نمطية جديدة لإدارة العلاقات الكردية في سوريا
صلاح كُرداغي*
إن الهدف من مُطالبة استئناف لقاءات المبادرة الأمريكية- الفرنسية بخصوص العلاقات الكُردية -الكُردية في سوريا هو تحقيق بعض المصالح الاستراتيجية الاقتصادية والعسكرية لدول التحالف الدولي، أولها القضاء على تنظيم «داعش»، ومن جهة أخرى حث الكُرد السوريين على الاستفادة من الدعم اللوجستي الذي تقدمه تلك الدول، والدفع بالوضع المُعقد نحو حل تمهيدي كجزء من الحل السوري، الذي لم يضحى بَعد أولوية للاستراتيجية السياسية للإدارة الأمريكية في المنطقة.
إن الحوار الكردي- الكردي بات هشاً ومُعرضاً للانهيار في ظل تعنُّت وتمسّك كل طرف بمطالبه، وشحنهما لحملات إعلامية متضادة بمساندة داعمين محليين وإقليميين! وكذلك تحت تأثير أدوار مريبة لتركيا وأوساط سورية معادية لدور الكُرد ووجودهم.
الحديث عن تحفيز قدرات الإدارة الذاتية القائمة كقوة فعلية مُسيطرة على قطاعات اقتصادية وعسكرية وأمنية وغيرها في إدارة المناطق المُتبقية تحت سيطرتها باسم «شمال وشرق سوريا»، والطلب من الطرف الكردي المهيمن عليها بقبول «المجلس الوطني الكردي» كشريك فيها وتغيير هيكليتها وتقاسم السلطة والحصص، أمر صعبٌ للغاية، إذا كان الهدف هو تمتين العلاقات الكردية البينية والحفاظ على المُكتسبات خلال هذه الفترة الانتقالية، لاسيما ديمومة الإدارة وحمايتها من الانهيار بشكل موضوعي ومنطقي.
وقائع وحيثيات اللقاءات بين مختلف الأطراف المُماطلة والمُسوفة في الوصول لإرادة حقيقية بعيدة عن التدخلات الكُردستانية والإقليمية والدولية لا تُبشر بالخير في المدى المنظور على الأقل! إضافةً إلى أن الهرولة نحو عواصم إقليمية خارج الحدود السورية والرهان عليها يضع الميزان الكُردي في حرج قد يُفقدنا فرصة الحل، وأن السلوك الغير السوي لشخصيات متنفذة لدى الطرفين على أرض الواقع لا يخدم مصالح ومطالب شعبٍ مقهور على مدى قرون ومتعب من مشوار الصراع السياسي البيني المستمر.
هنا تُكمن الأهمية في تواصل العلاقات وإعادة تهيئة الأجواء برؤى جديدة مُختلفة بعيدة عن التعصب الحزبي، وفي خلق أفكار مُنتجة تخدم الحلول الواقعية، وفي تغيير سلوكيات شخوصها ومُحاسبة المُقصرين واستبدالهم بالأفضل، ثم بناء جسور ثقة أخوية جامعة، نحو حلول توافقية غير مشروطة، وسد ثغرات الخلاف على الحصص، لأجل تحسين ظروف التعامل والابتعاد عن تأثيرات الأدوار الإقليمية السلبية التي تضرّ بالعلاقات الأخوية الفاعلة في الملف الكُردي والسوري، على أمل الوصول إلى حلٍ يرضي الكُل دون غالبٍ أو مغلوب، بصرف النظر عن مواقف الأطراف الكردية المعنية من النظام السوري والمعارضة.
المطلوب حالياً، احترام إرادة الشعب والكف عن استغبائه، وبذل جهود التعاون على أساس نمطية أخوية جديدة في العلاقات بالتنسيق مع الدعم المُقدم للكُرد، والتخلي عن الاشتراطات والتنازل عنها بوضوح تام، وتلبية حاجات القضية الأساسية، والوقوف صفاً واحداً أمام خالقي الفتن بكل ما هو مُتعلق بالكُرد أيا كان مصدره.[1]