#مؤيد عبد الستار#
تعود قضية كركوك الى الواجهة مع رفع علم كردستان فوق المحافظة ودوائرها .
من المؤسف ان تظل قضية محافظة كركوك والمادة 140 موضع تسويف وتأجيل طوال سنوات بعد التغيير التي تخلص فيها العراق من حكم الطاغية صدام ، ولكن الحكومات المتعاقبة التي حكمت بعد التغيير لم تكن بمستوى المسؤولية بحيث تعتمد الموضوعية في التعامل مع المشاكل المتوارثة من النظام السابق و لم تعجز عن وضع الحلول لقضية كركوك فقط وانما معظم القضايا ظلت معلقة خلال اكثر من عقد من السنين بعد التغيير ، ولم تستطع انجازالتعداد السكاني الذي تستند اليه الكثير من القضايا التي تتطلب احصاء دقيقا ، كما لم تتعامل مع المادة 140 بحكمة وشفافية وانما لجأت الى اهمال القضايا الحساسة التي بحاجة الى معالجة صريحة وعاجلة .
كنا قد نوهنا قبل 8 سنوات - عام 2009 - الى قضية كركوك وضرورة معالجتها كي لا تصيب العراق بمقتل ، وكان المقال بعنوان كركوك لن تكون كعب اخيل العراق .
لذلك ارى ضرورة اعادة نشره اليوم للتذكير بالحلول التي يطرحها الكتاب واصحاب الرأي وضرورة الاخذ بها وعدم اهمال الاراء البناءة . فيما يلي المقال :
كركوك لن تكون كعب اخيل للعراق
الأربعاء 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2009 - 22:53:21
د. مؤيد عبد الستار
لا مفر من الاعتراف ان مدينة كركوك تعرضت الى ظلم كبير على يد النظام الصدامي ، اذ عانى سكان المدينة من التشريد والتهجير ، ومورست سياسة تعريبها منذ عقود ، وحاول النظام الصدامي تحويل المدينة - بسبب ثروتها النفطية - الى مدينة احادية التركيبة السكانية وعمل في شتى الاتجاهات من أجل طمس الهوية الكردستانية لكركوك وذلك ما لاينكره أحد من سكانها سواء أكانوا عربا ام تركمانا ام كردا .
ان وضع العصي في عجلة الانتخابات بحجة الوضع الخاص لمدينة كركوك ومحاولة التسويف في حل الاشكالات والمصاعب التي خلقها النظام السابق للمواطنين الكرد الذين هجرهم من مدينة كركوك ومن قراهم وسلب اراضيهم وممتلكاتهم مثلما عمل مع الكرد الفيليين ببغداد ومدن الوسط والجنوب ، سوف لا ينفع العراق ولا الشعب العراقي ، وانما سيطيل من متاعب الناس وعذاب المواطنين، لكثرة المواطنين المتضررين من عسف النظام السابق، ومن الخير للعراق بعربه وكرده وتركمانه وكلدانه واشوريه وبقية المكونات والطوائف اعادة الحق الى اصحابه وعدم الايغال بالظلم والتعكز على مرتكزات وفلسفة النظام الصدامي الذي اباح كل مقدسات المواطن العراقي عامة والمواطن الكردي خاصة ، وعرضهم الى اسوأ اعمال الابادة ، سواء بالاسلحة الكيماوية او بالتهجير والسجن والمقابر الجماعية .
ان ما يثير الاسى ان بعض الاحزاب والهيئات السياسية تحاول الاجهاز على التغيير الذي حصل في العراق واعادة عجلة الدكتاتورية متوسلة جميع الاساليب المغلوطة ومنها اساليب غير سلمية تهدف الى خلق حالة من الفوضى والتوتر والقتل على الهوية في هوس لامبرر له ، اذ ان حتمية التطور قضت على النظام المستبد السابق الذي حفر قبره بيديه نتيجة سياساته الهوجاء التي جرت الويل والثبور على البلاد فدفع ابناء شعبنا ثمنا باهضا للتخلص منه ولم يتسنى له ذلك دون تدخل الولايات المتحدة الامريكية التي اغتنمت الفرصة لتحقق مصالحها اضافة الى امنية العراقيين في التخلص من النظام الصدامي ، وتلك القوى عينها تتوسل السبل التي تجعل بها من مدينة كركوك مدينة جدل حول هويتها دون النظر الى تاريخ المدينة وواقعها وما اقترفه النظام السابق من جرائم بحقها وحق اهلها.
ان التركة الثقيلة لنظام صدام ، وعلى الاخص التهجير ومصادرة الاملاك والاراضي والاموال أدت الى تذمر كبير بين اوساط المتضررين من سكان مدينة كركوك ، كما وتؤدي الى عدم قناعة القوى والاحزاب الوطنية في التعامل مع الاحزاب التي تحاول استثمار نتائج اعمال و جرائم النظام الصدامي لصالحها ، وليس بالضرورة ان يكون ما تقوم به تلك الاحزاب والقوى لصالح مدينة كركوك ولا حتى لمن يدعون تمثيلهم من السكان العرب او التركمان فيما اذا اضاعوا حق الكرد الذين تضرروا كثيرا بسبب اجراءات النظام الصدامي المقبور.
وليس مجافاة للحقيقة ان العراق لن يخسر ان كانت كركوك صاحبة هوية كردستانية مثلما لا يخسر العراق حين تكون اربيل او دهوك مدينة كردستانية وانما سيخسر العراق وتتضرر وحدة الشعب العراقي اذا فرضت على كركوك هوية غير هويتها الحقيقية ، هوية لاتتفق مع الاغلبية السكانية فيها ولا مع تاريخها وحاضرها ، واذا امعنت القوى المناهضة لكردستانية كركوك في محاولاتها و رغبتها في تعريب كركوك ومحو هويتها مثلما كان يفعل النظام الصدامي فان مستقبل العراق كوطن يعيش فيه العرب والكرد شركاء في الحقوق والواجبات سيكون محل تساؤل وسيفقد العراق أسس بنائه الوطيد الذي يجب أن يحرص عليه الجميع وعدم السماح بان تكون كركوك كعب اخيل للعراق .[1]