فائز إبراهيم
تقع قرية الحاتمية على بعد 12 كم من مركز قضاء #شنكال#/ سنجار، ويبلغ عدد سكانها حوالي 600 شخص. في الليلة التي سبقت يوم 3/8/2014 وعند حدوث معارك بالقرى المجاورة لنا، أصبحنا في حالة متدهورة ونحن نسمع بوقوع المعارك التي شنها المسلحون في كرزرك وسيبا شيخدري، وكنا مستعدين لمواجهة المسلحين في حال حدوث أي شيء طارئ، وبقينا في حالة الانتظار ولم نكن نعلم أي خبر عن المعارك حتى الصباح.
في تمام الساعة الثامنة من صباح يوم 3 آب وبعد اتصال مع بعض وجهاء القرى والمناطق التي شنت فيها المعارك، أخبرونا أن داعش سيطرت على تلك القرى والقرى الشرقية بشكل كامل، وخلال دقائق سيطروا على مركز القضاء أيضاً بشكل كامل دون حدوث أي اشتباكات أو مقاومة ضدهم من قبل المنظومة الأمنية والقوات العسكرية المتواجدة في المنطقة.
لم يكن لدى أهالي قريتي كوجو وحاتمية أي خيار للهروب بعد أن أضرموا المناطق المجاورة لها بالأسلحة الثقيلة ونشروا حالة الرعب بوحشيتهم وسيطروا عليها بشكل كامل، فاضطررنا للبقاء تحت رحمة الدواعش.
وفي عصر نفس اليوم جاء إلينا قائد من داعش المدعو أبو حمزة، وكان ذو وجه زراية ودمامة، فقال اجمعوا الأسلحة التي تملكونها فقمنا بتجميع سلاح واحد من كل بيت، وقال لمختارنا هدفنا هو توحيد العالم بدين واحد.
في كل يوم كان يأتي إلينا أشكال مختلفة من دواعش قادمين من سوريا والعراق، ولم نعلم ماذا سيجري بين ساعة وأخرى من شدة المأساة والمعاناة والجور والتعسف الذي كنا نعيشه. في يوم 6 آب أيضاً جاء إلينا المدعو أبو حمزة ومعه دخيل كتي الفنان الشعبي الإيزيدي الذي اعتنق الدين الإسلامي قبل الأحداث بزمن طويل، فطلبوا من شيوخ قريتي كوجو والحاتمية اعتناق الدين الإسلامي كي يعيشوا بسلام، أي أصبحنا بين مطرقة الموت والإسلام.
وأخبره المختار أنه منذ عدة سنين نعيش مع بعض كجيران، ولكن عشنا على هذا الدين ونود أن نموت على هذا الدين أيضاً مع (احترامنا للدين الإسلامي)، ولكن للأسف لم ينفع معه الحديث فقد ترك لنا خيارين قبل ذهابه، فقال إما الدفاع أي الحرب أو الإسلام، وللأسف لم نستطع الدفاع عن أنفسنا ورفع السلاح بوجههم حفاظًا على أطفالنا وعوائلنا وخشية أن تقع عوائلنا أسرى بيدهم في حالة بدء الحرب معهم.
وبعد عدة محاولات غير مفيدة فطلب منه المختار مهلة 15 يوم لإقناع أفراد القريتين (مجرد قناعة لنرى لنا مفر للهروب) لكن أبو حمزة اتصل هاتفيًا مع والي موصل وقال: لن يعطوا سوى مهلة ثلاثة أيام. وقال أبو حمزة في ختام حديثه أن دخيل كتي سيقوم بمراسيم اعتناقكم للدين الإسلامي، وبعد ذلك طلبنا من الدواعش الماء والدواء لنقنعهم أننا موافقون على تغير ديننا بعد أن وثقوا بنا.
في يوم 8 آب أصبحنا على علم ودراية بأنه لا يمكن لأي قوة إنقاذنا من رحمة داعش، فقررنا الهروب إلى الجبل سيراً على الأقدام ولكن سيارتهم كانت تدور حول القرية كدورية، وبعد نصف ساعة ذهبت تلك السيارة وأخبرنا الكثيرين أن تلك السيارة قد تنصب كميناً أو ما شابه ولكننا قررنا الهروب وقلنا مهما حدث لا يمكننا التراجع إما نموت أو نعيش معاً.
وفي يوم 8 آب خرجنا من القرية وكان عددنا حوالي 600 شخص واتجهنا نحو قرية تل بنات على الأراضي السهلية غير مزدحمة، وعند ذهابنا كانت هناك سيارات تأتي وتذهب من تلعفر إلى شنكال/ سنجار وكنا نختبئ في الوديان، وعند عبورنا الطريق الرابط بين تلعفر وشنگال لم يبقى لدينا الماء وليس بإمكاننا المشي فلم تعد لنا طاقة على المشي وأصبحنا نسير بألم وفي أحد الوديان رأينا تانكر مليء بالماء الطالح ولكن كنا مضطرين للشرب منه.
في تمام الساعة 7 صباحاً من يوم 9 آب أصبحنا بأمان عندما وصلنا إلى مزار امادين بعد 11 ساعة متتالية من السير على الأقدام وبغض النظر عن المعاقين والخوف العارم الذي مررنا به خلال 6 أيام ستبقى تلك الأيام سوداء بعيوننا جميعاً، ومع الأسف بعد هروبنا قاموا بارتكاب إبادة جماعية بحق أهالي قرية كوجو الأمر الذي ترك أثراً لن يزول.[1]