الوضع المائي في منطقة #عفرين#
المهندس عابدين بكر
مجلة الحوار – العدد 72- 2018م
الماء أكثر السوائل الموجودة في الطبيعة وأهمها على الاطلاق، كونه المادة الأساسية للحياة، حيث تغطي المياه ما يقارب 3/4 سطح الكرة الأرضية، بنسبة 97.5% منها موجود في المحيطات المالحة و3.5% منها محبوس في القطبين والثلوج والأنهار الجليدية، والكمية التي يمكن الحصول عليها للاستعمال اليومي هو 1% من مجموع المياه المتواجدة في الطبيعة.
لقد عرف الفرس والأغريق والروم وما زالت علائم قساطل الري الرومانية ورفع منسوبات مياه الأنهر منتشرة بكثرة، وكذلك الخزانات والبرك Gola في مناطق كثيرة وأوضحها في جبل هاوار – عفرين.
جدير بنا أن نتذكر قول حمو رابي قبل / 3000/عام نظم استعمال المياه، فقد ورد في شريعته ((إن المياه تستعمل بالدرجة الأولى لشرب الانسان والحيوان والاستعمال المنزلي ثم الري فالملاحة)).
الموارد المائية:
تتمثل الموارد المائية الطبيعية في: مياه الأمطار – الموارد المائية الجوفية – الموارد المائية السطحية
1- إن معدل سقوط الأمطار في منطقة عفرين حوالي 400مم سنوياً، إلا أن هذه النسبة يمكن أن تقل، ومثال على ذلك عام 2014م، حيث مكان نجاح الزراعة بنسبة 66%مرتبط بمعدل سقوط الأمطار لا يقل عن 400مم سنويا، على أن تكون موزعة بصورة منتظمة، ومعروفٌ أن المصدر الاقتصادي الرئيسي في المنطقة يعتمد على الزراعة، علماً أن المياه الجوفية تتغذى على الهطولات المطرية.
2- الموارد المائية الجوفية: تتغذى المياه الجوفية من الهطل المطري عندما تكون التربة نفوذة بشكل كاف، بحيث تسمح للمياه بالحركة عبرها نحو الأسفل، ويلاحظ ذلك في الطبقات الحرّة الحاملة للمياه، حيث تتجمع هذه المياه في الأحواض ومنها تتغذى الينابيع وتتشكل الأنهر، وتعتبر هذه المياه المخزون الاستراتيجي للأجيال القادمة يتوجب عدم التصرف بها إلا عند حالات الضرورة القصوى.
3- الموارد المائية السطحية: الأنهار:
أ- نهر عفرين هو الوحيد الذي غزارة جريانه مرتبط الى حدّ كبير بالهطولات المطرية، حيث أن عملية التخزين في سد ميدانكي بدأ في عام 2005م، ولم يصل التخزين الى المستوى المطلوب إلا في عامي 2012-2013م بينما في عام 2014 لم تتجاوز السعة التخزينية للسد 190مليون متر مكعب والحجم الميت من التخزين 70 مليون متر مكعب والكمية التي يمكن استغلالها 190-70=130مليون متر مكعب، بينما حجم المياه التي تلزم للشرب سنوياً 10 مليون متر مكعب.
ب- النهر الأسود لا يمكن اعتباره نهراً سوريا، حيث أن جريانه يتم على الخط الحدودي السوري التركي، ويتم التحكم به عن طريق السد المقام عليه شمال بلدة ميدان أكبس في الطرف التركي، حيث يقطع ويجف لفترات طويلة، إضافة إلى أن التفاهم بين سورية وتركيا يمنع استعمال مياه النهر الأسود من قبل سوريا إلا في ري مساحات صغيرة من قبل الفلاحين.
ج- سد عشونة: لا يمكن الاستفادة منه إلا لتغذية المياه الجوفية حيث طبيعة البنية الجيولوجية تتطلب معالجات لا يمكن الوصول إليها في الوقت الحاضر.
أما الأنهر الصغيرة والينابيع، فأغلبها تقلصت مياهها مثل نهر جرجم و شيه و كذلك ينابيع مثل نبع شيخ الحديد الروماني.
خواص الماء:
أ- خواص طبيعية:
عديم اللون والرائحة والطعم.
سائل شفاف يزن الميللي لتر منه عند درجة حرارة 4 م غراما واحداً.
كثافته تزداد بالتبريد على عكس بقية المواد، لذا لا تتجمد الطبقات السفلى من المياه في البحار الباردة.
التركيب الوزني للماء عبارة عن 11.11 % هيدروجين و 88.89 % اوكسيجين.
ب – مواصفات المياه العذبة:
انعدام اللون والرائحة والطعم.
درجة الحموضة تتراوح ما بين 6.5 و 8.5.
خالية من المواد العالقة أو الكائنات الدقيقة أو المواد الضارة والسامة أو المواد المشعة.
مواصفات مياه الشرب:
يجب أن يكون عديم اللون والرائحة وخالياً من البكتيريا الجرثومية والمواد العالقة، وأن يكون له مذاق مقبول.
تقدر كمية الماء اللازمة للشخص الواحد في المدن بما يقارب 200 ليتر يومياً، ويزداد استعمال الماء بتقدم الحضارة والتكنولوجيا، ويزداد استهلاك الفرد الواحد من المياه مع ازدياد عدد سكان التجمع.
عدد السكان معدل الاستهلاك اليومي للفرد الواحد
5000 75
5000 – 10000 100
10000 – 25000 125
25000 – 50000 150
أكثر من 50000 يحتاج إلى كميات أكثر
تستعمل الصناعة بأنواعها المختلفة كميات كبيرة من الماء، تجري في كل بلدان العالم دراسات وأبحاث متواصلة لايجاد مصادر جديدة للمياه العذبة الصالحة للشرب. وتجدر الإشارة إلى أن الصناعة الأقل استهلاكاً للماء هي صناعة الألبسة والتي انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة بين أبناء شعبنا، يتوجب تشجيعها وتوفير الظروف الملائمة لتطويرها، كونها تحد من البطالة وتدر مبالغ لا بأس بها إلى دخل الفرد.
تنمية الموارد المائية المتاحة لتجاوز الفجوة المائية ما بين العرض والطلب (الموارد المائية المتاحة والاحتياجات الفعلية للاستهلاك)، وهذه البدائل هي:
ترشيد استهلاك الموارد المائية المتاحة – تنمية الموارد المائية المتاحة – إضافة موارد مائية جديدة.
ترشيد استهلاك الموارد المائية:
« الضخ الجائر للمياه»
تعتبر الموارد المائية مورداً مهما لحياة الإنسان والحيوان والنبات، وهي أهم عناصر الإنتاج الزراعي، حيث تستخدم أكثر من 83% من إجمالي الموارد المائية السطحية والجوفية والمستخرجة من الآبار للزراعة المروية، لذا كان من الضروري تطوير السياسات المائية لترشيد استخدام المياه وتقليل المفقود منها بشتى الوسائل الممكنة ورفع كفاءة استخدامها وصولاً للاستغلال الأمثل للموارد المائية وذلك من خلال:
أ- رفع كفاءة وصيانة وتطوير شبكات نقل وتوزيع المياه : نجد أن ما يفقد في نظم توزيع المياه في قنوات الري في سهل جومة أمر لا يستهان به، ويمكن أن يصل في بعض الأيام 40 – 50 % من إجمالي المياه المنقولة، علماً أنه قد انفق علي هذه المياه أموال طائلة، وكذلك الحالة في هدر المياه في شبكات مياه الشرب في مدينة عفرين وغيرها، يمكن تقليل الهدر وقف النزيف المائي عبر توفير كوادر وخبرات متطورة في مجال تخزين المياه (نتيجة لسوء التخزين وعدم الصيانة يتم جريان المياه العذبة في الشوارع أهمها شارع راجو)، وإقامة نظم حديثة للنقل وذلك في مرحلة الاستهلاك، وهو ناتج عن استهلاكات غير مشروعة (كرش الشوارع وري الحدائق وغسل السيارات ) والهدر الذي ينجم عن استعمال الصنابير الرديئة.
« الري بالطريقة السومرية »
ب- رفع كفاءة الري الحقلي: وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن تسوية الأرض بالإمكانات المتطورة يمكن أن يزيد من كفاءة الري الحقلي ما بين 70 – 75 % بالإضافة إلى استخدام الأجهزة المتطورة للتحكم الكامل في تزويد الأقنية المختلفة بمياه الري (تحسين و زيادة التربة الزراعية في الحقل) .
ج- تغيير التركيب المحصولي: دراسة الاحتياجات المائية للمحاصيل المختلفة في مراحل نموها بالأراضي المختلفة وإعادة تصميم الدورات الزراعية عن طريق مراجعة وتعديل التركيب المحصولي بشكل يتفق مع الموارد المائية المتاحة فمثلاً يجب الابتعاد قدر الامكان عن زراعة المحاصيل العالية الاستهلاك للمياه، مثل قصب السكر والقطن والرمان واستبدالها ببدائل أقل استهلاكا للمياه مثل شجرة الزيتون.
د- تطوير نظم الري: إن طرق الري المتبعة في المنطقة هي الري بالغمر باستخدام الأخاديد والأحواض، وهي طرق بدائية وذات كفاءة منخفضة من جراء التبخر الحادث وهدر كميات كبيرة من المياه.
لذا كان من الضروري تطوير نظم الري وإدخال الطرق الحديثة في توزيع المياه من الأنابيب ذات البوابات (خراطيم دقيقة من البلاستيك تستعمل كأقنية توزيع) أو الري بالمرشات أو التنقيط.
« الري بالطريقة الحديثة »
ﮪ – استنباط سلالات وأصناف جديدة من المحاصيل وذلك من خلال استخدام علوم وتطبيقات الهندسة الوراثية حيث نتوصل الى:
1 – استنباط سلالات زراعية جديدة أقل استهلاكا للمياه، وتعطي الإنتاجية نفسها أو إنتاجية أكثر بالمقنن المائي نفسه.
2 – استنباط أصناف جديدة قصيرة العمر وعالية المحصول، أي أصناف مبكرة في النضج وتعطي المحصول نفسه.
والموقع وجغرافية المنطقة من الجبال والتلال والوديان وقربها من البحر وانفتاح البحر على فتحة بيلان، كل ذلك يجعل من بيئتها متعددة وغنية.
البيئة:
هي المحيط الذي تعيش فيه الأحياء (إنسان، حيوان، نبات)، وتشمل الماء والهواء والارض وما تؤثر على هذا المحيط.
تلوث البيئة: كل تغيير كمي او كيفي بفعل الملوثات في الصفات الفيزيائية او الحيوية لعنصر من عناصر البيئة وينتج عنه أضرار تهدد صحة الإنسان أو حياته و كذلك الأحياء و صحة الموارد الطبيعية و سلامتها. وإن حفر الآبار بشكل غير مدروس يعتبر أكبر ملوث للبيئة.
حماية البيئة:
هي مجموعة النظم والإجراءات التي تكفل استمرار توازن البيئة وتكاملها الإنمائي وتحافظ على سلامة البيئة الصالحة للاستمتاع بالحياة. من هذا يجب علينا منع حفر الآبار إلا لحالات تأمين مياه الشرب، وكذلك منع العبث بالغطاء النباتي كقطع الغابات والرعي الجائر ………….الخ
الحفاظ على البيئة:
إن الأثر البيئي والمراجعة البيئية تعتمد بالدرجة الأساسية على الحوار الشفاف بين فريق متعدد العلوم والتخصصات يتخذ من المنهجية العلمية طريقاً للوصول إلى إدراك وتحديد حجم التأثيرات البيئية المحتملة للمشاريع السلبية أو الحد لتخفيفها إلى الحد الأدنى وفق ثلاثية الجدوى العلمية والاقتصادية وأهمية هذه المشاريع بالنسبة للفرد والمجتمع.
مستقبل المياه ودورها في الخارطة السياسية للشرق الأوسط
نتذكر هنا قول ل شمعون بيرس وزير خارجية إسرائيل عام 1991: عناصر المعادلة التي سوف تحكم الشرق الأوسط الجديدة هي: النفط السعودي +الأيدي العاملة المصرية +المياه التركية +العقول الإسرائيلية.
ولذلك كان الاهتمام الزائد للدولة التركية بتطوير المشروعات الطموحة والمكلفة مثل:
1 – مشروع GAP جنوب شرق الأناضول الكبير (كردستان).
2 – مشروع مستقبل تركيا، مشروع (انابيب السلام التركية).
من هنا جدير بنا التفكير والإمعان في مخططات الدول الكبرى ببلادنا كردستان، والطريق الوحيد لدرء المخاطر وإفشال مشاريع إنكار وقهر ومحو الشعب الكردي من التاريخ والحاضر والمستقبل.
إن مستقبل المنطقة الآمن هو الحوار وقبول مكوناتها لبعضها البعض، على اختلاف ألوانها، والابتعاد عن الفردية واللون الواحد في النضال، لأن المعركة طويلة والطريق شاق يتطلب جهود الجميع وبناء صف واحد لحماية المياه والبيئة وكافة متطلبات العيش على أرض الآباء والأجداد، بلاد الميتانيين و الحوريين و الميديين …. الخ.
————————
المراجع:
1 – عالم المعرفة العدد 209 أزمة المياه في منطقة الشرق الاوسط، تأليف سامر مخيم – خالد حجازي.
2 – مجلة المهندس العربي العدد 161 عام 2009 والعدد 158 عام 2008.
3 – مؤسسة مياه الشرب (مواصفات مياه الشرب العالمية).[1]