عبد اللطيف محمد أمين موسى
البارزاني الخيرية وزلزال المشروع القومي الكوردستاني في عفرين
إنّ القراءة العملية والواقعية وتأثيراتها في مفرزات الأحداث والمستجدات التي رافقت تلبية المرجع القومي المتمثّل بالرئيس مسعود بارزاني لنداء إخوته في كوردستان تركيا وسوريا ومدينة عفرين على وجه الخصوص، توحي بأنها أطلقت العنان لمشاعر الاعتزاز بالانتماء القومي الكوردي في عفرين والذي حاول الأعداء والمليشيات إضعافه بكافة الوسائل عبر شتى الطرق في محاولات لمحو الهوية القومية في عفرين من خلال ممارسات القتل والترهيب والاعتقال والخطف.
مشاعر الغبطة التي استقبل بها أهالي عفرين بكل مكوناته قافلة مساعدات مؤسسة بارزاني الخيرية، ما هي إلا تجسيداً لأعظم الدروس في الانتماء والثبات والتشبث بالأرض في مواجهة كافة الخطط التي استهدفت إضعاف الروح القومية ومحو الهوية الكوردية.
ليس بمقدور أي أحد الإنكار بأن فرحة أهالي عفرين في استقبال قافلة المساعدات قد أنساهم مصيبتهم وكارثتهم، لكنها رغم هول الكارثة عبروا عن الشموخ والعشق إلى الكوردايتي التي لطالما حاول الأعداء في كوردستان سوريا القضاء عليها.
تلبية الرئيس مسعود بارزاني نداء إخوته في عفرين، هو ترسيخ وتأكيد للمشروع القومي الكوردستاني في كوردستان سوريا، وتعزيز للشعور الكوردايتي والذي ظهر جليّاً في سرعة استجابة إقليم كوردستان لنداء عفرين، تلك التلبية قضت على الأحقاد و الكراهية المبرمجة التي زرعها الأعداء في محاولة منها لإشعال فتيل الحرب الطائفية والمذهبية والقومية بين العرب والكورد، بل على العكس تماماً، أرسلت تلبية نداء عفرين رسالة الشعب الكوردي للعالم بأنه شعبٌ أصيل وعريق عبر مسيرته التاريخية والحضارية في التعايش السلمي والمحبة و الإنسانية.
قافلة إغاثة عفرين، كانت بمثابة التأكيد التام على عظمة المبادئ الإنسانية للمدرسة البارزانية التي أسسها البارزاني الخالد وأرسى دعائمها المرجع مسعود بارزاني في نصرة الإنسانية ونبذ الكراهية وتعزيز الألفة والمحبة والتعايش السلمي.
كما أن تلبية الرئيس مسعود بارزاني لنداء عفرين يعتبر تجسيداً وتعزيزاً لأبرز مبادئ المشروع القومي الكوردستاني في أجزاء كوردستان كافة والذي يتلخص فيه نتاج مسيرة الشعب الكوردي في النضال ضد الأعداء من خلال الظلم والقهر والحرمان وكافة السياسات البشعة التي مورست بحقه والتي استهدفت تغير كيانه ووجوده وتحريف جميع مفاهيمه ومعتقداته والمنهل والدافع الرئيسي في استمرارية النضال وبذل الغالي والنفيس والتضحية لمقاومة تلك السياسات التي تمارس من قبل الأنظمة التي تناوبت على استهداف كوردستان وتسخير الإمكانيات للقضاء على الشعب الكوردي وإضعاف وإنهاء قضيته.
بالعودة إلى التاريخ، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية تشكل سياسة المحاور والدخول في الأقطاب العالمية وظهور العداء الواضح للقضية الكوردية، والتخلي عن جميع الوعود التي قُدِّمت لهم في سبيل حق تقرير مصيرهم، ومع قمع الحكومة العراقية ثورة بارزان الثانية بدعم مباشر من ايران وتركيا، صارت شعلة النضال أكثر ضرورة من ذي قبل وأدرك الكورد وفي مقدمتهم الآب الروحي ملا مصطفى البارزاني بأنه لا سبيل للقضية الكوردية سوى النضال بعد تخلي تلك الدول عن القضية الكردية.
الخوض في تلبية الرئيس مسعود بارزاني لنداء إخوته في عفرين، يحيلنا إلى تجارب مدرسة البارزاني الخالد في تلبية نداء الواجب لمساعدة الشعب الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة، ويعكس أبهى صور التجسيد للمشروع القومي الكوردي الذي يرعاه ويقوده الرئيس مسعود بارزاني إلى يومنا هذا .
حيث تطالعنا الصفحات الناصعة من نضال البارزاني الخالد في تلبية نداء إخوته في كوردستان ايران ومساعدة القاضي محمد في تأسيس جمهورية مهاباد، و في القراءة المتأنية لمسيرة الشعب الكوردي ونضاله يتبادر إلى أذهاننا أعظم الدروس في تمثيل المشروع القومي الكوردستاني عندما هب البارزاني الخالد في ريعان شبابه وبتوجيهٍ من أخيه الأكبر الشيخ أحمد في تلبية نداء كوردستان الشمالية ومساعدة ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925.
ولن ينسى الشعب الكوردي في كوردستان سوريا ما قام به الرئيس مسعود بارزاني، فكان العون والدعم والسند لهم مع بداية الأزمة السورية، فلم يدخر جهداً في تقدم المساعدة لهم، فعمد على مساعدة الكيانات السياسية وتوحيد جبهة النضال الداخلية عبر إنشاء المجلس الوطني الكردي(ENKS) .
وحرصاً منه على حقوق الشعب الكوردي في كوردستان سوريا وعدالة قضيته، قدم الرئيس بارزاني الدعم في محاولة خلق كيان كووري موحد في كوردستان سوريا من خلال رعاية مفاوضات التوحيد بين الاحزاب الكوردية هناك وبجهوده الحثيثة نتجت اتفاقيات هولير 1_2 دهوك 1، ومن خلال إرسال قوات البيشمركة لتحرير كوباني من إرهاب داعش، جسّد بارزاني أعظم ملامح المشروع القومي الكوردستاني.
ولابد من الإشارة الى أن جوهر المشروع القومي الكوردستاني يتمثل في مساعدة الرئيس بارزاني لإخوته في كوردستان سوريا بتشكيل إنشاء قوة عسكرية يُبنى عليها مستقبل قضية الشعب الكوردي في كوردستان سوريا وهي قوات (بيشمركة روج) القوة التي يرى فيها الرئيس بارزاني بأنها الضامن والنواة لتشكيل مستقبل شعب متكامل على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والفكرية وتكون الضامن والحامي لتلك المكتسبات في كوردستان سوريا .
يؤكد الرئيس بارزاني في كل مناسبة على ضرورة إتاحة المجال لبشمركة روز للعودة إلى كوردستان سوريا والمشاركة في حماية الشعب هناك والدفاع عن قضيته.
ختاماً، لابد من القول بأن مدرسة البارزاني الخالد تعتبر حاملة لمشعل المشروع القومي الكوردستاني في وضع كل إمكانياتها بخدمة القضية الكوردية في أجزاء كوردستان الأربعة والتي ستزدهر أملاً وعزةً وشموخاً برعاية المرجع مسعود بارزاني.[1]