#مؤيد عبد الستار#
مقدمة لابد منها
يعيش الكورد الفيليون في المثلث المحصور بين العراق وايران واقليم كوردستان العراق ، اي من قضاء خانقين في محافظة ديالى وجلولاء ومندلي شرقا الى العمارة جنوبا وبغداد والحلة غربا وكركوك شمالا وبالرغم من كونهم كورد الا ان ما يميزهم عن الاغلبية السكانية لاقليم كوردستان كونهم من مذهب مختلف هو المذهب الشيعي بينما الاغلبية من المذهب السني ، وهذا الفرق وان لم يكن بحدة الفرق المذهبي بين العرب الشيعة والعرب السنة ، الا ان الكورد الفيليين يلمسون تمييزا كبيرا في التعامل معهم من قبل مؤسسات اقليم كوردستان رغم تأكيد السيد مسعود البرزاني رئيس الاقليم على اهمية المكون الكوردي الفيلي في النضال الكوردي – الكوردايتي – ورغم تأكيد السيد رئيس الجمهورية مام جلال على ضرورة انصاف الكورد الفيليين.
كما فشلت الاحزاب والقوى الشيعية الحاكمة في انصاف الكورد الفيليين رغم القرارات التي صدرت عن مجلس النواب وساندها السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في شأن الكورد الفيليين ، الا ان الواقع العملي يكشف استبعاد الكورد الفيليين من مواقع الدولة الحساسة ومن اناطة المناصب الهامة بهم بحجج واهية تعتمد على أسس وقواعد النظام الصدامي في قضية شهادة الجنسية والتهجير القسري الذي سلب من الكورد الفيليين اموالهم وبيوتهم واوراقهم الثبوتية بحيث اصبحوا في ايران عربا- عربها في الفارسية - و في العراق تحت سلطة النظام الصدامي اصبحوا فرسا ، حتى قضى عدة الاف من شباب الفيليين ضحايا الموت الزؤام والمقابر الجماعية ، وما زالت تلك التهمة تلاحق الكورد الفيليين كي تقف حجر عثرة أمام استرجاع حقوقهم وممتلكاتهم وحصولهم على مكاسب تعوضهم ما خسروه جراء نضالهم وصمودهم العنيد في وجه النظام البعثي منذ عام 1963.
( وقد تفرد الكورد الفيليون في مقارعة النظام الصدامي دون مهادنته ابدا حتى لحظة سقوطه )
واود ان اشير الى ان مصطح الكورد الفيليين لا يختص بمجموعة كوردية صغيرة ، وانما اصبح مصطلحا اثنيا / سياسيا يشمل جميع الكورد الشيعة في وسط وجنوب العراق ، رغم ان الكثير منهم لا ينتمون الى قبيلة معينة تحمل اسم فيلي ، او مجموعة كوردية تعيش في منطقة معينة من بلاد الكورد اللور الممتدة من جنوب غرب ايران الى شمال غربها اي من الاحواز الى سانندج والتي تعرف ببلاد عيلام او ايلام قديما ، وقد قسمها النظام الشاهنشاهي الى عدة محافظات واطلق عليها تسميات مختلفة كي تفقد هويتها الكوردية .
الكورد الفيليون والكورد في سوريا
نلاحظ اهمية الدور الكبير الذي يلعبه الكورد في سوريا في الوقت الحاضر ، لذلك تحاول الاطراف المتصارعة كسبهم الى صفها في النزاع العسكري الدائر شمال سوريا ، وقد اسقط في يد تركيا لانها لا تستطيع كسب ود الكورد في معركتها مع سوريا لما لها من تاريخ معروف في معاداة الكورد ، كذلك سوريا التي حرمت الكورد السوريين من جنسيتها ومارست سياسة العزل العنصري واستخدمت الحزام العربي كي تهجرهم وتمعن في تعريب مدنهم ، اصبحت اليوم بحاجة الى كسب ودهم والاستفادة من موقعهم الجغرافي الاستراتيجي في دفع الهجمات التي تُشن عليها من الشمال .
والمعارضة السورية تحاول الاستفادة من الكورد ايضا فاختارت رئيسا لمجلسها منهم في مبادرة لاظهار اهمية دورهم في الصراع الدائر مع الحكومة السورية .
ان هذا الواقع الذي جعل الكورد في سوريا بيضة القبان في الصراع الدائر هناك سينطبق عاجلا وليس آجلا على الكورد الفيليين في حالة حصول اي تغيير محتمل في الواقع الجيوسياسي في المنطقة ، اي في سوريا او ايران او العراق او اقليم كوردستان .
فالكورد الفيليون الذين يشغلون اوسع رقعة جغرافية تتوسط العراق وايران وكوردستان سيكونون بيضة القبان في اية عملية سياسية او عسكرية او اقتصادية في المستقبل القريب وسيكون لهم شأن يذكر في اي صراع في المنطقة التي تتفاعل فيها عوامل مخاض كبير لا مفر من حدوثه لما في سياسات الدول الحالية – ايران ، السعودية ، العراق ، تركيا ، سوريا – من ارهاصات في استكمال عوامل القوة من اجل حسم الصراع الاجتماعي / الاقتصادي بغطاء سياسي / عسكري في اسرع وقت ممكن ما دامت الثروة النفطية تسمح في شراء العدة والعدد من سلاح واتباع ، اضافة الى مخاطر الصراع النووي في المنطقة الذي يتأجج ساعة بعد اخرى بين ايران واسرائيل .
ان تجاهل الكورد الفيليين ومحاولة اقصائهم من المعادلة السياسية في الحكم سيكون له تأثيرات مستقبلية سلبية على مجمل الوضع الاستراتيجي في قابل الايام لما يتسم به الصراع الحالي بين القوى السياسية العراقية والاقليمية من تقاطع متخم بعوامل الانفجار مما يجعل الكورد الفيليين في حالة استياء عام قد يؤدي بهم لاختيار جبهة لا يرغبون بها من أجل تحقيق آمالهم وأهدافهم المشروعة التي تناساها الاشقاء والاصدقاء قبل الاعداء.[1]