د . رجاء زامل الموسوي
تأسست جمعية العهد العراقي هذه الجمعية في دمشق اواخر عام 1918 ، وتالف فرع بغداد عام 1919 وضمت الهيأة الادارية لهذا الفرع كل من احمد عزت الاعظمي ، وحسن رضا المحامي ، وبهاء الدين النقشبندي وغيرهم .
ونتيجة لانقسام جمعية العهد العراقي في بغداد على نفسها ، بسبب القاء السلطات البريطانية القبض على عدد من أعضائها ، اعلن كل من جلال بابان ، وعلي آل بازركان ، ومحمود رامز ، وعارف حكمت ، وسعيد حقي ، وشاكر محمود وغيرهم ، في نهاية شباط عام 1919 ، عن تأسيس جمعية سياسية سرية في بغداد. عرفت بحزب حرس الاستقلال السري .
وفي اواخر آذار من عام 1919 جرى انتخاب الهيأة الادارية للجمعية ، فضمت كلاً من جلال بابان ، ومحمود رامز ، وشاكر محمود ، وباقر الشبيبي ، وصادق حبة، ومحي الدين السهروردي ، وسعيد حقي ، ومحمد حسن كبة ، وصادق الشهربانلي ، وعبد الرزاق الازري .
ويقول ناجي شوكت في مذكراته عن مؤسسي ﮪذه الجمعية : اخبرني احد المنتمين الى هذه الجمعية ، بان لفيفاً من الشباب الوطني المتحمس الف حزباً سياسياً لخدمة قضية البلاد الوطنية باسم ( جمعية حرس الاستقلال ) ، واقترح عليّ ان انضم الى هذه الجمعية ، ولما اطلعني على اسماء المؤلفين لهذه الجمعية من بينهم محمد جعفر ابو التمن ، وجلال بابان ، وعلي البازركان ، وبهجت زينل وغيرهم ، وافقت بدون تردد على هذا الانتماء .
وضعت الهيأة الادارية للجمعية منهاجاً لها ، استهدف استقلال العراق التام ، وتأليف حكومة دستورية ملكية في العراق تحت ملوكية احد انجال الحسين بن علي ، وبذل الجهود للانضواء الى الوحدة العربية ، ولتوحيد الكلمة في البلاد والسعي للتعاون مع الجمعيات العربية ، مع تاكيد الجمعية على انها تعمل من اجل توحيد كلمة العراقيين على اختلاف مللهم ، ويدل على ذلك المضبطة التي كانت موجهة الى مؤتمر الصلح ومجلس عصبة الامم من اعضاء الجمعية في 24 -03- 1919 ، التي طالبوا فيها تحقيق استقلال العراق .
يُعد جلال بابان (الشخصية الكردية المعروفة) واحداً من مؤسسي جمعية حرس الاستقلال القلائل ، فقد كان له دور بارز في هذه الجمعية من خلال نشره وزملائه من اعضاء الجمعية ، الوعي الوطني والسياسي بين ابناء البلاد بشكل عام ، وبين مثقفي بغداد وشبابها والمدن الاخرى بشكل خاص ، مما يدخله في جملة العوامل التي عجلت في قيام ثورة العشرين ضد السلطة البريطانية المحتلة ، وبذلك يعد من مؤسسي النواة القائدة الحقيقية للحركة الوطنية في بغداد. وبهدف تنسيق الجهود الى تحقيق استقلال البلاد ، فقد عمل جلال بابان في اللجنة المشتركة لحزبي العهد وحرس الاستقلال ، للاعداد لاستقلال العراق.
دأب جلال بابان على حضور الاجتماعات التي يعقدها اعضاء الحزب ، ففي تموز 1919 ، استقبل اعضاء الوفد الذي ارسله حزب العهد في سوريا ، والذي ضم كلاً من جميل المدفعي وابراهيم كمال ، وحلوا ضيوفا عليه في داره ، كما حضر جلال بابان الاجتماع الثاني الذي عقده اعضاء الوفد مع علي ال بازركان وناجي شوكت، للمداولة في توحيد أعمال الحزبين ، كما حرص على حضور الاجتماع الذي عقدته الهيأة الادارية لحزب الحرس في 25 -07- 1919 ، والذي تقرر فيه بالاجماع رفض المقترحات التي تقدم بها وفد حزب العهد.
وحينما اسس علي ال بازركان المدرسة الأهلية (الثانوية) في بغداد ، لتكون معقل الحركة الوطنية وملتقى العاملين من اجل الاستقلال ، في اواسط ايلول 1919 اختار جلال بابان ليكون واحداً من اعضاء الهيئة الادارية للمدرسة ، وقد تعهد جلال بابان وغيره من اهالي بغداد بمساعدة المدرسة مادياً ومعنوياً. الا ان قوائم المتبرعين خلت من اسمه . واختير ايضا عضوا في الهيأة التدريسية للمدرسة. وفي اليوم الثاني لأفتتاح المدرسة باشر التدريس فيها جلال بابان وعدد من زملائه من دون مقابل .
فقد عمل اعضاء حزب الحرس على عقد اجتماعاتهم في المدرسة الأهلية ، فأصبحت بذلك نادياً سياسياً صرفاً ، اذ كان جلال بابان وغيره من اعضاء الحزب ، يجتمعون اسبوعياً عصر يومي الاثنين والخميس للمذاكرة في تنظيم غاية الجمعية ، وهي المطالبة باستقلال العراق.
وفي نيسان 1920 وجهت المس بيل دعوة الى عدد من الوطنيين ، لحضور حفلة اقيمت بمناسبة قدوم والدها الى بغداد ، فرفض الوطنيون تلبية الدعوة ووقعوا على ورقة الاعتذار ، وكان فقال محمود صبحي الدفتري حينها : أنني ساحتفظ بهذا القلم التاريخي الذي مسكته ايدي الشباب العاملين ووقعوا على ورقة الاعتذار عن الحضور في حفلة الشاي بكل جراءة … . فاستدعى ذلك الاعتذار حضور المس بيل الى المدرسة للأستفسار عن عدم اجابة دعوتها.
وبعد اندلاع ثورة العشرين في 30 حزيران ، استمر جلال بابان في حضور الأجتماعات التي قرر من حضرها مساعدة الثوار في الفرات الاوسط ، والسعي الى مد الثورة الى مناطق اخرى، فوصلت احداث الثورة الى لواء ديالى.
شارك جلال بابان في بعض النشاطات الوطنية ، في مجال المطالبة باصدار فتوى لاتخاذ يوم الجمعة عطلة رسمية بدلاً من يوم الاحد ، كان من ضمن المصاحبين لرئيس حزب حرس الاستقلال علي ال بازركان لمقابلة الشيخ محمد سعيد النقشبندي والسيد حسن الصدر بغرض اصدار الفتوى ، وقد نجحت مساعي الوطنيين في اصدار الفتوى المذكورة ونتيجة لذلك صدرت فتوى دينية في 5 -07- 1920 ، موقعة من رجال الدين ، عُدَّ فيها يوم الجمعة عطلة رسمية بدلاً من يوم الاحد ، ونفذت هذه الفتوى في اول جمعة بعد صدورها ، والتي عبرت عن وحدة الشعب وتماسكه ،على اختلاف مذاهبه ،ضد سلطة الاحتلال والانتداب.
وواصل جلال بابان نشاطه مع اعضاء حرس الاستقلال لايقاظ نار الثورة ، حتى القت سلطات الاحتلال القبض عليه في 13-08- 1920 ، ونفي الى جزيرة هنجام ، وارسل مكبلاً بسلسلة واحدة مع جعفر الشبيبي احد رجال الحركة الوطنية . وتمخض عن ذلك حل الحزب واغلاق المدرسة الاهلية ، والغاء اجازتها ، مع انها اجيزت مرة اخرى في ايلول 1920 ، ولكن تحت اسم مدرسة التفيض الاهلية ، وبذلك انهت السلطة نشاط اكبر منظمات الوطنيين والمثقفين ، التي تميزت بالمواقف الثابتة لاعضائها في مقاومة الاحتلال البريطاني.
عن رسالة (جلال بابان ودوره السياسي
في العراق حتى عام 1958م ).[1]