#عبد الحسين شعبان#
لا تخرج العلاقات العربية – الكردية من دائرة الجيوبوليتك بحكم المشتركات الكثيرة الجغرافية والسياسية والتاريخية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك، فالعرب والكرد عاشوا باشتراك في الأرض والدين والتاريخ والعلاقات المختلفة، وإن كانت بينهما خصوصيات واختلافات تتعلّق بالهوّية، لاسيّما اللغة والثقافة والتراث، ناهيكم عن العادات والتقاليد.
وكان لنهاية الحرب الباردة وبداية مرحلة جديدة من الصراع الآيديولوجي وانهيار الأنظمة الشمولية، وبخاصة في أوروبا الشرقية أثره الكبير في احتدام الصراع بين هوّيات كبرى وصغرى، و هوّيات تابعة ومتبوعة و هوّيات عليا ودنيا، و هوّيات قوية وضعيفة، رغم ميلي إلى تسميتها هوّيات فرعية و هوّيات كلية بمعنى هوّيات عامة أو شاملة وهوّيات خاصة أو خصوصية، الأمر الذي عرّض بعض الكيانات الكبرى (الدول المتعدّدة الثقافات) إلى التصدّع والتآكل، خصوصاً بتبلور بعض خصوصيات الهوّيات الفرعية، التي وجدت الفرصة مناسبة للتعبير عن كيانياتها بعد طول انتظار وكبت وشعور بالغبن والحرمان.
وكان مثل هذا قد انعكس إقليمياً ودولياً على كُرد العراق بشكل خاص، والكرد بشكل عام منذ الحرب العراقية – الإيرانية 1980-1988، وبشكل خاص في العام 1990، إثر غزو القوات العراقية للكويت، وما بعد تحريرها في العام 1991، وابتداء مسلسل العقوبات والحصار على العراق وتعرّض كيانيته إلى التفتت والتشظي على نحو تدريجي.
إذا استثنينا الصراع العربي – الإسرائيلي منذ قيام إسرائيل ودعمها من جانب الغرب وتزويدها بكل مستلزمات الاستقواء على الأمة العربية، والاستمرار في ممارسة دورها العدواني المتأصل، فإن المسألة الكردية تكاد تكون إحدى أهم وأبرز وأخطر القضايا العقدية التي واجهت منطقة الشرق الأوسط، بل واستنزفت دولها، موارداً وبشراً وتنمية، وهي لا تزال بعيدة عن إيجاد حلول مرضية ومقبولة من جانب الفرقاء جميعاً.
لعلّ الأمر لا يخص البلدين العربيين اللذين يعانيان من عدم إيجاد حلول تاريخية للقضية الكردية، ونعني بهما العراق بالدرجة الأساسية، وسوريا التي بدأت تأخذ القضية الكردية فيها بُعداً جديداً، ولاسيّما بعد اندلاع حركة الاحتجاج السورية في 15 آذار (مارس) 2011، بل هي تعني دولتين كبيرتين، أقرب إلى قطبين متصارعين تاريخياً، وهما تركيا وإيران، لاسيّما وأن عدد أكراد تركيا يتجاوز 18 مليون إنسان، وهناك أكثر من 13 محافظة غالبيتها من الكرد، خصوصاً ديار بكر التي يتجاوز سكانها على مليون نسمة، بل إن مدينة اسطنبول يمكن اعتبارها أكبر مدينة كردية، لأن عدد الكرد فيها يربو على أربعة ملايين، كما أن عدد الكرد الإيرانيين يتراوح بين 10- 12 مليون نسمة، وهناك مناطق سكانية كاملة فيها أغلبية كردية .
وإذا كانت بغداد أكبر مدينة كردية عراقية كما يطلق عليها أحياناً مجازاً، لأن سكانها من الكرد يقاربون مليون كردي، علماً بأن العراق الأكثر دينامية في احتضان الحركة الكردية، بتفاعل الاتجاه اليساري مع الاتجاه القومي الكردي واضطرار الحكومات العراقية، إلى الاستجابة لبعض مطالب الكرد القانونية والسياسية والثقافية، الاّ أنه في الوقت نفسه كان الأكثر قسوة في التعامل مع الشعب الكردي وحركته السياسية، وحفل التاريخ بتناقضات وصراعات واتفاقات واختلافات، تركت تأثيراتها السلبية والإيجابية على العلاقات العربية- الكردية.
خمسة مستجدات أساسية طرأت على نمط التفكير الخاص بالعلاقات العربية -الكردية، ولاسيّما في إطار الجيوبوليتك، حيث يمكن رصدها:
المستجد الأول- هو قيام كيان كردي في كردستان العراق مدعوم دولياً، وذلك منذ أواخر العام 1991 إثر انسحاب الإدارة الحكومية العراقية من المنطقة، وأعقب ذلك صدور قرار أمريكي – بريطاني – فرنسي، بإقامة ملاذ آمن Safe Haven، وجاء ذلك متساوقاً مع القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن برقم 688 والخاص بكفالة احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين، واعتبار القمع الذي تعرّضت له المنطقة الكردية وبقية مناطق العراق بمثابة تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين، وهي إشارة دولية جديدة وسابقة لم يكن لها وجود قبل ذلك.
وبعد صدور هذا القرار عادت القضية الكردية إلى الأروقة الدولية، ولاسيّما في الأمم المتحدة، بعد أن غابت منذ العشرينات، حين أبرمت معاهدة لوزان العام 1923 بمساومة بين الحلفاء وتركيا، التي أبطلت فعلياً معاهدة سيفر لعام 1920 التي اعترفت بجزء من حقوق الشعب الكردي.
لعلّ التطور الخطير للقضية الكردية في التسعينيات دفع دول المنطقة الثلاث الأخرى المعنية بالقضية الكردية إلى عقد اجتماعات دورية متلازمة مع اجتماعات مجلس الأمن بخصوص العراق(باستثناء صاحب العلاقة المباشرة المفروض عليه عقوبات دولية بموجب قرارات من مجلس الأمن الدولي، بلغت عشية الاحتلال العام 2003 ما يزيد عن 60 قرار)، وهي دول كان بينها ما صنع الحدّاد ونعني بها: تركيا وإيران وسوريا، لكن ما يوحّدها هو الحيلولة دون تمكّن الشعب الكردي، بما فيها في العراق، من إقامة كيانية خاصة به، بزعم الدفاع عن وحدة وسيادة العراق.
المستجد الثاني- صدور حزمة من قرارات دولية بخصوص إعلان حق تقرير المصير والانفصال عن دولة الأصل، وقيام كيانية خاصة جرى الاعتراف بها دولياً وهي :
1- استقلال تيمور الشرقية، فبعد سقوط حكم سوهارتو في أندونيسيا العام 1998 عاود أهل تيمور الشرقية الأرخبيل المتميّز في الجزر الأندونيسية وغير البعيد عن استراليا، حيث يبعد حوالي (400 ميل) إلى المطالبة بالاستقلال، بعد أن خضعت للاستعمار البرتغالي منذ القرن السادس عشر، حيث كانت تعرف بتيمور البرتغالية. وعندما أعلن استقلال تيمور الشرقية في العام 1975 جرى ضمّها عسكرياً من قبل أندونيسيا، واعتبرت المحافظة ال27 من المحافظات الأندونيسية. وفي العام 1999 نُظّم استفتاء برعاية الأمم المتحدة حول حق تقرير المصير، حيث أعلنت انفصالها عن اندونيسيا وانتمت إلى الأمم المتحدة في 20 أيار (مايو) العام 2002، وتهيمن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية عليها مثلما هي في الفيليبين. وكلمة تيمور تعني باللغة الأندونيسية والملاوية الشرق وتكنّى أحياناً ب الشمس المُحرقة واسمها الرسمي الآن جمهورية تيمور الشرقية الديمقراطية.
2- انفصال كوسوفو عن صربيا، حيث قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي التابعة للأمم المتحدة في 24 تموز (يوليو) 2010 القاضي، بأن انفصال كوسوفو لا يتعارض مع قواعد القانون الدولي، الأمر الذي أعطى انفصال كوسوفو عن صربيا العام 2008 شرعية قانونية دولية، خصوصاً عندما ارتفع عدد الدول التي اعترفت بكوسوفو إلى 69 دولة بعد فترة قصيرة من قيامها، وزاد هذا العدد اليوم، على الرغم من معارضة صربيا وروسيا لأسباب قومية ودينية وسياسية.
3- انفصال جنوب السودان، حيث حدّد الاستفتاء السوداني مصير الجنوب الذي تم في 9/كانون الثاني (يناير) 2011، أي عشية وخلال موجة الربيع العربي، حين صوّت الجنوبيون بنسبة تزيد عن 98% باختيار الاستقلال الانفصال، وقاد ذلك إلى قيام جمهورية جنوب السودان لاحقاً والاعتراف الدولي بها وقبولها عضواً في الأمم المتحدة.
ولا شكّ أن هذا التطور في الفقه القانوني الدولي، ولاسيّما في جوانبه التطبيقية، شجّع القوميين الأكراد الذين يطمحون لحق تقرير المصير وإقامة كيانية خاصة بهم ومستقلة، إلى التفكير الجدي بمسألة إعلان شكل من أشكال الاستقلالية، سواء عبر الدعوة إلى الاستفتاء أو التلويح بخيارات أخرى في حال عدم الاستجابة إلى مطالبهم في فيدرالية موسعة وبصلاحيات كبيرة، مثلما أشاع في الوقت نفسه جوّاً من القلق والتوجّس عند بعض الجهات ذات التفكير الآحادي سواء بدوافع قومية وإسلاموية استعلائية أو بغيرها، حيث أخذت تتخوّف من احتمال انفصال دول عربية أو إسلامية موحدة، يشكّل فيها الكرد مجموعة عرقية متميّزة، كانت مهضومة الحقوق تاريخياً ووجدت الفرصة للانعتاق، خصوصاً وأن العقلية السائدة للحكام هي أقرب إلى العقلية الشمولية للدولة المركزية، معتقدين أن كل فيدرالية ستقود إلى الانفصال.
إن هذه السوابق القانونية والقضائية الثلاث يمكن الاستناد إليها دولياً لإعلان الاستقلال من طرف واحد، إذا كانت الظروف الموضوعية والذاتية تستجيب لذلك، حيث تصبح الوحدة دون رضا جزء من السكان، شعب، مكوّن ثقافي (قومي أو ديني) مفروضة، وتحتاج إلى فكّ ارتباط رضائي ، سلمي، وإلاّ فإن الاحتراب سيستمر ويستنزف المزيد من البشر والمال.
المستجد الثالث- الفيدرالية الكردية التي تم تأسيسها وفقاً لاتفاق بين الفرقاء، وصيغت في الدستور العراقي قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية المؤقت العام 2004 وانتقلت إلى الدستور العراقي الدائم العام 2005، وبغض النظر عن الملاحظات حول الدستور والألغام التي احتواها وصيغة المحاصصة الطائفية- الإثنية، فإن النصوص التي جاء بها بخصوص الفيدرالية تعكس حالة عدم الثقة، ولاسيّما من جانب الكرد نظراً للتاريخ الدموي الذي عاشوه على يد الحكومات المتعاقبة ، بعد أن وصلت نصوص دستورية واتفاقيات سياسية بين الكرد والحكومة العراقية إلى طريق مسدود، من دستور العام 1958 الذي أقرّ “شراكة العرب والأكراد” إلى دستور العام 1970 الذي اعترف بأن الشعب العراقي مؤلف من قوميتين رئيستين هما العرب والأكراد والذي أعقب اتفاقية 11 آذار (مارس) 1970حول الحكم الذاتي الذي سنّ على أساسها قانوناً بالاسم ذاته ، لكن الحرب وعمليات الإبادة تركت ذكريات مأسوية ومؤلمة، بما فيها قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي وعملية الأنفال التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الكرد (في الثمانينيات)، ولم يكن ذلك بمعزل عن تداخلات خارجية وصولاً لوقوع العراق تحت الاحتلال في العام 2003.
وإذا كان الدستور العراقي النافذ 2005 قد أقرّ مبدأ الاتحاد الفيدرالي، وكان برلمان كردستان قبله قد اتّخذ مثل هذا القرار من طرف واحد العام 1992، فإن استمرار حال الاحتدام وعدم الثقة وبقاء الكثير من المشاكل عالقة (المادة 140 وموضوع المناطق المتنازع عليها وقضايا النفط وملحقاته وإقرار الميزانية وغيرها)، في ظل ضعف هيبة الدولة وعدم استكمال قيام المؤسسات الاتحادية (الفيدرالية)، سيعاظم من نزعات التباعد بدلاً من التقارب.
أما في سوريا فلم تتبلور المطالب والشعارات الكردية على نحو محدد ومجمع عليه، والأمر يعود إلى ضعف الحركة الكردية السورية من جهة، مقارنة بالحركة الكردية في العراق التي اتخذت شعار الحكم الذاتي لكردستان منذ العام 1961 وربطت ذلك بالديمقراطية للعراق، وإلى ضعف حلفائها من جهة ثانية، ولاسيّما من طرف اليسار، ولكنها بعد اندلاع حركة الاحتجاج المطالبة بالتغيير بدأت تتبلور، على الرغم من أن النظر لمطالبها من جانب القوى الأخرى، لا يختلف كثيراً عن شعارات الأمس وليس شعار المستقبل، التي تتطلب إعادة النظر بصيغة الدولة من خلال مواطنة كاملة وهوّية سورية موحّدة، وحقوق خاصة للشعب الكردي بشكل حكم ذاتي أو فيدرالية أو أية صيغة تتفق عليها الأطراف السورية.
المستجد الرابع- احتلال الموصل ووصول تنظيم الدولة الإسلامية داعش إلى مشارف بغداد بخط يمتد على ضفة نهر الفرات من الرقة إلى دير الزور وصولاً إلى صلاح الدين والأنبار وفي الموصل مع دجلة، باستحواذها على ضفتي النهر، أي إن الخطر أصبح على الأبواب والجميع مستهدفون وهو ما أدركت القوى الدولية والإقليمية قبل القوى المحلية، حيث سارعت الأولى إلى إصدار قرارات بتحريم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وذلك بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي حمل رقم 2170 في 15 آب (أغسطس) 2014.
وبموجب هذا القرار اتخذت واشنطن خطة لقيادة تحالف دولي ضم 50 دولة وحدّد له الرئيس أوباما 3 سنوات وخصص له 30 مليار دولار، حيث طلب 5 مليارات في الوقت الحاضر من الكونغرس للموافقة عليها، ولكن الحرب قد تطول لدرجة أن وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا قال أنها قد تمتد إلى ثلاثين سنة، وكأننا عدنا إلى الصراع الآيديولوجي وفترة الحرب الباردة والصراع بين الشرق والغرب، وكأن داعش هي الاتحاد السوفييتي السابق محور الشرّ.
المستجد الخامس- قضية كوباني والستراتيجيات الجديدة، حيث تستمر المعارك فيها منذ نحو ثلاثة أشهر، بعد أن استولت عليها قوات داعش، ولعلّ كوباني اليوم بدأت تحدّد ملامح جيوبولتيك جديد بالنسبة للكرد بشكل عام ولسوريا بشكل خاص، فبعد أن حاول الكرد عدم إقحام أنفسهم في المعارك بين النظام والمعارضة، وكانوا يقدّمون خطوة ويؤخّرون خطوتين، فإنهم سعوا في الوقت نفسه إلى إقامة إدارة ذاتية في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية وهي القامشلي وعفرين وكوباني، ولكن بعد دخول قوات التحالف على الخط وشعورهم بالخطر المباشر، ووصول إمدادات كردية عراقية، من البيشمركة وهي سابقة جديدة، ستكون لها تداعياتها لاحقاً، شكّلوا إدارة موحدة لهذه المناطق، التي ستكون حسب تقديري نواة لكيانية كردية، حكم ذاتي أو فيدرالية أو مشروع دولة مستقبلية على أساس حق تقرير المصير.
والأمر ليس له علاقة بالشك أو اليقين، وإنما ينبغي التعامل معه على أساس الجيوبولتيك والمستجدات والمتغيرات، وهو الأمر الذي سمحت به تركيا رغم عدائها لحزب العمال الكردستاني PKK من انتقال قوات البيشمركة إلى كوباني لتعزيز ودعم المقاتلين الكرد، ولم يكن ذلك بمعزل عن الضغوط الدولية، فتركيا لا تزال عضواً مؤثراً في حلف الناتو ولها علاقات متميزة مع الغرب، وكذلك مع إسرائيل، ويجب ألاّ ننسى أن بعض الكرد كانوا قد تعاونوا مع داعش في كوباني وغيرها، وبالتالي فإن آثار هذا الصراع أو المواقف المتناقضة لم تظهر بعد، لاسيّما في ظل الاصطفافات الجديدة.
إن أوضاع كرد العراق وكرد وسوريا لا بدّ أن توضع على مشرحة التحليل الجيوبولتيكي، ذلك أن إقامة علاقة ودية وإيجابية من جانب العرب والاعتراف والتفاهم على أساس المشتركات، سيجنّب المنطقة فداحات جديدة ومؤلمة، كما استنزفتها من قبل، الأمر الذي تعطّلت فيه التنمية والاصلاحات الديمقراطية، وتمكّنت القوى الخارجية من اللعب على الأقليات (المجموعات الثقافية، الإثنية والدينية) في ظل هضم حقوقهم، وذلك يستوجب نظرة شاملة من الطرفين، فلا الهيمنة ومحاولات التسيّد والاستعلاء القومي وإلغاء الآخر أو تهميشه التي اتبعتها الحكومات بالتنكر للحقوق الإنسانية، ناهيكم عن اعتماد الحلول العسكرية قادت إلى شاطئ الأمان، ولا ضيق الأفق القومي والعصبوية وإذكاء نار الكراهية واجتراح الحلول العسكرية قادت إلى تحقيق طموحات الشعب الكردي.
ولا بدّ من إقامة علاقة سليمة أساسها الاحترام المتبادل والاعتراف بحق تقرير المصير لكل منهما وتسوية الخلافات بما يرضي الطرفين، سواء بالعيش المشترك وضمن صيغ جديدة، أكانت هذه الصيغ تقوم على بناء اتحاد طوعي اختياري جديد بحقوق متكافئة ومساواة تامة ومواطنة حيوية، أو بالاستقلال والانفصال، وهو مثل الطلاق أبغض الحلال عند الله كما يقال، لأن الصيغ القديمة فشلت واستنفذت وتخطّاها الزمن.
ولعلّ أية تسوية ينبغي أن تراعي مصالح الطرفين الشريكين، وهي مصالح متشابكة ومتداخلة ومتفاعلة سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً ودينياً وتاريخياً، أساسها المشترك الإنساني، بما يوفّر للطرفين حياة حرّة كريمة وينعكس على بلدان المنطقة، لاسيّما للقضية الكردية، في تركيا وإيران بالإيجاب وتلك فريضة الجيوبوليتيك .[1]