#يلماز غوني#.. الومضة الكردية على شاشات السينما العالمية
المخرج السينمائي الكردي التركي يلماز غوني
محمد عبد الوهاب الحسيني. كاتب وصحفي سوري مقيم في ألمانيا
يلماز غوني سينمائي كردي تركي، صاحب حياة مؤثرة وإبداع تلاشى باكراً كنيزكٍ لمع وخفت، فقد عاش 47 عاماً، قضى منها ما يقارب 11 عاماً في غياهب السجون، وأعواماً أخرى في منفاه الإجباري.
ورغم عمره القصير، كتب يلماز غوني سيناريو 53 فيلماً، ومثّل في 110 أفلام. كما أخرج 17 فيلماً. ولا ننسى بالطبع روايتيه المشهورتين “صالبا” و “ماتوا ورؤوسهم محنية”، المترجمتين إلى العربية.
نال غوني الممثل وكاتب السيناريو والمخرج، عدة جوائز، منها الجائزة الكبرى لهيئة تحكيم المهرجان السينمائي العالمي ال 32 في لوكارنو بسويسرا عام 1981، عن فيلمه “القطيع”. كما نال السعفة الذهبية عن فيلمه “الطريق”، مناصفةً مع المخرج اليوناني غوستا غافراس، من لجنة تحكيم المهرجان السينمائي العالمي الخامس والثلاثين في كان عام 1982.
من أهم خصائص أفلام السينمائي الكردي التركي يلماز غوني هي الواقعية وإبراز معاناة الشعب في ظل أنظمة القمع والاستبداد. لذا فقد تعاون مع مخرجين أدركوا قضيته ورغباته التي يريد تجسيدها على الشاشة، مثل عاطف يلماز وشريف غورين وآخرين. حيث صرّح غوني لمجلة “السينما” الفرنسية قائلاً: أصبحت أشهر ممثل في تركيا، لكن في أواخر عام 1965 أدركت تماماً أني لا أقول للجمهور ما كنت أريد أن أقوله فعلاً، لذلك قررت العمل مع المخرجين الذين يسعون لقول الحقيقة عن الواقع الاجتماعي في تركيا.
تناولت أفلامه شرائح المجتمع البائسة. ففيلم “القطيع”، تدور أحداثه حول حياة الفلاحين الرعاة في إحدى المناطق النائية في البلاد والمنقطعة عملياً عن العالم الخارجي. أما فيلم “الطريق”، فهو حسب تعبير أحد النقاد “أسطورة” شعرية سينمائية متقنة، تعكس الواقع التراجيدي لتركيا الحديثة في عيون ثلاثة سجناء.
الجدار.. الفيلم الأخير
وفي خريف عام 1982 بدأ يلماز غوني بتصوير فيلمه الأخير “الجدار”، الذي يعكس بواقعية ما يجري في أحد سجون تركيا عام 1976، حيث أن انتفاضة السجناء تقودهم إلى خيبة الأمل وتقوم السلطة بسحقهم!
اشترك في هذا الفيلم حوالي 300 طفل من أبناء وطنه الذين يعيشون في الخارج، إضافةً إلى شباب من فرنسا وأميركا اللاتينية. وقام هذا العدد الكبير من المتطوعين بالتصوير داخل كنيسة مهملة تحوّلت إلى ديكور لسجن رهيب.
يلماز غوني لم يتوقف لحظة عن الإبداع وكأنما كان في صراع مع الزمن، أو كان يدرك بحاسته أن عمره قصير. لذلك قام بالإشراف من داخل السجن على إخراج عدة أفلام ناجحة.
وأخيراً كان لابد لهذا الطير الكردي المحجوز داخل قفص من حديد، أن يخرج ويحطّم القيود، فهرب يلماز إلى سويسرا ليصبح لاجئاً هناك، غير أن طلبه قوبل بالرفض، فاتجه صوب فرنسا التي احتضنته ومنحته الطمأنينة، فتزوج من امرأة فرنسية ساندته وخلقت له مناخ الإبداع، حينها بدأ غوني بإنتاج أفلامه بنفسه من خلال شركته الخاصة، ليعرض أحاسيسه والقضايا الكبيرة التي تشغل باله على الشاشة الفضّية، مبتعداً عن بهرجة السينما التجارية.[1]