مير عقراوي
ال#زرادشت#ية هي ديانة توحيدية بالأصل ، وذلك بالإستناد على مختلف المصادر ، في مقدمتها كتاب ( الآويستا ) حيث الكتاب المقدس اليوم لدى الزرادشتيين ، مع إن كتاب ( الآويستا ) ، النسخة الحالية منه لم يَسْلَم من التحريف والزيادة والنقص بسبب عوامل تاريخية ، في مقدمتها وأهمها حرق الأسكندر المقدوني لنسخه كلها خلال هجومه الكاسح على بلاد فارس وآحتلالها قبل الميلاد بثلاثة قرون ، أو يزيد قليلا ، لكن بالرغم من ذلك فإن مظاهر التوحيد فيه واضحة في الكثير من آياته البينات .
يقول نبي الله زرادشت في دعاءه وتضرعه لله الواحد الأحد : { يا إلهي .. الى مَنْ أهرب ، والى أيِّ البلاد أذهب . إن النبلاء والرؤساء قد آنصرفوا عني ، ولم يستمع أحد من عامة الشعب الى قولي ، حتى أولئك الأفَّاكون حكام البلاد الدجَّالون . أرشدني كي أحظى برضاك ، وكيف أظفر برضاك ، إني أدرك السرَّ في خيبة آمالي وأعرف السبب في فشل مسعاي ، إني رجل فقير فلم يستمع إليَّ إلاّ القليل ، وإيَّاك أدعو إله الخير ، وإياك أستصرخ مبعث النور ، فآمنحني العون والتوفيق ، وأعِنِّي كما يعين الصديق صديقه ، أرشدني الى الطريق المستقيم المفضي الى آكتساب التفكير السليم ، ربي متى ينبثق فجر الهداية لهذا العالم من خلال تعاليمك المفضية الى النجاة ..؟ أين هؤلاء الذين يمكن أن تمدهم هذه التعاليم بالسعادة ..؟ يا إلهي .. إني أضع فيك كل ثقتي ، فكن أنت نفسك عونا لي على النجاح في رسالتي وتنفيذ ما أمرتني به } ينظر كتاب ( آويستا ) الترجمة العربية لحامد عبدالقادر ، ص 5 ، ُينظر كذلك كتاب ( آويستا ) ، الترجمة الفارسية لعالم الدين الزرادشتي المحقق جليل دستخواه ، ج 1 ، ص 54
وفي وحدانية الله سبحانه ولا شريكيته قال زرادشت النبي – عليه السلام – كما رواه المؤرخ عمر بن مظفر بن عمر الوردي [ 1292 – 1349 م ] :{ إنه خالق النور والظلمة ، وإنه واحد لا شريك له } ينظر كتاب ( تاريخ إبن الوردي ) لمؤلفه زين الدين عمر بن مظفر الشهير بآبن الوردي ، ج 1 ، ص 71
وحول بعثة زرادشت النبوية المباركة ورسالته الكريمة الى الخلق ودعوة الناس الى عبادة الله الخالق وحده ، مع الكفر بالشيطان يقول المؤرخ المعروف أبو الفتح محمد بن أحمد الشهرستاني [ 1086 – 1153 م ] عن ديانة رسول الله زرادشت – عليه الصلاة والسلام – : { ونشأ بعد ذلك – أي زرادشت – الى أن بلغ ثلاثين سنة ، فبعثه الله نبياً ورسولاً الى الخلق ، فدعا كشتاسب الملك ، فأجابه الى دينه ، وكان دينه ؛ عبادة الله ، والكفر بالشيطان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وآجتناب الخبائث } ينظر كتاب ( الملل والنحل ) لمؤلفه أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني ، ج 1 ، ص 283
لذلك ليس عجباً أن جعل الإسلام الدين الزرادشتي في مصاف ومستوى الأديان السماوية التوحيدية الأخرى ، وفيه قال القرآن الكريم ؛ { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا * إن الله يفضلُ بينهم يوم القيامة * إن الله على كل شيءٍ شهيد } الحج / 17
والمجوس هم أتباع زرادشت وديانته ، وتسمية الزرادششتية هي تسمية حديثة وأصل التسمية ، هي المجوس كما كما قالت بها الكتب السماوية من التوراة والإنجيل والقرآن ، ولم يرد في الكتب الدينية المقدسة المذكورة مرة واحدة تسمية الزرادشتية ، كما لم يرد في كتاب [ الآويستا ] نفسه ، حيث الكتاب الديني المقدس للزرادشتية مرة واحدة فقط تسمية الزرادشتية ! .
أما في الحديث النبوي ، فقد جاء في حديث لرسول الله محمد – ص – أنه أجاب لما سألوه عن المجوس – الزرادشت ، فقال ؛ { سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب } ينظر كتاب ( الأموال ) لمؤلفه إبن أبي عبيد ، ص 39 . كذلك ينظر كتاب ( جامع الترمذي ) للترمذي ، ج 4 ، ص 147 . علاوة أنه ورد حديث لرسول الله عن المجوس ذكر فيه إنه كان لهم نبيٌّ فقتلوه ، وكتابٌ أحرقوه ! .
وقال الإمام أبو محمد بن حزم الأندلسي [ 994 – 1064 ] عن المجوس – الزرادشت ؛ [ وأما المجوس ، فقد ذكرنا في كتاب الجهاد أنهم أهل كتاب ، فحكمهم كحكم أهل الكتاب ] ينظر كتاب ( المُحلَّى ) لمؤلفه إبن حزم الأندلسي ، ص 445 ، النسخة الإلكترونية .
كما ذكر الإمام محمد بن إدريس الشافعي [ 767 – 820 ] بأن المجوس – الزرادشت والصابئون والسامرة أهل كتاب . هكذا قال الإمام أبوحنيفة النعمان [ 699 – 767 ] وغيره من الأئمة والفقهاء في الماضي . وفي العديد من كتب الحديث والفقه لمذهب الشيعة نجد نفس الأمر أيضاً بأن المجوس – الزرادشت ، هم أهل كتاب .[1]