التناغم الرمزي والدلالي في الشعر الصوفي (موازنة سيميائية في ثلاثة نصوص من الأدب العربي والفارسي والكردي).
د. شاهو سعيد فتح الله
- الناشر : مجلة جامعة السليمانية العدد(22)، كانون الاول 2007 - قسم -B- صفحات (111- 134).
تقدم هذه الورقة دراسة سيميائية في ثلاثة نصوص شعرية، اختيرت من الأدب العربي والفارسي والكردي، بهدف رصد التناغم بين مستويات الرؤية والتعبير في النصوص التي تجمع في بنيتها بين الرموز الصوفية والدلالات الشعرية. تتكون الدراسة من تمهيد وأربعة مباحث، يتناول المبحث التمهيدي، بإيجاز، الجانب النظري والمنهجي، من خلال تحديد المنهج السيميائي الذي يعتمده الباحث لمقاربة الرموز الشعرية، وهو منهج يجمع بين الدلالة الثقافية والتاريخية للنصوص والقدرة التأويلية لاستنطاقها. وتقدم المباحث الثلاثة الأخرى ثلاث قراءات، ضمن الجانب التطبيقي للدراسة، في ثلاثة نصوص لشعراء كبار، هم: ابن عربي، وحافظ الشيرازي، ومحوي. أما المبحث الرابع والأخير فيتضمن موازنة (مقارنة) بين هذه النصوص لتلمّس أهم نقاط الاختلاف والائتلاف فيما بينها، ورصد رؤى أصحابها التي تتباين من حيث مستويات المعاناة ولغات التعبير، لكنها تتشابه من حيث التناغم الرمزي والدلالي بين أبنيتها ومكوناتها.
يحتل هاجس الوحدة والتناغم مساحة واسعة في الأدب الصوفي، وهو هاجس ينبع أصلاً من فكرة وحدة الوجود التي تقوم على مبدأ الكمون المتبادل بين الموجودات والأكوان. فالوجود من هذا المنظور ما هو إلاّ سلسلة انعكاسات متناغمة للمطلق الإلهي. وتتجلى هذه الرؤية في الأدب الصوفي، وفي أشعار المتصوفة وكتاباتهم، لا من حيث الرؤية والفلسفة العامة فحسب، بل من حيث الأسلوب وأبنية التعبير والصور ودلالاتها أيضاً. ويُلاحَظ عند قراءة الآداب الصوفية الشرقية أن نصوص معظم الشعراء الصوفيين، الذين يجمعهم الانتماء الى المنظومة الثقافية الإسلامية، تتميّز بمستويات عالية من الترميز والدلالات المكثفة التي تتعاضد مع مستويات تعبيرية وبنائية لتأسيس وحدة متكاملة ومتناغمة فيما بينها. ولإثبات هذه الفرضية يقارب الباحث في هذه الدراسة ثلاثة نصوص شعرية في الأدب العربي والفارسي والكردي، ثم يوازن فيما بينها ليتلمّس التناغم الرمزي والدلالي بين أبنيتها ومكوِّناتها.
وبما أن الرؤية الصوفية تستند الى الترميز والغموض للتعبير عمّا يمرّ به العارف من مدارج ومقامات وأحوال، فإن هذه الرؤية تتكثف بصورة أعمق حين تُطعّم باللغة الشعرية، لأن الشعر يسلك مدارج مشابهة في توظيف الرموز وتعميق التخييل، بوصفه نظاماً جمالياً يقوم أساساً على كسر الرتابة واللامألوفية ورفض ما هو قائم في الحياة العادية. وعند تطعيم الرؤية الصوفية باللغة الشعرية تتعدد مستويات الترميز والتناغم من الناحية الجمالية الى درجة لا يمكن مقاربتها من منظور صوفي بحت، أو من منظور نقدي مجرّد بمعزل عن المرجعية الثقافية والدينية التي شاركت في توليد الرؤية الشعرية. وفي ضوء هذه الإشكالية تقوم فرضية هذا البحث على ضرورة اعتماد المناهج النقدية الحديثة، وخصوصاً المنهج السيميائي المزدوج الذي يربط المرجعية الثقافية للعلامة الأدبية بالقراءة التأويلية لهذه العلامة التي تتعدد مدلولاتها بتعدّد القرّاء وتعدد السياقات، ذلك أن المرجعيات حتى وإن كانت دينية فإنها ليست قطعية الدلالة، لأن عدم التناهي الدلالي هو صفة كل لغة رمزية. ولإثبات هذه الفرضية يقوم الباحث بتطبيق هذا المدخل النظري والمنهجي على نصوص أدبية لثلاثة شعراء، وهم: الشاعر والمفكر العربي الكبير (ابن عربي)، والشاعر الفارسي الملقب بلسان الغيب (حافظ الشيرازي)، والشاعر المعروف بنغمته الحزينة في الشعر الكردي (محوي). وتهدف هذه المقاربة الى تلمّس التناغم الرمزي والدلالي الذي تقوم عليه هذه النصوص من خلال قراءة سيميائية لكل نص على حدة، ثم تلمّس الهاجس المشترك ونقاط الائتلاف لرؤى هؤلاء الشعراء ونقاط الاختلاف في أساليبهم الشعرية من خلال قراءة موازنة جامعة للنصوص معاً. [1]
=KTML_Link_External_Begin=https://www.kurdipedia.org/docviewer.aspx?id=463382&document=0001.PDF=KTML_Link_External_Between=انقر لقرائة التناغم الرمزي والدلالي في الشعر الصوفي (موازنة سيميائية في ثلاثة نصوص من الأدب العربي والفارسي والكردي)=KTML_Link_External_End=