#فؤاد حمه خورشيد#
عندما وقع الشيخ محمود ا،سيرا ً في 18 حزيران أسيرا بيد القوات البريطانية الغازية ، قرب مقر قيادته صخرة البطل (برده قاره مان) اثر اخفاقه في معركة دربند بازيان ضد الانكليز هو وعمه حاجي سيد حسن ، وزوج اخته الشيخ محمد غريب ، وكاتبه طاهر محمد . أرسل الشيخ محمود اسيرا الى كركوك ، ومنها الى بغداد، وفي الأخيرةحوكم أمام مجلس عرفي عسكري بريطاني.+
أثناء المحاكمة وجه رئيسهاالانكليزي كلاما نابياً، وتهكم على الشيخ محمود، فما كان من الشيخ الا أن يرد عليه برفع عمامته من فوق راسه ويرمي بها الى الحاكم الانكليزي وشتمه وسبه . حكم على الشيخ محمود بالاعدام، وعلى صهره بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريمه عشرة الاف روبية، غير ان الحاكم الملكي البريطاني أبدل حكم الاعدام بالسجن عشرة اعوام ونفاه مع صهره الى الهند .
مكث الشيخ محمود وصهره في الهند حتى أواسط كانون الثاني 1922، لأن غليان الوضع السياسي والعسكري في كوردستان بسبب تصاعد المد الاستقلالي للكورد من جهة ،وللتدخل التركي من جهة ثانية، ولعدم تمكن الانكليز انذاك من استكمال سيطرتهم على كوردستان الجنوبية ، اجرج الموقف البريطاني العسكري مما اضطر سلطات الاحتلال البريطاني لاعادة النظر في أمر نفيها للشيخ محمود، فقررت الاعفاء عما تبقى من محكوميته ، هو وصهره، وتمهيدا لذلك قررت في البداية جلبهما من الهند الى الكويت ، ليتم بعد ذلك ترتيب نقلهما الى كوردستان.
في 13كانون الثاني 1922 غادرت ميناء بومبي الباخرة ( بنكوره) وهي تحمل على ظهرها الشيخ محمود وصهره محمد غريب، وعندئذ كتب المعتمد السامي البريطاني في الكويت كتابا الى الشيخ أحمد الجابر(امير الكويت 1921-1950) في 25-01- 1922 يعلمه فيها بأن وصول الباخرة المقلة للشيخين المذكورين الى الكويت سيكون يوم الجمعة 28 كانون الثاني، فأجاب الشيخ أحمد بالكتاب التالي :
[[من أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت
الى حضرةحميد الشيم عالي الجاه الافخم العزيز ميجر حي.سي.مور ، بوليتكل أجنت الدولة البهيةالقيصرية الانكليزية بالكويت دام ضله.
بعد السلام والسؤال عن شريف خاطركم دمتم بخير وسرور. وبعد يد الوداد أخذه كتابكم المؤرخ في 26 ج 1 سنة 1340 ه نمره 59 وبه ذكرتم بخصوص الشيخين وحمود وغريب الذينهم ( الذين هم - فؤاد) من قضاء السليمانية الذي اراد فخامة المندوب السامي بقائهم بالكويت بعد اطلاق سراحهم من إسارتهم في الهند. وسعادتكم اخبرانمونا عنهم بتاريخ 27 صفر 1340، ونحن وافقنا علىارادة فخامة المندوب السامي بناء نضع من يراقب عليهم وانهما الان سافرا من بمبي في يوم 14 الجاري ومأمول وصولهم في مركب انكوره يوم الجمعة 29 منه وان سعادتكم رتبتم بيت القبطن ماديك يسكنون فيه ما داما في الكويت ونحن انشاء الله نرتب من يراقب عليهم. هذا مالزم زدمتم في 27 ج1 سنة 1340 ]]++
ورغم مرور عدة ايام على وصول الشيخ محمود وصهره الى الكويت ، فإن الشيخ احمد الجابر لم يقو هو ، ولا أحد اقاربه بزيارتهما فإستغربا ذلك أشد الإستغراب، وقررا القيام بزيارته في قصر السيف. فلما وصلا الى قصر الشيخ أحمد قابلهما سكرتيره الملا صالح إستقبالا عاديا وأجلسهما في غرفة تحاذي غرفة الشيخ احمد ولحين يأذن الشيخ أحمد بالمقابلة، وسبب ذلك إن الشيخ احمد الجابر كان يخشى مقابلتهما دون موافقة المعتمد السامي البريطاني، فقال الشيخ أحمد الجابر لسكرتيره الملا صالح ما يلي (إخبر هؤلاء الاكراد أن يأتيا الى مقابلتي في وقت اخر) فسمع الشيخ محمود ما قاله للملا صالح فإستاء من ذلك استياءً كبيرا وترك القصر قبل ان يبلغه الملا صالح ما قاله الشيخ احمد ، وقرر عدم القيام بزيارة اخرى للشيخ احمد.
وبعد ان لام المعتمد السامي البريطاني الشيخ أحمد الجابر على فعلته تلك ، طلب منه ان يعمل على ما في وسعه لاسترضاء الشيخ محمود. فأرسل الشيخ احمد سكرتيره ليعتذر من الشيخ محمود ، ويطلب منه القيام بزيارة ثانية ، وبعد الحاح شديد وافق الشيخ محمود على ذلك. وفي عصر اليوم التالي توجه الشيخ محمود وصهره الى مقابلة الشيخ احمد الجابر، وكان المعتمد السامي البريطاني قد سبقه الى هناك، فلما دخل الشيخ محمود عليهما قاما باستقباله وسلما عليه سلاما حارا، واظهر المعتمد السامي له أسفه لما وقع ، وجاء في الاعتذار ( ان الشيخ أحمد لم يكن يعرفه حق المعرفة) فإختصر الشيخ محمود في الاجابة بالبيت الشعري التالي :
وليس قولك من هذا بضائرة العرب تعرف من الكرت والعجم +++
وبعد هذا المقابلة بأيام قليلة قام الشيخ أحمد الجابرالصباح بزيارة للشيخ محمود في مقره وجامله ولاطفه واعتذر اليه ، ورغم ذلك فإن الشيخ محمود لم يقم بأية زيارة اخرى الى الشيخ احمد طيلة المدة التي قضاها في الكويت.
وفي ايلول من العام ذاته سمحت سلطات الاحتلال البريطاني بعودة الشيخ محمود الى السليمانية فوصلها حكمدارا في 30 منه ، وسرعان ما أعلن الثورة فيها مجددا ضد الانكليز باعتباره ملكا على كوردستان المستقلة .
______________
+فؤاد حمه خورشيد، معركة دربند بازيان :نظرة عامة في ستراتيجيتها،وتاكتيكها، ا التاخي، العدد1128 ، 3 أيلول 1972
++حسين خلف الشيخ خزعل ، تاريخ الكويت السياسي، ج2، القسم الاول ، بيروت ، 1970 ص 107-109
+++ السير ارنولد ولسن ، الثورة العراقية، ترجمة جعفر الخيلط، بيروت ، 1971، ص 192.[1]