زهير الجزائري
ليس فنانا وحسب، بل (#اسماعيل خياط#) رجل سلام. لم ألتقه وجها لوجه، لكني عرفت مأثرته. في أيام الهدنة التي تلت الحرب الأهلية بين الحزبين الكرديين سكن هذا الفنان (الأرض الحرام) بين المسلحين في الجانبين وأصابعهم ماتزال على أزندة البنادق متوترين بانتظار أن تنهار الهدنة القلقة.
يصعد وينزل التلال الوعرة وينتقي الصخور التي شهدت ذروة العنف ويرسم عليها حمامات وزهور وزخارف من تراث الكرد الجميل ليذكر بخيار السلام بديلاً عن المذابح المتبادلة. المتقاتلون من الطرفين ينظرون له بدهشة وأصابعهم على ازندة البنادق: ماذا يفعل هذا المجنون هنا؟!.بصبر وبقلب مجروح كان يرسم، يرسم، يرسم… لعل الجمال يزيح حتمية القتل.
في فترة الهدنة القلقة تعرّفت عليه من خلال عمله. كنت ومجموعة من الكتاب والفنانين نعبر منطقة (بيله) الفاصلة بين الطرفين المتحاربين. ننتقل من طرف الى آخر سيراً على الأقدام ونحن نحمل حقائبنا. لا تمر المركبات في هذه المنطقة الملغومة بالموت. ونحن نسير متعثرين، نسينا الحرب، والجثث، وفوهّات البنادق من الجانبين، فقد سحرنا الجمال الملون على الصخور في جانبي الوادي الذي مرّ منه الموت، مهاجماً أو منسحباًً.:هنا ترك فنان السلام رسالته للمتحاربين: كردستان أكبر منكم! يستحق هذا الرجل أن تسمى باسمه واحدة من ساحات بغداد. تحمل ألوانه ورسالته![1]