في المأساة السورية … كُرد وعرب صنوان لا ينفصمان …
افتتاحية الوحدة *
بعيداً عن الخوض في وقائع تاريخ سوريا الحديث والمعاصر، وما قام به الكُرد من دور في أداء واجبهم، كونهم جزء من النسيج المجتمعي لسوريا الوطن والدولة، دون تكبير شعارات وأوهام … أو في سردٍ لمجريات سياسات التعريب والتبعيث وإنكار الوجود على مدى عقود، والتي ساهم فيها وغض النظر عنها معظم النخب والفعاليات السياسية والثقافية بتأثير مباشر من ثقل السياسات المعتمدة للحكومات المتعاقبة في دمشق، وبعيداً عن حجم وعمق المأساة والفظائع التي لايزال الداخل السوري يعانيه منذ أعوام ستة، وتعثر مساعي إيجاد حل سياسي سلمي للأزمة، يرتكز على تسوية تاريخية وفق مضامين قرار مجلس الأمن الدولي 2254 واستمرار احتدام صراع دولي – إقليمي على سوريا، يدفع أثمانه السوريون قبل غيرهم … تبرز وتتعالى منذ مدة مواقف وأصوات مفادها أن الكُرد في سوريا وخصوصاً في شمالها يشكلون (الخطر الداهم على سلامة البلاد) وهم (انفصاليون، إرهابيون، ومشكوك في دينهم … الخ) يعملون على (شق وحدة سوريا وتقسيمها)، حيث أن هذا الصراخ – التباكي، وصب اللوم على الغير، لتشويه صورة الكًرد والاساءة إليهم، يأتي بالتناسق تماماً مع توجهات حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا التي تجهد بكل ما أوتيت من نفوذ وقوة لإيقاف المدّ الكفاحي العادل للشعب الكردي، ليس في عموم تركيا فحسب، بل وفي خارجها أيضاً، وخصوصاً تطويق وضرب الحضور الكردي التاريخي في الشمال السوري وعنوانه الدفاعي الأبرز المتمثل بالإدارة الذاتية القائمة ووحدات حماية الشعب والمرأة التابعة لها، التي تتعرض مواقعها بين الحين والآخر لهجمات صاروخية براً وجواً، أبرزها تلك التي تعرضت لها مؤخراً في مرتفعات قره جوخ (ديريك) في محافظة الحسكة، والتي طالت أيضاً مواقع للبشمركة في قضاء سنجار، زعمت حكومة أنقرة أن الأخيرة جاءت بالخطأ … كل ذلك في وقت تحقق فيه قوات سوريا الديمقراطية نجاحات ملموسة في معارك عزل تنظيم الدولة (داعش) وإلحاق الهزيمة بمشروعه التكفيري، حيث تُشكل وحدات حماية الشعب فصيلاً أساسياً من تلك القوات التي تضم كُرداً وعرباً وسريان، مسلمين ومسيحيين، بات من الواضح أن هذا الأمر لايروق لتركيا وأعوانها من بعض أوساط المعارضة السورية، تلك التي تستسهل وتواصل بث نعرات التفرقة بين السوريين، مراهنةً على تخندقات طائفية بغلاف قوموي، زاعمةً الحرص على وحدة سوريا وعروبتها، ومنشغلة في تسخير الكثير من أدواتها الاعلامية لمواصلة الاساءة إلى دور ومكانة المكون الكردي السوري الذي يبقى يشكل الحاضنة الأساس لوحدات حماية الشعب، شاء من شاء وأبى من أبى.
لقد كان من الأجدر بمختلف النشطاء والنخب والفعاليات المحبة لسورية وقيم الحرية والعيش المشترك، تقديم ما أمكن من دعم وإسناد لقوات سوريا الديمقراطية في معاركها القاسية مع آفة العصر (دولة الخلافة – داعش)، لا الاساءة إليها، أو التقاعس والتعتيم على مجرياتها التي تبدو أنها تُقلق كثيراً جماعات الاسلام السياسي ومن وراءها، كما وتثير حفيظة غلاة الشوفينيين على اختلاف لونياتهم.[1]