سوريا… كُرد وعرب صنوان لا ينفصمان، عودٌ على بَدْء
افتتاحية الوحدة*
في خضم المعمة وسيل الإعلام، بما فيه الخطاب الشعاراتي المتهافت وراء استغلال الدين لأغراض السياسة والصراع على السلطة هنا وهناك، بدءاً بساحتنا الوطنية السورية وخاصةً منذ تفاقم وتفجر أزمتها الداخلية في آذار عام 2011م، مروراً بأحوال تركيا والعراق وإيران، وصولاً إلى ما تشهده أوجه الصراع والحرب في ليبيا واليمن… يتعرض الشعب الكردي بوجه عام لحملات إعلامية ظالمة وممنهجة، أقلها جهود تصوير كُرد سوريا ونعتهم بأوصاف تثير الريبة لدى بعض النخب والأوساط المجتمعية في الداخل السوري، خصوصاً إثر بروز الحضور الميداني للمكون الكردي وثبات دوره الإيجابي في العمل يداً بيد مع المكونات الأخرى في تقويض نفوذ قوى الإسلام السياسي المتاجر، وضرب ذراعه المتوحش المتمثل بتنظيم الدولة (داعش) وأخواته، بإسناد من قوى التحالف الدولي المناهض للإرهاب، حيث تحَقَّق النجاح بالأمس القريب في إلحاق الهزيمة بداعش ودحره في باغوز، الذي كان له صداه الواسع في الداخل والخارج، وحاز على مباركة جميع قوى السلم والحرية في المنطقة والعالم، الأمر الذي أثار كثيراً حفيظة بعض القوى، أبرزها جماعات الإسلام السياسي وراعيتها الرئيسية حكومة تركيا والقيادة القطرية، فبدأ الشروع أكثر من أي وقت مضى بتكثيف المساعي ومواصلة بذل الجهود عبر اجتماعات وزيارات ماراتونية لعقد صفقة ما، قد توفر فرصة لتركيا للانقضاض على شمال وشرق الفرات، للنيل من قوات سوريا الديمقراطية، انتقاماً من المكون الكردي ومن وقف معه وحارب تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
لقد بدا جلياً لكل ذي بصيرة أن حملات التجني والإساءة ضد الكُرد، ومساعي عزلهم مَرَدُّها دورهم الكفاحي العادل في مقارعة الإرهاب، وحرصهم الثابت على حماية أواصر الصداقة والتآخي بين شعوب المنطقة، صوناً للسلم الأهلي ومنع الفوضى والفلتان الأمني بفضل وجود مجالس وإدارات ذاتية محلية، إلا أنَّ التحامل والاستعلاء القومي ممزوجاً بالتخلف الديني والذهنية الشوفينية، أفسح المجال – ولا يزال- أمام ألاعيب وطروحات لا مسؤولة، تخدم مهام الترويج لبروباغندا رخيصة، تتجدَّد وتَنشط بين حينٍ وآخر، مفادها أن الكُرد (لايؤتمنون الجانب، ومشكوك في أمر دينهم، وهم قوم من الجان كما ورد في أحاديث منسوبة للنبي محمد «ص») و (انفصاليون) يسعون لشق وحدة سوريا… الخ.
في حقيقة الأمر أنَّ واقع الحال على مدى عهود التاريخ القديم والحديث والمعاصر لسوريا والمنطقة، يُفيد بأن لا عداوة وحروب بين الشعبين العربي والكردي، وأن حماية وتطور وجودهما ومصالحهما الحياتية الراهنة والمستقبلية تبقى متداخلة ومترابطة جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً، شاء من شاء وأبى من أبى.[1]