سفانة هزاع الطائي
صاحب قيام الحكم الوطني في العراق اهتمام رسمي وشعبي بشؤون التعليم باعتباره حجر الاساس الذي يرتكز عليه الاستقلال الحقيقي للبلاد. ورغم ان العراق دخل في طور جديد من الحياة السياسية خفت فيه حدة الهيمنة الاجنبية على مقاليد البلاد الا ان بعض المؤسسات ظلت خاضعة بشكل أو بأخر الى نفوذ المستشارين البريطانيين ومنها وزارة المعارف.
وفي 10-07- 1921، اصبح للمعارف وزارة قائمة بذاتها، وارتبطت بها مديريات المعارف في الالوية. وتولت هذه الوزارة شؤون التربية والتعليم ومسؤولية رفع مستوى الثقافة في العراق بايجاد نظام تعليمي جديد يسعى الى إيقاظ الروح الوطنية والقومية والولاء للدولة العراقية الجديدة.
وفي 27 -07- 1921 أسند منصب وزير المعارف الى محمد علي هبة الدين الشهرستاني، ولقد حدثت مشاكل كثيرة بين وزير المعارف والمستشار البريطاني، الكابتن فارل وخاصة بعد اصرار الاخير على توجيه السياسة التعليمية في العراق على نحو يخدم مصالح بريطانيا الاستعمارية، لذلك نظمت وزارة المعارف، خلال العطلة الصيفية لعام 1921 ندوتين صيفيتين في الموصل حضرهما عدد كبير من المعلمين، والقيت خلالهما محاضرات عليمة وادبية، واستمر وزير المعارف في توجيه التعليم توجيهاً وطنياً وقومياً ساعده على ذلك اتجاه عدد من الشباب الذين اسهموا في الحركة القومية العربية للعمل معلمين في المدارس الرسمية، اذ انه كان يؤكد على المعلمين بضرورة الاهتمام بدروس التاريخ والاناشيد الوطنية.
وفي 6 -06- 1922، صدر قانون تأليف مجالس المعارف والذي تم بموجبه تأليف مجلس للمعارف في لواء الموصل برئاسة المتصرف وعضوية احد اعضاء المجلس البلدي ومفتش المعارف في اللواء ومدير المعارف وعضو من مدراء او معلمي المدارس الاولية والابتدائية الرسمية وآخر من المدارس الاهلية ومدير مدرسة الثانوية. وتنفيذاً لهذا القانون تألف مجلس المعارف في الموصل لعام 1922 من : جيروم فارل ( G. Farrell) رئيس المجلس والاعضاء، عبد الغني النقيب واحمد الفخري والدكتور حنا خياط وسليمان الجلبي ونامق آل قاسم آغا وناظم العمري وسليم حسون، وفتح الله سرسم واحمد العمري وعبد الله الفخري، وفي العام نفسه بلغ عدد المدارس (63) مدرسة رسمية وعدد طلابها (6576)، اضافة الى المدارس الاهلية وعددها (4) ومجموع طلابها (378) تقريباً.
وفي عام 1923 تم تأسيس المدرسة المسائية للأميين بجهود كبيرة من قبل احد المعلمين وهو عبد المجيد شوقي البكري، الذي تكفل يجمع التبرعات لتمويلها وسرعان ما نجح فتبنته دائرة المعارف. فقد تبرع اهالي ناحية السليفاني في قضاء زاخو بمبلغ (424) روبية لتعمير مدرسة زاخو. ولأجل الاستمرار في حركة تعمير وتوسيع المدارس فقد خصصت ميزانية عام 1925 مبلغاً قدره (180000) روبية لوزارة المعارف. وفي عام 1926 ازداد المبلغ المخصص لوزارة المعارف الى (195960) روبية. كما صدر في السنة نفسها ((قانون توزيع المساعدات المالية للمدارس والمعاهد الاهلية)).
اما بالنسبة لمدارس البنات فقد اصبح مجموعها (29) مدرسة في أواخر العام الدراسي 1922 - 1923، وعدد صفوفها (103) صف، بلغ عدد معلماتها (101) معلمة، و اصبح مجموع طالباتها (3492)، في حين كان عدد مدارس البنات في العام الماضي (27) مدرسة، وعدد طالباتها (3049)، ويظهر من خلال ذلك ان عدد مدارس البنات قد زاد (2) مدرسة، كما زاد عدد الطالبات (443) طالبة خلال هذا العام، وان (20) مدرسة من هذه المدارس تقع ضمن لواء الموصل وتحوي (2413) طالبة، كما ان (19) مدرسة من مجموع مدارس البنات الرسمية كانت مدارس خاصة بالمسيحيات.ان التوسع الحاصل في مدارس البنات يتجلى بوضوح تام عندما نلاحظ ما كانت عليه مدارس البنات قبل سنتين، ففي السنة التي توج فيها الملك فيصل ملكاً على العراق، لم يكن في العراق الا (3) مدارس رسمية للبنات، اثنان منها في الموصل، وكان عدد طالباتها لا يتجاوز ال (462) طالبة، ومن خلال ذلك يتبين ان عدد الطالبات قد زاد خلال سنتين من (462) الى (3492) طالبة، أي زاد نحو (3030) طالبة، واصبح سبع مرات ونصف اكثر مما كان عليه سابقاً.
وفي عام 1922 تم تأسيس دار المعلمات في المدرسة الخزامية. وقد استمر تقدم تعلم البنات يسير بشكل جيد ، وذلك يرجع الى اهتمام الحكومة بأنشاء المدارس للبنات، اذ خصصت (80000) روبية لأنشاء مدرسة البنات المركزية في الموصل. ولأجل تنفيذ هذه الفكرة فقد قرر مجلس ادارة لواء الموصل استملاك الدور الثلاث الكائنة في محلة (امام عون الدين) والعائدة الى سعد الله باشي لأجل تشييد مدرسة لدار المعلمات والمدرسة المركزية في الموصل، كما هيأت دائرة الاشغال والمواصلات الخارطة اللازمة لبنائها، فضلاً عن ان الحكومة خصصت مبلغ قدره (97) الف روبية لأنشاء هذه المدرسة.
وفي عام 1929 أصبح عدد مدارس البنات من ابتدائية وأولية (44) مدرسة، وبلغ عدد طالباتها (6003) طالبة، وعدد معلماتها (237) معلمة، في حين كان عدد مدارس البنات في العام السابق (39) مدرسة فيها (207) معلمة و(5036) طالبة .
رياض الاطفال :
هي الدور أو الرياض التي تحتضن الاطفال بين سن 4 - 6 سنوات بهدف مساعدتهم على النمو الجسمي والحركي السليم، وتنميتهم اجتماعياً بتعويدهم على العمل الجماعي، واكسابهم الخبرات العلمية والعملية، فالروضة، اذن، مرحلة تربوية مكملة لدور البيت، وليست بدلاً عنه ومعدة لمرحلة تربوية تالية هي الدراسة الابتدائية.
وفتحت روضة الاطفال الاهلية في 8 -09- 1924، في دار الارسالية الامريكية في خزرج، وكانت تستقبل الاطفال لقاء اجرة شهرية قدرها روبية واحدة. والروضة تابعة للمدرسة البروتستانتية، وتقرر فتح مدرسة للمعلمات للتعليم في مدرسة روضة الاطفال.
وفي اطار الاهتمام بتوجيه الاطفال ورعايتهم، تم عام 1926 ، فتح ((روضة الاطفال)) في مدينة الموصل. وقد استمرت الجهود لأجل فتح روضة أخرى للاطفال في الموصل. اذ خُصص قسم من المدرسة المركزية القديمة للبنات الواقعة على الشارع العام بالقرب من محلة منطقة الساعة لبناء مدرسة لروضة الاطفال التي أنشأت عام 1928.
وفي عام 1931 - 1932 أسست روضة ثانية، وعينت السيدة أليزة جبري مديرة لها وكانت مقابل مدرسة الوطن للبنين. وعند انتهاء عقد ايجار البناية انتقلت الروضة الى احد بيوت الجليليين في محلة (شهر سوق) في الفناء الخارجي - حوش البرا . وفي العام نفسه قررت وزارة المعارف فتح روضة اطفال اخرى في الموصل وسيكون محل بناء هذه الروضة في جهات باب لكش.
عن رسالة (الموصل في سنوات الانتداب البريطاني).[1]