#فؤاد حمه خورشيد#
في الجغرافية هناك قوتان تعملان ضمن وحدة الاقليم والدولة وحتى داخل المدينة الواحدة هما :1- القوة الجاذبة المركزية ( centripetal force ) . 2- القوة الطاردة المركزية( centrifugal force ) . وان الثبات والاستقرار يقوم على التوازن الدقيق بينهما، والأصح في تغليب الاولى على الثانية .
القوى الاولى تميل عواملها او متغيراتها الى توحيد الشعب وتعزيز أمن وقوة الاقليم او الدولة ، وتمتين قوة الوطن الاقتصادية ، وتحقيق الاهداف القومية ، والحريات العامة، ووحدة المجتمع . يقابل ذلك عوامل ومتغيرات القوة الاخرى التي تعمل على النقيض من عوامل ومتغيرات القوة الاولى فتعمل على تشتيت وحدة الصف الوطني ، وشرذمة الاقليم او الدولة ، وخلق الخلافات الحادة ، واشعال الفتن والاقتتال الداخلي ، وعرقلة تنفيذ الخطط التنموية ، وتنمية النعرات الايديولوجية ، والاقلمة الجغرافية او الثقافية او الدينية ، وعرقلة اي مسعى للوحدة الوطنية والمجتمعية والاقتصادية للبلاد ، سواء اكان ذلك لاسباب شخصية عند بعض المتنفذين ، او بسبب تدخلات اقليمية او دولية ينفذها عناصر من الداخل بالنيابة ، وهو ما يصطلح عليهم ب (الرتل الخامس ) ، والذي يسعود بجهودهم الى تفتيت الاقليم او الدولة سواء اكان ذلك باساليب تاكتيكية مرحلية ، او باساليب ستراتيجية دائمية كالوباء .
في كوردستان هناك عوامل جيوبولتيكية تخلق بيئة طيبة لتنمية القوة الطاردة المركزية داخل البلاد، اولاها انفلاق البلاد الى اربعة فلقات تتبع كل واحدة منها دولة معينة(العراق ، ايران، تركيا وسوريا) بقول جورج هاريس ( في مثل هذا الموقف يكون النشاط ( الكوردي) مركزا باتجاه خارجي للتعامل مع العواصم القومية( عواصم تلك الدول) اكثر من التوجه نحو الداخل في مسعى لتوحيد البلاد) . وهذا العامل الجيوبولتيكي هو الذي خلق من الاحزاب الكوردية كافة في ان تكون احزاب اقليمية لا قومية في العمل والننظيم والهدف .
والعامل الجيوبولتيكي الثاني الذي نمى ذلك التوجه هو كما يقول شلومو نكديمو (ان اي محاولة لبلورة دولة كوردية مستقلة كانت تلقى معارضة فورية ومستميتة من قبل تركيا وايان والعراق وسورسا كل على حدة ، او مجتمعة ، ولن تأت هذه المعارضة مصادفة فقد كانت هذه الدول تدرك ان اقامة كيان سياسي كوردي مستقل سيجرها الى التخلي عن مناطق واسعة من الاراضي( الكوردية) خصوصا وان تلك المناطق غنية بالكنوز الطبيعية خصوصا النفط) .
ويساعد هذا العامل الجيوبولتيكي الاقليمي ،عامل اخر ، يدعم هذا التوجه وهو العامل الجيوبولتيكي الدولي المستند على نظام هيئة الامم المتحدة ومجلسها الذي لا يعترف الا بسلطات وسيادة تلك الحكومات كممثل وحيد لكل الشعوب التي تقطن تلك البلدان ، كما هو وارد في ميثاق الامم المتحدة ، والقانون الدولي العام ، حتى وان كان الشعب ، او جزأ منه يعيش تحت سوط الارهاب والقمع . وهذه العوامل الجيوبولتيكية هي من اعتى العوامل الجيوبولتيكية الخارجية التي جعلت من الكورد كأكبر انية قومية في العالم ليست لديها دولة قومية مستقلة لجد الان .
اما المتغيرات الداخلية لعوامل الطرد المركزي في الحركة القومية الكوردية فتجد من المتغيرات الجيوبولتيكية الاقليمية والدولية ، المذكورة انفا ، متنفسا لها للتحرك داخل البيئة الوطنية لافسادها ووضع العصي في عجلة حركتها الوطنية التحررية لمنعها من التطور والتقدم ، والوصول الى تحقيق اهدافها . وعموما تعتبر التوجهات التالية من سلبيات وامراض وعوامل قوة الطرد المركزي في الحركة القومية الكوردية : الحقد الايديولوجي ونبذ الاخر، الاقليمية الادارية ، الصراع السياسي الداخلي ،التعصب الاقليمي الجغرافي،الخلافات العشائرية ، التباين الصوفي، ، الغطرسة والتعالي الثقافي، الحرب بالنيابة(جاشايه تي)، التأثر السريع بدغدغة القوى الاقليمية وخدمته (الدرن الاقليمي)، سياسة لي الاذرع والاطاحة بالاخرلاغراض المصالح الشخصية ،ونرجسية حب القيادة . اضعاف الاخر نكاية ، او للنيل منه بقصد المنافسة أو الندية.
وتظهر مخرجات قوة الطرد المركزية في اقليم كوردستان بدفع خارجي (حسب رأينا)في الممارسات الناجحة التالية:
1- عرقلة اصدار دستور اقليم كوردستان.
2- القضاء على فكرة المؤتمر القومي الكوردي.
3- عرقلة اجراء الاستفتاء.
4- عرقلة اعمال الحكومة .
5- عدم احترام النشيد والعلم الخاص بالاقليم.
6- خلق خطوط مائلة مع المركز من وراء ظهر حكومة الاقليم.
7- تحالفات سرية مع قوى اقليمية لتنفيذ بعض المارب.
8- افساد افكار الرأي العام بالاعلام الغوبلزي الكاذب من اجل التحريض لاستعمال العنف .
فهذه المتغيرات التي تمارس في الساحة السياسية لاقليم كوردستان هي في المحصلة النهائية للأسف قد تكون امراض مزمنة في الحركة القومية الكوردية ، ومن احد اسباب تاخر الامة الكوردية في حصولها على وطن قومي مستقل لحد الان منذ سقوط ميديا عام 550 ق.م. . وهذه المتعيرات هي ما يطلق عليها في الجيوبولتيكس مجتمعة ، رغم تعدد اقطابها ، ب (قوة الطرد المركزية )في الحركة القومية الكوردية ، والتي تدخل في السياسة ضمن ممارسات و اعمال (الرتل الخامس الكوردي) وتعريفي للرتل الخامس الكوردي ، بغض النظر الى مدلوله الكلاسيكي ، هو: ( كل كوردي يسهم بقصد باي عمل طوعي او تكليفي داخلي او خارجي من اجل الاضرار بالكيان القومي الكوردي ووحدته الاثنية ،والاحتماعية، والفكرية ، والاقتصادية ، والتحريض عليه سرا او علنا من اجل الكسب الشخصي له او لجماعته ، او من اجل الاضرار بالأمن القومي الكوردي ، وعرقلة مسيرة الحركة القومية الكوردية على نطاق الاقليم او كوردستان الكبرى هو واقع ضمن هذا التوصيف ، مهما كانت وسائله ، واساليبه ، ونوعية مساهماته ، ودرجة تحصيله العلمي او الوظيفي ) .فيما يخص الهوامش راجع:Georges Harris,Ethnc conflect and the kurds,AAAPS,September,vol.433.p.1151977,
وشلومو نكديمو،الموساد في العراق ودول الجوار،مرجمة بدر عقيلي ،دار القدي ، بيروت و1998، ص 23.[1]