#بدري نوئيل يوسف#
نتابع القسم الثاني
الرجال الذين لا يوفون النهود حقها:
كما يبدو أن بعض الذكور الذين لا يمنحون النهودَ حقَّها، في عدد من الأغاني الكردية فإن المرأة، ليست مسرورة بزواجها منهم ولا يعدّون في رأي المرأة رجالاً للذين لا يوفون حقوق النهدين، وتطلق عليهم ألقاباً معينة: أجرب، بوم، عاجز، مبلول، أبرص، متهدل، نسوانجي..الخ. أما أسباب هذا الجفاء فمنها، كأن تكون المرأة تزوجت دون حب، أو خطفت بالرغم من ارادتها، أو الضعف الجنسي، وهناك أسباب أخرى كثيرة، في هذه الاغنية للمرأة امكانية البحث عن عاشق جديد نتيجة البرود في العلاقات العائلية والجنسية، والذي يصل إلى حد الجفاء.
اماه اسمي أنا الفتية (بسنة)
ذات الشعر الاحمر، المنثور
معفرة الوجه بشحوار (حلب) ونيلة (موش)،
فلتذهب حسنات ابي ادارج الريح ،
كيف لم يزوجني بشاب من عائلة (حسن اغا) ،عم (بحري)
ذو الشوارب الحمر، المعروف
منديل أيدي الفتيان أيام الاعراس والأعياد والمناسبات
وزوجني لذاك الدب البوبلاني ، (ابراهيم تمى).
إنه كبغل طريق نصيبين
لا يفي صدري حقه
يا لبؤسنا يا أماه.
من بين الاسباب التي تجعل المرأة تبحث عن عشيق، هو لا يحبذن الرجال الذين يديرون ظهورهم للنساء حتى الصباح، كما في هذه الاغنية تستنجد وامرأة تشكو إلى عاشقها الجديد: تعالَ، واقتل زوجي العاطل. وتبدو النساء في هذه الأغاني حزينات كسيرات:
بوابة دار والدي، أنا اليتيمة ، مغبرّة وضبابية،
انهض، واقتل زوجي، الكلب العاطل،
قبّل عنقي، بكل ما فيه
وارتشف من نهدي ما شئت .
خليلي قازي:
اتجول في خرائب ديار بكر،
أطواقي وحليي (أنا البائسة) تتدلى على قامتي الرشيقة،
فلتذهب حسنات أبي أدراج الريح،
لم يرض بتزويجي من خليلي قازي، الفتى الكرمانجي،
وأعطاني لهذا الحضري،
ذو القبعة المثقوبة،
يغفو على صدري من المساء حتى الصباح.
في أغنية أيها السيئ، لَما تحتوي من تنديد شديد بالزوج السيئ وعدم رضى المرأة من زواجها، وهذه الاغنية تُغنى من قبل امرأة في قلبها حسرة كبيرة ونستطيع تلمس حالة عدم الرضى هذه بسهولة .
وفي هذه الاغنية يبين لها، فإن الزوج (بصّاص) يخدع النساء، يدور بين البيوت، وأثر النهدين في الأغنية كبير جداً، حيث تحاول المرأة بتأثير نهديها، أن تستعيد زوجها، فهي تمزج الرجاء بالعتاب بالشكوى بالنُصح، لتعبر عن مشاعرها: وتبدأ الأغنية هكذا: (القلب الجبان لا بفوز بالصدر الناصع)، وقد اصبحت هذه المقولة منذ عقود مثلاً دارجا بين الكرد.
ايها السيّئ:
لا يسعد الرعديد بصدر الجميلة،
أيها السيئ: صدري ونهداي، أنا الظبية
كقصر ماردين المحروقة بزجاجه الجديد
لا، والله،
كمثل عنقود عنب في بساتين (علي رمّو )،
نضج بتأنٍ على عريشته.
أيها السيئ، يا محروق الدار،
أدعوكَ، كل ليلة من الليالي ،
لتطوف، ولتقبّل صدري ونهدي، أنا الظبية،
هما لك
صحن عنب طري طازج
في مرج (ميرا العلوي) ، بِ قره داغ المحروقة،
امضغهما كالكِتَّان،
اعصرهما، حتى يسيل منهما الماء،
اشطرهما بالسكين نصفين
قلمهما كشجرة تراش
وعضَّهما، ليخرج السكر.
أيها السيء
أدعوك كل ليلة من ليالي الله،
لتجثم فوق صدري، تلتهما
ولا تثر حركة.
تقترح المرأة في بعض الاغاني من أجل اثارة الصدر ودس اليد في العب على عشيقها مقاسمته.
ألا يا دارا عشعش فيها الوباء
صرخة جبل (الكَز )مدوية
وا أسفاه لو انك تأتين
اميلي العمامة عن رأسك، ارتدي ذاك المعطف
فلتحرق النار دار ابيك
تعالي قسمي شامات الصدر
بيني وبين زوجك ذلك البهيم
تتحدث امرأة متزوجة في اغنية اخرى عن مفاتيح النهدين وتسلم المفاتيح الى عشيقها الجديد.
صبري:
يا أنت وهبتك صدري ونهدي
ورود وأزاهير وسوسن
انزل بها مع ثلاثمائة فارس من عشيرتنا
عشيرة (حسنا)
يا حملي لا تفسد فيها وردا
سأسلمك مفتاح نهدي الاصفرين ، احفظه
اخف الامر عن زوجي الاجرب، وعن نمامين القرية
إذا ضاق صدرك ، افتح بابهما مرة في اليوم
وصف النهدين
عندما ذكر المغني النهدين، شبّه شكلهما ولونهما ونضوجهما بأشياء محددة، وبنى التشابه بينها على أسس منطقية، وقد أخذ هذا الأمر مكاناً واسعاً في الأغنية الفلكلورية الكردية.
في أغانٍ عديدة، شبه النهدين بأنواع معينة من الفاكهة، بني على أساس استدارة النهدين وقرب شكلهما من أنواع معينة من الفاكهة، وكذلك بشكل أكبر اللذة التي استمدها المغني من الفاكهة يوماً ما، فأعاد اكتشاف هذه اللذة في النهدين، فتمازجت استدارة ولذة الفاكهة مع النهدين في هذه الأغاني، ومن الفاكهة التي استخدمت كرمز للنهدين: التفاح، العنب، البرتقال، التمر، التين، الجوز، الشمّام، اليقطين، الرمّان:تقول احدى الاغاني
احمر نهدا غزالتي، كشمّام سهول عشيرة حسنا.
انا خادم نهديك اللذان يشبهان
البرتقال اليافاوي
المعروض امام الدكاكين
لقد ربط المغني بين المدينة الذي يصدر منها اشهى انواع الفاكهة وبين النهد في اغانيه .
بلى مَيْرِى:
صدر حبيبتي مريم:
تمرتان من تمر بغداد،
تينتان من تين شنكال،
عنب من عنب بِسِندري،
بطيخ من بطيخ ديار بكر،
ابله من لم يتخذه،
مقبلات لسهرته.
كما أن المغني بالإضافة إلى استدارة ولذة الفاكهة، يعيد اكتشاف فوحها الطيب في رائحة النهدين، ويشير إلى ذلك في عدة أغانٍ: أثملتنا رائحة النهدين، التهمتْنا.
وذلك لأنهما يبقيان تحت الثياب طويلاً فيتدفأن ، ويعرقان ويسخنان كالبيض ، وعندما تختلط رائحة ودفء بخار النهدين، تصبح الدنيا ملكاً للمغني، كما وشبههما بأشياء أخرى، تظهر المقارنة صفاتٍ مشتركة ، مثل: النبع، الزهور، الحديقة، البستان، الفنجان، الذهب والفضة، و وجه الشبه بين النبع والنهد، يعود إلى كون الحليب والماء يشربان ، فرأى المغني أن النهدين نبعان يدران الحليب بدل الماء، فإلى أي مدى استطاع هذا النبع إيقاف الحرائق المشتعلة في قلب المغني جواب هذا السؤال وراء وظيفة النهدين التالية:
يا أنتِ:
آه يا أنتِ، أيتها السمراء،
في قرية (دودو)، و اديان
نهداكِ الاصفران، نبعا ماء،
يا أهلي، أنتم لا تقولون شيئاً
أني (أموت) بعيني وحاجبي السمراء،
وأنتم لا تصدقون.
أيتها السمراء
عصرتُ الحلمتين،
امتلأت منها ثلاثة فناجين ماء،
شربتُ فنجاناً،
غدوت بيرقا فضيا،
أفعى طائرة ،
صرتُ ثملاً،
خفيفاً كتبن طائر
نظر إلى النهد في بعض الأغاني كأنه فنجان وخاصة الفنجان (الفرفوري) ، إذ لهما صفات مشتركة من حيث الاستدارة وجمال الشكل، ثم أن لهما وظيفة أخرى متقاربة وهي الإرواء. يوصف النهد أحياناً بِ (فناجين الحكام) أو (فناجين الآغاوات) لأن فناجين هؤلاء الحكام، الآغاوات، والبگوات كانت قديماً من أنفس الأنواع وأبهاها. لذا أراد المغني أن يشبه بها النهد لإظهار جماله وبهائه :
حسرتي:
خرجت ( حسرتي) من دار والدها
لم تكلمني
لا أدرِ لمَ…!
هيفاء، كسنبلة بين حقول القمح
ناصعة النهدين، كفناجين الحكام
أنتِ، يا همّ أبيك
ذوّبت لحمي
قطعةً قطعة
ذوّبتِ عظمي…شمعاً
استخدم المغني في سبيل إظهار جمالية النهدين، بأبهى الأوصاف كافة الأساليب الفنيّة، فجعل من الصدر ( حديقة) والنهدان (باقة ورد)، كما ترد في أغنية عيشانى:
عيشانى:
صدر (عيشانى) الناصعة البياض
حديقة
فيها باقتا ورد
نستنتج هنا وبسهولة أن باقتيْ الورد هما النهدان، ولكن ترد في بعض الأغاني كلمتا النهد والصدر متلازمتين ، فيوصف الصدر بالسهل، المصيف، البستان والحديقة الواسعة، ويأخذ النهدان مكانة فيها، هنا لا يأخذ الصدر مكانة النهدين، لأنه يذكر النهد أيضاً، لكن لا يذكر النهد أحياناً، حينها تفيد كلمة الصدر بمعنى النهد.
اللون:
يختلف لون النهدين في الأغاني وكذلك أجزاؤه: الحلمة، القاعدة، الشامات. يكون النهد في أغان كثيرة ناصعا كالثلج الأبيض، والسبب أنه محفوظ جداً، لم يرَ الشمس، لذا بقي أبيض بالنسبة إلى بقيّة أجزاء الجسد، ومهما يكن فإن كلمة (حنطيّ) لا ترقى إلى كلمة (أبيض)، فإننا رغم ذلك نرى أنها تستعمل عوضاً عنها أحياناً. لكن وُسم النهدان في أغلب الأغاني باللون الأصفر، لكنهما عندما يكتملان يصبحان أحمرين:
احمرّ نهدا غزالتي، كشمّام سهول عشيرة حَسَنا.
وتستعمل هذه الحمرة للإشارة إلى الحلمتين، فعندما يكتمل النهد يتغير لون الشامات حول المنطقة المحيطة بالحلمة أيضاً:
عيشان:
قد اكتمل نهدا (عيشانتي) وصدرها
اكتست بنقاط صفراء وحمراء
كما فرّق المغني بين لون الحلمة وقاعدتها، فالرأس يكون أحمرَ دوماً بينما لوّن القاعدة بالأصفر والأبيض، لقد تدرّج من الألوان الغامقة إلى الفاتحة، وفي الحقيقة، هي كذلك، فالحلمة تكون حمراء أو بنيّة أو صفراء غامقة. وليوضح المغني الفرق بين هذه الألوان بشفافيّة أكثر فقد لجأ إلى تأثير الظلّ، لأنّ الجهة الظليلة من الجسم تبقى أفتح لونا من بقيّة الأعضاء:
يا ذات الجدائل الشقراء
ليتني خادم نهديك المكوّرين
ذات الحلمة الحمراء والقاعدة الصفراء
أنه أشبه بثلج الوديان
المغطى دوماً بظلّ الأشجار
الملفت في الأمر، حينما تذكر أشكال النهود في الأغاني الكرديّة، فإن ذلك يكون مقروناً بذكر أشياء ثمينة، ذات قيمة، كالذهب، الفضة، والفناجين الفرفوريّة:
تيلي:
(تيلي)، ليتني فداؤك،
فؤادي مهموم، مكلوم، في مراعي ( سرحد)
فاه جرحي اليوم ملتهب، ماءً ودماً
انطلق اليوم أهل (تيلي) إلى المراعي العلويّة
حصاني يخبّ سريعاً، يقتفي أثرها
مررت بمناطق پيرو، قنديل، بنگول، سيپان، شرف دين
عرجت على خلات، شوشان، تكمان باتجاه المناطق السفلى
ثم هبطت إلى أسفل منطقة (كوسداخ)،حيث ثمة خيام منصوبة
لمحت ثلاث فتيات جالسات قرب رأس النبع
قلت يا أصدقاء: إن الكبيرة لهي (تيلي)
أما الأخريان فخادمتاها
صاحوا: أفاك لئيم،
كيف لعينيك أن تبصرا من هذه المسافة البعيدة
أجبت: لحبيبتي (تيلي) علامات بارزة
أولها، سمراء، حلوة الدم
عيناها السوداوان مكحّلتان
أصابعها مرمريّة
ذقنها مدوّرة، أنفها بارز رفيع
شفتاها رقيقتان كالورق
لسانها رفيع كالقلم
أسنانها صدفيّة ناعمة
جيدها ناصع جمبليّ
نهدا تيلي فناجين فرفوريّة
حلمتاها فضة بالإجمال
قاعدة النهد ذهب رشاديّ
سأخبركِ شيئاً هذا الصباح، لا تلوميني، (تيلي)
القدر المكتوب من قبل الآباء سابقاً، قدر متهوّر
كل الجميلات بحسن (تيلي)، هن من نصيب رجال جربي.
نضوج النهدين وبروزهما:
إن أجمل النهود في الأغاني الكردية هي التي تنمو بيسر دون لمس، وهي حسب الأغاني لفتيات في الرابعة عشرة، نهود الفتيات المكتملة حديثاً بالنسبة إلى نهود (أثداء) المتزوّجات كثيرات الأطفال قاسيات جداً، لم تفقد شيئاً من استدارتها، ولكي يصف المغني هذه القساوة، وتلك النضارة، فقد اعتبرهما كتفاح واستعمل معهما كلمة ريّان، لأن كل ما هو ريان يكون قاسياً، لا يطوى، ولا يفقد شكله :
أينما شئت، لكن زرني بين الحين والآخر
نهداي تفاح خريفيّ
ريّان، ظلّ معلقاً بأعلى الشجرة
حطّ أهلي رحالهم في هذه القرية
الخاطبون جالسون في مضافة والدي
يساومون على مهري، وهداياي
خزام أنفي على نفسه كمصائب الدهر يدور
من أجل قبلة
قصد فتاي صدر الحبيبة
ليس ثمّة حليب، عاد أدراجه ثانية.
إن إيراد عبارة ليس ثمّة حليب ، لدليل على عدم توفّر شروط اللقاء، وإظهار للحالة المزرية التي تعيشها الحبيبة. لقد شبّهت النهود التي تكتمل في حينها كقصر يشمخ ببنائه يوماً بعد يوم، ونستطيع التنبؤ بأن عبارة طقم النهود إنما بني بالأساس على هذا النظام:
أيها السيّئ:
حلمتا نهديّ أنا الخاتونة
عنب دوالي (جيلكى علي رمو)
نضج في أوانه، واكتمل على الدالية
بل قصر (پيروتا)، مطلع حارة (المشكينيّة)
في مدينة ماردين
لقد عُدّ هذا النضوج بمثابة ثورة لهما، فهما يُظهران تأثيراً سريعاً في الاتصال والتقارب الجسديّ، وخاصّة الحلمتان:
(حلمتاك حادتان، كرؤوس الإبر )
گلى گلى:
دسستُ يدي في العبّ
كم هو معرّق، عبّها
الحلمتان منتصبتان
النهدان حصّة الفتيان
لقد اعتبر هذا النضوج حدثاً بعينه، فهما يلقيان التحيّة، يتحدثان، ويبدّلان لونهما بسرعة بين الأحمر والأصفر:
أمان يا ابنة العم:
كم هو كبير عدد هذا القطيع
تيوسه كالثيران
قد قصد فتايَ صدري
فألقى عليه التحيّة
دِلبَرْ:
نهداي أنا الصبيّة، ديكا حجلٍ
مع برودة الصّباح
يتنازعان على صدري
نهد الفتاة الناضجة، والذي لم يصبح كثيرا (منديلاً بأيدي الشباب قاس ومستدير كالتفاحة):
نهدا حبيبتي تفاح أحمر، أعضهما بهدوء.
ولأن كل قاس قابل للعضّ، لذا فقد شبه المغني النهد بالتفاح، وهذا ذكر بأشياء أخرى قاسية:
نهدا ابنة الديوث قاسية
كما حلاوة عنتاب
لا تؤثر فيها مطرقة النجار
وقدّومه
كما شبه المغني هذا النضوج بالفواكه التي تثقل الغصن، والآيلة للسقوط:
الحسناء:
صدركِ، كجبل (آﮔري)
احمرّ شكله، ظهرت عليه النقاط.
في السنة الماضية، كما الآن، لم يكن لحجلتي من نهدين
هذه السّنة، موعد قطافهما
في بعض الأغاني، كما تتفتح الورود وبراعم الأشجار، كذلك النهود تتفتح أيضاً وتتفجر أيضاً:
نهداك شقّ الثوب من ناحيتين .
تحوّلٌ في شكل النهدين:
في بعض الأغاني يتلاشى ذاك الجمال والتنوّع، وتلك الاستدارة وذلك التكوّر، ويستعاض عنها بمفردات من قبيل : عضّ، عصر، شّق، تمسيد. وأغلبها قيلت على لسان رجال أبدوا عدم رضاهم من تغيّر شكل النهد:
نهدا ابن الكلبة هذه، فقدا قساوتهما.
وفي أغنية أخرى يشتكي الرّجل من تدليك النهدين المفرط:
أنظر إلى صدر حبيبتي الذي ترهّل من التدليك.
كما نلاحظ في بعض الأغاني، ولأسباب كالرّحيل، الفراق، وفتور المشاعر، أن نهدا المرأة يبقيان ( دون علاج):
يا قرية ذات بيوت ثلاث:
قصدت مناطق الأنهار، إنها باردة
مراعي والدك الصيفيّة عالية
تغمرها الأمطار والثلوج
مضت سبع سنين
حبيبي في بلاد الغربة
بقي صدري أنا الفاضلة دون علاج
آهٍ يا حبيبتي….آهٍ لقرية الأطلال)
بسبب التدليك، العض، ولأسباب أخرى يظهر في هذه الأغاني أن شكل النهد يتغيّر إلى شكل نهد امرأة عجوز، يتهدّل، يترهّل، كلحم جيفة، يفقد بريقه، يذبل، وهذا الأمر لفت انتباه المغنيين جداً.
لصوص النهدين وفتح الأزرار:
كلمة أزرار هي الأكثر تداولاً في الأغاني التي قيلت في النهدين، فما هي طبيعة العلاقة بين النهدين والأزرار؟
لم تكن المرأة قديماً تلفّ نهديها وتحفظهما ب ( حمّالات النهود)، إنما كانت تحفظهما تحت الأثواب ذات الأزرار، لذا فقد تصدى دور الأزرار الفاعل في بعض الأغاني، بالنسبة للرجال فأن قلتها، أو عدمها اعتبرت فرحة كبيرة.
لا تفتح الأزرار (بأيدي الرّجال) غالباً، وهذا يظهر أن رغبة الرّجال لا تلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، إنما الأهم هو رغبة المرأة، والقول الفصل في هذه المسألة هو لها، ولكن بوجود الحبّ والتفاهم فأن الأزرار تفتح من تلقاء نفسها، وعندها يقفز النهدان للخارج، تلعب إرادة المرأة ورغبتها في فتح الأزرار دون شك دوراً كبيراً، لذا فأن لصوص النهود لا يحققون ما يروموه دوماً، لقد رأت المرأة في نهديها سلطة وتميّزاً عن الرجال الذين ضمرت نهودهم، لذا فإن حماية المرأة لنهديها، أو هبتهما تحظيان بمكانة خاصّة في هذه الأغاني. ولأن قولها هو الفيصل، فإن لصوص النهود لا يحققون رغباتهم بهذه السّهولة المتوخّاة:
هممتُ بسرقة النهدين الأصفرين، فوقع يدي في شرك خرز الأقدام.
ومع هذا، فإن اللصوص يجرّبون شتى الوسائل لبلوغ النهدين:
يا حسرتي، أيتها الجليلة
لتحترق بوّابة (مشكين) الخرائب، ما أسوأها
ليحترق أنف قلعة ماردين، المطلّة عليها دوماً
ليتني غدوت ذهباً (محموديّاً)
أتدلى من جيدها
على صدرها ونهديها
جيد هذه الحسناء ناصع البياض
كإحدى حدائق السّلطان عبد الحميد
محاطة بالمحارس والحرّاس ليلاً نهاراً
آه على حظي العاثر، آه لي
ضاقت بي السبل، إلهي
لكن عندما ترغب المرأة فإن الأزرار تفتح من تلقاء نفسها،لمَ؟
للموضوع تكملة في من تراث وفلكلور السليمانية ...الجزء العاشر . القسم الثالث
المصادر:
المرأة في الفلكلور الكردي، للمؤلف روهات آلاكوم.
جريدة الاتحاد العدد 1567 22/5/2007
العشق غلاَّبٌ على كل شيء الترجمة عن الكردية: خلات أحمد
روهات آلاكوم - الإيروسية في الأغنية الكردية (النهد) - ت: خلات أحمد.[1]