حنیف یوسف
كردستان أولاً
كلما زادت مراحل التاريخ تعقيداً و تعسفاً و ظلماً زادت الحاجة الى عقول منفتحة يتوفر عليها الكثير من الكرد و تتوفر على تحسس اشكالات المرحلة و الارتقاء الى وحدة قائمة فوق التناقض، و تقود زمامها و تعمل في أشق الظروف من أجل الخروج من مهالك المخاطر القادمة من كل حدب و صوب.
التاريخ الكردي، ولست بصدد الدخول في السرد أو البحث في وعورته الموجعة التي تصل حد الفجائعية في الكثير من محطاته و سيره التراجيدي الذي غاب عن مخيلة و أذهان جميع أو ربما الكثير من كتاب تراجيديا التاريخ البشري، رغم إنجازات المعرفة و أركيولوجيا المعرفة التي توج فلسفتها غرب سايكس بيكو اللعين، التاريخ الكردي هو تاريخ الشقاق و الحروب البينية في جانب منه رغم ضراوة الحروب على جبهات الثورة، هو إشكالي دائما، كذلك كان و كذلك هو الأن، يحتاج الى كل الكرد، ولكي لا تتشعب مقاصد هذه كتابة هنا، أعود إلى الراهن، الراهن بما هو عليه، وبما هو فيه، وبما هو منه، ولن أقول بما هو إليه فهذا من شأن الفعل الذاتي الجمعي و الموضوعي في آن واحد الكردي و الإقليمي و العالمي، لان المخاطر التي تهدد الإنجاز الكردي و التعب الكردي الدامي، من الداخل و الخارج.
قد يقول قائل هنا الف لعنة على هكذا داخل وخارج، تزداد يوماً بعد يوم، تحالفات بين أعداء الأمس وربما بين أعداء الغد، مناورات و ابتزازات وتآمر يحاك خيوطه في الكثير من الغرف المغلقة ودهاليز السياسية الدنيئة العنصرية تجاه الشعب الكردي وليس تجاه تيار أو جماعة أو فصيل أو حزب فقط، لأن من يقود خيوط التآمر على الكرد لا تقيم وزناً ولا يعطي اهتماماً إلا وقتياً للخلافات الكردية الكردية الخلافات التي ستكون طبيعية تماماً حال الاتفاق على الوقوف تحت سقف واحد هو ضمان الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ومراعاة خصوصية الزمان والمكان، والوقوف تحت مظلة واحد، مظلة المصلحة القومية العليا للشعب الكردي التي ستقيهم ليس فقط من وابل النيران التي ستأتي على الأخضر واليابس في عموم أجزاء كردستان و بقاعها بل ستقيهم من سماء سياسات إقليمية ودولية تمطر ذئاباً تفترض في الكرد فريسة شهية تتفق على التهامها بشتى الحيل و الوسائل.
والحال هنا يدفع بعض الشيء نثريات التجاوزات والهفوات والسهو والانتهاكات الكردية جانباً، و يتطلب التركيز على القضية الأساسية التي تتمثل في المحافظة على واستحصال الحقوق القومية التي حرم الكرد منها قديماً و حديثاً، يتطلب الرؤية التي لا أزعم أنها غائبة عن أعين ممثلي و قيادات وكوادر و أعضاء الفئات و الأحزاب الكردية الرؤية التي في ظروفنا الحالية تتطلب إعادة اعمالها بمسؤولية ترتقي على كل الآلام و المصاعب، الرؤية التي تعتمد العين الثالثة التي تقول العرب عنها عين العقل، الكرد يعرفونها جيداً و ليس خافياً على أحد ما آلت إليها الأمور الكردية في سورية وتركيا والعراق وإيران، وما شابت هذه الأمور سياسات و مواقف وممارسات تحتمل الكثير والكثير من الحديث والنقاش والخلافات و الاختلاف، ولعله من الضروري الآن دعم مسيرة الحرية في كردستان العراق بالنظر للمخاطر المحدقة بها محلياً و اقليمياً و دولياً فماذا أكثر؟
الأكثر هو التشبث بمسيرة الحرية و إعلان الدولة المستقلة و هنا تزداد مسؤولية الرئيس البارزاني صعوبة، و لكن ما يدفع للتفاؤل هو الحكمة المجربة للرئيس بارزاني في قيادة دفة الأمور بما فيها خير الأمة وكردستان، خصوصاً وهو الذي توسط بين الدولة التركية و الكرد رغم الحالة المؤلمة للكرد في تركيا، و أشرف على اتفاقيتي هولير و دهوك بين كرد سوريا، رغم التعثر وصعوبة تحققهما و اتساع الهوة بين الاتجاهات السياسية الى العداء، الا ان الرهان مازال قائماً بشكل موضوعي على الرئيس البارزاني، ماذا سيقدمه الكرد له و ماذا ستقدمه الدول الاقليمية و تحالفاتها وسياساتها و ادواتها اللئيمة له؟
سؤال لا يبتغي اجابة سوى الالتفات اليه، و لا افترض عدم طرحه من لدن الكثيرين رغم حدة الخلافات التي تعصف بالحركة السياسية الكردية و التي لعلها أو بعضها تكاد تكون مستعصية، ستدفعها إلى واقعية أكثر في تناول اشكالات الأقاليم الكردي، وفي اعتقادي المتواضع فإن الشعب الذي قدم الكثير من أجل حقوقه المشروعة لهو قادر بالتأكيد على التفاعل الإيجابي مع ممثليه السياسيين و حركته السياسية في كل الأقاليم لما فيه خير الجميع وهذا يشمل حال كرد سوريا وإيران و تركيا، الأمور متداخلة إلى درجة غير مسبوقة من التعقيد، وهي إلى درجة إعمال التناقض و إحداث الشرخ في واقع القضية الكردية إلى درجة العداء و اللا توافق وعدم الارتقاء فوق الآني لمصلحة العام الذي سينهي خرافة كون الكرد بعبعاً لجيرانهم.[1]