجاوز الحالة السورية المعقدة وإيقاف الصراع الدموي ورسم ملامح نظام تشاركي يضع القواعد الأولى لبناء دولة مدنية حديثة على أسس ديمقراطية حقيقية وصياغة عقد اجتماعي جديد تشترك فيه جميع مكونات المجتمع السوري.
ربما وُجِدت بعض المخاوف حول قدرة المكونات السورية على الحوار والتوافق والتكيف دون وجود أرضية وثقافة اجتماعية وسياسية تساعد على بناء أوعية اجتماعية واقتصادية جديدة متماسكة.
هنا يمكننا القول: بالرغم من وجود عوامل تحد من بريق هذا الإنجاز ووجود أطراف داخلية وخارجية تعيق تطبيقه، لكنّ الحوارات التي أنجزتها الإدارة الذاتية بين مختلق الشرائح السورية حققت حتى الآن نتائج إيجابية، وخرجت بقرارات ورؤى توافقية في مختلف القضايا والمجالات، وسيؤدي تطبيقها إلى إحداث قفزات نوعية بين المكونات السورية تسحب البساط من تحت أقدام من يعمل على إعاقتها.[1]