الأسماء عند الكرد
لا شك أنه مع مجيء الطفل إلى هذه الحياة يشكل الاسم أول ارتباط حقيقي له مع هذا العالم والذي سيلازمه طوال العمر وقد يحتار الوالدين في كثير من الأحيان في اختياره ولكن اختيار الاسم ليس أمراً اعتباطياً أو عشوائياً فهو ليس مجرد توصيف لفظي يُطلق على المولود الجديد بغرض تمييزه عن اقرانه بل هو أعمق بكثير بحثتْ فيه الكثير من الدراسات السيميولوجية والانثربيولوجية وحددت الكثير من العوامل والظروف الزمنية والمكانية المحيطة بالفرد المساهمة في تشكيل الأسماء، ولعل المجتمع الكردي كغيره من المجتمعات برزت فيه عبر الزمن اسماء تخضع بالدرجة الأولى لإختيار الأهل الذي يتأثّر بدرجة كبيرة بالذائقة العامة للمجتمع الكردي وتدخل في تشكيله ظروف ومحاور دينية أو سياسية أو اجتماعية أو فنية في بعض الأحيان.
في القرون القليلة الماضية مالت معظم الاسماء الكردية بشكل جلي وصريح إلى التمسّك بالتراث والهوية الإسلامية والمرجعية العربية فكانت التسميات تعبّر عن الميول العقائدية والتي تعود إلى شخصيات إسلامية فكانت معظم الأسر الكردية تطلق على أبنائها أسماء ك محمد ، علي ؛ عمر ، خديجة ، عائشة ومع ذلك كان إطلاق اللفظ مختلف عن اللفظ العربي إلى حد ما يناسب التواصل اللفظي الكردي.
كما تأثّرت الأسماء الكردية في فترة من الفترات بأسماء الحيوانات المعروفة والموجودة في كوردستان طبقاً للصفة أو الصورة الذهنية للحيوان المترسخة في ثقافة المجتمع الكردي والمتأصلة فيه فالأسد مثلاً بقوته ومكانته الفريدة ضمن عالم الحيوان الذي جعله ملك او سيد حاضر بقوة في بنية المجتمع الكردي فكان من الطبيعي ان نتعثر بأسماء كردية مثل ” شير وبلنغ وووووو” .
كما خضعت بعض الأسماء الكردية لظروف زمنية معينة مرتبطة بزمن معين كشروق الشمس وغروبها أو أسماء الفصول مثل روجدا ، بربنغ، بهار وهناك أسماء ارتبطت بالطقس الذي له دلالة عميقة في ذهنية الكرد فالاسماء مثل بارين ، باران ، بروسك انتشرت في المجتمع الكردي، ولارتباط الكرد بالطبيعة ونظرا لطبيعة كردستان الجميلة كان لاسم مثل كولستان حظوة كبيرة في ثقافة الاسم عند الكرد.
للثورة في ذهنية الكرد مكانة مميزة خاصة انهم شعب ناضل وكافح من أجل حقوقه نتيجة الطغيان والاستبداد الذي تعرض له عبر الزمن مما افرز أسماء تتطابق مع صفات الحماسة والتأهب والانطلاق مثال شورش ، شرفان ، ريبر كما نجد اسماء أخرى ترتبط ببروز شخصيات هامة إما في العصر الحالي أو في حقبة زمنية معينة رغبة من الوالدين في ان تنعكس صفات هذه الشخصية على أبنائهم ولكن قد يترتب على هذا النوع من الأسماء مشاكل للطفل لاحقاً حسب نوع الشخصية اذا كانت سياسية أو تاريخية لها رمزية معينة في الوجدان الكردي وتحمل صفات إيجابية مثل الشجاعة والكرم والذكاء ……….الخ.
وهناك عدة ظواهر في المجتمع الكردي متعلقة بتسمية المولود وتعتبر إلزام اجتماعي مع انه انخفض إلى حدٍ ما في العصر الحالي ولكن لا زال منتشراً في مناطق عدة من كردستان ومن هذه الظواهر تسمية الحفيد على اسم الجد من منظور الاحترام والتبجيل للجد وتخليد اسمه ولكنه قد يسبب إحراج للطفل عندما يكبر اذا كان اسمه من الاسامي القديمة التي لا تناسب عصره ، بل وفي بعض الأحيان يتعدى الموضوع إلى اطلاق كل الأبناء اسم الجد على أبنائهم وقد يتطور الأمر اكثر من ذلك ليتم تخليد اسم العم أو الخال خاصةً إذا كان يتمتع بكاريزما فريدة ومميزة .
هناك مسألة أخرى متعلقة ببعض الأسماء عند الكرد وهي شيوع مسألة الاختصار وتكون في أغلب الأحيان للتحبب وقد يكون بعضها مختلفة حتى عن الاسم الأصلي مثال حمه هو من محمد ورمه من رمضان خجي من خديجة وعيشه من عائشة وأيضاً الاختصار يمتد لترتبط بصفات الشخص إلى جانب الاسم المختصر ” حمرش : محمد الأسود” .
أخيراً هناك أسماء كردية انتشرت في الآونة الأخيرة لها دلالات حيادية تحمل معاني رقيقة وجميلة لصفات الإنسان وقد تكون أسماء بسيطة أو مركبة مثل ” شيرين ، جوان ؛ ….”وهكذا يُفصّل المجتمع الكردي كباقي المجتمعات اسماءً لم تتأتى من اختيار حر ومجرد بل بدوافع إلزامية لاشعورية تلقي بظلالها على اختيار اسم المولود.ِ
موقع جياي كورمنج Evlin Ibesh
[1]