وليد ستي
يعد #إسماعيل خياط# من أبرز رموز الفن التشكيلي في كوردستان العراق حيث أسس لتجربته الفنية مقومات خاصة بها ، وتميزت لوحته بمزايا تعبيرية لم تلحظ قبله في الفن التشكيلي الكوردي. يمكن القول بأنه كان الضفة البصرية لحركة ( المرصد) الشعرية التي أطلقها الشاعر الكوردي (شيركو بيكه س) في سبعينيات القرن المنصرم إذ أُعتبرت بداية الحداثة الأدبية في الثقافة الكوردية . ولد الفنان التشكيلي الكوردي إسماعيل خياط في مدينة خانقين عام 1944 وتخرج من دار المعلمين. ومارس مع نشاطه الفني مهنة التدريس لمدة 21 عاما.
تفرغ الفنان خياط بعد تركه مهنة التدريس للفن في مدينة السليمانية حيث يقيم إلى اليوم . وعرف على مستوى العراق بفنان ذو اسلوب خاص وصاحب رؤية فنية اجتاز من خلالها البيئات التشكيلية التي كانت سائدة في العراق وفي الأوساط الكوردية أيضاً . ودفعته خصوصيته الفنية إلى صدارة أسماء الفنانين العراقيين الذين شاركوا في المعارض والمهرجانات الفنية والتشيكلية العالمية حيث وصلت لوحته إلى صالات العرض في الكثيرة من المدن الأوروبية والأمريكية.
حين نتحدث عن الفن التشكيلي الكوردي لابد من التطرق الى إسم اسماعيل خياط ، فهذا المحارب التشكيلى الذي استطاع ان يحافظ على ذاته وفنه في الازمنه الصعبة التي كان يصعب إجتيازها في العراق خص فنه مفردات جيدة وتاريخ جديد ورؤى بصرية غير تقليدية لمأساة الإنسان في كوردستان وباقي الأجزاء العراقية الأُخرى . بالنسبة لنا ، نحن الذين لم نعش في تلك المرحلة طويلا ، نحتاج لقراءة المكامن الداخلية لتجربة إسماعيل خياط ، ذاك ان خصوصية تلك التجربة السياسية القاسية التي فرضتها الديكتاتورية في العراق . فحضور هذا الفنان على مر العقود الاربعة الأخيرة يدعونا للتأمل والقراءة الجدية لتاريخ الفن التشكيلي العراقي بشكل عام، وفيه خصوصية الفن التشكيلي الكوردي .
سمعت عن اسماعيل خياط وشاهدت اعماله في سبعينيات القرن المنصرم ضمن معرض ضخم قي قاعة كولبنكيان في العاصمة بغداد.
و لا زلت اتذكر شئ من تفاصيل التخطيط المرسوم بقلم الرصاص على الورق. وقبل سنوات قليلة تعرفت عليه وعلى اعماله الاخيرة، خاصة تلك الأعمال التي رسمها في الفترةالاخيرة.
وتناولت اعماله مواضيع انسانية عامة، مركزا على الخصوصية الكوردية في مضمونها، الانفال و حلبجة مثلا،وباشكالهما، رموزهما والوانهما المستلهمة من محيطه وبيئته المحلية. في مجموعة بعنوان (ذاكرة الانفال) يتناول اسماعيل موضوع الانفال من خلال صناعة بعض الاقنعة من الورق، بتفاصيل قليلة وباسلوب بسيط وبدائي، اشكال وجوه مهشمة، اثار المعاناة والدمار، تحويلات عجيبة لاشكال مجسمة بدت وكانها صفائح معدنية دعكت بضغط العوامل المختلفة. من دون ملامح شخصية لا للعمر ولاالجنس او المرتبة الاجتماعية.
اما في مجموعة التخطيطات المعنونة (الموت في حلبجة) المرسومة بقلم الرصاص (الملون) يصور لنا الصورة الماساوية لهذا العمل البربري من خلال اشلاء بشرية ، مشوهة، متروكة في العراء. التخطيطات مقتضبة في الشكل والالوان والرموز المستخدمة. اجسام مقطعة مروعة في وحشة و عزلة مخيفة ولكن موحدة وملتحمة مع المحيط، حيث بدت خطوط الجسم تمتد لتكمل او تاخذ تضاريس الطبيعة المحيطة بسهولها، جبالها وغيومها.
ان محاولة التعبيرعن مثل هذه التراجيديا الضخمة في عمل تشكيلي في عصر حضور الفوتوغراف والوسائل البصرية الاخرى هومن التحديات الصعبة لاي فنان ذو وسيلة تقليدية في العمل. رغم ذلك فاسماعيل مهتم للغاية بان يتفاعل المتلقي مع اعماله ، وفيها الألم ومعانات الإنسان الكوردي وفق رؤية إنسانية متمثلة في الوسائل المتجدد ، والتي طالما اعتمدها في رؤيته الفنية والفكرية ، وذلك من خلال التركيبية الشكلية التجريبية المجسدة من عناصر التصميم وفن الغرافيك ووسائل الايضاح ، إنما دون الوقوع في التكرار والأساليب الفولكلورية.[1]