$الكورد في غزة الفلسطينية.. وجود ضارب في التاريخ وضياع للهوية$
يقول المؤرخون ان الوجود الكوردي في فلسطين يعود لزمن السلطان الكوردي صلاح الدين الأيوبي، حيث جاؤوها مجاهدين لتحريرها من الإفرنج عام 1187 ميلادي بعد احتلال دام لقرابة 100 عام، بينما كانت الهجرة الثانية بغرض التجارة في زمن المماليك، الذين ورثوا الحكم من الأيوبيين، ثم جاءت الهجرة الثالثة في زمن العثمانيين، لتقلد المناصب والوظائف الحكومية.
وزادت هجرة الكورد الى فلسطين خلال حكم المماليك، الذين أظهروا اهتماما بالغا بغزة، إذ كانت حلقة وصل بين دمشق والقاهرة، وهما أهم عاصمتين للدولة المملوكية، ونقطة التقاء تجار الهند والحجاز واليمن الذي يُصدّرون منتجاتهم من التوابل والبخور وغيرها لأوروبا عبر ميناء غزة القديم الذي كان المنفذ البحري الوحيد لأوروبا من نوعه في تلك الفترة.
ويعد “حي الشجاعية” شرق مدينة غزة، أول موطئ قدم للكورد في المدينة، واسم “الشجاعية” مكتسب من شخصية “شُجاع الدين الكوردي”، وهو مجاهد كوردي من مدينة الموصل شمالي العراق، لحق بجيش السلطان صلاح الدين الأيوبي، واستشهد في معركة “غزة الكبرى”، خلال الحرب الصليبية الثانية عام 1240 ميلادي، وانتصر المسلمون بها، وسُميت بساحة الشجاعية على اسمه.
ومن “حارة الأكراد” بحي الشجاعية، تشكلت اللبنة الأولى للكورد في فلسطين ابتداء من هذا الحي، وتضم الحارة اليوم عدة معالم بُنيت في فترة المماليك والعثمانيين على أيدي الكورد، منها “قصر حتحت” و”مسجد بن عثمان” وكذلك “مسجد السيدة رقية”، التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
وأنشأ “قصر حتحت” المختار الكوردي إبراهيم حتحت الذي قدم من بلاد الكورد في شمال سوريا، لغرض تجارة النسيج الذي يأتون به من دمشق، وما زال هذا القصر متواجدا وشامخا حتى اليوم، بصخوره الجيرية القديمة المخلوطة برمال “الكُركار الأصفر” والتي تُعطي للبناء ميزة الدفء شتاءا والبرودة صيفا، وهي إحدى خصائص الفن المعماري القديم للدولة الأيوبية والمملوكية.
وتوسع نفوذ الكورد من غزة لداخل فلسطين نحو القدس والخليل وغيرها من المدن الفلسطينية، وقد سجل الكورد في فلسطين تاريخا أسطوريا في الملاحم التي خاضتها الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ما دفع بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات – أبو عمار، إلى إنشاء “جمعية الصداقة الفلسطينية – الكوردية” عام 1999.
وتعيش عائلات كوردية عديدة في مدينة غزة منها عائلة الظاظا في قرية” الكوفخة” في منطقة بير السبع، وفي طبرية تسكن عائلة الكوردي التي تنتمي إلى عشيرة الايزولي الكوردية في سوريا. وقد عينت حكومة الانتداب البريطاني السيد محمد أيوب ظاظا(أبو أيوب الكوردي) مختاراً للمسلمين في مدينة طبرية، وهناك عائلة بكداش، وعائلة خليل الكوردي(جرس)، وعائلة بكر آغا (ازولي)وجدهم بكر صدقي آغا (أزولي).
ومن الملاحظ ان أغلبية كورد فلسطين قد استعربوا، وذلك بسبب وجودهم في فلسطين منذ عشرات السنين، والتي تعود إلى حوالي تسعمائة سنة فكانت هذه الفترة الزمنية الطويلة كفيلة بتعريبهم وصهرهم في بوتقة المجتمع العربي الفلسطيني، ولم يعد يربطهم بكورديتهم أي شيء سوى قول بعضهم (بأن أصولنا كوردية)، بل يذهب بعضهم إلى التشكيك بهذه الأصول الكوردية المعروفة على الرغم بأنها مثبته في العديد من المراجع والمصادر.[1]
اعداد : سوار أحمد